كيفَ ولماذا نجحتْ الاستراتيجية الإثيوبية حولَ سدِّ النهضة؟

د. سلمان محمد أحمد سلمان
1
كما ذكرنا في المقال السابق “أضواءٌ على اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة” (24 مارس عام 2015) فقد قامت دول حوض النيل الشرقي الثلاثة ? إثيوبيا والسودان ومصر ? يوم الأثنين 23 مارس عام 2015 بالتوقيع على اتفاق حول سد النهضة. وقد قام بالتوقيع رؤساء الدول الثلاثة أنفسهم ? السادة هايلي مريم ديسالين، وعمر البشير، وعبد الفتاح السيسي ? وليس وزراء المياه، أو حتى الخارجية، مما أكّد الأهمية التي أعطتها هذه الدول للاتفاق. وقد ناقشنا في ذلك المقال النقاط العشرة التي تضمّنها ذلك الاتفاق، والتي تمثّلت في الأساس في قبول مصر والسودان التام لسد النهضة، بعد أربعة أعوامٍ من النزاع الحاد والجدل.
وكما وعدنا في ذلك المقال، فسوف نحاول في هذا المقال الإجابة على السؤال: كيف ولماذا نجحت الاستراتيجية الإثيوبية حول سد النهضة؟
2
ارتكزت إثيوبيا في استراتيجيتها على عدالة قضيتها. فإثيوبيا هي المصدر لحوالي 86% من مياه النيل، بينما لا تتعدّى استخداماتها 1% فقط من مياه النيل. وظلّت إثيوبيا تعدّد المجاعات المتلاحقة التي تعرّضت لها (خاصةً مجاعة الأعوام 1983 ? 1985 والتي مات بسببها قرابة مليون إثيوبي)، والفقر المدقع الذي يعيشه شعبها. وارتكزت إثيوبيا أيضاً على مبادئ القانون الدولي التي تنبني على مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول لمياه الحوض المشترك.
كما ظلّت إثيوبيا تشير إلى اتفاقية مياه النيل لعام 1959، وكيف رفضت مصر والسودان مشاركتها في المفاوضات حولها. ثم قامت مصر والسودان بتوزيع مياه النيل كلها بينهما، دون ترك قطرة واحدة لأيّة دولة من دول الحوض الأخرى. بل إن الاتفاقية تتضمّن نصّاً يُلزم أيّة دولة نيلية أخرى تود استخدام أيّ قدرٍ من المياه بتقديم طلب لمصر والسودان اللذين سيقرران في الطلب، وقد يرفضانه. وإذا قبلا الطلب فسيقومان بتحديد الكمية لتلك الدولة، وتقوم الهيئة الفنية المشتركة بمراقبة عدم تجاوز الدولة لتلك الكمية من المياه. وقد ظلّت إثيوبيا تكرّر في المؤتمرات وورش العمل الدولية، وفي لقاءاتها بمندوبي الدول إقصائية واستعلائية هذا النص من الاتفاقية، والذي يتعارض مع القانون الدولي والمنطق وأبسط قواعد العدالة.
كما ظلّت إثيوبيا تكرّر بانتظام أن استخداماتها لمياه النيل ليست استهلاكية، بل لتوليد الطاقة فقط، وأن المياه التي
تولّد الطاقة تعود لمجرى النيل وتواصل انسيابها للسودان ومصر، مما لن ينتج عنه أيُّ ضررٍ لهاتين الدولتين. وقد وجد الشرح الإثيوبي لهذه المسائل الكثير من القبول والتعاطف في المحافل الدولية.
لكن عدالة القضية لا تكفي وحدها لكسب تلك القضية. لذا اشتملت الاستراتيجية على عدّة عوامل أخرى.
3
كان أحد أبرز هذه العوامل الأخرى الذي ساعد إثيوبيا هو الاستقرار السياسي مقارنةً بالعهود الماضية. فقد انتهت الحروب مع إريتريا والصومال، وداخل إثيوبيا نفسها. وبدأت إثيوبيا برنامجاً اقتصادياً طموحاً وصلت فيه نسبة النمو في بعض السنوات الماضية إلى قرابة 10%. شمل ذلك البرنامج الاقتصادي توليد الكهرباء من نهر أومو (ليس جزءاً من منظومة النيل). ونجحت إثيوبيا في بناء أربعة مشاريع توليد كهرباء من ذلك النهر، وبدأت في تصدير الكهرباء لدولة جيبوتي وللسودان نفسه. ثم دخلت في تعاقدات مع كينيا ودولة جنوب السودان لبيع الكهرباء أيضاً. وهكذا بدأ نجم الهضبة في البزوغ سياسياً واقتصادياً، وانتهت سنوات المجاعة والقحط والجفاف التي ارتبطت بها إثيوبيا في مخيلة العالم.
