أخبار السودان

(حمدوك).. هل يَعْصفُ برهانات الشارع..؟

ناشط: حمدوك انقلب على الشارع، مستجيباً للمجتمع الدولي

* لجان مقاومة: سنظل نرفع لاءاتنا في وجه العسكر وكل من يتحالف معهم حتى وإن كان حمدوك نفسه..

* باحث سياسي: (حمدوك) لم يشاور أحد وربما لم يصله صوت الشارع الرافض للمساومة

 

الجريدة: ماجد القوني

في رده على الانفصاليين وقتها قال المناضل د.جون قرنق دي مبيور: “ لنعمل جميعاً من أجل التحرير، وعندما نصل للمكان الذي يمثلكم، اتركونا نواصل رحلة تحرير السودان”، يرى مراقبون أن ماحدث بالأمس من اتفاق القصر، قسّم الشارع الثوري بين المطالبين بالعودة لما قبل الانقلاب، وبين رافضين للمساومة والشراكة أو حتى التفاوض مع المكون العسكري، وبالرغم من أن الرافضين هم الغالبية إلا أن ما دار بالقصر لن يعبر فضاء الشارع الثوري دون أن يقول كلمته.. فهل انقلب حمدوك على الشارع..؟ أم يلعب دور المنقذ للشارع السوداني لوقف القتل والعنف العسكري على المتظاهرين..؟ تساؤلات وإن أجاب عليها الشارع مساء أمس بالرفض، إلا أن خبراء يرون أن السياسة تفترض جانباً من المرونة والتعاطي مع التحولات بحكمة من أجل العبور..

القطيعة مع الانقلابات

صباح الخامس والعشرين من أكتوبر كان الأكثر عتمة في الصباحات التي تلت سقوط البشير في الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩، كان غائماً وأرواح الشهداء تتخطفها أيدي انقلاب على حكومة مدنية، يومها لم يتفاجأ كثيرون بالتحول في الموقف العسكري تجاه الثورة، ويعيد للأذهان انقلابات العهود السابقة، والتي تعاقد الشارع على نهايتها، وأن يكون البرهان آخر المنقلبين على النظام المدني، أو هذا ما عبّر عنه الشارع في الأيام التي تلت الانقلاب، ليستجيب العسكريون لإرادة القمع والارهاب واسكات الاصوات بالقتل والاعتقال، أكبرت الشوارع وقتها استعصام حمدوك بجبل الرفض للتعاون مع العسكر ومنحهم شرعية البقاء، داعمه الشارع السوداني والمجتمع الدولي الحريص على وثيقته الدستورية، خرجت الجماهير تحمل صور (المؤسس) والهُتافات تعانق عنان السماء.. “ بالروح بالدم.. نفديك يا حمدوك).. ليتسامى الشهداء من أجل لاءات التحول.. فصل جديد من سِفر السياسة السودانية بتوقيع رئيس مجلس الوزراء د.عبدالله حمدوك، المُعاد تعيينه من قِبل رئيس مجلس السيادة عبدالوهاب البرهان.

انقلاب حمدوك

الناشط عبدالله خوجلي يرى أن ما حدث انقلاب من حمدوك على الشارع، وأكثر المتشائمين لم يكن يتوقع أن يوافق حمدوك على الجلوس مع الانقلابيين، حمدوك استجاب لتدخلات المجتمع الدولي بالعودة لما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر، وهذا لم يعد خيار الشارع بعد مليونيات الثالث عشر من نوفمبر وقبلها، بعد المجازر التي ارتكبها الانقلابيون، والتي ترجمها الشارع في شعار (لا مساومة.. لا شراكة.. لا تفاوض)، وحُظي الشارع بأوسع جبهة نضال في الشارع والقوى السياسية لم تحدث منذ أيام ثورة ديسمبر ضد البشير.. (حمدوك) لم يشاور أحد وربما لم يصله صوت الشارع الرافض للمساومة.

 

العودة لطريق التحول

 

في ذات الاتجاه يمضي الباحث السياسي د. أيمن عبدالقادر قائلاً: معظم القراءات التي تبدت تكونت من قناعات عاطفية وتضامنية مع الذين ارتقوا خلال أيام الانقلاب، وهذا ما لا تعترف به السياسة والتي تذهب في أتجاه تحقيق المكاسب السياسية التي يمكن أن تسهم في تحقيق التحول، حمدوك أنطلق من هذه النقطة، والتي أشار لها في خطابه بأن التوقيع على الاتفاق الأطاري من شأنه وقف نزيف الدم السوداني، والعودة مجدداً لجادة التحول المدني، لم يك أمام الرجل خيار سوى القبول بخيار العودة لوضعية الرابع والعشرين من أكتوبر بتعديلات جديدة على الوثيقة وتغيير كابينته التنفيذية، من رأيي أن الخطوة تعبر عن وعي سياسي كبير، ومن المتوقع أن يرفضها الشارع الذي يتطلع لفض الشراكة مع العسكريين، وتأسيس حكم مدني خالص، وهي خطوة بالرغم من قسوتها قد تعيد السودان لما بدأه الأشهر الفائتة.

