مشاهد لآلة القمع، معتقلي النهود مثالاً

مشاهد لآلة القمع، معتقلي النهود مثالاً
بشرى قمر حسين
إن الدولة السودانية الحالية مارست القتل المباشر(بدم بارد) علي مواطنيها بمناطق الصراعات وغيرها. كما الإنتهاك بكل صوره مقننةً له القوانين التي تتعارض مع الدستور والقوانين الدولية. علي سبيل المثال لا الحصر قانون الأمن، قانون النظام العام، قانون الصحافة، قانون الطوارئ، مواد بالقانون الجنائي، قانون القوات المسلحة وقانون مكافحة الإرهاب كما إخططت لوائح لمزيد من الإذلال مثل لائحة إجراءات محاكم الإرهاب.
برغم تلك الأدوات اللا إنسانيةالرادعة التي صاغتها، لا تلتزم بها الدولة بل تمارس ما أبعد إمعاناً في عدم إحترام مواطنيها والمجتمع الدولي بكل مؤسساته (ولها الحق في عدم إحترامها). سنأخذ هنا حادثة حديثة تجلت فيها معاني الطغيان.
لقد إعتقلت السلطات بمدينة النهود مجموعة خيرة من كوادر حزب المؤتمر السوداني وطلاب آثروا إعلاء صوتهم بالحقوصحفي مثابر إشتهر بتفانيه في أداء واجبه المقدس. لا لسبب سوى أنهم مارسوا حقهم في حرية الرأي وجاهروا برفضهم لما تمارسه قوات الدعم السريع (إسم الدلع للجنجويد)، أما الصحفي فجريمته حرصه علي قول ونقل الحقيقة وأمانته المهنية التي عرف بها. لم تجد السلطات ماتجرمهم به فركنت لقانون الطوارئ، مع العلم بأن جميعهم أعتقلوا بمدينة النهود. وهنا يكمن بيت القصيد.
بنص المادة (4) من قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997، فإن إعلان حالة الطوارئ تتم بواسطة رئيس الجمهورية ويعرض علي المجلس الوطني في مدى ثلاثين يوماً ليقرر بشأنه. فأعلنت (قهراً) كل من دارفور ولاحقاً جنوب كردفان والنيل الأزرق مناطق طوارئ. وفي بداية عام 2013 أنشأت ولاية غرب كردفان مستقطعةً من جنوب كردفان وشمال كردفان. فإن سلمنا جدلاً بأن الجزء الذي أستقطع من جنوب كردفان ذهب بحالة طوارئه فإن القسم الملحق من شمال كردفان أتي من غير حالة طوارئ ولم تعلن فيه لاحقاً (إلا إذا كان سراً لا سمح الله وهذه مسألة دستورية أخرى). فبهذا المنطق لا تسري حالة الطوارئ ولا قانونها علي النهود. ولكن بطشاً سرت. والمضحك الآخر بأن والي غرب كردفان والذي كان نائب والي جنوب كردفان السابق، تصرف بهدي رئيسه السابق ومعلمه فأرسل المعتقلين لسجن الأبيض بخطاب ممهور بتوقيعه (لا السلطة القضائية ولا النيابة) يأمر بحبسهم علي ذمة قانون الطوارئ لمدة ستة أشهر. مما أعاد للذاكرة حادثة نساء كادقلي المثابرات الذين سُجِنّ لأكثر من ثمانية أشهر بنفس الإجراء. مما يعني بأنه إما إستشار معلمه أو مشى علي هديه.
نسوق تلك الحادثة لا لإثبات عدم إحترام هذه المجموعة لأدواتها القمعيه أو بإنها فقدت إحترامها لنفسها، فالكل يعلم ذلك وأكثر. ولكن، لنذكر بأن ما يحدث يتطلب منا جميعاً الوقوف في وجه تلك الآلة، ولنحي صمود أولئك الأبطال في محبسهم ونرسل لهم صوتنا بأنا نراقب ونرصد ما يحدث لهم وكلنا فخرٌ بهم. ونوجه سؤالنا للمجتمع الدولي هل يريد أكثر من ذلك؟ وأكثر من التقتيل اليومي بكل السودان ناهيك عن ما يحدث بمناطق الصراع، حتي يتحرك؟ وكلنا نعلم بأنه قادر علي إيقاف ذلك، وقضية الدكتورة مريم ليست ببعيدة.
ولنا عودة
بشرى قمر حسين
منظمة حقوق الإنسان والتنمية (HUDO)
10 يوليو 2014