أخبار السودان

القانونيون والمشرع.. مرافعات جدل التعديل القانوني

تقرير:أيمن المدو

معارك قانونية عديدة تدور رحاها حول منضدة المشرع في مساراته نحو التعديل القانوني لبعض مواد القانون الجنائي السوداني، فالجهات الفقهية لها رأي حول مخالفة المواد المعدلة للشريعة الاسلامية، باعتبار أن هذه المواد المعدلة تحمل في كنانتها أوجه عدة، وهذا ما لا ينبغي وجوده في القوانين العقابية التي يجب أن تكون أكثرة دقة في تحديد عناصر التجريم من عدمه، غير أنها أخذت مناحي أخرى نحو التشدد في العقوبات أكثر من الذي حملته الشريعة في جعبتها، سواء أكان في تركها لفيل المشرع والطعن في ظل القوانين المعدلة، بعيداً عن ساحات المحاكم والمحابس التي جعلت هيئة علماء السودان ترمي بالقفاز لدن قبة البرلمان عبر مطالبة دفعت بها إليه بالالتزام بشرع الله في مواجهة التعديلات الأخيرة المزمع إجراؤها على القانون الجنائي، كالتغيير في عقوبة الزاني المحصن من الرجم إلى الشنق التي تراها الهيئة بأنها مخالفة للنصوص الثابتة في الشريعة الاسلامية

* عدم التباكي حوله
ولوح باستسلام نقيب المحامين السودانيين بعد رفعه للبيرق الأبيض خارج ساحة المحكمة، عبر حديثه الذي رمى به في اتجاه أن القوانين السودانية في مجملها أدخل عليها المشرع مشرطه بتعديلها، حتى تتوافق مع قوانين الشريعة الإسلامية نافياً وجود قوانين تتعارض مع الشريعة، معتبراً أن الجدال التفسيري الدائر حول التعديلات التي تعتزم وزارة العدل إدراجها بالقانون الجنائي ليس هنالك ما يستدعي التباكي حوله من قبل الرافضين، لأن التعديل التشريعي الذي قدم مايزال في مرحلة التشاور حوله، ولم يصل إلى مرحلة التشريع
* فتح الباب أمام المشككين
ويحاول الخبير القانوني د.علي السيد المحامي تحويل مجرى النهر الذي تدور حول صفحات أمواجه المعركة القانونية إلى مجرى آخر، من خلال كلماته التي ساق خلالها موجه التعديلات القانونية إلى خلافات فقهية تحملها مذاهب معينة وتسقطها أخرى، مؤكداً أن اختلاف الفقهاء المشرعين يمثل رحمة للناس كافة، لأن اختلافاتهم تأتي ضمن سياق التشدد، وبما يوزايها من التخفيف في الأحكام، معتبراً في ذات الصعيد أن عقوبتي الرجم والشنق هما ذات مدلول واحد، لأنهما في النهاية يؤديان إلى إزهاق الروح، ويتفق علي السيد مع سالفه فيما رمى إليه من عدم وجود مواد في القانون الحالي تخالف الشريعة الاسلامية، لكنه زاد بالقول: إن طرق الفقهاء لهذا الباب القانوني سيفتح النوافذ على مصراعيها للمشرعين في إطلاق العنان إلى أياديهم لتشريح مواد القانون وخلطها للمخالف للشريعة من عدمه
*66 مادة تحتاج إلى تعديل
لكن وجدي صالح المحامي حاول أن يوجه الدفة إلى اتجاهات مغايرة، بعيد أمساكه ببوصلة الحديث عن رياح التغيير بحديثه الداعي إلى وجوب إحداث تغييرات على بعض القوانين المخالفة للدستور، والتي حصرها وجدي في (66) قانونا قال إنها تحتاج إلى تعديلات تشريعية جديدة، بما فيها قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، واصفاً الخطوات التي تعتزم العدل إجراءها في هذا المضمار بالايجابية علي الرغم من أنها لن تحل أزمة التشريع الحالية بشكل جذري، وساق الخطى إلى أن الجدل التفسيري الدائر في الساحة حول العقوبة الحدية يمثل نقطة اختلاف فقهية بغض النظر عما يثار حولها، ومضى للقول بأن الرجم كعقوبة كان شريعة ما قبلنا من اليهود، وبالتالي تصحيح هذا الخطأ من قبل المشرع بتعديل العقوبة فيما يلي شكل وطريقة تنفيذها لأن العقوبتان تؤديان إلى انهاء حياة المدان، سواء أكان بالإعدام شنقا أو رجماً بالحجارة، وخلص وجدي إلى أن غاية المشرع من التشريعات يأتي من باب تشديد العقوبة فيها من أجل الحد من ارتكاب الفعل المجرم
* استثناء التجريم
ويغرس المختص في القوانين الاسلامية ابوبكر عبد الرازق نصله في أحشاء القوانين الجنائية الحالية المخالفة للشريعة الاسلامية معتبراً ان المادة (78) أغفلت الإمعان في فحوى الشريعة، لأن منطوقها الجنائي الحالي يقول بتجريم حائز الخمر وبايعها، لكن الشريعة الاسلامية عبر ميزانها تستثني من هذا التجريم من كان من غير المسلمين، بشرط ان لا يبيع خمره للمسلم، ويضيف بأن يد التجريم تطاله حينما يبيع الخمر للمسلم، لأن الخمر في الشريعة الاسلامية هي مال غير ?مقوم? وعليه لايجوز للمسلم حيازتها أو بيعها، أما لغير المسلم فهي مال مقوم، ويمضي أبوبكر إلى تشريح المواد المخالفة للشريعة حتى يقبع لدن المادة (126) ومنطوقها الجنائي المتعلق بالردة، مشيراً إلى أن العقوبة المنصوص عليها للمرتد مخالفة للشريعة الاسلامية، لأن الردة ليس لديها عقوبة أوتجريم في الدنيا، وانما عقوبته عند المولى سبحانه وتعالى يوم الحساب، أن يخلد المرتد في نار جهنم كما ورد في الاية 217من سورة البقرة (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلـئِكَ أَصْحَابُ النّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
وسجل أبوبكر جهدا تفسيرياً حول عقوبة الرجم التي تم تعديلها إلى الشنق بالقول إن العقوبة الشرعية للزاني هي (100) جلدة للمحصن أو العازب وفقا للايآت التي تضمنتها سورة النور ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)ويتابع إن الآية تكلمت عن الزاني بإطلاق وعموم دون تخصيص لمحصن أو عازب، مؤكدة أن عقوبتهما هي الجلد