4
ثم ارتكزت إثيوبيا في استراتيجيتها المتعلّقة بسد النهضة على عنصر المفاجأة واختيار التوقيت المناسب. فقد بدأت إثيوبيا التحضيرات لبناء سد النهضة بهدوء وقبل فترةٍ من الزمن (من بداية عام 2010). ثم فجّرت إثيوبيا قنبلتها بإعلانها البدء في بناء السد عندما كانت مصر غارقةً حتى أذنيها في ثورة يناير عام 2011. تمّ الإعلان عن بناء السد في نهاية شهر مارس عام 2011، بعد أسابيع قلائل من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وقبل اكتمال تشكيل حكومة السيد عصام شرف التي خلفت حكومة مبارك المقالة. ثم أعلنت إثيوبيا بدء العمل في بناء السد بعد ثلاثة أيامٍ فقط من الإعلان، وقبل أن تفيق مصر والسودان من المفاجأة.
وبدأ العمل في بناء السد بلا تردّدٍ أو بطء، وشارك فيه منذ البداية حوالي ثمانية ألف مهندس وفني وموظف وعامل. خلقت تلك المفاجأة وذلك التوقيت ارتباكاً كبيراً داخل الدوائر المصرية والسودانية. فالحكومة المصرية الجديدة كانت ما تزال تتحسّس طريقها للوجود. وانشقّت الحكومة السودانية منذ البداية بين مؤيدين ومعارضين للسد، مما أوضح حالة ارتباكٍ مماثلة في السودان لحالة الأشقاء في شمال الوادي.
5
كان المحور الثالث الذي ارتكزت عليه الاستراتيجية الإثيوبية هو عامل الزمن. فقد رأت إثيوبيا أن تستفيد من حالة عدم الاستقرار التي سادت في مصر، والعمل ليل نهار في السد وإبرازه كحقيقةٍ ماثلة لا تقبل الجدل أمام مصر والسودان والعالم. وقد سار العمل بسرعةٍ فائقة وبدون توقّف، وفي توازنٍ تامٍ مع الجدول الزمني الذي وضعته الحكومة منذ البداية. ثم قامت إثيوبيا في 28 مايو عام 2013، قبل ثلاثة أيام من تقديم لجنة الخبراء الدولية تقريرها، بتحويل مجرى النيل الأزرق، معلنةً للعالم كله أن السد وقرار بنائه أصبحا حقيقةً لا تقبل الجدل أو التراجع.
وقد وضحت حالة الارتباك المصرية من النقاش في الاجتماع الذي دعا له الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، والذي كان مذاعاً للعالم دون علم المشاركين في الاجتماع. وقد نتج عن الحديث عن استعمال القوة العسكرية ضد إثيوبيا وسد النهضة، والذي سمعه وشاهده كل العالم، تعاطفٌ كبير مع إثيوبيا. فعالم اليوم يدعو للتعاون والتفاوض حول نزاعات المياه الدولية والنزاعات الأخرى، ولا أحد لديه الرغبة في مشاهدة حرب سدودٍ في حوض النيل.
6
وكان المحور الرابع الذي استندت عليه إثيوبيا في استراتيجيتها هو الاعتماد على مواردها الذاتية ومساهمات شعبها لمقابلة تكلفة بناء سد النهضة الني تقترب من خمسة مليار دولار. وقد نجحت الحكومة في إبراز سد النهضة كمرتكزٍ للكبرياء الوطني الإثيوبي، تماماً مثلما فعلت مصر مع السد العالي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. فقد واصلت وسائل الإعلام الإثيوبية نقل الأناشيد الوطنية التي تبرز السد كنقلةٍ من الفقر والتخلف والمجاعات (ومن هنا جاء اسم السد ? النهضة)، ولاستخدام مياه النيل التي يأتي جلُّها من إثيوبيا. وتوالت التبرعات وتوالى شراء السندات لتمويل السد من إثيوبيي الداخل وإثيوبيي الخارج المنتشرين في كل أنحاء العالم، وحتى من عددٍ من غير الإثيوبيين. وأصبح السد الدائرة التي يلتقي داخلها اليمين واليسار، المسلمون والمسيحيون، العسكريون والمدنيون، الحكومة والمعارضة، والقوميات الإثيوبية الكثيرة على تعدّدها وتبايناتها في العرق والثقافة واللغة والدين.
