حلفا الجديدة … قضية تبحث عن حلول (4 – 4)

(الصحافة فى الشرق) … تفتح الملف المسكوت عن
(المواطنة فى حلفا الجديدة) … قضية تبحث عن حلول (الحلقة الأخيرة)
من هناك : إبراهيم عربى
أين حلفا الجديدة من (الحوار المجتمعى) ولماذا تخلفت كسلا عن رصيفاتها من الولايات وهى أحوج ماتكون للحوار المجتمعى الذى أطلقه رئيس الجمهورية ، لإنقاذ الولاية من نعراتها الجهوية وتوجهاتها القبلية الضيقة والخروج بها من ذلك النفق المظلم لأن تصبح (المواطنة) بفتح الطاء والنون هى أساس الحقوق والواجبات ، فما يجرى فى حلفا الجديدة من خلافات بين المجموعات السكانية (قضية) تبحث عن حلول … أساسها (المواطنة) وتلعب الأرض وإستخداماتها فيها رأس الرمح ، (الصحافة) من جانبها تفتح الباب واسعا لإدارة حوار بناء وهادف لمناقشة القضية الخطيرة المسكوت عنها (المواطنة فى حلفا الجديدة) … قضية تبحث عن حلول! فى (4) حلقات ، وننوه بأن ما سنأتى بها من أسماء أشخاص أو قبائل أو جهات … (للتعريف والتوضيح فقط وليس لقصد آخر) ، إنتبهوا أيها السادة (حلفا الجديدة تستغيث) … أدركوها قبل فوات الآوان .
حلفا دغيم ولا باريس
طبقا لتلك المعطيات أعلاها وأدناها لم تعد حلفا الجديدة نفسها ذات (أرض الميعاد) التى كان يحلم بها (المهجرين) الذين جاءوها دون رغبة منهم (مجبرين ومكرهين) جراء تسوية بين حكومتى السودان ومصر فكانت أرض بطانة أبوسن ضمن عدة خيارات يتم تهجير أهالى وادى حلفا إليها فكانت حلفا الجديدة الخيار ، فوجدوها بيئة تختلف تماما جغرافيا وبيئيا وأمنيا عما ألفوه هناك فى حلفا القديمة وجدوها أرضا طينية لزجة بل بيئة تكثر فيها لسعات البعوض والعقارب والحيات وغيرها فضلا عن الأمطار الغزيرة والزوابع الرعدية وتفشى أمراض الملاريا والبلهارسيا والدسنتاريا والقارضيا والبروسيلا وأخرى من الأمراض السرطانية والمزمنة والمستوطنة ، صبر منهم من صبر وإندمج فى مجتمعها ،ومنهم من عاش فى عزلة عن المجتمع بشكله الجديد وأصبح جزء من الأزمة ، بينما هجرها آخرون بسبب تدنى منسوب مياه خزان خشم القربة وتغلب شجر المسكيت على المشروع وإفتقار الأرض لخصوبتها وقلة الإنتاجية وتدنى الظروف المعيشية وتفشى الأمراض المذكورة سابقا والتى أضافت إليها الآثار الصحية للإسبستوس بعدا آخرا ، فى ظل تدنى مستوى التنمية والخدمات وتلوث البيئة علاوة على سياسات الدولة الزراعية الطاردة وتدنى الإنتاج والإنتاجية لكل ذلك هجر فئة من الناس حلفا الجديدة إلى مدن السودان المختلفة فآوتهم وأصبحوا بذاتهم جزء من نسيجها المجتمعى ولكن لازال الحنين يعاودهم ولسان حالهم يقول (حلفا دغيم ولا باريس) .