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. للفقهاء رأيان حول عقوبة الزاني المحصن هما
    رأي الجمهور ان عقوبته الرجم
    راي بعض المجتهدين ان عقوبته الجلد و سندهم عموم الاية التي اشار اليها الاستاذ ابوبكر عبد الرازق.متابعا فيه شيخه الترابي
    لا سند لاستبدال عقوبة الرجم للشنق فاما ان يقول المشرع بالقول الراجح فقهيا و هو ان العقوبة هي الرجم ،او الجلد مكائة جلدة لكن لم يقل احد من العلماء المجتهدين بالشنق بدلا عن الرجم
    الرجم عقوبة ارحم المحكوم لان الزني لا يثبت الا بالاقرار و يحق للمحكوم ان يرجع عن اقراره بالهروب اثناء تنفيذ العقوبة لان ماعز رضي الله عنه عنما هرب اثناء الرجم لحق به الصحابة فعاب عليهم سيدنا رسول الرحمة ذلك فاصبح التشريع ان الجاني لو هرب اثناء الرجم خلوا سبيله بالله في زول ممكن يتحمل الرجم حتي نهايته ؟ اكيد من اول حجرين حيجري و تنتهي القصة و تتحقق الغاية من العقوبة الرمزية و المعنوية

  2. هاكم يا علماء المسلمين الدليل على أن الرجم شريعة يهودية وليست إسلامية وأن لا عقوبة للزاني والزانية غير الجلد مائة جلدة، فقد كان الأجدر بهؤلاء العلماء ,أن كان لديهم علم، أن يطالبوا بجعل العقوبة هي الجلد فقط عوضا عغن الإصرار على أن تبديل عقوبة الرجم بعقوبة الشنق

    كشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي عن موقفه وموقف الشيخ محمد أبو زهرة من حكم رجم الزاني والزانية.
    وقال القرضاوي، خلال استضافته في برنامج “مراجعات” الذي تبثه قناة “الحوار” الفضائية، إن الشيخ محمد أبو زهرة قال في إحدى الجلسات إنه يريد أن يكشف عن رأيه في موضوع كتمه لمدة عشرين سنة، يتعلق بالرجم في حق الزاني والزانية.
    وتابع أن أبا زهرة شدد على أن حكم الرجم في الزنا شريعة يهودية أقرها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، ثم لما نزلت الآية الكريمة “سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين”، ألغت حد الرجم.
    وأضاف القرضاوي نقلا عن أبي زهرة: “ودليلي قوله تعالى (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) والرجم لا يتنصف”، وعبر القرضاوي عن تأييده لأبي زهرة مشددا على أن الرجم شريعة يهودية.

    فتوى الشيخ العلامة محمد المختار الشنقيطي بخصوص عدم مشروعية الرجم

    1. الرجم من المصائب الفقهية الكبرى في تاريخ الإسلام، وهو أبلغ مثال على التخلي عن المحكمات القرآنية واتباع الآثار المضطربة.. وإليكم البيان:

    2. تتراوح عقوبة الزنا في القرآن الكريم بين ثلاثة: جلد الزانيين: “فاجلدوا كل واحد منهما”، والإقامة الجبرية للنساء: “فأمسكوهن في البيوت”، وأذية الرجال: “فآذوهما”.

    3. تخلَّص الفقهاء من عقوبة الإقامة الجبرية للنساء، وعقوبة الأذى للرجال، بحجة أن الآيتين اللتين وردت فيهما العقوبتان منسوختين..

