مقالات سياسية

نحن شعب يعشق الفوضي!

ب/ نبيل حامد حسن بشير

 

يقول لي البعض لماذا تتعب نفسك وتضيع وقتك وجهدك في كتابة مثل هذه المواضيع. أقول لهم أكتبها من باب لعل قومي  يدركون أخطائهم يوما ما ويصلحون من أمرهم ، ومن باب التذكير لعلهم قد نسوا ، ومن باب ان الذكري تنفع المؤمنين ، ومن باب أضعف الايمان لمن رأي منكرا ، ومن باب أن هذا الوطن لم يقصر معي ومع جيلنا والأجيال التي سبقتنا ومن باب أن العشوائية والفوضي لا تليق بأمة تدعي أنها أصل البشرية ومنبع الحضارات.

دولة تأسست  رسميا في العصر الحديث  منذ 67 عاما وتقبع في قاع قائمة الدول اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وصحيا وعلميا  ورياضيا…الخ! يا تري ما هي الأسباب وراء كل ذلك؟ هل هو سبب واحد؟ أم أسباب متعددة؟ أم مشاكل معقدة؟ أم هو طبعنا  وسلوكياتنا كأفراد ومجتمعات وتجمعات؟

فمنذ استقلالنا (الغريب  والفريد) في نوعه ، وكيفية خروج المستعمر (بطريقة غير ممنهجة) ، وسودنة الوظائف  والمواقع الحكومية دون دراسة أو خطة علمية وعملية ، وتقسيم الولايات بطريقة عشوائية دون وضع معايير لذلك ، ووضع (مناهج تعليمية) لم تخرج عما وضعه المستعمر قبل خروجه ولا تناسب الأجيال التي من المفترض أن تقوم ببناء الوطن والارتقاء بقدره ، ومواكبة المستجدات من علوم وتقنيات ، وابتعاث مبعوثين الي دول العالم الأول دون وضع خطة أو برنامج لكل مبعوث بحيث يغطي في  تخصصة الدقيق احتياجات الوطن والمواطن المستقبلية ، وانشاء جامعات بمناهج متكررة ومتشابهة ومملة دون  النظر لاحتياجات الاستراتيجيات للقطاعين العام والخاص ، والتركيز على الدراسات الأكاديمية وتجاهل المناهج التكنولوجية . ديوان شؤون الخدمة وأخطائه التي لا تغتقر (بتمييز) الأكاديميين علي التقنيين . أخطاء مكتب القبول والتعليم العالي دون ان يضع في الاهتبار استراتيجيات الدولة ومستقبلها بقبول  طلاب الطليات الأكاديمية  بأعلي الدرجات ومقاعد كليات التقانة للدرجات الأقل في الشهادة السودانية . بصراحة نقول أن مناهج التعليم العالي حتى يومنا هذا لا تواكب متطلبات التعليم العصري  وأسسه التي تناسب حوجتنا حاليا ومستقبلا من الناحية المحتويات النظرية أو العملية/ المعملية . بل أن الأستاذ الجامعي الحالي للاسف لا يوكب وغير مؤهل لمتطلبات العصر وفي نظري أنه أصبح كالموظف العادي ويختلف عنه فقط في أنه يحمل درجة الدكتوراه (كشهادة) لكنه غير مستوعب وغير مدرك لمهام موقعه الخطير.