حلفا طاردة ولكنها جاذبة
فى المقابل ولخطأ تخطيط مستقبلى لم تجد مجموعات من الوافدين غير حافات الكنار والفسحات مابين القرى (الكنابى) لتتخذ منها سكنا فى ظل ظروف بيئة وطبيعية أكثر سوءاً وإنعدام كامل لخدمات (التعليم والصحة والكهرباء والمياه النظيفة) فلا زالوا وعلى مدى أكثر من (50) يشربون من الترعة مباشرة ، إلا أن ظروف الحرب والإقتتال فى دارفور وإندلاعها فى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، جعلت من حلفا الجديدة والتى إعتبرها المهجرون (طاردة) لأن تصبح (ملاذا آمنا وجاذبا) لآخرين جاءوها هربا من جحيم الحرب والفتنة القبلية وإنعدام الأمن والإستقرار والمصير المجهول ،فاستضافتهم حلفا بصدر رحب كما إستضافتهم مناطق السودان الأخرى فى الجزيرة والخرطوم والفاو أفرادا وجماعات ،إلا أن تزايد أعداد المجموعات الأخيرة الوافدة إلى حلفا الجديدة تسبب فى تمدد وإختناق وإكتاظ (الكنابى) بمساحاتها المحدودة والتى تجاوزت الـ(50) كمبو ، فجاءت فكرة تجميع هذه الكنابى فى التسعينات فى (8) تجمعات كبيرة مقننة قانونيا وبكامل خدماتها وإحتياجاتها المجتمعية ،إلا أن تباطؤ حكومة الولاية وقلة إمكانياتها وربما عدم جديتها وربما لشئ فى نفس يعقوب جعلت مستوى التنفيذ لم يتجاوز تخطيط (4) تجمعات سكنية (طيبة ، الهداية ، العمارة ، تبارك الله ) ولازالت تفتقر لكثير من المقومات الإنسانية ،فهى بحاجة لخدمات المياه والتعليم والصحة وما بذلت من جهود حكومية ضئيلة جدا فى وقت غابت فيه المنظمات الإنسانية وبرزت التساؤلات تترى أين (صندوق دعم الشرق ، صندوق تنمية المجتمع ،وكالات الأمم المتحدة ،بلان سودان ، كير ، قول وغيرها ) بينما ظلت بعضها تمارس فى حلفا الجديدة سياسة الكيل بمكيالين ، تجاوزت بعملها حدود الإنسانية لتقوية التفرقة والجهوية والعنصرية البغيضة وأصبحت بذاتها جزء من الأزمة ، بينما يعترف النائب البرلمانى بكرى ربيع بالتقصير لجملة من المبررات صاغها ويؤكد بأن المساعى مبذولة فى إتجاه تخطيط مجمعات سكنية وتزويدها بالخدمات التنموية ويؤكد النائب البرلمانى أن عمليات الحصر تسير على قدم وساق، ولكن مع الأسف الشديد أن التجمعات التى تم تخطيطها بذاتها تعانى مشكلة وخلافات حادة فى تقنينها قانونيا حيث يطالب سكانها بشهادات تقنين من الوزارة المختصة ومستندات رسمية ولهم تجارب عملية كما يؤكد كثيرون من سكان تجمع قرية (1) وقرية جابر ويقول جمعة آدم النور وآخرين بأن لديهم تصاديق من مجلس شعبى ريفى حلفا الجديدة لقطعة أرض بالقرية (10) منذ العام 1975 بينما أقدمت المحلية بمنحهم شهادات محلية من مكتب الضابط الإدارى ولكنها خدعتهم والآن أصبحوا من المطرودين المرحلين إلى (قرية جابر) ويقولون فى حسرة (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) .
