خديعة الاسلامويين

احزاب الاسلام السياسي لا من يسمونهم بالمتشددين ولا من يطلقون على انفسهم معتدلين. الجميع، في العادة، مشروع مؤجل للتشدد.

بقلم: موفق الرفاعي

اعجب للجسارة التي تتمتع بها احزاب الاسلام السياسي. هي لا تعني الشجاعة انما تعني المراهنة على عجز الناس عن استعادة ذاكرتهم.

موقفهم من “الغرب الكافر” وادواته واساليبه ومناهجه معروفة، هي الرفض الكامل، الا في حدود ما توفرها لهم تلك المفردات من سلالم ملتوية للوصول الى مرحلة “التمكين”. ومن السهل عليهم ان يُخرِجوا لنا الكثير من الحمام من بين النصوص المقدسة ومن بطون كتب الروايات ما يدفعون به عن تناقضاتهم ما بين القول والفعل، ما بين الخطاب والعمل، ما بين خيال الحشاشين ومجيء الفكرة حين ذهاب السكرة.

احزاب الاسلام السياسي لا من يسمونهم بالمتشددين ولا من يطلقون على انفسهم معتدلين. فهم في العادة مشروع مؤجل للتشدد. جميعها استفادت لاستقطاب السواد الاعظم الى جانبها من اخطاء غيرها. استفادت من الانظمة القمعية لتبشر بالعدالة ومن الرأي الواحد لتعد بالشورى ومن الاستعمار والاحتلال لتشكيل فصائل المقاومة التي سرعان ما تنقلب الى مليشيات مسلحة لقتل المعارضين ومن المنكر لتأمر بالمعروف بالعصي والهراوات وقد يصل الامر حد القتل (تعزيرا) ومن خشية الشعوب على هويتها الثقافية للتسفيه بكل ما هو حضاري قادم او مستورد من الغرب.

في العراق، تونس، مصر، ليبيا، وربما غدا في سوريا، لعب الاسلاميون على الف حبل وحبل وعلى مشاعر الناس ومارسوا شتى انواع الابتزازات وشراء الذمم والتهديدات كي يقفزوا الى السلطة فاشاعوا الفوضى والدمار وفَكّكوا قواعد الدولة والمجتمع وصرفوا اهتمامات الناس عن كل هذا وشغلوهم عن واقع يزداد بؤسا بقضايا من مثل حجاب المرأة وتعاطي الخمور وما الى ذلك ممّا يندرج ضمن الحريات الشخصية وكأنهم حلّوا جميع مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية ولم يتبق الا هذه “المشكلات” او ان كل مشكلاتنا لا تحل الا بعد ان تتحجب المرأة ويمتنع الناس عن تعاطي الخمور، ابتداءً.

ينحصر فهمهم للامر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذا الفهم الضيق المحدود في حين المعروف هو اصلاح الدولة وارساؤها على قواعد متينة ثابتة وتقديم الخدمات للناس وتحسين اوضاعهم المعيشية وحفظ امن البلاد واستقرارها اما النهي عن المنكر بمعناه الواسع فهو ملاحقة الفاسدين والمجرمين والقتلة والمخربين ومافيات تبييض الاموال.

اما فهمهم للديمقراطية فهو مجرد سلم يوصلهم الى السلطة اذ عندما تطلع على خطابهم المدسوس في بطون ادبياتهم فستجدهم احرص الناس على الاستبداد استلهاما لاحداث تاريخية ونصوص تاريخية هي الاخرى ينتقونها بعناية ويؤولونها حسب الرغبة والحاجة. فالديمقراطية بدعة غربية، اذ يختار الشعب الحاكم، اما الشورى فهي الاساس، اذ يختاره “اهل الحل والعقد” هذا طبعا بعد ان يوصله الشعب اول مرة الى سدة الحكم بآليات الديمقراطية الغربية.

موفق الرفاعي
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. “في العرااق , تونس , مصر , ليبيا , وربما غداً في سوريا لعب الاسلاميون على ألف حبل وحبل وعلى مشاعر الناس ومارسوا شتى أنواع الابتزازات …” (انتهى كلام الكاتب). لماذا تورد الراكوبة (السوادانية) كتابات لكتاب لا يعلمون أن هذه الموبقات للجماعات الاسلامية كان للجماعة الحاكمة في السودان القدح المعلى في ارتكابها سبقت تجارب الدول التي ذكرها الكاتب بنحو ربع قرن من الزمان , لو كانت النخب (بمن فيهم كاتب المقال) في الدول العربية تعير اهتماماً للشأن السوداني , لما وقعت في براثن الحركات الاسلامية الآن . نرجو ألا تتحفنا الراكوبة بمثل هذه الكتابات التي تضع السودان وتجلربة شعبه المريرة مع الاسلامينن “صفراً على الشمال”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..