هل تريد عزيزي القارئ التأكد بنفسك من عشوائيتنا في كل مناحي حياتنا ؟ انظر حولك داخل وخارج منزلك . في الشارع والطرقات والمؤسسات الحكومية والأسواق ووسائل المواصلات بكل أنواعها من الركشات والأمجادات والدراجات النارية والحافلات والبصات السفرية ومطار الخرطوم الدولي ، ولا تنسي المشاة وعابري الطريق ، شوارع المدن وطرق المرور السريع . امعن النظر أثناء  تواجدك بالطرقات ستجد الأوساخ والقاذورات بكل مكان، وتوضع في أي مكان خارج المنزل أو المتجر أو المصنع أو سوق الخضروات واللحوم والأسماك ، دون أن نحدد من هو المسؤول عن جمعها والتخلص منها بالطريقة السليمة . تجد من يقترشون الأرض (بيعا  ومبيتا)  في أهم شوارع العاصمة دون أن يسالهم أحد ، بل يحتلون ظل أي شجرة من أشجار المدن ويحولوهنا سكنا باطفالهم  ومكانا لبيع الشاي والقهوة  والفول والتسالي والنبق والدوم والسجائر والماء والمرطبات ..الخ. كل تقاطعات الطرق يوجد بكل منها عشرات من الباعة والمتسولين من (دول أخري) ، نساء وجالا واطفالا من كل الأعمار ,  ان كنت تقود سيارة ، فستجدهم يطرقون علي زجاجها لتفتح لهم ، وفي كثير من الأحيان يكون هدفهم سرقة ما بداخلها أو الهاتف السيار . تلفت حولك   هل تجد شرطي بالزي الكاكي  أو بالزي الأبيض؟ ! وان وجدته سيكون أما منهمكا في الحملقة في هاتفه السيار ، أو جالسا بكرسي تحت شجرة ظليلة أو بجوار بائعة الشاي والقهوة. عاصمة بها ما لايقل عن 40 الف شرطي ياخذون رواتبهم علي داير مليم و(لا يقومون بواجباتهم الأساسية). الأمن  في حالة سيولة. الطرقات وحركة المرور في قمة الفوضى . والنهب جهارا نهارا ، وحوادث القتل تحدث بصورة شبه يومية في كل  ربوع الوطن والمدن الكبري علي وجه الخصوص . من سيحكم  النظام ويطبق قوانين الدولة في دولة تمتلك أقدم وأشمل القوانين واللوائح؟ وزارة الداحلية لا تدرك بأنها تمتلك كنزا يقوق كنز جبل عامر ولا تستطيع استغلاله وهو (بند الغرامات) القانونية على كل مستهتر بقوانين المرور كمثال. أغلبية السائقين للسيارات الخاصة والحافلات والأمجادات والركشات والدراجات النارية غير مرخصين أو لم يجددوا الترخيص ، كذلك الحال بالنسبة لمركباتهم . أي مركبة تجدها تتعمد الوقوف في أماكن غير مناسبة للتوقف ، خاصة الحافلات والركشات دون مساءلة . التخطي الخاطيء ، اضافة الي عدم وجود أو عطب أجهزة الاشارة والخطرات والتوقف في 70% من الركشات والأمجادات ، وحوالي 50% من الحافلات ، وحوالي 25% من السيارات الخاصة أصبحت من الآمور العادية ، وغير ذلك كثير.

أما في المرافق الحكومية يا سادة ان كان لديك خدمة تود انجازها بها فلا تعرف من أين تبدأ ! عليك سؤال من سبقوك من طالبي الخدمة ليدلوك من أين تبدأ . ولا تعرف ما هي الخطوة التالية . وقد يقول لك الموظف الخطوة التالية هي أن تذهب الي (فلان) ! كانك من المفترض أن تكون ملما بكل أسماء العاملين بهذا المرفق الحكومي مسبقا ، وتكون ملما بوصفه الوظيفي أيضا ! بالطبع أن وجدته ، ولم يذهب للفطور والشاي والقهوة أو الصلاة. هل  يعجز الفكر الاداري في السودان عن وضع لافتة باي مرفق حكومي ترشد المواطن عن متطلبات الخدمة وخطوات تنفيذها؟ .

لا اريد أن أتحدث الأن عن الفوضي والعشوائية في الزراعة والتجارة والصناعة والصحة … الخ.

نحن نعرف كيف ننتقد فقط ، لكننا نبخل في تقديم الحلول وفي تطبيقها ، وشماعاتنا (جاااااهزة)!!!! لدي الحلول ولا أبخل في تقديمها بالتفصيل الممل ، لكن من سيطبقها!!!!!

الأمر يا سادة يحتاج (لثورة في الثورة) كما جاء في كتاب المناضل تشي جيفارا حتى  نرتقي بأمتنا ونحترمها وتحترمنا ونحيا حياة كريمة. اللهم نسألك اللطف بنا (أمين).

 

تعليق واحد

  1. نحن بالقول والفعل شعب فوضوي ما دام زمرة المتعلمين منا تصر علي القاء اللوم علي الضحية وتتجاهل الدور المرمر لسنوات الفوضي وفساد الحكم تحت وطاة بوت العسكر وتجار الدين ، من قبل كتب البروفيسور مقالًا يتساءل فيه هل نحن فعلا نحب الوطن السودان، واكمل جميله اليوم بمقال عن عشوائية الشعب ….
    التعميم وإطلاق الأحكام الجزافية هي الفوضي و العشوائية الفكرية في أبهى صورها وتجلياتها…

    شعب وقف في وجه الدكتاتوريات، قدم الشهداء، ولايزال يقاوم والبروف يحدثنا عن القمامة، مع كامل الحترام لن تزول اوساخ الاسواق حتي يتم كنس وتنظيف غرف وعتبات القصر الجمهوري ونفل قمامة الكيزان وعسكرهم الي مذبلة التاريخ والي الابد بعدها سوف يتم اصلاح البلديات والمجالس المحلية لتقوم بدورها في النظافة العامة والتنظيم …
    الاولويات يا بروف الأولويات !!؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..