الروائي الجنوب سوداني ارثر غابريال في حوار الجرأة والاجابات المباشرة

الوطن: أحمد يعقوب
الحوار مع الروائي والقاص ارثر غابريال يعد متعة ما بعدها متعة فهو يتميز بالجرأة والاجابات المباشرة التي لا تحتمل التنميق والتلفيق، الكتابة لديه فعلُ وجودٍ، الحدث والمكان بطلان لنصه الروائي، والسخرية المرّة سيدة الموقف، يتميز بنزوعه نحو الأسطورة والواقع واقتباسه من الموروث الشعبي ، فجنوب السودان ثريٌّ بموروثه الثقافي وتنوعه الكبير مطعماً ذلك آماد الواقع ، يتدفق السرد بعناقيد من رموز خيالية وواقعية تأخذ الواقعية السحرية فيه ابعادها الجميلة و تعانق تدفقات من واقع شرسٍ، يكتب مروياته بخيال خصب مستلهماً واقع تجاربه الثرة وكذا خبرته الكبيرة في القص،ثمة أنفاس من أرواح قابعة في رحم الغيب وأخرى متدلية من غيوم القهر يصهرها جوع ولوعة واشتياق إلى آفاق تشرق منها لؤلؤة الأمل. ما تحسه في نصوصه الروائية مثل تدفق مياه عاصفة تحت أرض رخوة،توشك بالانفجار إلا أنها تنثني نحو مجاري تصب في بؤرة يتجمع فيه التوق لزحزحة جدار شاهق من العنت والأسى ، مهموم بالفعل اليومي ومنحاز لقضايا المواطن البسيط ، متمرداً وخالقاً في الان نفسه سلطة لنصوصه في هذا الحوار يعانقنا ارثر بكامل اناقة نصوصه.
في بداية إعدادي لهذا الحوار الح علي سؤالا ، وهو أنني سوف احاور طبيبا بيطريا وروائيا ، يشرح الاجساد كما يشرح نصوصه ، لماذا أتجه معظم الاطباء الى الحياة الادبية ، مستدعيا في الان ذاته من هو آرثر غابريال؟
لا أعرف إن كان معظم الأطباء قد اتجهوا إلى الحياة الأدبية، لكني أعرف أنهم قلة مقارنةً بغير الأطباء منهم. يفترض أو يلمح معظم الذين يطرحون سؤال وجود الطبيب في الحقل الابداعي، أن حياته يجب أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالطب فقط، متجاهلين في الوقت ذاته أن الطبيب- مثله مثل خريج التجارة أو القانون أو الاقتصاد- قد يكون لديه اهتمامات أخرى كالعزف، والرسم، والشعر، وكتابة الرواية والقصة، وكل ما لها علاقة بالإنتاج الإبداعي. جميعنا نُدرك أن كليات الآداب لا تُخرِّج أُدباء، الأدباء يأتون من كل حدبٍ وصوب بما فيها الكليات العلمية والطبية. دراسة الطب يتطلب من الدارس أن يكون له خيال خصب كي يتخيّل الكائنات الدقيقة والأمراض الناتجة عنها، حتى قبل أن يُجري التحاليل الدقيقة لتشخيص المرض والوصول إلى العلاج المناسب.
أعتقد أن مثل هذا الخيال الخصب يمكن توظيفه في العمل الابداعي، وقد فعل ذلك أطباء، وأجادوه صنعًا، سواء أن كان على المستوى العالمي أو الاقليمي، أو على المستوى المحلي كما نرى في حالة الطبيب الروائي والشاعر بوي جون، والطبيب والشاعر الانسان مرهف الحس قرنق توماس، والصيدلانية المبدعة القاصة استيلا قايتانو، وطالب الطب الذي سيكون له شأن في كتابة القصة القصيرة مستقبلاً الشاب ملوال دينق، والصيدلاني الشاب، سايمون فال، الذي يمتلك مقدرات نقدية لا يستهان بها.
أليس هناك حدثا ما زلزل كيانك ، مما أوحي اليك بفكرة الكتابة لتفجير الطاقات الكامنة، مما يقودني الى الكتابة نفسها كفعل تمرد؟
في فترةٍ ما، وأنا طالب في الجامعة، شعرت بأن قراءاتي الأدبية الكثيرة منذ أن تعلمت القراءة وأنا صغير وشغفتُ بها، ثم تعمقتُ فيها أكثر وأكثر إلى أن وصلت الجامعة حيث كانت الكتب الأدبية التي ألتهمها أضعاف أضعاف الكتب العلمية الخاصة بالطب، شعرتُ بأن في إمكاني كتابة مثل القصص التي أقرأها وربما أفضل منها، وقد فعلت، لكن ليس بالطبع أفضل من التي قرأتها، على الأقل، حتى الآن. هل يمكن تسمية هذا الشعور بالزلزال؟ ربما! أو ربما تراكمت تقنيات كتابات القصة وحيلها جراء الاطلاع الكثير، فانبثقت الرغبة في الكتابة وفرضت نفسها بعد ذلك، الكتابة كسلطة وليست فعل تمرد.
