في ظل وضع البرهان المزري محليا وعالميا ايهما يسبق الاخر : انتفاضة ام انقلاب عسكري؟!!

بكري الصائغ
لم يعد يخفي علي احد، ان حال البرهان اليوم قد اصبح مزري للحد البعيد، وهو حال لم نعرف له مثيل من قبل في السودان، ولا مر بمثله رئيس سوداني، لقد فقد السيطرة تماما علي بسط نفوذه في الولايات اليتيمة التي تخضع لسلطاته، لهذا تعمدت ان تكون كلمة “مهمش” موجودة في عنوان المقال اعلاه لانها تعبر بحق عن حال البرهان اليوم، وحتي لا يكون اتهامي للبرهان قد جاء من فراغ، استندت علي ثلاثة احداث كبيرة وقعت في هذا الشهر الحالي مايو ٢٠٢٥م، وهي احداث كبيرة اكدت بكل وضوح ان بداية النهاية لحكم عبدالفتاح البرهان الذي استمر لمدة ستة اعوام قد بدأت ملامحها تظهر للعيان، خصوصا بعد ان فقد هو ومن معه من الاسلاميين والمليشات المسلحة السيطرة علي ادارة ما تبقت لهم من ولايات يتيمة تخضع لسيطرتهم العسكرية، وماعادت القوات المسلحة في محل هجوم وكر ضد العدو بل لزمت الدفاع والفر، وكثرت حالات الانسحاب من مواقع عسكرية كثيرة، ونشرت الصحف المحلية والاجنبية الكثير عنها في الاخبار والمقالات، ونشرت هذه الصحف ايضا الكثير المثير عن اخبار الصراعات والانشقاقات التي ضربت المليشيات التي تساند السلطة الحاكمة.
قمة المهزلة تكمن، انه في ظل الاختفاء المريب للفريق اول ركن/ ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة، ظهر مكانه بقوة في الساحة العسكرية والاعلامية اللواء أبو عاقلة كيكل، الذي اصبح يلتقي بالصحفيين ويمدهم باخر اخبار حروبه بعيدا عن المشاركة مع القوات المسلحة!!، ***- ومن لا يعرف من هو كيكل امده بهذه المعلومات:- (عمره ٥٢ عاما، وهو الجنرال الذي لم يلتحق اصلا بالكلية العسكرية، وعمل مع نظام البشير لسنوات في بعض الملفات الغامضة مثل تجارة الأسلحة التي اشتهر بها، وينحدر الجنرال المنشق من قوات “حميدتي” من مجتمعات ذات ثقل سكاني في مناطق البطانة شرق البلاد، وصعد نجمه إلى السطح بشكل أكبر حينما أسس قوات درع السودان في العام ٢٠٢٢م).
اولي هذه الاحداث التي اكدت ان وضع البرهان اصبح في كف عفريت، ان هناك قلق متزايد يزداد كل يوم اكثر حدة داخل الجيش تجاه “انقلاب” قد يقع من قبل الإخوان، وذلك بعد ملاحظة تزايد وجود عناصر من كتائب إسلامية في المدن، ويأتي هذا في ظل تصريحات “نادرة” من القيادة العسكرية التي عبرت بوضوح عن مخاوفها من زيادة نفوذ هذه القوى ورغبتها في الوصول إلى السلطة، بل ومما زاد من تخوف القادة العسكريين من احتمال نشوب صراع داخلي داخل الجيش، وذلك مع تزايد نفوذ جماعات الإخوان المسلمين والميليشيات التي انضمت إلى الصراع الأهلي إلى جانب المؤسسة العسكرية قبل عامين، ومع ذلك، فإن الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها هذه الجماعات ونتج عنها ضغط دولي على الجيش، بالإضافة إلى الرفض الشعبي لتكرار نموذج حكم الإخوان السابق بقيادة الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، قد تسارعت من فرص المواجهة.
الجنرال الوحيد من بين كل القادة العسكريين سواء في مجلس السيادة او القيادة العامة واوح رايه بكل وضوح حول نفوذ جماعات الإخوان المسلمين والميليشيات المسلحة هو الفريق أول/ شمس الدين كباشي، الذي ذكر أن “انتشار السلاح يمثل تحديًا أخطر من العدو الواضح”، مُشيرًا إلى ضرورة إبعاد القوات المقاتلة عن المدن التي استولى عليها الجيش، على أن تُعهد مهام حفظ الأمن إلى الشرطة، ولكن البرهان لم يصغي له، وبقي الحال العسكري علي حاله القديم وكل السلطة في يد الاسلاميين في انتظار وقوع الانقلاب!!
اما لماذا رفض البرهان الوقوف بحزم وصلابة في وجه الفوضويين الاسلاميين الذين تكاثروا في ظل ضعف شخصيته، ورفض فكره إبعاد القوات المقاتلة عن المدن التي استولى عليها الجيش، الي انه لا يرغب بتاتا الدخول مع المليشيات الاسلامية القوية في صراع هو في غني عنه، خصوصا وانه عنده ما يكفي من مشاكل داخلية وخارجية اخرها مع دولة السودان الجنوبي التي احتجت علي وقف البرهان صادراتها من النفط.
