وسكتت شريحة شهرزاد عن الكلام

عندما لاحت بشائر الصباح سكتت مليون وستمائة ألف شريحة غير مسجلة عن الكلام المباح، تماماً مثل شهرزاد، بعد انقضاء المهلة التي منحتها الهيئة القومية للاتصالات لمستخدمي الشرائح الذين لم يسجلوا بيناتهم لدى شركات الخدمة العاملة رغم طول المدة ومد حبال التوسلات الاعلانية والتسهيلات الإغرائية بما في ذلك قبول تسجيل البيانات عن طريق الاستعانة بصديق إذا تعذر على مستخدم الشريحة القيام بذلك. وكنت أتوقع من الهيئة القومية للاتصالات التي أصدرت القرار أن تتبعه بقرار آخر يوضح لباعة الشرائح المنتشرين في الطرقات بأن الشرائح التي يتاجرون بها ويتفاخرون بتميز أرقامها أصبحت غير ذات جدوى ولن يتم تفعيلها تلقائياً كما كان يحدث ما لم يتم تسجيلها أولاً. وبذلك يكون الباب قد أوصد تماماً أمام كل من يحاول أن يقتني شريحة جديدة للاستفادة منها في معاكسة الغير أو تنفيذ مآربه في التعمية والنصب والتضليل. أما في حالة عدم تعطيل الشرائح غير المباعة سيكون الآمر مجرد (تحصيل حاصل) لأن كل من تم تعطيل شريحته السابقة سوف يتخلص منها ويشتري شريحة جديدة لكي تعود (حليمة لعادتها القديمة). لذلك من الضروري الالتفات إلى ثغرة البيع الذي يتم عفوياً دون تسجيل. وحتى لا يتضرر هؤلاء الباعة أو تبور بضاعتهم بين أيديهم، من الممكن تعميدهم للحصول على بيانات المشترين ورفعها لمراكز شركات الخدمة على أن لا يتم تنشيط الشريحة إلا بعد وصول بيانات المشتري واعتمادها.

لو أن كل صاحب شريحة من أولئك المليون وستمائة ألف غير المسجلين يتحدث يومياً بما قيمته جنيهاً واحداً، وهو تقدير ضئيل مع ما نعلمه من حب عميق للثرثرة والجرجرة والتمهل في الحديث، ستفقد شركات الاتصال دخلاً يزيد عن المليون وستمائة ألف جنيه في اليوم الواحد، وهو رقم يعكس ضخامة حجم ما نهدره من مال في سبيل التواصل الكلامي إن خلصت النيات ولم يكن (في الفارغة والمقدودة) خاصة إذا أضفنا له ما ينفقه الملايين المسجلين، فهل ستصمد شركات الخدمة أمام هذه الخسارة احتراماً للمؤسسية والانضباط أم أنها ستلتف حول القرار وتغض الطرف عن الشرائح المعروضة حالياً للبيع خارج نطاق مراكزها وتسمح مرة أخرى باستخدام الشرائح دون تسجيل طالما أن تنشيطها يعود عليها بدخل فوري؟ لا أظن ذلك لأن قرار هيئة الاتصالات يجب أن يكون نافذاً بلا تسامح أو تهاون، وفي هذه الجزئية على شركات الخدمة أن تنصاع للقرار وتلتزم به حتى لا تتعرض لمساءلة من الهيئة القومية للاتصالات التي لا نعلم مدى قدرتها على ضبط هذا الأمر وكيفية إنزاله على أرض الواقع دون تعاون تام مع شركات الخدمة.

وحيث أن الحديث ذو شجون فقد درجت إحدى الشركات على قطع الخدمة عن بعض باقات الشرائح إذا لم يتم تجديد الشريحة برسوم شهرية أعلى بكثير من قيمة الشريحة الجديدة وقد ظل هذا الحال سارياً منذ سنوات طويلة حققت من ورائها أرباحاً خرافية ? منذ أن كان ثمن الشريحة بعشرات الجنيهات ? مما جعل قيمة الشريحة القديمة الخاضعة للتجديد أعلى من قيمة جهاز الجوال ذاته؟ فإذا تأملنا قيمة الشريحة الزهيد حالياً لدى كل الشركات فما الذي يجعل البعض أسيراً لنظام التجديد الشهري. هل لأن البعض حريصون على أرقامهم القديمة أم لأن قيمة المحادثة بتلك الباقة أقل من باقة أخرى لإيهام المتحدث بأنه كاسب وهو في الحقيقة خاسر لأنه ربما لا يستخدمها كثيراً. ومع أن الخيار متاحاً لمن يرغب في الانتقال من باقة لأخرى إلا أن قطاعاً كبيراً من أصحاب هذه الشريحة التي تحتاج إلى ضخ الدماء شهرياً صاروا مستسلمين للأمر الواقع دون التمعن في الفارق الحسابي. وعليه فإن هذا الغموض يجعلنا نطالب بضرورة مراجعة هذه الفوارق وتوحيدها سعراً ومزايا لمزيد من الشفافية بين شركة الخدمة ومن يتمسكون بشرائحها حتى لا تصبح ذات يوم وتجد الناس ينصرفون عنها.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..