    4. وجاء الفقهاء بعقوبة غريبة عن روح الإسلام، ومناقضة لنص القرآن، وهي الرجم.. ففرضوها عقوبة للزاني المحصن والزانية المحصنة.

    5. وهكذا أراد الله عقوبة الزاني عذابا: (ويدرأ عنها العذاب) (ما على المحصنات من العذاب).. وجعلها فقهاءُ الرجم تقتيلا وتمثيلا، فأيهما أحسن قيلا؟

    6. بنى الفقهاء عقوبة الرجم على أحاديث مضطربة المتون، معلولة الأسانيد، مثل حديث الغامدية، وحديث الداجن، وحديث المجنونة!!

    7. جل أحاديث الرجم يتضمن طعنا في حفظ القرآن الكريم. فمن قال بالرجم فهو قائل ضمناً بتحريف القرآن -والعياذ بالله- لأن أغلب أحاديث الرجم تفيد ذلك!

    8. مثال1: حديث الداجن:”لقد نزلت آية الرجم والرضاعة فكانتا في صحيفة تحت سرير فلما مات رسول الله (ص) تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها”

    9. مثال2: “قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي” [متى كان عمر مجاملا للناس في القرآن؟]

    10. مثال3: “كم تقرؤون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط! لقد رأيتُها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم”

    11. من غرائب أحاديث الرجم الأثر الذي يقول “أتيَ عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم ” حتى أقنعه علي بتركها!! ? أبو داود وأحمد

    12. هنالك خلاف في أسانيد هذه الأحاديث، لكن العلل في متونها أكبر، وأسوأ تلك العلل الطعن الضمني في حفظ القرآن، والمناقضة الصريحة لمضامينه

    13. من أمثلة اضطراب أحاديث الرجم: أنها جعلت عقوبة المحصنة الرجم حتى الموت، والقرآن جعل عقوبة المحصنة تُنصَّف. فهل يوجد نصف موت؟!

    14. قصة الغامدية محشوة بالتناقض والغموض، وأوله تضارب الروايات هل المرأة المرجومة غامدية أم جهنية، وهل هي قصة واحدة أم قصتان…الخ

    15. حديث الداجن المروي عن عائشة رضي الله عنها قال عنه العلامة المحدّث الجوزقاني في كتابه (الأباطيل والمناكير) إنه حديث باطل..

    16. أطبق علماء المعتزلة على إنكار الرجم منذ القديم.. وقد أصابوا في ذلك وأحسنوا إذ تثبثوا بالقرآن واطّرحوا الآثار المناقضة له

    17. كل من له ذوق في العربية وقرأ قول تعالى بعد فرض الجلد: (ولا تأخذكم بهما رأفة) عرف أن الجلد قاس بما يكفي ولا عقوبة للزنا أقسى منه

    18. يستبشع المقلدون رد أحاديث الرجم الواردة في البخاري ومسلم، ولا يعرفون أن الدارقطني رد 200 من أحاديثهما، ورد ابن تيمية والألباني بعضها

    19. أنكر الشيخ محمد أبو زهرة ? وهو أعلم الناس بالفقه ومدارسه في القرن العشرين عقوبة الرجم، واعتبرها تشريعا يهوديا لا إسلاميا.

    20. الخلاصة: لا رجم في الإسلام، ولا عقوبة للزنا إلا ما نص عليه محكم الكتاب من جلد للزانيين، أو الإقامة الجبرية للمرأة الزانية، والأذى للرجل الزاني.

    ورد الدكتور مصطفى محمود في أحد مقالاته في جريدة الأهرام تسعة أدلَّة تُثبت عدم وجود عقوبة الرجم في الإسلام ، وقد نقلها الاستاذ الدكتور أحمد حجازي السقَّا في كتابه ” لا .. رجم للزانية “.
    ولنتعمَّق في هذه البراهين التي تتوافق مع القرآن والعقل:

    الدليل الأوَّل:
    أنَّ الأمَة إذا تزوَّجت وزنت فإنَّها تُعاقب بنصف حدِّ الحُرَّة ، وذلك لقوله تعالى : (ومن لم يستطع منكم طَولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمِن ما ملكت أيمانُكُم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ فانكحوهنَّ بإذن أهلهنَّ وآتوهنَّ أجورهنَّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متخذات أخدانٍ فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنَّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم والله غفورٌ رحيم). والرجم لا ينتصف. وجه الدليل من الآية : قوله : (( فإذا أُحصِنَّ )) أي تزوَّجن (( فعليهنَّ نصف ما على المحصنات )) أي الحرائر. والجلد هو الذي يقبل التنصيف ، مائة جلدة ونصفها خمسون ، أمَّا الرجم فإنَّه لا ينتصف ؛ لأنَّه موت وبعده قبر ، والموت لا ينتصف.

