الفقراء مجانين والمجانين فقراء

بحسب الواقع المزري الغير محتمل لأهل الأرض والدنيا الذي يعيشه ويستحمله المواطن السودانى بكل صبر وصمت من فلس مستمر، وإرتفاع الأسعار المستمرة مع الفلس المستمر،ومع إرتفاع الأسعار المستمر،شح وإنعدام مستمر لما يريده من السوق بشكل مستمر،يفترض أن يفر الجن ويهرب من المواطن السوداني إن لم يستحى ويخجل من حال المواطن ويتركه فى حاله وليس العكس؛ فالحاصل له من الظروف المعيشية كفيلة بخلخلة عقله وتجنينه (جنا جنا) دون الحوجة (للجنون) أخرى، ولكن الواقع شيء والإفتراض شيء آخر كما يقولون، فالعديد من المواطنين السودانين يلم فيهم الجن غير مبال بحالهم،إما وهم منهمكين فى ظروفهم الصعبة إلى حد نسيان أنفسهم فيها ومن يكونون، أو إنهم مفكرين فى حالهم تفكيرا يعجز العقل الطبيعي عن إستحماله (فيجنون)،وأحسن مافى (جنهم) ينسيهم واقعهم السابق القديم الذي ما فتئوا أن تذكروه بالحزن والغضب، وسريعا ما ينغمسون وبفرح غير مقصود فى واقعهم (الجني) الجديد إلى أبعد الدرجات وكيف لا وقد أنساهم واقعهم القديم بكل آهاته وآلامه وهذه غاية لا تدرك فى سودان اليوم بسهولة،وتتنوع حالات (جنهم) فمنهم من يتخذ التجهم والصمت وسيلة (مسكينة) لمواصلة الناس وإستعطافهم وكسبهم وبالتالي يواصلهم بالتى هي أحسن ليضمن منهم ما لم يجده حينما كان (عاقلا) بعقله وفكره من (كاش) متنوع الفئات بعملات ورقية أو (ريالات) والأخيرة غالبا كثيرة وأحيانا يعجز عن حملها صاحبها (المجنون) كما عدها وبإختصار هذا الشخص ماله يصبح بنك متحرك يزيد ولا ينقص فهو لا يسحب منه إن لم يزده،والمجنون المسالم إهتمامه بما حرم منه والتركيز عليه شديد جدا (الأكل) فيجمعه بشكل غريب و(بشراهة) كبيرة من هنا وهناك ومن هناك وهنا، رغيفة ومعها قطعة قرع و(بطاطساية) بمعية (طماطماية) وغيرها من المواد الغذائية المرمية كلها ككوم واحد وإن إختلفت فى نوعها فى قاع (سبته) التى لا يعلم ماذا يفعل بها اللهم إلا يغذي معه (الجن) إمتنانا وشكرا (لتجنينه) الذي جاء بردا وسلاما، فهو لا يتوقف عن (الشحدة) لحظة واحدة كما لا يتوقف عن جمع مواده الغذائية صباح مساء وفى المناسبات (أفراح وأتراح) وفى الولائم التى يدعو لها نفسه بنفسه يأكل مرات ومرات وفى (سفرة) وأخرى وفى (قروب) ومع آخر؛ وعندما يسدل الستار على المناسة ينتظر ذلك بكل أدب وإحترام ليعبئ كيسه أو (مخلايته) إلى آخره حتى يفيض أو تفيض خالطا فيها الحابل بالنابل والنابل بالحابل . ومنهم من يتخذ القوة البدنية وسيلة لمعايشة المجتمع وكأنه يريد أن ينتقم لمن ظلمه، بظلم الجميع وغالبا يكون مصيره (المصحة) ليبكى لحاله السابق بالضحك، مع زملائه الجدد فى (المصحة).
والملاحظ أن الجن السوداني غالبا ما يصيب الطبقة الفقيرة وأفرادها وليس هناك شخص غنى يصاب بالجن فى الغالب الأعم فهذا نادرا جدا وإذا أصيب شخص غني بالجن وبحثت عن السبب (تحت تحت) لوجدت أنه كان يتعاطف مع الفقراء (تحت تحت) وإذ بحثنا عن أسباب جن الفقراء بكل أسف نجد أن (الأحلام) الوهمية و(البشريات) الوردية الكاذبة التى يرسمها لهم السياسيون والمثقفون هي السبب الرئيسي فهم يتعلقون بها ببساطتهم وفى النهاية يحققون تلك الأحلام والبشريات فى شكل (جن) غير مأسوف لهم و(لجنهم) فهذا ما يريده حكام اليوم وحكام المستقبل المعارضة والمعارضين فما أجمل وأسهل أن يحكموا فقراء مجانين ومجانين فقراء.
[email][email protected][/email]