 

هل يسقط حمدوك..؟

 

(حمدوك) لم يكن مجرد رئيس وزراء اختارته الثورة للعبور بها، بل كان يلعب دور المُخلص لكثير من الباحثين عن التغيير، هل مازال يعتلي ذات المشهد بعد خروجه الآمن.. تساؤل طرحته الجريدة على عدد من لجان المقاومة بولاية الخرطوم، مشيرين إلى أن لجان المقاومة تأسست على قطيعة مع المكونات السياسية التي تستثمر في شعوبها وتقود التحول تجاه مصالحها الذاتية والحزبية، وفي ذات الوقت نتحالف مع القوى السياسية التي نرى أن خطها يتفق مع مطالبنا، ما قام به حمدوك لا يمثل الشارع ولا يمثلنا وسنظل نرفع لاءاتنا في وجه دولة العسكر وكل من يتحالف معهم حتى وإن كان حمدوك نفسه.

المحرر

أكثر من خمسين شهيداً ارتقوا خلال أيام الانقلاب، والمئات من الجرحى، ودماء لم تجفُ بعض في شوارع الثورة، ومتاريس لم تُزال بعد، ولاءات ثلاث ما زالت مُعلقة على حوائط المدن والطرقات، وشعارات تدعو للقطيعة مع الماضي لم تُنجز بعد.. فهل تتبع الشوارع (المؤسس) المدني في نسخته الجديدة بـ(تكنوقراطه) الجُدد، أم سيتواصل المد الثوري دون (حمدوك)..؟

الجريدة

‫3 تعليقات

  1. لماذا البكاء علي اللبن الفاسد؟
    حمدوك منذ البداية لم يك يمثل روح هذه الثورة
    ولا علاقة له بتطلعات الجماهير،،اياكم وكلاب المنظمات الدولية
    ولعبات المصالح

  2. جاء في متن الموضوع عن أحد خبراء السياسة الإستراتجيين في بلدنا المنكوب بأن “لم يك أمام الرجل خيار سوى القبول بخيار العودة لوضعية الرابع والعشرين من أكتوبر بتعديلات جديدة على الوثيقة وتغيير كابينته التنفيذية، من رأيي أن الخطوة تعبر عن وعي سياسي كبير.”
    الخطوة تعبر عن خيبة سياسية كبيرة وليس فيها أي وعي سياسي، دعك من تحقيق أي حلم ثوري كان بالإمكان تحقيقه في ظل موازين القوة الحالية بين المدنيين والعسكريين. الكل يعلم أن الإنقلابيين في ورطة وأن مصادر قوتهم تتمثل في آلة القمع العسكري وبعض فلول النظام و شئ من المؤامرة الأقليمية. أما موطن ضعفهم فهو الرفض السياسي من معظم المكون السياسي المدني بجميع أطيافه، ورفض عالمي من دول ومكونات ذات تأثير كبير في المشهد العالمي؛ والأهم من كل ذلك قوة الشارع الذي يهدر كالسيول. مواطن ضعف الإنقلابيين هي ذاتها مصدر قوة السيد رئيس الوزراء عندما جلس على طاولة المفاوضات مع الإنقلابيين. وأيضا لا ننسى القوة الأخلاقية والطهر والنقاء الثوري الذي تجسد في العطاء بلا حدود، تجسد في دماء الشهداء والجرحى، وفي صمود الأسرى والمعتقلين. في حين أن الإنقلابيين كانت تطاردهم أعمالهم اللأخلاقية والإجرامية.
    ومع كل ذلك، ورغم كل ما يتمتع به د. حمدوك من مصادر القوة السياسية الفعلية ومصادر القوة الأخلاقية والإنسانية، تمكن الإنقلابيين من تحقيق أكثر من 90% من مطالبهم رغم أنه تعوزهم أي قوة ذات تأثير حقيقي، وتُرك للسيد رئيس مجلس الوزراء أقل من 10% من سقف المطالب المشروعة والتي يدعمها الشارع، والحق والأخلاق في ذلك الذي سمي إعلان سياسي. ال 10% تمثل رجوع حمدول لرئاسة مجلس الوزراء والوعود الفضفاضة بإطلاق صراح المعتقليين السياسيين، والتحقيق في الأعمال الوحشية التي قام بها الإنقلابيين من قتل وترويع الثوار.
    نعم السياسة هي فن الممكن وأنت لا تأتي لطاولة المفاوضات وتتوقع أن يقبل الطرف الآخر كل مطالبك، هذه ليست مفاوضات، بل إملاءات، وكان حمدوك الأقرب إلى أن يمرر إملاءات الشارع على جنرالات الجيش الإنقلابيين. ولكنه رضى من الغنيمة بالإياب- أن يعود رئيسا للوزراء. يا للخيبة!
    إذا ما نظرنا إلى الأمر بشئ من التروي فإننا نجد أن الإنقلابيين قد حققوا أكثر من مطالبهم وسقفهم التفاوضي؛ لأنهم الآن بإمكانهم إستخدام حمدوك كرافعة أخلاقية أو طوق نجاة لينقذهم مما أقترفهوا من جرائم، بالإضافة لذلك شق الصف الثوري الرمادي- لن يتمكنوا من شق صفوف الثوار الحقيقيين، ولكن هنالك من يترجل في هذه المحطة، وقطار الثورة سوف يمضي لغاياته المأمولة.
    ينسب للأكسندر المقدوني (الأكسندر الأكبر) بأنه كان يقول “أنني لا أهاب جيش من الأسود يقوده حملا ، ولكني أخشى جيش من الحملان يقوده أسد.” حمدوك طلع أرنب في قيادة جيش من الأسود. لكن مهلا الأسود تبقى أسود، وإن غدا لناظره لقريب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..