    الدليل الثاني:
    أنَّ البخاري روى في صحيحه في باب رجم الحُبلى : (عن عبد الله بن أبي أوفى أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامديَّة . ولكنَّنا لا ندري أرجم قبل آية الجلد أم بعدها).
    وجه الدليل : أنَّه شكَّك في الرجم بقوله : كان من النبي رجم . وذلك قبل سورة النور التي فيها : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة). لمَّا نزلت سورة النور بحكم فيه الجلد لعموم الزُناة فهل هذا الحكم القرآني ألغى اجتهاد النبي في الرجم أم أنَّ هذا الحكم باقٍ على المسلمين إلى هذا اليوم؟ ومثل ذلك ، اجتهاد النبي في معاملة أسر غزوة بدر وذلك أنَّه حكم بعتقهم بعد فدية منها تعليم الواحد الفقير منهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة ثمَّ نزل القرآن بإلغاء اجتهاده كما في الكتب في تفسير قوله تعالى : (ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتَّى يثخن في الأرض).
    وجه التشكيك : إذا كان النبي قد رجم قبل نزول القرآن بالجلد لعموم الزُناة فإنَّ الرجم يكون منه قبل نزول القرآن وبالتالي يكون القرآن ألغى حكمه ويكون الجلد هو الحكم الجديد بدل حكم التوراة القديم الذي حكم به ـ احتمالاً ـ أمَّا إذا رجم بعد نزول القرآن بالجلد فإنَّه مخالف القرآن لا مفسِّراً له ومبيِّناً لأحكامه ولا موافقاً له ، ولا يصحُّ لعاقلٍ أن ينسب للنبي أنَّه خالف القرآن ؛ لأنَّه هو المُبلِّغ له والقدوة للمسلمين ، ولأنَّه تعالى قال : (قُل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عُمُراً من قبله أفلا تعقلون). والسُنَّة تفسِّر القرآن وتوافقه لا تكمِّله. وقال تعالى : (وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس) والألف واللام في ” الناس ” للعموم. وعلى أنَّهم كانوا مكلَّفين بالتوراة يُحتمل أنَّ النبي حكم بالرجم لأنَّه هو الحكم على الزانية والزاني في التوراة ولمَّا نزل القرآن بحكمٍ جديدٍ نسخ الرجم ونقضه.

    الدليل الثالث:
    أن الله تعالى بين للرجل في سورة النور أنه إذا رأى رجلاً يزني بامرأته ولم يقدر على إثبات زناها بالشهود فإنه يحلف أربعة أيمان أنه رآها تزني وفي هذه الحالة يُقام عليها حد الزنا ، وإذا هي ردت أيمانه عليه بأن حلفت أربعة أيمان أنه من الكاذبين فلا يُقام عليها الحد لقوله تعالى : (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)
    وجه الدليل : هو أن هذا الحكم لامرأة محصنة. وقد جاء بعد قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة) وحيث قد نص على عذاب بأيمان في حال تعذر الشهود فإن هذا العذاب يكون هو المذكور في هذه الجريمة والمذكور هو : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما) أي العذاب المقرر عليهما وهو الجلد . وفي آيات اللعان : (ويدرؤ عنها العذاب) أي عذاب الجلد. وفي حد نساء النبي : (يُضاعف لها العذاب) أي عذاب الجلد ؛ لأنه ليس في القرآن إلا الجلد عذاب على هذا الفعل. وفي حد الإماء : (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) المذكور في سورة النور وهو الجلد.

    الدليل الرابع:
    قوله تعالى في حق نساء النبي : (يا نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشةٍ مبينة يُضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً). عقوبة نساء النبي مضاعفة أي مائتي جلدة ، فالرجم الذي هو الموت لا يُضاعف. والعذاب في الآية يكون في الدنيا والدليل الألف واللام وتعني أنه شيء معروف ومعلوم.

    الدليل الخامس:
    قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) الألف واللام في (الزانية والزاني) نص على عدم التمييز بين الزناة سواءً محصنين أو غير محصنين.

    الدليل السادس:
    قوله تعالى : (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون). هنا ذكر حد القذف ثمانين جلدة بعد ذكره حد الجلد مائة. يريد أن يقول : إن للفعل حد ولشاهد الزور حد وانتقاله من حد إلى حد يدل على كمال الحد الأول وتمامه ، وذكره الحد الخفيف الثمانون وعدم ذكر الحد الثقيل الرجم يدل على أن الرجم غير مشروع لأنه لو كان كذلك لكان أولى بالذكر في القرآن من حد القذف.

    الدليل السابع:
    قال تعالى : (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً). الإمساك في البيوت لا يكون بعد الرجم ويعني الحياة لا الموت ؛ إذن هذا دليل على عدم وجود الرجم . وتفسير قوله تعالى : (حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً). هو أن الزانيات يُحبسن في البيوت بعد الجلد إلى الموت أو إلى التوبة من فاحشة الزنا.

    الدليل الثامن:
    قوله تعالى : (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين). هنا حرم الله الزانية على المؤمن وهذا يدل على بقائها حية من بعد إقامة الحد عليها وهو مائة جلدة ، ولو كان الحد هو الرجم لما كانت قد بقيت من بعده على قيد الحياة. وقوله تعالى : (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) لا يميز بين بكر وثيب إذ قوله (من نسائكم) يدل على عموم المسلمين ، وقوله (أو يجعل الله لهن سبيلاً) يؤكد عدم الرجم ويؤكد عدم التمييز بين البكر والثيب في الحد. وإن تابت الزانية أو الزاني فيندرجا تحت قوله : (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما). فالتوبة تجب ما قبلها.