وقد راهنت مصر على فشل إثيوبيا تمويل تلك الاحتياجات المالية الضخمة من مواردها الذاتية، وتوقّعت أن يتوقّف العمل في السد في أي وقتٍ بسبب العجز المالي. فمصر كانت قد استخدمت عضلاتها الدبلوماسية وعلاقاتها مع الغرب في الماضي لوقف تمويل السدود في أيّة دولة من دول الحوض، بما في ذلك السودان. وكان واضحاً أن إثيوبيا قد وعت جيداً ذلك الدرس من تاريخ حوض النيل، فقرّرت منذ البداية أن لا تطرق أبواب العون الخارجي، وأن تعتمد على مواردها الذاتية، بينما راهنت مصر على قصور تلك الموارد في مقابلة تكلفة السد الكبيرة. وقد وضح مع الزمن فشل الرهان المصري، ونجاح خط الاعتماد الإثيوبي على النفس.
7
كان المحور الخامس لاستراتيجية إثيوبيا هو عرض قضية السد في المحافل والمؤتمرات وورش العمل الدولية كقضية عادلة، ترتكز على مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول بمقتضى القانون الدولي، وتنبني على التعاون مع مصر والسودان. وتقدمت إثيوبيا في الأشهر الأولى من بناء السد بعرضٍ لمصر والسودان للمشاركة في تمويل وملكية وإدارة السد معها. وقد تجاهلت مصر والسودان ذلك العرض السخي. وقد أبرز ذلك العرض إثيوبيا كدولةٍ متعاونة، وقوّى حججها ومواقفها في المحافل الدولية.
وواصلت إثيوبيا في تلك المنتديات الدولية عروضها المبنية على مبدأ التعاون، والمتمثّلة في بيع الكهرباء بسعر التكلفة لمصر والسودان، وتخزين المياه لصالح السودان. كما ظلّت إثيوبيا تكرّر الفوائد الأخرى التي ستعود على مصر والسودان من سد النهضة، ومن خلال التعاون الثلاثي. وقد سجّلت مصر والسودان غياباً واضحاً ومتواصلاً من تلك المنتديات الدولية، مما ترك الانطباع لدى للمشاركين فيها بضعف حجج مصر والسودان.
8
وجد ذلك الشرح الإثيوبي، وغياب مصر والسودان، تعاطفاً دولياً كبيراً مع الموقف الإثيوبي. وقد برز ذلك التعاطف مع إثيوبيا في فشل مصر في الحصول على تأييد أيّة دولة لموقفها الرافض لبناء سد النهضة. حتى الدول العربية لزمت الصمت تجاه ذلك النزاع. وعندما قام الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السعودي بانتقاد سد النهضة خلال اجتماع المجلس العربي للمياه في شهر نوفمبر عام 2013، قامت المملكة بإبعاده من منصبه، مما أوضح أن المملكة لا تريد أن تكون طرفاً في ذلك النزاع.
وقد واصلت الدول الأوروبية والصين تقديم مساهماتها في بناء سد النهضة. فشركة ساليني الإيطالية تقوم ببناء السد، بينما تتنافس الشركات السويسرية والفرنسية والبريطانية على بيع المعدات الميكانيكية للسد لإثيوبيا، وتقوم الصين ببناء خطوط إمدادات الكهرباء داخل إثيوبيا.
وهكذا وضح للسودان ومصر قبول العالم للسد، وحقِّ إثيوبيا في التنمية والنهضة باستخدام مياه النيل. ووضح أيضاً عدم قبول دول العالم للموقف المصري السوداني الرافض للسد.
9
خلقت الاستراتيجية الإثيوبية حالةً كبيرة من الارتباك داخل مصر والسودان. وبدلاً من مقارعة إثيوبيا الحجة بالحجة وبواسطة فنيين وخبراء يعون جيداً ما يقولون ويكتبون، ساد النقاش قدرٌ كبير من التهريج. وتحول بعض الصحفيين المصريين إلى خبراء مياه وقانون دولي وسدود وري فيضي، وحتى خبراء في علم الزلزال، بينما غاب الفنيون وصمت معظم العقلاء والخبراء.
وكما ذكرنا فقد غاب السودان ومصر عن المنتديات العالمية التي ناقشت وتناقش قضايا مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي. واعتقد “الخبراء الدوليون الجدد” في مصر والسودان أن كتابة المقالات وإجراء المقابلات التلفزيونية في القاهرة والخرطوم كفيلة بوقف بناء سد النهضة. في تلك الأثناء قام الخبراء الإثيوبيون وآخرون دوليون بنشر مقالاتٍ في الدوريات العالمية الثلاثة المتخصّصة في قضايا المياه (المياه الدولية، سياسات المياه، والمياه الدولية والتنمية) تجادل وتوضّح حق إثيوبيا في بناء سد النهضة،و فوائد السد على السودان ومصر. وهذه الدوريات الثلاثة هي دوريات ومنتديات الخبراء العالميين في موارد المياه. من الجانب الآخر، لم يتم نشر مقالٍ واحد من خبيرٍ مصري أو سوداني، أو من أية جنسيةٍ أخرى، ينتقد سد النهضة. ولم يظهر مصريٌ أو سودانيٌ واحد في أيٍّ من المحافل الدولية ليشرح ويدافع عن موقف مصر والسودان الرافض للسد.
