المنوعات

في “العجلة” السلامة..حنان بائعة اللبن .. حكاية امرأة قضت على الفقر بدراجة

الخرطوم : الراكوبة

تبدو “حنان” وكأنها متمرسة في الإجابة على أسئلة الفضوليين .. تحكي عن عالمها بكثير من الإعتزاز وتضحك ملء شدقيها كونها في دعة وبعيدة بما لايقاس عن عالم الفقر، في حضرة حنان فقط يمكن القول إن “في العجلة السلامة”.

حنان بطل حكايتنا، تملك الإرادة القوية والعزيمة الجبارة، ومن قبل؛ هدف لم تحد عنه، وسعت حثيثاً وراء تحقيقه، تمثل في تربية أبنائها كما تروي قصتها لـ (الراكوبة).

التركيز على الهدف

تتجسد حكاية حنان في كونها أماً لعدد من الأبناء، والزوجة الأولي لرجل له أخري غيرها، وضعه الاقتصادي كحال السواد الأعظم من السودانيين البسطاء الذين أصبح ما بأيديهم كبردة “أبن عمير”؛ إذا غطت وجهه استبانت قدماه!، وتوقن حنان في قرارة نفسها أن من لا يريد التعايش مع الفقر والعوز عليه خلق خطة لزيادة دخله، وأن يركز على هدفه ويبتعد عن الفوضي النفسية المثيرة للقلق .. باختصار تقول إن عليها أن تتجنب التفكير في عدة أشياء في وقت واحد، حتي لا تشوش على قراراتها، حاديها في كل ذلك أنها تتوقع على الدوام معركة أكبر.

القضاء على الفقر

هكذا تضع حنان خطتها للقضاء على الفقر وتحسين ظروفها، وهي تجربة تستحق أن تدرس لكبار رجال الاقتصاد الذين يعجز بعضهم في انجاز أحلامهم المتعلقة بالثراء العريض رغم ما بين أيديهم من دراسات جدوي وأموال، تنجح حنان رغم قلة ما في يدها، لتثبت أن الوصفة المثالية لا تتعلق بالمال وإنما بالعزيمة؛ قامت حنان بتربية عدد من الأغنام في مزرعة جنوب الخرطوم وظلت ترعي هذه الأغنام بالنهار، وفي المساء تقوم بحلبها ثم تستقل دراجة (عجلة) خاصة بها وتتجه نحو القري المجاورة لتبيع اللبن لزبائنها الذين ينتظرون مقدمها دائماً.

تشجيع وإعجاب

تقول حنان : في بداية ذهابي إلى القرية بـ (العجلة) كان الناس يستهجنون الأمر وأسمع التعليقات الساخرة والمنتقدة، ولكن رويداً رويداً تحول الأمر إلى تشجيع وإعجاب من الذين أقابلهم في الطريق، “كل هذا من أجل مساعدة زوجي على تربية أطفالنا الصغار الذين مازالوا في المدارس” ، تسترسل في حديثها قبل أن تضيف : حتي أصحاب السيارات ظلوا يطلقون أبواق سياراتهم عندما يرونني أمر بجانبهم ويرفعون لي شارة الإعجاب.

تعامل خاص

ورغم أن القري تبعد مسافات متفاوتة عن المزرعة التي تسكن فيها إلا أنها ظلت تواظب على حمل الأغنام على دراجتها وتتجول بين زبائنها الذين بلغ إعجابهم بروحها العملية حداً جعلهم يفضلون التعامل معها دون غيرها من بائعي اللبن الرجال.

تكشف حنان لـ (الراكوبة) عن علاقتها بـ (العجلة) قائلة إنها بدأت منذ الصغر، عندما ترعرعت بحي بانت بأم درمان، فكانت تقودها وهي صغيرة، بالطبع تتوقع حنان أن تستفيد من (سنوات الشقاوة) لتصب في رصيد تربية أبنائها اليوم.

فخر واعتزاز

حنان لم تبحث عن أجهزة الإعلام لتعكس مشروعها الذي ابتكرته أو تستجدي الآخرين، كانت الضحكة الطفولية هي جوابها عندما قلت لها : ماذا تريدين أن ُيقدم لك من مساعدة؟ ، ردت بذات الروح المرحة : “عايزاهم يزيدوا لي الغنم” .. قالتها في الفراغ العريض، دون أن توجه طلبها لأحد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..