    الدليل التاسع:
    يقول العلماء: إن الخاص مقدم على العام. ثم يقولون : والقرآن عام. ثم يقولون: وفي القرآن آيات تخصص العام. ثم يقولون: وفي الأحاديث النبوية أحاديث تخصص العام. أما قولهم بأن العام في القرآن يخصص بقرآن فهذا هو ما اتفقوا عليه وأما قولهم بأن الأحاديث تخصص عام القرآن فهذا الذي اختلفوا فيه لأن القرآن قطعي الثبوت والحديث ظني الثبوت وراوي الحديث واحد عن واحد عن واحد ولا يصح تخصيص عام القرآن بخبر الواحد.
    وعلى ذلك فإن قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) حكم عام يشمل الجميع محصنين أو غير محصنين. فهل يصح تخصيص العام الذي هو الجلد بحديث يرويه واحد عن واحد في الرجم؟ إن قلنا بالتخصيص والخاص مقدم على العام يلزم تفضيل كلام الراوي على كلام الله أو يلزم مساواة كلام الراوي بكلام الله وهذا لا يقول به عاقل ، وعليه يتوجب أن حكم الرجم ليس تخصيصاً لحكم الجلد.
    يقول شيخ الإسلام فخر الدين الرازي عن الخوارج الذين أنكروا الرجم: إن قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا) يقتضي وجوب الجلد على كل الزناة. وإيجاب الرجم على البعض بخبر الواحد يقتضي تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد وهو غير جائز لأن الكتاب قاطع في متنه بينما خبر الواحد غير قاطع في متنه والمقطوع راجح على المظنون.
    ولو أن رواة الأحاديث قد اتفقوا على الرجم والنفي (التغريب) لأمكن أن يُقال إن إجماعاً من المسلمين موجود عليهما. ولأنهم لم يتفقوا وقع الريب في قلوب المسلمينمن جهة الرجم والنفي. وفي الحديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ففي حديث: (خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه به وخلوا سبيله) أمر بالجلد ولم يأمر بالتغريب. وفي حديث الأمَة : (إذا زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بطفير) ولو كان النفي ثابتاً لذُكِر هنا مع الجلد . وروى الترمذي أنه عليه السلام جلد وغرّب ، وهذا تناقض.

    الرجم عقوبة جاهلية توارثها العرب والمسلمون وما كان لها بالقرآن صلة.
    فلقد ذكرت كلمة رجم خمسة مرات في الكتاب المقدس عن شعوب سلفت نزول التحكيم الإسلامي وهو كالآتي:
    (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) هود91
    (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) الكهف20
    (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) مريم46
    (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) يس18

  3. للفقهاء رأيان حول عقوبة الزاني المحصن هما
    رأي الجمهور ان عقوبته الرجم
    راي بعض المجتهدين ان عقوبته الجلد و سندهم عموم الاية التي اشار اليها الاستاذ ابوبكر عبد الرازق.متابعا فيه شيخه الترابي
    لا سند لاستبدال عقوبة الرجم للشنق فاما ان يقول المشرع بالقول الراجح فقهيا و هو ان العقوبة هي الرجم ،او الجلد مكائة جلدة لكن لم يقل احد من العلماء المجتهدين بالشنق بدلا عن الرجم
    الرجم عقوبة ارحم المحكوم لان الزني لا يثبت الا بالاقرار و يحق للمحكوم ان يرجع عن اقراره بالهروب اثناء تنفيذ العقوبة لان ماعز رضي الله عنه عنما هرب اثناء الرجم لحق به الصحابة فعاب عليهم سيدنا رسول الرحمة ذلك فاصبح التشريع ان الجاني لو هرب اثناء الرجم خلوا سبيله بالله في زول ممكن يتحمل الرجم حتي نهايته ؟ اكيد من اول حجرين حيجري و تنتهي القصة و تتحقق الغاية من العقوبة الرمزية و المعنوية

  4. هاكم يا علماء المسلمين الدليل على أن الرجم شريعة يهودية وليست إسلامية وأن لا عقوبة للزاني والزانية غير الجلد مائة جلدة، فقد كان الأجدر بهؤلاء العلماء ,أن كان لديهم علم، أن يطالبوا بجعل العقوبة هي الجلد فقط عوضا عغن الإصرار على أن تبديل عقوبة الرجم بعقوبة الشنق

    كشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي عن موقفه وموقف الشيخ محمد أبو زهرة من حكم رجم الزاني والزانية.
    وقال القرضاوي، خلال استضافته في برنامج “مراجعات” الذي تبثه قناة “الحوار” الفضائية، إن الشيخ محمد أبو زهرة قال في إحدى الجلسات إنه يريد أن يكشف عن رأيه في موضوع كتمه لمدة عشرين سنة، يتعلق بالرجم في حق الزاني والزانية.
    وتابع أن أبا زهرة شدد على أن حكم الرجم في الزنا شريعة يهودية أقرها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، ثم لما نزلت الآية الكريمة “سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين”، ألغت حد الرجم.
    وأضاف القرضاوي نقلا عن أبي زهرة: “ودليلي قوله تعالى (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) والرجم لا يتنصف”، وعبر القرضاوي عن تأييده لأبي زهرة مشددا على أن الرجم شريعة يهودية.