تحديات مطلوبة
(قضية المواطنة ومشكلة الأرض وإستخداماتها) أصبحت تشكل هاجسا لدى الدولة والمجتمع معا ليس فى حلفا الجديدة لوحدها فحسب ،فما يحدث فى دارفور بين المجموعات السكانية فى جبل عامر والإقتتال الشرس مابين الرزيقات والمعاليا ، والحرب الدائرة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق والمشكلة فى دارالمسيرية بين بطونها ومكوناتها من جهة أخرى وأخريات كثر بولايات السودان المختلفة جميعها تولدت بأسباب التكتلات والعصبيات والجهويات والقبليات والشلليات والتى جيرتها جماعات ذات مصالح ذاتية فقادت لما آلت إليه الأوضاع فى السودان، ويتساءل بخيت موسى إبرة قائلا لماذا لا نتأسى برسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم فنحن جميعا مسلمون وأصحاب قبلة واحدة ولنا فى دولة المدينة أسوة حسنة ! ولكن تظل التحديات كبيرة أمام الدولة للقيام بواجباتها كاملة غير منقوصة لحسم مشكلة المواطنة والأرض وإستخداماتها والإجابة على الأسئلة الحائرة لمن تعود ملكية الأرض؟ ومن المسؤول عن تنظيم إستخداماتها ؟ الحكومة أم الكيانات أم الأفراد أم العشائر؟ فلابد للدولة مراجعة القوانين واللوائح ووضع تشريعات وقوانين يتم تضمينها فى الدستور المقبل لحسم مسألة (الأرض وإستخداماتها) .
الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها
قضية المواطنة فى حلفا الجديدة … قضية مجتمعية معقدة وخطيرة كما يرويها كل من القيادى إسماعيل حسن وأبو على مجذوب ومحمد عبد القادر وعثمان سليمان وآخرين كثر ولكاتب السطور فيها الكثير من الملاحظات الأمنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية التى عشتها وعايشتها شخصيا وعلى مدى (8) سنوات مواطنا وبجعبتى الكثير والمثير والخطير من المذكرات والمستندات والمكاتبات السرية والخاصة ولكننى أمسك عن الخوض فيها درءً للفتنة ! ولكنها فى مجملها تؤكد بأن حلفا الجديدة تستغيث فأدركوها قبل فوات الأوان ! بينما أودع ملف حلفا الجديدة بكامله الآن منضدة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، ملفا شاملا الأراضى السكنية والزراعية والحواشات بالقرى والمدينة المخطط منها والعشوائى وما هو تحت التخطيط وفق الضوابط القانونية فضلا عن العدالة والمساواة بين الجميع فى الحقوق والواجبات التى تحفظ لكافة الكيانات من مهجرين ومهجر إليهم ووافدين تحفظ للجميع حقوقهم وواجباتهم الوطنية .
علاقات مجتمعية بلا قيود
نستخلص مما تقدم ذكره بأن الأرض وإستخدامات الأرض هى أس البلاء وسبب المشكلة ، أما المجتمع بكامله (المهجرين والمهجر إليهم والوافدين) جميعهم ضحايا لسماسرة وتجار سياسة (فرق تسد) الذين ظلوا يضللون هذه الشعوب ويخلقون الفتن ويطلقون النعرات القبلية والجهوية من أجل أن تسود لهم السيطرة على الكيانات لأجل مصالحهم الذاتية تلك ،وأن العديد من الشواهد بولايات السودان المختلفة تؤكد على الكثير من العلاقات الإجتماعية وتثبت أن التعايش بين فئات المجتمع السودانى تسير بلا قيود وبلا تعقيدات ، كما نستخلص بأن قومية حلفا الجديدة وفق القرار الرئاسى (803) لا تحتاج لمغالطات فهى واقعية ومنطقية ، ولكن دعونا نتساءل ونضم صوتنا إلى صوت أبوعلى مجذوب الذى إنتقد بشدة بيان الكيان النوبى واصفا إياه بـ(بيان الفتنة) وتساءل أبوعلى لماذا المعتمد من المهجرين ولم يكن من الكيانات الأخرى ؟ ولماذا الموظفين أيضا وإلى متى ؟ إلا أن المشكلة فى حلفا الجديدة ليست مجرد مشكلة واحدة بل عدة مشاكل مركبة (سياسية وسيادية وإجتماعية وإقتصادية) ،ولكنها أيضا مشاكل خدمية وتنموية .