ثاني هذه الاحداث التي اكدت ان وضع البرهان اصبح حرجا للغاية، انه وفي داخل بورتسودان نفسها التي يقيم فيها، هناك اصوات ارتفعت بشدة تندد بسياساته العقيمة، والشيء الغريب في امر هذه الاصوات انها جاءت بصورة استفزازية لا احترام فيها بصفته رئيس البلاد، فعلي المثال نشرت صحيفة “الراكوبة” في يوم الثلاثاء ١٣/ مايو الحالي خبر جاء تحت عنوان:-(نُذر تصدع في “تحالف بورتسودان” بسبب الصراع على السلطة)، اقتبس منه الاتي:-(ورأى قيادي إسلامي بارز انشق عن التنظيم، في تصريح لـ”إرم نيوز” أن الصراع بين قوات البرهان والإسلاميين من جهة، والأطراف الأخرى، أطلق عليه تحالف البندقية في معسكر بورتسودان، يدور في الأساس حول السلطة، ومحاولة كل طرف تحجيم نفوذ الآخر … وقال الخبير حاتم الياس في تعليق له علي حال الاوضاع، أن الإسلاميين هم القوة الأساسية والمنظمة المسيطرة على مفاصل الدولة، وأن قائد قوات بورتسودان، عبدالفتاح البرهان، جزء من هذه المجموعة، ولايمثل باي حال من الأحوال مؤسسة القوات المسلحة.)!!
ثالث هذه الاحداث التي اكدت هشاشة وحرج ما الت اليها احوال البرهان اخيرا وسوء وضعه في السلطة، انه في ظل تراخيه في التعاطي مع الأزمة التي ضربت امن بورتسودان، لم يكن غريبا ظهور ثلاثة حركات مسلحة بشرق السودان عن تشكيل قوة مشتركة في منطقة قرقر الحدودية في دولة إريتريا، تضم القوة كل من مؤتمر البجا بقيادة موسى محمد أحمد حركة تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم دنيا، والحركة الوطنية للعدالة والتنمية في شرق السودان بقيادة محمد طاهر سليمان بيتاي. واتفقت الحركات الثلاثة وفقا لما نشر في صفحة قوات تحرير شرق السودان على فيسبوك، على تعزيز العمل المشترك وتطوير آليات التحالف للتعامل مع كل الأحداث التي تواجه شرق السودان .- المصدر- “الراكوبة”.
واخيرا، الحال المزري في البلاد وصل الي حد لا يمكن السكوت عليه، ودخلت الحرب شهرها الثالث عشر في ظل عدم وجود اي بريق امل في نهايتها، والقصف يزداد اشد كثافة عن ذي قبل، والبرهان غير مكترث ومشغول بامور ادارية كان اخرها توجية للمسؤولين بالتحقيق في فساد بالمجلس الاعلى للحج والعمرة!!… ويبقي السؤال مطروح بقوة في ظل هذه الاوضاع البالغة السوء – ايهما يسبق الاخر عاجلا او اجلا: انتفاضة شعبية .. ام انقلاب عسكري؟!!… احدهما لا محال سياتي قريبا شئنا ام ابينا، فمن رابع المستحيلات ان يبقي السودان علي هذا الحال طويلا.
الحرب دخلت الشهر ال 25 وليس الشهر ال 13!!!
الحبوب، د.هشام.
تحية الود، والاعزاز بحضورك الكريم، والف شكر علي تصحيح خطأ غير مقصود.
وصلتني رسالة من صديق علق فيها علي المقال وكتب:
(…- لو كان الفريق أول ركن أحمد عوض بن عوف سلم السلطة في ابريل عام 2019 لقائد عسكري غير عبدالفتاح البرهان لما وصلنا الي هذا الحال الذي لا يعجب حبيب ولا عدو. بن عوف اهدي السلطة لشخص ضعيف الشخصية ولا يتمتع باي كاريزما او هيبة عسكرية او باحترام داخل السودان وفي اروقة المجتمع الدولي . البرهان هو من منح حميدتي كل السلطات السياسية الكاملة والعسكرية بلا حدود ، مما اغراه الي ان يتطلع لمزيد من السلطة ويصبح الرئيس الاوحد للبلاد. جاء في المقال وكتبت ” انتفاضة شعبية .. ام انقلاب عسكري؟!!… احدهما لا محال سياتي قريبا شئنا ام ابينا، فمن رابع المستحيلات ان يبقي السودان علي هذا الحال طويلا”، ورائي في هذا الكلام اتوقع بنسبة 80% وقوع انقلاب اسلامي بقيادة الامين العام للحركة الاسلامية علي كرتي، وعلي عثمان رئيس كتائب الظل، واحمد هارون وعوض الجاز ونافع وغندور واسامة .).