    فتوى الشيخ العلامة محمد المختار الشنقيطي بخصوص عدم مشروعية الرجم

    1. الرجم من المصائب الفقهية الكبرى في تاريخ الإسلام، وهو أبلغ مثال على التخلي عن المحكمات القرآنية واتباع الآثار المضطربة.. وإليكم البيان:

    2. تتراوح عقوبة الزنا في القرآن الكريم بين ثلاثة: جلد الزانيين: “فاجلدوا كل واحد منهما”، والإقامة الجبرية للنساء: “فأمسكوهن في البيوت”، وأذية الرجال: “فآذوهما”.

    3. تخلَّص الفقهاء من عقوبة الإقامة الجبرية للنساء، وعقوبة الأذى للرجال، بحجة أن الآيتين اللتين وردت فيهما العقوبتان منسوختين..

    4. وجاء الفقهاء بعقوبة غريبة عن روح الإسلام، ومناقضة لنص القرآن، وهي الرجم.. ففرضوها عقوبة للزاني المحصن والزانية المحصنة.

    5. وهكذا أراد الله عقوبة الزاني عذابا: (ويدرأ عنها العذاب) (ما على المحصنات من العذاب).. وجعلها فقهاءُ الرجم تقتيلا وتمثيلا، فأيهما أحسن قيلا؟

    6. بنى الفقهاء عقوبة الرجم على أحاديث مضطربة المتون، معلولة الأسانيد، مثل حديث الغامدية، وحديث الداجن، وحديث المجنونة!!

    7. جل أحاديث الرجم يتضمن طعنا في حفظ القرآن الكريم. فمن قال بالرجم فهو قائل ضمناً بتحريف القرآن -والعياذ بالله- لأن أغلب أحاديث الرجم تفيد ذلك!

    8. مثال1: حديث الداجن:”لقد نزلت آية الرجم والرضاعة فكانتا في صحيفة تحت سرير فلما مات رسول الله (ص) تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها”

    9. مثال2: “قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي” [متى كان عمر مجاملا للناس في القرآن؟]

    10. مثال3: “كم تقرؤون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط! لقد رأيتُها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم”

    11. من غرائب أحاديث الرجم الأثر الذي يقول “أتيَ عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم ” حتى أقنعه علي بتركها!! ? أبو داود وأحمد

    12. هنالك خلاف في أسانيد هذه الأحاديث، لكن العلل في متونها أكبر، وأسوأ تلك العلل الطعن الضمني في حفظ القرآن، والمناقضة الصريحة لمضامينه

    13. من أمثلة اضطراب أحاديث الرجم: أنها جعلت عقوبة المحصنة الرجم حتى الموت، والقرآن جعل عقوبة المحصنة تُنصَّف. فهل يوجد نصف موت؟!

    14. قصة الغامدية محشوة بالتناقض والغموض، وأوله تضارب الروايات هل المرأة المرجومة غامدية أم جهنية، وهل هي قصة واحدة أم قصتان…الخ

    15. حديث الداجن المروي عن عائشة رضي الله عنها قال عنه العلامة المحدّث الجوزقاني في كتابه (الأباطيل والمناكير) إنه حديث باطل..

    16. أطبق علماء المعتزلة على إنكار الرجم منذ القديم.. وقد أصابوا في ذلك وأحسنوا إذ تثبثوا بالقرآن واطّرحوا الآثار المناقضة له

    17. كل من له ذوق في العربية وقرأ قول تعالى بعد فرض الجلد: (ولا تأخذكم بهما رأفة) عرف أن الجلد قاس بما يكفي ولا عقوبة للزنا أقسى منه

    18. يستبشع المقلدون رد أحاديث الرجم الواردة في البخاري ومسلم، ولا يعرفون أن الدارقطني رد 200 من أحاديثهما، ورد ابن تيمية والألباني بعضها

    19. أنكر الشيخ محمد أبو زهرة ? وهو أعلم الناس بالفقه ومدارسه في القرن العشرين عقوبة الرجم، واعتبرها تشريعا يهوديا لا إسلاميا.

    20. الخلاصة: لا رجم في الإسلام، ولا عقوبة للزنا إلا ما نص عليه محكم الكتاب من جلد للزانيين، أو الإقامة الجبرية للمرأة الزانية، والأذى للرجل الزاني.

