لم نتفاجأ !ا

لم نتفاجأ !!

رشا عوض

فوز المؤتمر الوطني بمنصب الوالي وبأغلبية مقاعد المجلس التشريعي بالتزوير في جنوب كردفان لم يكن مفاجأة لأحد، فجنوب كردفان هي جزء لا يتجزأ من هذه الدولة السودانية المختطفة من قبل حزب المؤتمر الوطني الذي سبق له أن زور الانتخابات العامة في أبريل 2010 التي تمخض عنها برلمان اتحادي ومجالس تشريعية ولائية أشبه ما تكون بمجالس شورى لحزب المؤتمر الوطني! إذ أن هستريا الشره الاحتكاري سيطرت على أهل الحزب الحاكم فلم يبرز من بين ظهرانيهم (مزوراتي معتدل) ينصحهم بأن يجمّلوا تزويرهم ببعض التنازلات(الطوعية) عن التزوير في بعض الدوائر وبالتالي عن عدد من المقاعد في البرلمان الاتحادي للأحزاب التي قبلت بخوض انتخاباتهم الزائفة تلك ليس إرضاء لتلك الأحزاب أو عرفانا لها بأن حفظت ماء وجه الحزب الحاكم بمشاركتها في تلك المسرحية الهزلية، بل من أجل ان ترتقي انتخاباتهم إلى مرتبة(انتخابات مزورة) بدلا من (انتخابات مهزلة أو مسخرة)!! فأثبت الحزب الحاكم أن لا سبيل لأي تغيير سياسي جوهري أو حتى شكلي في البلاد عبر آلية (الانتخابات)، وما دام نهج الاحتكار والإقصاء هو الحال في كل الولايات الشمالية فمن باب أولى أن يسود هذا النهج في ولاية جنوب كردفان نظرا لخصوصيتها كولاية حدودية مع دولة الجنوب المرتقبة وتضم منطقة أبيي المتنازع عليها، ونظرا لأنها مقبلة على ممارسة(المشورة الشعبية) التي يصر المؤتمر الوطني على حصرها في قضايا خدمية والابتعاد بها عن مناقشة أية قضايا متعلقة بقسمة السلطة والثروة والعلاقة بمركز السلطة في الخرطوم، لأن المؤتمر الوطني بعد انفصال الجنوب يريد أن يسدل الستار تماما على قضية التظلمات الإقليمية من الهيكل الشائه للدولة السودانية، والمشكلة أنه لا يريد أن يسدل الستار بإزالة المظالم والتهميش الهيكلي وفتح الحوار الديمقراطي حول كيفية ذلك، بل بإنكار واقع التهميش أصلا وتجريم أي خطاب سياسي أو فكري يسلط الضوء عليه ويسعى لمعالجته بصورة جذرية،
وانطلاقا من ذلك فإن تزوير انتخابات جنوب كردفان كان بالنسبة للمؤتمر الوطني مسألة حياة أو موت!! لأنه يريد أن يستأصل من تلك المنطقة بالذات أي مشروع للتغيير، وبما أنه حزب يمتلك الدولة ويتحكم في كل مفاصلها فلا عزاء لمجهودات التثقيف الانتخابي والتعبئة والتنظيم والسهر على حراسة مراكز الاقتراع ومراقبة الشكل الإجرائي للعملية من قبل الأحزاب المنافسة لأن الأذرع الأخطبوطية للحزب الحاكم تحيط بكل ما له علاقة بالعميلة الانتخابية وعلى رأس ذلك مفوضية الانتخابات التي قبلت نتيجة انتخابات جنوب كردفان رغم كل الخروقات المخجلة التي بلغت حد إضافة مركز انتخابي (وهمي) لم يكن ضمن المراكز المسجلة لديها! قبلت المفوضية أن تعلن النتيجة رغم ذلك ونصحت المتضررين بالطعن! وطبعا نتيجة أي طعن ضد المؤتمر الوطني في أية قضية معلومة سلفا لأن تلك (الأذرع الأخطبوطية) بالمرصاد لكل طاعن!!
فالمؤتمر الوطني هو السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو الدستور وهو المحكمة الدستورية، وهو المفوضيات(المستغلة) وليست (المستقلة)، وهو السلطة الرابعة والخامسة والأولى والأخيرة، فما هوالحل؟ لا حل سوى فك أسر البلاد ككل من هذا الحزب، فلا يمكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في جنوب كردفان في حين أن التزوير هو طابع الانتخابات في الخرطوم، فالتغيير يبدأ من الرأس!!