في ذكري الخروج من السجن القسري !

ايليا أرومي كوكو
أجمل وأطيب كلمات العزاء والسلوي : نمارق جورج عباس كودي
في ذكري يوم الخروج من السجن
الكلمات ادناه هي الكلمات التي ابكتني في ذكري يوم الخروج من السجن في 24 / 4 / 2022 م
( Namarig Kodi )
عمو إيليا ربنا عندوا قصد عشان ما انت تدخل السجن وانا متأكد الخدمة الانت قمت بيها اكيد نفوس كثيرة اتغيرت .
ربنا يستمر ببركاتو ليك .ما تنسي الهنا امين وعادل .
نمارق جورج عباس كودي
لقد ظنت يا بنتي نمارق بأن مأقي أعيني قد جفت من الدموع .
فقد زرفت في الماضي القريب والبعيد الكثير من الدموع التي أدمت أعيني
لكنني اليوم عدت مجدداً لأزرفت دموعاً ثخينة وساخنة غسلتني وطهرتني .
اليوم لم يكن بحسباتي انني سأبكي مجدداً اذ قلت للدموع كفي يا عيونيي دموع .
الا ان كلمات بنتي في الذكري المنسية قلبت المواجع وانعشت المدامع .
اليوم تمر الذكري الثالثة لخروجي من السجن بتهمة التزوير والاحتيال .
عامين انقضوا بعد الخروج من السجن بتهم الانتماء لشبكة عصابة مختصة تزوير واحتيال في الاراضي .
وها انا حتي اليوم لا زلت ابحث في شوارع وأزقة الابيض ودهاليزها عن شخص واحد فقط من بين مئات الاشخاص قيل : أنهم أتهموني بأحتيالهم .
شكراً لك ابني اسماعيل أبراهيم حمد والشكر موصول الي كل الذين وقفوا معي في وقت من أوقات تلك المحنة الازمة . أسال الله العلي القدي أن لا يركم أيا من المحن في حياتكم .
الله بنتي العزيزة نمارق شكرآ لك بكل تأكيد كان في قصد كبير جدآ من وجودي في السجن .
وأقول يا ما في السجن من المظاليم انا لست أولهم ولن أكون أخرهم .
فقد قضينا بالحقيقة أجمل ايام عمرنا بين جدران السجن وخلف القضبان . قمنا في السجن بأمور وعشنا ايام ما كنت استطيع ان أعيشها او اقوم بها أبدا. وانا خارج السجن وقد شهدنا بالكلمة للجميع للمسيحيين حتي يثبتوا والمسلمين حتي يعرفوا والمساجين وهم الفئة ولكل العاملين في السجن . للأسف الشديد . انتي تذكريني اليوم بالجانب الايجابي الذي كثيرآ ما كنت انساه لضعفي البشري. فأنا أنسي الهدف الكبير من خطة الرب الايجابية لحياتي الايمانية أنني افكر فقط في الجانب السلبي . وهو الجانب الذي يستغلني فيه الشرير فاحاول ربما التبرير لنفسي وتجريم الآخرين مع ان الرؤية كلها كانت ولا تزال واضحة جدا. بالحقيقة يا نمارق قمنا جميعا كافراد وكنيسة في الأبيض بعمل كبير في السجن بطرق مختلفة جدآ جدآ وقدمنا شهادة كبري لا ادري كيف نسيت كل ذلك . فالاخوة السجناء تعزوا كثيرآ بوجودي وأخوتي في وسطهم وكنت لهم جميعا كأب لكبر عمري الحمدلله : وكانوا يجدوني في ضالتهم . وفي اسوا ظروفهم كانوا يجدون في شخصي الضعيف كل من يحتاجون اليه من السلوي والعزاء والنصح والارشاد .
هنا دعيني اتذكر الأخوة الاثبوبيين من جبهة التقراي وكان عددهم نحو ثلاثين فردا كلهم مسيحيين ما عدا واحد منهم كان مسلماً . عندما احضرهم ضابط السجن الي العنبر نادي باسمي وقال لي يا ايليا انت من اليوم شيخ الجماعة ديل ومسؤول منهم .
ولا اريد هنا ان اذكي نفسي بعمل قمت به لكنني اخذت الأمر بجدية جد الجد . وكنت المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة يخصهم من الأكل والشرب الي الصلاة والنوم . ومع ضيق السجن أقتسمنا كل شيئ افترشنا معهم الارض من الفراش واللحاف . وكنت المدافع عنهم كالاب الذي يدافع عن اولاده الصغار . كنت أتدخل لعبهم الخشن الذي يتحول بينهم الي مشاجرات مع بعضهم البعض او المشاجرات التي تحدث بينهم والمساجين الآخرين من السودانيين. وبالطبع السودانيين مستفزين وعنصريين حتي في السجن اذ يري البعض منهم نفسه أفضل واحسن من الاخرين في القبيلة والدين . وكنت لهم بالمرصاد .
واتذكر في أول يوم ؤلاء في السجن اتذكر ما قاله ضباط السجن في التمام المسائي قال لهم : اشتغلوا في الناس ديل وهو يعني بأن يتم استيعابهم واسلمتهم . والسجن هو أفضل مكان لاسلمة المسيحيين بأستغلال ظروف السجناء بشتي الاغراءات التي من بينها اغراءالمال والوعد بأطلاق السراح من السجن . هنا تأكد لي الأمر ووضح لي ما يجب ان أقوم به من بواجب. فكونا خلية صلاة او كنيسة صغيرة في العنبر كنا نصلي فيه كجماعة مسيحية متحدة في الصباح الباكر قبل التمام وفي المساء المتأخر قبل النوم . في البداية كان البعض منهم يتوجس ويستحي ويخجل من الآخرين . لكن فيما بعد بالتشجيع كان بعضهم يقترب منا أكثر وكان البعض يطلب ان نصلي لأجله. وكنا نتشارك كل يوم أحد في الصلوات في كنيسة السجن بحضور الكنائس في الأبيض. وتعلموا الترانيم السودانية كترنيمة صممت اني اتبع يسوع اتبع يسوع بلا رجوع . وقد تعزوا كثيرآ ونسوا محنتهم وسجنهم حتي جاء موعد اطلاق سراحهم من السجن . وقد شهدوا بأن الله والرب يسوع المسيح استجاب الصلوات.
نمارق العزيزة لقد اعطيتيني ومنحتيني فرصة لأذكر فيه أجمل ذكرياتي في السجن من شؤون وشجون وهموم . استرجعتي لي تلك الذكريات الجميلة . وتأكد لي مواعيد الله الامينة لنا وعهوده الوفية في كل الظروف . شكرآ جزيلا الغالية العزيزة نمارق جورج عباس .
لكي التحية خادمه الرب الوفية.
عاطر التحايا لكم جميعاً
لكل من أزرني اليوم. بكلماتكم الطيبة الجميلة مواقفكم الشجاعة
أحرفكم النورانية العسجدية المنمقة حباً ووداً
وأحرفكم المشبعة الغنية المعزية المواسية جداً .
شكراً لكم جميعاً أحبتي الكرام