    ورد الدكتور مصطفى محمود في أحد مقالاته في جريدة الأهرام تسعة أدلَّة تُثبت عدم وجود عقوبة الرجم في الإسلام ، وقد نقلها الاستاذ الدكتور أحمد حجازي السقَّا في كتابه ” لا .. رجم للزانية “.
    ولنتعمَّق في هذه البراهين التي تتوافق مع القرآن والعقل:

    الدليل الأوَّل:
    أنَّ الأمَة إذا تزوَّجت وزنت فإنَّها تُعاقب بنصف حدِّ الحُرَّة ، وذلك لقوله تعالى : (ومن لم يستطع منكم طَولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمِن ما ملكت أيمانُكُم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ فانكحوهنَّ بإذن أهلهنَّ وآتوهنَّ أجورهنَّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متخذات أخدانٍ فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنَّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم والله غفورٌ رحيم). والرجم لا ينتصف. وجه الدليل من الآية : قوله : (( فإذا أُحصِنَّ )) أي تزوَّجن (( فعليهنَّ نصف ما على المحصنات )) أي الحرائر. والجلد هو الذي يقبل التنصيف ، مائة جلدة ونصفها خمسون ، أمَّا الرجم فإنَّه لا ينتصف ؛ لأنَّه موت وبعده قبر ، والموت لا ينتصف.

    الدليل الثاني:
    أنَّ البخاري روى في صحيحه في باب رجم الحُبلى : (عن عبد الله بن أبي أوفى أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامديَّة . ولكنَّنا لا ندري أرجم قبل آية الجلد أم بعدها).
    وجه الدليل : أنَّه شكَّك في الرجم بقوله : كان من النبي رجم . وذلك قبل سورة النور التي فيها : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة). لمَّا نزلت سورة النور بحكم فيه الجلد لعموم الزُناة فهل هذا الحكم القرآني ألغى اجتهاد النبي في الرجم أم أنَّ هذا الحكم باقٍ على المسلمين إلى هذا اليوم؟ ومثل ذلك ، اجتهاد النبي في معاملة أسر غزوة بدر وذلك أنَّه حكم بعتقهم بعد فدية منها تعليم الواحد الفقير منهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة ثمَّ نزل القرآن بإلغاء اجتهاده كما في الكتب في تفسير قوله تعالى : (ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتَّى يثخن في الأرض).
    وجه التشكيك : إذا كان النبي قد رجم قبل نزول القرآن بالجلد لعموم الزُناة فإنَّ الرجم يكون منه قبل نزول القرآن وبالتالي يكون القرآن ألغى حكمه ويكون الجلد هو الحكم الجديد بدل حكم التوراة القديم الذي حكم به ـ احتمالاً ـ أمَّا إذا رجم بعد نزول القرآن بالجلد فإنَّه مخالف القرآن لا مفسِّراً له ومبيِّناً لأحكامه ولا موافقاً له ، ولا يصحُّ لعاقلٍ أن ينسب للنبي أنَّه خالف القرآن ؛ لأنَّه هو المُبلِّغ له والقدوة للمسلمين ، ولأنَّه تعالى قال : (قُل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عُمُراً من قبله أفلا تعقلون). والسُنَّة تفسِّر القرآن وتوافقه لا تكمِّله. وقال تعالى : (وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس) والألف واللام في ” الناس ” للعموم. وعلى أنَّهم كانوا مكلَّفين بالتوراة يُحتمل أنَّ النبي حكم بالرجم لأنَّه هو الحكم على الزانية والزاني في التوراة ولمَّا نزل القرآن بحكمٍ جديدٍ نسخ الرجم ونقضه.

    الدليل الثالث:
    أن الله تعالى بين للرجل في سورة النور أنه إذا رأى رجلاً يزني بامرأته ولم يقدر على إثبات زناها بالشهود فإنه يحلف أربعة أيمان أنه رآها تزني وفي هذه الحالة يُقام عليها حد الزنا ، وإذا هي ردت أيمانه عليه بأن حلفت أربعة أيمان أنه من الكاذبين فلا يُقام عليها الحد لقوله تعالى : (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)
    وجه الدليل : هو أن هذا الحكم لامرأة محصنة. وقد جاء بعد قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة) وحيث قد نص على عذاب بأيمان في حال تعذر الشهود فإن هذا العذاب يكون هو المذكور في هذه الجريمة والمذكور هو : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد مهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما) أي العذاب المقرر عليهما وهو الجلد . وفي آيات اللعان : (ويدرؤ عنها العذاب) أي عذاب الجلد. وفي حد نساء النبي : (يُضاعف لها العذاب) أي عذاب الجلد ؛ لأنه ليس في القرآن إلا الجلد عذاب على هذا الفعل. وفي حد الإماء : (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) المذكور في سورة النور وهو الجلد.

    الدليل الرابع:
    قوله تعالى في حق نساء النبي : (يا نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشةٍ مبينة يُضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً). عقوبة نساء النبي مضاعفة أي مائتي جلدة ، فالرجم الذي هو الموت لا يُضاعف. والعذاب في الآية يكون في الدنيا والدليل الألف واللام وتعني أنه شيء معروف ومعلوم.

    الدليل الخامس:
    قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) الألف واللام في (الزانية والزاني) نص على عدم التمييز بين الزناة سواءً محصنين أو غير محصنين.