عليه فبينما كان الخبراء الإثيوبيون يقدمون أبحاثهم في مؤتمرات دولية، وينشرون مقالاتهم في دوريات المياه الأكاديمية العالمية، ويجادلون بعدالة قضيتهم في مياه النيل، كان خبراء مصر والسودان الدوليون الجدد يواصلون الإدلاء بالتصريحات التهريجية داخل مصر والسودان. وقد أفاد أحد تلك التصريحات بأن سد النهضة سوف ينتج عنه زلزال سيشقُّ الكعبة نفسها. وبينما كانت مصر تهدّد بعملٍ عسكري ضد السد، كانت إثيوبيا تتحدث عن التعاون وبيع كهرباء السد بسعر التكلفة لمصر والسودان.
10
في تلك الأثناء اكتمل وتمّ نشر تقريرين عالميين مهمين عن حوض النيل. تمّ إعداد التقرير الأول بناءً على طلبٍ من وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي أنفسهم عام 2008. وقد استند التقرير، الذي أعدّه مجموعةٌ من الخبراء الدوليين، على ضرورة التعاون بين الدول الثلاثة والاستفادة من الطاقة الكهربائية الضخمة في إثيوبيا، والري في السودان، وإمكانيات مصر في الصناعات الغذائية.
ثم صدر التقرير الثاني من معهد ماسشتوشس للتكنولوجيا (المعروف اختصاراً باسم ام آي تي) في نوفمبر عام 2014، مؤكّداً على حق إثيوبيا في استخدام مياه النيل للتنمية، وداعياً للتعاون والاستفادة من الطاقة الكهربائية لسد النهضة، مع ضرورة التنسيق في تشغيل سد النهضة والسد العالي، ومعالجة القصور في السد المساعد لسد النهضة. وقد أعدّ التقرير 17 من الخبراء الدوليين في موارد المياه المشهود لهم بالكفاءة والحيادية، من بينهم عددٌ من الخبراء في مياه النيل. وقد تم التعامل مع التقريرين في الخرطوم والقاهرة بقدرٍ كبيرٍ من الارتباك، بينما سعدت إثيوبيا كثيراً بمضمون وتوصيات التقريرين. وقد ساهم ذلك التقريران، والارتباك المصري السوداني، كثيراً في دعم وتقوية الاستراتيجية الإثيوبية.
11
وقد برز الارتباك المصري السوداني تجاه سد النهضة واستراتيجية إثيوبيا منذ البداية. ثم تصاعد ذلك الارتباك مع الاجتماعات التي عقدها وزراء المياه للدول الثلاثة في الفترة من نوفمبر 2011 وحتى مارس 2015، والتي بلغت سبع اجتماعات. فقد أعلنت مصر والسودان رفضهما التام والقاطع للسد عام 2011. ثم عادت الدولتان وطالبتا إثيوبيا بمدّهما بالدراسات الفنية والبيئية لتقييم آثار السد عليهما. ثم وافقتا في الاشتراك في لجنة الخبراء الدولية التي اقتصرت مرجعيتها على دراسة الآثار السالبة للسد على السودان ومصر فقط، مما يعني القبول الضمني للسد من مصر والسودان.
ثم عادت مصر وطالبت في شهر نوفمبر عام 2013 بوقف بناء السد حتى تكتمل الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء.
في تلك الأثناء وصلت الكهرباء الإثيوبية السودان لأول مرة مؤكدةً فوائد السدود الإثيوبية على السودان، مما حدى بالسودان لتأييد سد النهضة على لسان رئيس الجمهورية نفسه في 4 ديسمبر عام 2013، مغلقاً الباب أمام تصريحات “الخبراء الدوليين الجدد” المعارضة للسد. وهكذا نجحت الاستراتيجية الإثيوبية في خلق شرخٍ كبير وحاد في التكتل المصري السوداني الذي برز للوجود عام 1959، إثر التوقيع على اتفاقية مياه النيل ذلك العام. وكان ذلك الشرخ في الحلف المصري السوداني إنجازاً كبيراً للاستراتيجية الإثيوبية.