هل يمكنني القول ان الكينونة هي اوسع وأغنى مما أنت عليه ، هل تشعر بضرورة الخروج من جلدك وتصفية ذهنك من الرواسب الفكرية والعقائدية ، أعني كيف تصف نفسك وهويتك الذاتية؟
على الكاتب الخروج من جلده وتجريد نفسه من الرواسب الفكرية والعقائدية والاثنية وكل الرواسب التي تجعل منه قزم داخل حوش اثنينه أو سجين فكره. هذا بالطبع، لا يعني ألّا ينحاز الكاتب إلى القضايا العامة التي تمس الإنسان والإنسانية. يشغلني، بصورة يومية، المعاناة والاضطهاد والظلم التي يواجهها شعبنا على رأس كل ساعة، وتلك تجعل كتاباتي تنحاز إلى تلك الفئة. موضوع الهوية هذا لا يشغلني كثيرًا بقدر ما يرهق عقلي أسئلة من شاكلة ما المخرج لهذا الشعب من الورطة الكبيرة التي وجدت نفسها فيها بعد سنواتٍ من النضال وضنك العيش والفقر والتشرد.
عانت القارة السوداء ولم تزل تعاني من عدة اشكاليات متعلقة بذاكرتها الشفاهية ذات الصلة بالحكي والمرويات وحتى التاريخ نفسه ، اي بمعنى هنالك تكاسل ما في التوثيق وجنوب السودان واحدة من الحالات ، الام ترد ذلك؟
تعاني جنوب السودان من ذات المعضلات التي تعاني منها معظم الدول الافريقية، لا سيما في مجال الطباعة. لا توجد في دولتنا، حتى الآن، مطبعة وطنية يمكن الاعتماد عليها في طباعة الكتب، لذا لا يمكن لأي مجهود توثيقي أن تذدهر في غياب المطابع. أضف إلى ذلك عدم وجود دار للوثائق بمواصفات يمكن أن يلجأ إليها الباحثين كي تساعدهم في كتابة التاريخ وتوثيقه بصورة أكثر نزاهةً. كلنا نعلم أن جنوب السودان ورثت إقليم يفتقر إلى الكثير من المؤسسات التي يمكن الاعتماد عليها في شتى المجالات، حتى تلك التي كانت موجودة قبل الاستقلال لم تكن في مستوى يليق بدولة، فلقد كانت أشباح مؤسسات، وبالتالي يتطلب إعادة بناء مرةً أخرى.
اللغة كحامل للثقافة، لانستطيع ان نفكر خارج جغرافية اللغة ومعطياتها، مما يطرح اشكالية الكتابة في بلد منقسم على ذاته لغويا، أعني النخبة تتحدث الانجليزية وهناك فئة تتحدث العربية وفئة( عربي جوبا)أعني طريقة ايصال المحتوى المكتوب الى الجمهور المنقسم على نفسه؟
الترجمة هي الحل لهذه المعضلة. نحن الآن نقرأ- على سبيل المثال- أدب أسباني، وياباني، وفرنسي والآداب المكتوبة بلغات أخرى، باللغة الانجليزية أو العربية. على الكاتب أن يكتب باللغة التي يُجيدها، وهو غير مسئول عن ترجمة أعماله إن لم يجد من يترجم له. المسألة عندنا ليس مسألة النخبة التي تتحدث الانجليزية وأخرى تتحدث العربية، المسألة هنا هي كيفية جعل النخبة الانجليزية تقرأ الأدب، وتقرض الشعر، وتستمتع بالروايات، وتتذوق المسرح المكتوب باللغة الانجليزية التي تُجيدها. إذا قمنا بمقارنة بسيطة بين الفئتيين- فئة الانجليزية والعربية- عن من يعرفون غابرييل غارسيا ماركيز أو بورخيس أو نجيب محفوظ أو شينوا أشيبي أو حتى أديب عالمي آخر، لوجدت قُراء العربية مطلعين على معظم أعمال الذين ذكرتهم وأكثر، أما في الفئة الأخرى، فقد تجد الكثيرين منهم الذين لم يسمعوا بتلك الأسماء أصلاً. أنا لا أقول ذلك لأنني أكتب بالعربية، فأولى محاولاتي الروائية كانت باللغة الانجليزية، لكني أقولها عن تجربة شخصية. إذن الأمر هنا لا يتعلق بالترجمة، فقط، بقدر ما يتعلق بكيفية جعل الناس يحبون القراءة والإطلاع باللغة التي يعرفونها، أولاً.
