اللصوص الجدد

كيف لا
اللصوص الجدد

منى عبد الفتاح

} سمعت قبل أيام قليلة عن تقليعة جديدة تتعلق بالجرائم الإلكترونية، يُطلق على أبطالها اسم «اللصوص الجدد». تخصص هؤلاء في اعتراض إشارات خاصة بمعاملات بيع وشراء الأسهم عبر الأقمار الصناعية. ووصل الأمر إلى قيام هذه المجموعة الإجرامية بتغيير توقيت الإشارات المعينة إلى ما قبل سرقة الأسهم أو الأموال حتى لا يتم تعقبهم. ضرب هذا الخبر على وتري الحسّاس حيث تعرضتُ والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه إلى عملية احتيال في مجال تداول العملات إلكترونياً. استطاع اللصوص الجدد أيضاً أن يقنعوني بإيداع مبلغ معين في حساب شركة التداول حتى يتم تدريبي وأبدأ بعدها التداول الجدي. بالطبع لم يكن هناك تدريب حقيقي ولا يحزنون وبالتالي لم يكن هناك تداول لأي شيء غير الحسرة والندم. وبالرغم من أنني خاطرت بأقل مبلغ يمكن إيداعه على اعتبار الحصافة والنباهة وتوخي الحذر، إلا أنّ هذه التجربة كشفت عن مسكنتي ومسكنة الكثير من الضحايا أمثالي، وممن استخدمت صورهم ومعلوماتهم كإعلانات تبشّر بالربح الوفير من غير أن تكون لهم علاقة بسوق التداول الوهمي هذا.
} تتحفنا الشقيقة مصر دوماً بالدرر ولكن رجال حكومة الإنقاذ أكثر اتحافاً. تابع مواطنو السودان الجوعى والمحرومين قصة هدية رؤوس الأنعام من الرئيس البشير لرئيس وزراء مصر السابق الدكتور عصام شرف بكثير من الحيرة. وشقّ على الآذان سماع سخرية الحانقين وإلقائهم بأمثال ضل الدليب الذي يظلل البعيد ويترك القريب. وفي فبراير من هذا العام قامت الحكومة بتصدير الآلاف من العجول والجمال إلى مصر بينما المواطنون يعانون من غلاء أسعار اللحوم بأنواعها. ولكن ترقّب الناس أنه قد يكون للحكومة بُعد نظر في الهدايا وما تبعها، أنه ربما ينتج عنه زيادة الروابط بين البلدين وتحريك الاستثمار وغيرها من الأحلام. قدّم السودان السبت ولكن عندما ذهب إلى مصر ليستلم الأحد المتمثل في استيراد الغاز الطبيعي من مصر أسوة بإسرائيل والأردن، وجد ذخيرة الأيام فارغة. هاهنا قصّرت الأيام وتقلّصت الأحلام، حيث اعتذرت مصر رسمياً للسودان لعدم قدرتها على تصدير الغاز الطبيعي لدول أخرى، هذه الأخرى هي السودان.
} أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى صارت حديث الناس وتهكمهم وسخريتهم. تلك الفتوى هي الخاصة بتحريم رهن الموتى واحتجازهم بالمستشفيات لحين استيفاء الاستحقاقات المالية. فغير مخالفة الحجز لقواعد الدين الإسلامي التي تحث على التعجيل بدفن الموتى حفاظاً على كرامتهم، فهناك بحث في هذه القضية عن الوجه الإنساني والأخلاق السودانية التي تتناوشها مصاعب الحياة وضغوطاتها يوماً بعد يوم حتى انسربت المروءة من بين يدي السودانيين ولحقها الكرم والشهامة. قابلت هذه الفتوى ردود أفعال متضاربة، فما بين مستحسن لهذه الخطوة ومستعجب للمجمع الذي يصمت في أشياء تمس حيوات الناس قبل مماتهم، ومستنكر لقاموس المجمع الذي استخدم أدبيات التجارة والبيع والشراء في تشبيه الإنسان. فالحديث عن كرامة الإنسان حياً أو ميتاً يستلزم الإتيان بألفاظ وعبارات ترتقي بالوصف حتى لو كان الوصف لحادثة في محل ذم مثل هذه. ولكن يجب ألا ننسى أن المجمع بمثل هذه الفتوى يكون قد اتجه أخيراً لملامسة قضايا الناس ومشاكلهم، بعد أن وُسم لفترة طويلة بممالاة السلطان والاهتمام بإصدار فتاوى تحرص على شكل الدين دون جوهره ولا تغوص في روح الدين لتستخرج ما يفيد الناس.
} ناظر الباجي شارح الموطأ، ابن حزم الأندلسي حيث قال له الباجي: «أنا أعظم منك همة في طلب العلم لأنك طلبته وأنت معان عليه بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت لسوق». فقال له ابن حزم: «هذا الكلام عليك لا لك لأنك إنما طلبت العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته فلم أرج به إلا علو القدر العلمي في الدنيا والآخرة» .

الاحداث

تعليق واحد

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    جزيتي خيراً بس موضوع قديم وقديماً قال ابن الخطاب رضي الله عنه لست بالخب والخب لايخدعني……..

  2. استاذه منس سلامات
    حقيقة فقط الخائف من لايتعظ؟ ودوما يبحث عن كل الطرق التي يمكن ان تحمية حتي يستمر جلوساً علي كرسي الحكم
    ليس امام الانقاذ غير ان تستجدي عطف مصر حتي وان قست عليها الاخيرة؟ ودوما ماتكون قاسية في كل مرة ونعودي خالي الوفاض منها ونعاود الكرة ونحاول استماله عطفها؟
    تغتصب اراضينا ولا نسالها فكيف بنا نرد عليها وهي تمنعنا استيراد الغاز

    مجمع فتاوي السلطان لن يفتي للاحياء لانه لايقوم بشي الا بعد ان توافق عليه السلطة وهي ابعد مايكون عن الناس ومشاكلها وهمومها
    ولن نصل الي جوهر الدين الا وهو “المعاملة” بل نتمسك بالقشور حتي تحتفظ السلطة بكرسيها ويستمر المجلس باصدار الفتاوي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..