ثم عادت مصر وسحبت طلبها بوقف بناء السد حتى تكتمل الدراسات عندما التقى الرئيسان السيسي وديسالين في مدينة مالابو عاصمة غينيا الإستوائية أثناء قمة الاتحاد الأفريقي في شهر يونيو عام 2014. وتواصل بناء السد رغم رهان مصر على عجز إثيوبيا في الحصول على التمويل اللازم، واكتمل أكثر من 40% من أعمال السد. وأصبح وضحاً أن سد النهضة قد أصبح حقيقةً ماثلة لا تقبل النكران أو الجدل. كما وضح لمصر عزلتها التي كانت تزداد كل يوم. كانت تلك الحقائق والخلفيات (والتي أوضحت نجاح الاستراتيجية الإثيوبية) كافيةً لأن تقود إلى اتفاقية 23 مارس عام 2015.
12
إن التعاون هو المرتكز الأساسي والوحيد للاستفادة من مياه أي موردٍ مائيٍ مشترك. وقد أكّد التاريخ تلك الحقيقة مراراً. فقد بنتْ دول نهر السنغال الأربعة (السنغال وموريتانيا ومالي وغينيا) سدّين على نهر السنغال (ماكا دياما ومانانتالي). وتتشارك هذه الدول منافع السدّين من كهرباء ومياه ري ومياه شرب ووقفٍ للفيضانات. كما بنتْ البرازيل وبرغواي سد إبتايبو على نهر بارانا لتوليد الطاقة الكهربائية للبلدين وبيع جزءٍ منها لدولة الأرجنتين. وتدير دول نهر النيجر العشرة النهر من خلال المفوضية المشتركة، ويدرّ عليها ذلك الكثير من المنافع، خصوصاً في مسألة الملاحة ودرء الفيضانات.
وكما ذكرنا مراراً فقد أكدت اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية التي دخلت حيز النفاذ في 17 أغسطس عام 2014 مبدأ التعاون. وتشمل الاتفاقية كلمة التعاون ومشتقاتها حوالي خمس عشرة مرة. وقد صادقت على الاتفاقية حتى الآن 36 دولة.
13
كان يمكن أن يكون سد النهضة، بقدرٍ من التعاون، البديل للسد العالي وخزان الروصيرص عام 1959. فقد كان يمكن لذلك القرار أن يُجنّبَ السودانَ النتائج الكارثية للسد العالي التي تمثّلت في إغراق مدينة وادي حلفا و27 من قراها، و200,000 فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، وأراضي أخرى بنفس المساحة كان يمكن استصلاحها، وأكثر من مليون شجرة نخيل وحوامض في قمة عطائها، والترحيل القسري لأكثر من 50,000 من السودانيين النوبيين. وكان يمكن أن يجنّبَ مصرَ نفس النتائج والتي شملت الترحيل القسري لأكثر من 70,000 من النوبيين المصريين، وإغراق أراضي زراعية خصبة وضخمة تحتاج مصر لكل شبرٍ منها. وكان يمكن لسد النهضة لو تم بدء بنائه عام 1959 أن يحقّق لمصر والسودان ما حقّقه السد العالي وخزان الروصيرص من كهرباء ومياه ري ووقفٍ للفيضانات، بدون الكوارث الاجتماعية والبيئية والتكلفة المالية الضخمة للسد العالي وخزان الروصيرص. لكن بسبب غياب التعاون لم يتم ذلك.
ثم كان يمكن أن يكون سد النهضة مشروعاً مشتركا في الملكية والإدارة والمنافع بين الدول الثلاثة، كما عرضت إثيوبيا بقدرٍ كبيرٍ من الروح التعاونية عام 2011. لكن مصر والسودان تجاهلتا ذلك العرض، والذي وضح الآن أن الزمن قد تجاوزه.
14
غير أن الاستراتيجية الإثيوبية (والتي أدارها خبراء بحنكةٍ ودرايةٍ كبيرتين) نجحت في تأكيد ضرورة التعاون، وفي فرضه كسياسة الأمر الواقع. كما نجحت إثيوبيا من خلال استراتيجية وبرنامجٍ متكاملين في فرض سد النهضة كحقيقة واقعة، قبلته مصر والسودان صراحةً وبدون مواراة في وثيقةٍ حملت توقيع رئيسي جمهورية البلدين يوم 23 مارس عام 2015. وذهبت الدولتان أبعد من هذا عندما وافقتا في نفس الوثيقة على شراء الكهرباء التي سينتجها السد.
لكن هذا المنحى التعاوني الوليد الجديد يجب أن يمتد ليشمل كل دول الحوض الإحدى عشر، ويتم تأكيده وتأطيره من خلال قبول السودان ومصر لاتفاقية عنتبي لحوض النيل. فاتفاقية عنتبي مبنيةٌ على التعاون والمنافع المشتركة، وليس بها محاصصةٌ أو توزيعٌ لمياه النيل، كما يروّج البعض.