نصك في القصة ( لا يهم فانت من هناك)نص مخاتل أو هكذ بدا لي نص يريد قول كل شئ ولا شئ، ثمة سؤال وهو الرحيل حول الامكنة ، هل توثق المشاهد البصرية في البنية السردية؟
لا أفهم ما المقصود بنص يريد قول كل شئ ولا شئ! هذا النص قال الكثير، ومن الأفضل للقارئ قراءته بدلًا من أن يتحدث عنه كاتبه. المشاهد البصرية للأمكنة تساعد كثيرًا في الكتابة الأدبية، والأمكنة عندي مرتبطة بالشخوص التي تتحرك فيها، أي لا معنى للأمكنة في غياب شخوص الرواية.
أيصح دائماً قتل المؤلف ليبقى النص مدافعا عن شروط بقائه ام بالامكان استخدام مختلف التقنيات لقراءة نص ما ؟ومن ضمنها وجود المؤلف كشرط لوجود اثر مكتوب؟
أنا أتفق مع رولان بارت في نظرية قتل المؤلف أي عدم دمج قصدية المؤلف وسيرة المؤلف لتأويل النص. فما يقصده المؤلف ليس بالضرورة هو ما يقصده النص الذي يختلف تأويله من قارئ إلى آخر. فلا يمكن لتأويلات عديدة لذات النص أن تكون هي ما قصدها المؤلف. فعندما أقرأ “مدام بوفاري” مثلاً فأنا اعتمد قصدية النص حسب تأويلي أنا وليس قصدية جوستاف فلوبير التي يصعب الوصول إليها.
روايتك (يوم انتحار عزرائيل )خضعت لاكثر من تأويل ما بين متفق على ما جاء فيها وبين أخرين يرون أنك كنت متحاملاً ونشرت غسيل الوطن للعالم؟
وهل يحتاج هذ الغسيل الذي أصبح معلقًّا على أكتافنا، يراه العالم أينما ذهبنا، وأينما أخرجنا جوازات سفرنا، إلى مجرد رواية لنشره؟ بالطبع القارئة/القارئ يعرف الاجابة لهذا السؤال. أسعدتني التأويلات الكثيرة للنص، وهذا يصب في مصلحة الرواية.
نصك مغرق في الدمار والهدم ، وثمة تشظي لذوات الشخوص في الرواية ،أعني استدعاء المخيلة وحياكتها ،أكنت معايش لواقع كهذا؟
نعم عشت جزءً من الواقع وزرتُ مكانًا في جوبا أُزهِقَتْ فيه أرواح أبرياء، وأجريت مقابلات كثيرة مع أفراد نجوا من مجازر بور وبنتيو. ما حدث، يا سيدي، كان بشعًا للغاية وقد قمت بتخفيف تلك البشاعة، والموت، والهدم بتخييل الأحداث. الحرب سيئة جدًّا. وما حدث كان سيئًا وشنيعًا أشنع مما بدأ في الرواية، وإلا إذا كنا نرى أن مـا حدث في 2013 وبدايات 2014 كانت مجرد نزهة ترفيهية وليس دماراً للإنسانية والإنسان.
ارى انك تدخلت في توجيه شخصية بطل الرواية(فرانكو)حيث كان بامكانه التكفير عن خطاياه دون الانتحار وهل انتحر لانه كان من اثنية اخرى؟
بالنسبة للجزء الأول من سؤالك القائل بأنني تدخلت في توجيه شخصية بطل الرواية حيث كان بامكانه الكفارة عن خطاياه دون الانتحار، فما يحدث أحيانًا أثناء الكتابة، هو العكس تماماً، فبدلًا من أن يوجه الكاتب شخوصه في العمل، تجدهم، دون ادراك منك، بأنهم يوجوهونك إلى مسارات لم تكن قد خططت لها أثناء الكتابة. الكفارة، كما أعرفها، لها جزئين: جزء للإسترضاء وجزء للتصالح.. فلربما حاول فرانكو العسكري إرضاء فرانكو الانسان بتقديم نفسه كذبيحة للتصالح مع نفسه كما كان يفعل القدماء في تقديم ذبائح لإرضاء الرب والتصالح معه.