حلفا الجديدة موعودة
(حلفا الجديدة) بكل تأكيد موعودة بالبشريات والخير الوفير وقد تطاولت الأعناق مليا صوب سدى عطبرة وستيت بعد أن إكتملت عمليات إزالة شجر المسكيت وعادت للأرض خصوبتها ولكنها تظل فى حاجة لدعم الحكومة المركزية والولائية ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأممية والطوعية والخيرين لتضافر الجهود لتوفير الخدمات وترقيتها ومساعدة هذه المجتمعات فى التعايش السلمى ورتق النسيج الإجتماعى والتى لا تتم إلا عبر (الحوار المجتمعى) فلابد له أن ينطلق بصورة عاجلة تشارك فيه كافة كياناتها المجتمعية فى محلياتها ووحداتها الإدارية فى ريفها وحضرها بلاعزل لأحد ولا إنحياز لفئة دون أخرى ، فلابد من القبول بالآخر فالجميع سودانيون ولهم حق المواطنة والسكن والتملك والتنقل والحرية وكافة الحقوق المشروعة والجميع سواسيا فى حلفا الجديدة أمام القانون والحقوق والواجبات فاتنبهوا جميعا أيها السادة (مهجرين ومهجر إليهم ووافدين) … أدركوا حلفا الجديدة من الفتنة قبل فوات الأوان . إنتهى
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ ابراهيم انا معك انت فى قضايا ولكن تسميتك بوافدين غير مقبولة وقضية تخطيط مهم وهذة مهمة الدولة وليس الحلفاويون ولعلمك معنا من اهلنا من دارفور بالقربة منذ 40عاما على المصرف نتقاسم معا الافراح والاتراح ولتجربة نذهب الى الكمبو الذى بقربنا ونتضارب هؤلاءالسكان رغم انك من الغرب سيقفون معى ولانعرات قبيلةبل انتم يااهل الصحافة تورون اوار النار

  2. يا عربى لا جدبد فى موضوعك اراك من حملة الكتاب الاسود ضيعتم دارفور بالفتن والنعرات .
    انت تريد اخذ حقوق غيرك بدون وجه حق ارض امتلكوه عوضا لبلد كامل كما شرحناه من قبل
    وبطريقه رخيصه جدا اى نفس النعرات فى دارقور وغيره .مقالك الطويل فارغ لايحوى فى طياته الحلول بل يدعو الى الفتنه وكلها تناقضات نذكرك بان خزب الامه استخدم نفس الاسلوب فى الانتخابات ولعمرى هو الطريق الارخص .الوافدين حسب التسميه يقطنون ويزرعون اراضى المهجرين ويقتسمون لقمة العيش ويشاركون بعضهم الافراح والاتراح والخدمات من مياه وصحه وخلافه منذ عام 64 وهم اناس بسطاء وانت تم الباقى لانى اراك تربيت وترعرعت وتعلمت فى مدارسهم وباساتذتهم الاجلاء.نسال الله لك الهدايه وكفى.
    الحل فى نظرى مشروع ستيت والاستاذ فكرى عبدون يتمليك الباقى .

  3. كتبت مقالا مختصرا ردا علي مقال ابراهيم عربي لجريدة الصحافه وسلمت المقال منذ اكثر من اسبوع ولم تنشر الجريده مقالي ز ويبدو ان جريدة الصحافه لا ترغب في نشر مقالي رغم ان الرد علي نفس الصحيفه حق مكفول للقارئ .
    والا كيف تنشر الصحيفه لكاتب مقالا يتهم الحلفاوين بالعنصريه في اربع حلقات علي مدي تسعه ايام ثم ترفض نشر مقال واحد لحلفاوي يفند ادعات الكاتب ابراهيم عربي
    وجريدة الصحافه تعلم جيدا ان نشر مقالي متاح في اكثر من صحيفه ولكن اطالب بالنشر في نفس الصحيفه.

    عثمان عبدالله محمد
    حلفا الجديده
    القريه 26 اسكان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..