بل إن التعاون هو الطريق الوحيد للخروج بشعوب حوض النيل، والذين يفوق عددهم 250 مليون نسمة، من التخلّف والفقر والجوع والظلام والعطش الذي يسود معظم أرجاء الحوض، ويزداد كل يومٍ مع الزيادة السكانية لدول حوض النيل.
[email][email protected][/email] [url]www.salmanmasalman.org[/url]
نالسؤال المصيرى الذى ينبغى لاى سودانى ان يطرحه على نفسه هو من سيتكفل بتعويض السودان فى حالة انهيار السد علما بان اثيوبيا حتى الان افقر من السودان ولن تكون قادرة على الوفاء بالنذر اليسير من اضراره ؟ الجهة الوحيدة الملزمة بهذه الضمانة فى نظرى هى الامم المتحده وكان ينبغى على حكومة السودان طلب ضمانتها وهو ما سيجعلها شريكة فى مسؤولية سلامته من كارثة الانهيار وفداحة عواقبه حتى ولو بعد اجيال-واما فى حالة عدم قبول طلبه فانها ستكون ايضا ملزمه بايقاف بنائه او تحديد سعة مخزونه من خلال دراسات علمية ووافيه-فاذا كانت الامم المتحده مسؤوله عن تراث البشرية فوق وتحت الارض فكيف لا تكون مسؤولة عن حياة عشرات الملاين من السودانين وتراث احفادهم؟؟ وقد لا اكون مبالغا اذا قلت ان اى سودانى مدرك لمخاطر انهياره لن يرضى ان يعيش تحت كابوس هذا الاحتمال مقابل عطاء لا يثمن ولا يغنى من جوع لان انهياره سيحصد الاف الارواح وسيدمر كافة سدود السودان وزراعته وعمرانه -وعلى احسن الفروض فان قيام هذا السد سيجعل السودانين تحت الهيمنة والاملات والخضوع-واعتقد ان مصر قد وصلت من خلال علمائها الى اليقين بان انهياره لن يضرها اذا لم يكن ذو فوائد جمة لها وهذا ما يفسرهذا التراجع الذى لا يتناسب مع بدايةانفعالاتهم-واذا كنا نتاوه حسرة من حكوماتنا العاجزة عن الاستفادة حتى من نصف نصيبنا فى اتفاقية عام ١٩٥٩ فان هذا الضرر لن يسوى بعوضة فى قرن ثور من الضرر الذى سيصيبنا فى حالة انهيار هذا السد او حتى قيامه
الصورة دي معبرة جدا لانها بتظهر البشير مدارق بيهم ودي الحقيقة
بدل تنظيرك الممل ده من الاخر يا د سلمان نحن بنأيد في السد الاثيوبي عشان حلايب. المصريين لو رجعوا لينا مثلث حلايب بكره دي بنغير موقفنا 180 درجه.
يا عمى روح ..كلمنا على الحصة التى نعطيها لمصر طواعية من قبل اى حكومة ولا فائدة ترجى من مصر واصبحت مصر تحتل اراضينا ومياهنا وثروتنا الحيوانية ( 10000 راس من العجول النظيفة ) ومع ذلك تتعالى علينا وتشتم فينا يوميا .. نريد حصتنا لانه الموية عندنا قاطعة !!!!
وهذا الحيوان انادوا فيه زى العيل ويعطوا فيه فى الاوامر زى العبد .. وهو يتراقص !!!
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
في النهاية لا يصح الا الصحيح والمصريين كانوا ومازالوا يخدعوننا ويتفهوننا بآلتهم الاعلامية الجوفاء
سيعود كيد مصر الي نحرها .
يمكن ان تخدع كل الناس بعض الوقت وبعض الناس كل الوقت لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت.
مصر أرادت أن تخدع كل الناس كل الوقت لكن هيهات , لا بد من ظهور الحق .. من حق أثيوبيا أن تستفيد
من هذا المورد العظيم .
مقال دقيق ومحترم
وانظرو للتعقل والمعرفة والنجاح لدى الاثيوبيين
ولماذا نجحو
مقابا صراخ المصريين وتبعيه السودانيين!
اها الكيزان لا في العير ولا في النفير
نؤيد السد والسماء التنقد
بالمناسبة الشركة الإيطلية التي تتولى بناء سد النهضة هي نفسها الشركة التي بنت خزان الروصيرص ( امبردجيلو) أو شيء من ذلك، ولا زال هناك حي بالدمازين يحمل هذا الإسم.