    الدليل السادس:
    قوله تعالى : (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون). هنا ذكر حد القذف ثمانين جلدة بعد ذكره حد الجلد مائة. يريد أن يقول : إن للفعل حد ولشاهد الزور حد وانتقاله من حد إلى حد يدل على كمال الحد الأول وتمامه ، وذكره الحد الخفيف الثمانون وعدم ذكر الحد الثقيل الرجم يدل على أن الرجم غير مشروع لأنه لو كان كذلك لكان أولى بالذكر في القرآن من حد القذف.

    الدليل السابع:
    قال تعالى : (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً). الإمساك في البيوت لا يكون بعد الرجم ويعني الحياة لا الموت ؛ إذن هذا دليل على عدم وجود الرجم . وتفسير قوله تعالى : (حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً). هو أن الزانيات يُحبسن في البيوت بعد الجلد إلى الموت أو إلى التوبة من فاحشة الزنا.

    الدليل الثامن:
    قوله تعالى : (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين). هنا حرم الله الزانية على المؤمن وهذا يدل على بقائها حية من بعد إقامة الحد عليها وهو مائة جلدة ، ولو كان الحد هو الرجم لما كانت قد بقيت من بعده على قيد الحياة. وقوله تعالى : (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) لا يميز بين بكر وثيب إذ قوله (من نسائكم) يدل على عموم المسلمين ، وقوله (أو يجعل الله لهن سبيلاً) يؤكد عدم الرجم ويؤكد عدم التمييز بين البكر والثيب في الحد. وإن تابت الزانية أو الزاني فيندرجا تحت قوله : (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما). فالتوبة تجب ما قبلها.

    الدليل التاسع:
    يقول العلماء: إن الخاص مقدم على العام. ثم يقولون : والقرآن عام. ثم يقولون: وفي القرآن آيات تخصص العام. ثم يقولون: وفي الأحاديث النبوية أحاديث تخصص العام. أما قولهم بأن العام في القرآن يخصص بقرآن فهذا هو ما اتفقوا عليه وأما قولهم بأن الأحاديث تخصص عام القرآن فهذا الذي اختلفوا فيه لأن القرآن قطعي الثبوت والحديث ظني الثبوت وراوي الحديث واحد عن واحد عن واحد ولا يصح تخصيص عام القرآن بخبر الواحد.
    وعلى ذلك فإن قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) حكم عام يشمل الجميع محصنين أو غير محصنين. فهل يصح تخصيص العام الذي هو الجلد بحديث يرويه واحد عن واحد في الرجم؟ إن قلنا بالتخصيص والخاص مقدم على العام يلزم تفضيل كلام الراوي على كلام الله أو يلزم مساواة كلام الراوي بكلام الله وهذا لا يقول به عاقل ، وعليه يتوجب أن حكم الرجم ليس تخصيصاً لحكم الجلد.
    يقول شيخ الإسلام فخر الدين الرازي عن الخوارج الذين أنكروا الرجم: إن قوله تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا) يقتضي وجوب الجلد على كل الزناة. وإيجاب الرجم على البعض بخبر الواحد يقتضي تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد وهو غير جائز لأن الكتاب قاطع في متنه بينما خبر الواحد غير قاطع في متنه والمقطوع راجح على المظنون.
    ولو أن رواة الأحاديث قد اتفقوا على الرجم والنفي (التغريب) لأمكن أن يُقال إن إجماعاً من المسلمين موجود عليهما. ولأنهم لم يتفقوا وقع الريب في قلوب المسلمينمن جهة الرجم والنفي. وفي الحديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ففي حديث: (خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه به وخلوا سبيله) أمر بالجلد ولم يأمر بالتغريب. وفي حديث الأمَة : (إذا زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بطفير) ولو كان النفي ثابتاً لذُكِر هنا مع الجلد . وروى الترمذي أنه عليه السلام جلد وغرّب ، وهذا تناقض.

    الرجم عقوبة جاهلية توارثها العرب والمسلمون وما كان لها بالقرآن صلة.
    فلقد ذكرت كلمة رجم خمسة مرات في الكتاب المقدس عن شعوب سلفت نزول التحكيم الإسلامي وهو كالآتي:
    (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) هود91
    (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) الكهف20
    (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) مريم46
    (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) يس18

  5. يا جماعة آية واحدة في كتاب الله تحسم كل هذا الجدل:

    أول آية في سورة النور و هي التي احتوت علي عقوبة جلد الزاني ( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون )

    ما أسرع مانسي الناس كلام الله و انخرطوا في جدل عقيم و تشريعات ظنية واهية مبنية علي كتب السلف و صاروا كأهل الكتاب (و تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) و لا حول و لا قوة الا بالله.

  6. يا جماعة آية واحدة في كتاب الله تحسم كل هذا الجدل:

    أول آية في سورة النور و هي التي احتوت علي عقوبة جلد الزاني ( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون )

    ما أسرع مانسي الناس كلام الله و انخرطوا في جدل عقيم و تشريعات ظنية واهية مبنية علي كتب السلف و صاروا كأهل الكتاب (و تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) و لا حول و لا قوة الا بالله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..