مسكنات مؤلمة!!

في بلاد العجائب وزير الصحة نفسه يدق ناقوس الخطر، بعد أن بلغت ندرة الأدوية نسبة قياسية مقارنة بالسنوات الماضية بتسجيل قائمة ب 34 دواء مفقود من رفوف الصيدليات التي أصبحت هيكلاً بدون روح.

صحيح أن الاعتراف سيد الأدلة، وكون وزير الصحة كشف عن نفاد 34 صنفاً من الأدوية المنقذة للحياة أمر إيجابي، لكن أزمة ندرة الأدوية لم تبدأ اليوم حتى باتت هاجساً للمرضى، الذين يدفعون حياتهم ثمناً لقرارات غير محسوبة العواقب، ودون اتخاذ أي إجراء استعجالي لمجابهة هذه الندرة، بعد أن زحفت من الصيدليات الخاصة إلى صيدلية المستشفيات، والتي تعتبر رئة القطاع الصحي ويعني ذلك الهلاك، رغم أن أهل الاختصاص على دراية بكل كبيرة وصغيرة في المجال الطبي وملحقاته، وبذلك يواجه ملايين المرضى لاسيما المصابين بالأمراض المزمنة غصة المرض في صمت، ومنهم من يواجهون خطر تفاقم وضعهم الصحي وحتى الموت.

والدليل على ذلك الخبر الذي نشرته (الجريدة) أمس حول الانتظار الطويل للمرضى لإجراء فحوصات عن طريق الرنين المغنطيسي، وحتى الصيدليات المركزية للمستشفيات، تشهد ندرة كبيرة في الأدوية، منها الأدوية المستعجلة التي تستخدم في المستشفيات لمرضى الصرع، وبعض الأدوية التي تستعمل كذلك في غرف العناية المركزة وقسم الإنعاش، الشيء الذي أقلق المواطنين من تدهور صحة مرضاهم.

الأطباء أنفسهم متخوفون من الندرة في ظل غياب بدائل للأدوية المفقودة، حيث باتوا بين المطرقة والسندان، خاصة بعد انقطاع بعض الأدوية ولم يجدوا طريقة أخرى لعلاج المرضى، مع العلم أن غياب بعض منها يؤدي إلى الموت الحتمي والطبيب لم يعد له الخيار في وصف الأدوية، خاصة بعد أن وجد المريض نفسه في حلقة مفرغة والتنقل من صيدلية لأخرى من أجل حقنة أو أقراص أو دواء آخر، الشيء الذي قد يزيد من تأزم حالته.

المطار أصبح قبلة البحث عن الأدوية المفقودة فمعظم المرضى يبعثون بوصفاتهم إلى ذويهم من أجل الظفر ولو بعلبة من أجل العلاج خاصة أصحاب الأمراض النادرة والخطيرة، وبالتالي تجد المودع يوصي ويرسل الروشتة والمستقبل يكون كل همه استلام الدواء، ولكن ماذا عن محدودي الدخل والذين ليس لهم أقارب في الخارج فهؤلاء ينتظرون وفاتهم.

قبل أيام أعلن رئيس مجلس الوزراء وصوله لاتفاق مع أصحاب شركات الأدوية بعدم رفع السعر لأشهر، ولكن ها هو وزير الصحة يكشف عن توقف 33 شركة تعمل في الدواء عن التعامل مع الإمدادات الطبية لحين سداد المديونية البالغة 34 مليون يورو، هذه حقيقة معلومات خطيرة تشير إلى أن الأزمة تخطت النذر وتفاقمت.

هل كان رئيس الوزراء لا يدرك حجم الأزمة وأراد بث تطميناته في الهواء أم إن وزير الصحة كشف المتغطي وحتى إذا ألزم البرلمان بنك السودان بالدفع بعد استدعائه رئيس الوزراء هل هناك أموال في الخزينة تكفي للسداد، يبدو أن أزمة الاقتصاد خانقة وبلغت مداها والمكسنات ما عادت مجدية واحذروا دعوة المريض.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..