هذا الوضع البائس الذي نعيشه يا أخي، هو وضع انتحاري بامتياز.. وضع يجعل الآخر ينظر إلى انتحار الجنرال فرانكو بنوع من الغيرة لأنه امتلك الشجاعة في أن يصوِّب فوهة بندقيته لينهي الماسأة التي عاشها ويعيشها الكثيرين بجُبنٍ منقطع النظير. إنَّ أبسط الكلمات التي يزعق بها البشر- ربما بجهلٍ تام أو بعمدٍ- مثل “أوييي أويييي”، كافيًّا بأن يجعل المرء يتذكر كل البلايا، والفساد، وكل الموت، والقهر، والفقر، والاضطهاد، والقبلية التي أصبحت سرطانًا تنخر كل عضوٍ في جسد الوطن.. ألا يكفي هذا لأن يضع الإنسان حدًّا لحياته؟ لا أعلم إن كان فرانكو قد أنهى حياته لأنه اكتشف مؤخراً بأنه ليس فرانكو الذي كان يعرفه لأكثر من أربعة عقود! أو ربما، كما قال أحدهم: أن فرانكو شعر بأن مهمته كـ عزرائيل قد انتهى! هل هذا صحيح؟ ربما، فأنا لا أعلم.
أدرك أن الحكي هو فن الكائن المقهور للخروج من ذاته سعيا وراء الحرية ،هل تعتقد أن جرمابا ووليم كانو (يمارسون) الحكي سعيا وراء الحرية؟
الحكي هو فن كل البشرية بدايةً من الحكايات الشعبية التي تُروى عند المجتمعات الريفية لدى القبائل في القرى للمؤانسة والامتاع والترفيه، أو لنقل معلومات ثقافية تخص القبيلة من جيل إلى آخر لتحتفظ بها الذاكرة الجماعية، أو قد تكون الحكاية بغرض تعليم بعض العادات للنشء، وتلقينهم الأمثال والحكم لا سيما في حكايات وقصص الحيوان الهزلية المضحكة. جرمايا ووليم هما شخصيتان روائيتان تتحركان في متن الحكاية أو الرواية وفقًا للأدوار الثانوية التي كانا يقومان بها، لكنهما لا يقومان بالحكي. كانت العلاقة بينهما متنافرة على الدوام، لذا كانت الحوارات التي تدور بينهما هي حوارات سجاليّة يحاول فيها كل طرفٍ النيل من الطرف الأخر والانتقاص منه والتقليل من شأنه.
أصدقك القول كان نصك مدهشا ومترعا في الان ذاته ، واشبه بنقل مباشر لما جرى ، مما يطرح اشكالية كتابة (التخييل التاريخي)من زواية الاستدعاء للزمكان وتوظيفه في العمل الروائي ، كيف يتم ذلك؟
ما قمت به هو الاتيان بشخصيات متخيّلة وانزالها في إطار واقعي وجعلها تتحرك وفقاً لأحداث تاريخية وقعت في ثلاثة أمكنة، تلك الأحداث التي تُمثل البنيات الأساسية ل “يوم انتحار عزرائيل”. فكاتب الرواية التاريخية يقوم بتخييل الأحداث التاريخية وخلق شخوص تُنفذ تلك الأحداث، عكس المؤرخ الذي يعتمد اعتماداً كليًّا على مصادر ومراجع لدعم حقائق التاريخ المراد كتابته. أهم ما في الرواية التاريخية، وذلك بحسب جورج لوكاش الذي أخذ من هيغل فكرة “المفارقة التاريخية الضرورية” وأدرجها في سياق الجدلية بأن يقول: إنَّ الرواية لا تكون تاريخيّة إلّا إذا حملت من زمن كتابتها مشاغله الأساسيّة وقضاياه الراهنة. هل حملت “يوم انتحار عزرائيل ” مشاغل زمن كتابتها الأساسية وقضاياه الراهنة؟ أتمنى ذلك.ك؟
عند الحديث عن عناصر ومقومات العمل السردي تقفز الى الذهن عناصر ثابتة مثل توزيع اقسام الحبكة، واقامة التوازن بين الوصف والسرد وتنظيم المتواليات القصصية هل تكفي هذه العناصر لخلق عمل قصصي متماسك؟
بجانب هذه العناصر التي ذكرتها، وعناصر أخرى كثيرة، هي فعلاً مهمة لخلق عمل قصصي. الأمر هنا أشبه باحضار مواد بناء من طوب واسمنت ورمل، وطلاء، وسيراميك، ونوافذ وأبواب جميلة، لبناء قصر جميل. بالطبع، كل هذه العناصر لا تكفي لبناء قصر جميل في عدم وجـود مهندس معماري مبدع يعرف كيف يجعل من تلك الأشياء قصرًا يجعل كل من يراه يفغر فاه دهشةً.