اهم شئ يجب على حكومة السودان المتهاونة دوما فى حقوق شعبها احفادها
ان تتخلى عن الكرم الساذج والمطالبة برسوم عبور خطوط الكهرباء الاثيوبية الى مصر, كما يجب المطالبة برد المديونية المائية على مصر او دفع قيمتها. اصحى يابشير, الامم تتقدم الى الامام, انظر الى اثيوبيا شجاعة ووطنية وارادة وتصميم. فقط تخلوا عن جبنكم هذا وتذكرو ان الشجاعة افضل من الكرم الساذج. لو كان السودان مكان اثيوبيا يبنى سد النهضة لتوقف العمل مع اول هرشة من المصريين ولما قام سد النهضة. لعنة الله على الجبن
المهندسين السودانين من خبراء وفنين فى مجالات الرى والسدود ومياه النيل خبراء يملون العالم ولكن حينما ياتى احتياج السودان لعلمهم ومشورتهم ارى اختلافهم اتمنى الايكون ناتج لاسباب الطيبه الزائدة او الاستقطاب او حاجات تانيه حامينه و خاصة فى التعامل مع الاخوه فى شمال الوادى عشان نخفف العبارة شوية واضرب مثل لذلك من المعلوم ان اسودان يستهلك اقل من نصف من مياه النيل البالغ قدره 18 مليار متر مكعب ولكن حينما تطلب بعض الىلايات التى على شريط الانهار اقامت مصانع تحتاج للمياه مثل السكر ينبرى هولاء الخبراء بعدم كفاية المياه بصراحة فى الحته ده الحكايه دايره فهم وان لست بخبير كما ان هنالك بعض الاصوات السودانية للاسف هذه الايام تتحدث ان نصيب السودان غير المستهلك اصبح بحكم التاريخ نصيب لمصر ده اسمو كلام ياخبرا ويا فنين وياقانونين
ان تعاملنا مع المصرين كما يقول المثل رزق اليوم باليوم فلابد من استراتجات فى كافة المجالات للتعامل مع الاخوة المصرين فهم الان يتحدثون انابة عننا وهم مصدر المعلومات للعلم الخارجى عنا كما هم من بدبر المشاكل مع الخارج لنا وكل ذلك لفلة علمنا فهم اكثر تعليم منا وهم اكثر انتشار من فلابد من وضع استلراتيجات للتاعمل معهم اى كان نوع حكمومتهم فهم متوحدين بمختلف ايدولجاتهم فى التعامل معنا
الاثيوبيين عندهم دولة قومية بتعمل وتخطط لمصلحة شعبها انتلجنسيا ونخب فكرية وسياسية تخطت ازمة الهوية ومسائل العلاقة بين الدين والدولة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والوجهة الانسانية والمصريين كذلك اما نحن فعندنا شرذمة طفيلية مسيطرة على الوعي والمعايش وشغالة تضر وتؤذي وتدمر فينا عشان تضعفنا وتحكمنا وتعيش على دمنا وشقانا.. الفرق واضح !
الله ينصر اخوانا الحبش علي متغطرسي السودان ومصر
شكرا دكتور سلمان فقد وفيت وكفيت ولكن ماذا نفعل مع ربائب المصريين الذين تدربوا في حضانات الرى المصرى ولا يعرفون غير مصر،، أنظروا إليهم فقد سكتوا الآن ودخلوا جحورهم وإذا حاولوا الكلام فكلامهم مسيخ وخارج الشبكة.