اذا كانت الحكاية المكتوبة لا تملك امكانية الحوار المباشر كالحكاية الشفهية ، هل بالامكان عقد اتفاق ضمني مع القارئ من خلال ما يمكن ان نسميه قواعد القراءة الخاصة بكل عمل ادبي؟
يحث القارئ بأن ما يقرأه هو Novelistic Pact – هناك ميثاق لا ينتبه له الكثيرين يسمى “ميثاق روائي”
عمل روائي خيالي وليس واقعي، ويتم ذلك دائماً بأن يكتب في غلاف الكتاب كلمة “رواية”، وهذا، رغم ذلك لا يمنع بعض القراء من ربط شخوص الرواية بشخوص حقيقية. قد يحدث أحياناً أن يأتي المؤلف بأسماء شخوص رحلوا عن دنيانا أو على قيد الحياة وتخييل حوادث أو أفعال يقومون بها، لكن لا يمكن إعتبارها عمل واقعي طالما أنه يحقق شروط العمل التخييلي الروائي.
شخصية فرانكوفي الرواية تشبه الجنرال فرانكو في اسبانيا حيث قاد الحرب الاهلية هناك أهو محض صدفة ان تتشابه الاسماء والافعال وتختلف الجغرافيا والازمنة؟
التشابه يمكن أن يكون في الاسم والرتبة العسكرية، ولكن لماذا تتكبد مشاق المضي إلى ما وراء البحار لتنبش عن فرانكو الدكتاتور الوقح في التاريخ الأسباني؟ ما تحتاجه، فقط، هو أن تنظر حولك، فهنالك العشرات والعشرات الجنرالات الذين لا يشبهون فرانكو أو عزارئلنا في أفعاله فحسب، بل يكاد ينافسوه وقد نالوا لقب عزرائيل بجدارة أكثر من فرانكو الضحية التي إن وجدت بين دفتي الكتاب.
أحدى عباراتك في الرواية (عندما يعيد التاريخ نفسه هذا يعني اننا لم نقرأه جيدا) ماذا عنيت بهذا القول؟
العبارة تقول: عندما يُعيد التاريخ نفسه فلا بد من وجود غباء في مكانٍ ما. المقصود هو عندما نعيد (نحن) ذات الأخطاء التي وقعت في الماضي، فلا بد من وجود غباء في مكانٍ ما. هذا الـ (مكانٍ ما) هو عقولنا وليس مكان موجود في الفضاء الخارجي. بمعنى أننا أغبياء لأننا لم نتعلم من دروس الماضي والأخطاء التي ارتكبناها آنذاك، وما زلنا نرتكبها إلى يومنا هذا، دون أن نتوقف برهةً، ودون أن يرف لنا جفنٍ أو نخجل بأننا نعيد تدوير ذات الأخطاء القديمة. أليس هذا غباء؟
على الجانب الاخر تطرح الرواية اسئلة وجودية وفلسفية عميقة مثل كيفية التخلص من الكوابيس المرعبة التي تنتجها الحروب وعن اشكالات السلام،والافرازات النفسية كالصدمات وغيرها، كيف يمكن للادب ان يساهم في حل مثل هذه الاشكالات؟
مساهمة الأدب هي في اظهار سلبيات الحروب والآثار النفسية والمادية الناتجة عنها ليتجنبها الناس بقدر الإمكان.
ثمة تشابه في البنية السردية لروايتك فهي تذكرني برواية( الجنرال في متاهته )هل تأثرت بالروائي غارسيا ماركيز؟
تأثرت بروائيين كثيرين من ضمنهم غارسيا ماركيز الذي هو، بحق، مدرسة روائية لا يمكن تجاهلها أبدًا.
هل هناك مشاريع لكتابات اخرى تشتغل عليها؟
لدي عمل روائي جديد سينشر في الشهور القادمة، ومجموعة قصصية جديدة ستنشر أيضًا.
أعطيك كلمة أخيرة قل ما تشاء وانا استمع اليك؟
أرجو أن أكون عند حسن ظنكم.