هذا موضوع تثقيفي وتنويري وتعليمي لشعب السودان شاكرين للمهندس الدكتور الكاتب و اكثر الله من امثالك فما احوجنا لمثل هذا الكلام! يتضمن تاريخ النيل في السودان كيف فقدنا ارضنا حلفا بخيراتها وتراثها وشعبها بتاريخه لأرضاء المصريين وكيف اننا منبطحين تاريخيا واستسلاميا في التفريط بكل شيئ حتي الماء واللذي سيكون محور الصراع في القرون التالية بأذن الله تعالي. ويبقي التساؤل الأول هل نحن علي حقيقي ويقيني كم كمية الماه التي سلبتها وسرقتها مصر من حصة السودان منذ اتفاقيات 1902و1929و1959 وحتي اذا لم نكن قادرين علي استغلالها؟ لأن مصر كانت لها كل المقدرات المائية والزراعية لأن تقوم بتطوير انتاجها الراعي بأنواعه منذ بداية القرن الماضي ولكنها فشلت تماما واصبحت تعاني من مشاكل بيئية وديمغرافية خطيرة ووميتة حتي انها توشك ان تضمحل وتختفي دلتا النيل فيها بعوامل التعرية الطبيعية والقسرية وابتلاع البحر المتوسط للأجزاء الشمالية منها! فأذن هل نحن نعام رؤوسنا في الرمال والمصريين عيونهم ليست علي الماء فقط في السودان بل علي ارضه ايضا فأن لم نحسب ماهي مقدراتنا التي نهبت من المياه فسنظل مجرد انبوب او ماسورة مرور مياه الي مصر تعيش علي ماءنا حقنا دون حساب وذلك بقوة الأنبطاح والهبل عندنا رغم مناشدتنا وفرحتنا بكل مايحمي السودان وشعبه بحماية حقوقه واستردادها والأخوة المعلقين ربما يقرأون تعليقات المصريين او مواليهم بالسباب بأقذع الألفاظ فلنستغل ماءنا لنروي كل شبر في السودان حتي درافور العطشي ونزرع كل ركن فيه واتمني ان يكون كل السودانيين متحدين ووطنيين يحرسون ماءهم وارضهم من عدو غادر منافق كذاب اناني لا تهمه السودان او اثيوبيا والتي اكن لها كل مشاعر الأحترام والأعجاب شعبا وحكومة فليتنا نكون مثلهم
هذا معناه ان مصر خسرت الجولة و السودان لا أعلم ربما يكون خسر
برافوووو إثيوبيا
شكراً على هذا المقال الضافي. أهم خلاصة خرجت بها هي أن السودان لن تقوم له قائمة طالما ظل يفكر من داخل العباءة المصرية! لا أدري متى نكون دولة مستقلة تفكر لشعبها ورفاعيتهم!!
اعتقد إنو المصريين طلعوا أزكياء شوية وهم كانوا عارفين من البداية إنو الأثيوبيين لن يتراجعوا. عن بناء السد لكن لازم الموضوع يكون فيه نوع من السياسة . الرأي الفنى الذى يقول به دكتور سليمان ليس كل شي.لازم السياسة تأخذ مجراها.
حما س دكتور سلمان للسد يثير الحيرة
ذكرت انة تحول بعض الصحفيين لخبراء في المياة والقانون والجلوجيا وانت تحولت من خبير قانوني الي خبير في الهايدوجيلوجي والبئية وصرت تتحدث عن الاثار البئية وتغذية المياة الجوفية علما بانك رجل قانون
انت تعلم بان معظم الخبراء في السودان متحفظين وغير مؤيدين وان الوزير السابق اسامة كون لجنة معظم افرادها ليس لهم دراية بالامر لكنة الوزير اتي بمستشاري الوزير
احجام الخبراء السودانيين عن الحديث معلوم بالضرورو ومستشار الوزير الوحيد الذي لايضاهيك في الحماس هو دسيف الدين حمد الوزير السابق
اما اللجنة الدولية لقد اعلنت في البداية ان اثيوبيا لم تقدم كل المعلومات التي تمكنهم من الاجابة علي بعض الاسئلة
اثيوبيا صحيح نجحت في ادارة ازمتها بخبس مستقلة الظروف المحيطة بالمنطقة موقف السودان الضعيف وحوجتة للدعم الاثيوبي في ادارة ازمته مع المعارضة السودانية بشقيها المدني والعسكري والقوات الاثيوبية الموجودة في ابيي وسكت حتي عن احتلال اثيوبيا للفشقة الصغري والكبري
اما عن الموقف العالمي انت تعلم بان العالم يسعي لان يمكن لاثيوبيا في المنطقة لاعتبارت كثيرة وتعلم كيف تناول الاعلام الغربي موضوع سد مروي والمتضررين واحجم عن التناول السلبي لسد النهضة وتعلم بان العالم غير متحمس للسدود الكبيرة وواطلعت علي تقرير البنك الدول لعام 2000 وماجاء فية ( ان السدود الكبيرة فشلت في انتاج الكهرباء وتوفير المياة والسيطرة علي الفيضانات بالقدر الذي تصورة المخططون والمنفذون لتلك السدود وان اكثر من نصف السدود فشلت في انتاج الكهرباء )
فليعلم الجميع ان السودان اتخذ الموقف السياسي قبل الفني وبعد الموافقة علي السد كون الوزير لجنة للدراسة بها كثير من العيبوب وهي للاخراج الفني والتاريخ لن يرحم
الدعم السوداني اللامحدود كان السبب الاكبر لان تكسب اثيوبيا الجولة
فموقف السودان المنحاز تماما لمصلحته ( مصلحة السودان ) من قيام السد صب وامنزج مع موقف اثيوبيا في الاستفادة من النيل .
موقف السودان كان معضد لاثيوبيا . وهذه قرصة في الاذن لمصر المتغطرسة حتى تعلم مع من تتعامل .
سياسة !!!!