مقالات وآراء سياسية

مفاوضات جنيف ولعبة الظلال السوداء ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه
في دهاليز السلطة السودانية ، حيث تتشابك خيوط المؤامرات والمصالح ، دارت أحداث درامية حملت في طياتها مصير أمة بأكملها ، كان المؤتمر الوطني ذلك الحزب الذي لا يزال يتربص بالسلطة ، يخطط لضربة قاضية ، هدفها إفشال أي محاولة لإنهاء الحرب الأهلية التي مزقت البلاد ، بدأت اللعبة حينما دفع المؤتمر الوطني برئيس مجلس السيادة ، عبدالفتاح البرهان ، إلى تجاهل المبادرات الدولية الهادفة إلى وقف إطلاق النار ، كان البرهان ، تحت ضغوط قوية من حلفائه الإسلاميين ، يماطل ويتحايل ، وكأنه يرقص على حبل مشدود بين مصالحه الشخصية ورغبات الشعب المتعطش للسلام ، ولم يكتفِ البرهان بتجاهل المبادرات ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك ، فاختار وفداً غير مؤهل للتفاوض الأول  في جدة ، وكأنه يتعمد إفشال المفاوضات ، كان هذا الاختيار بمثابة إعلان حرب على السلام ، رسالة واضحة مفادها أن المؤتمر الوطني لا يزال يمسك بزمام الأمور في السودان ، وفي الوقت الذي كان فيه الشعب السوداني يعاني من ويلات الحرب ، كان المؤتمر الوطني وحلفاؤه يحتفلون بنجاح مؤامراتهم ، لقد نجحوا في إقناع البرهان بأن مصلحتهم تكمن في استمرار الحرب ، وأن أي تسوية سياسية ستؤدي إلى سقوطهم ، ولكن هل كان البرهان مجرد دمية في يد المؤتمر الوطني؟ أم أنه كان شريكاً في الجريمة؟ هذا السؤال ظل يطرح نفسه بقوة ، فبرغم كل الأدلة التي تشير إلى تورطه ، إلا أنه ظل يصر على أن مصلحة السودان هي أولى اهتماماته ، وفي خضم هذه الأحداث المعقدة ، كان الشعب السوداني يدفع الثمن الأغلى ، فالمجاعة والمرض والتشرد أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية ، وكان الأمل الوحيد المتبقي هو أن يتدخل المجتمع الدولي لإنقاذهم من براثن الحرب .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- في خضم عاصفة الحرب التي اجتاحت السودان ، تحولت جنيف إلى منصة صراع جديدة حيث تتنافس دبلوماسية القوة مع نداءات السلام ، فبعد أن فشلت جهود جدة في إخماد لهيب النيران ، عادت الأنظار إلى سويسرا ، حاملةً آمالاً عريضة بوقف نزيف الدماء ، ولكن ، هل ستكون جنيف ساحة حوار حقيقي أم مجرد حلقة جديدة في مسلسل التفاوض العقيم؟ فبينما تلوح الولايات المتحدة بعصا الوحدة ، وتشدد على ضرورة المضي قدمًا في المفاوضات ، مهما كانت الظروف ، يرفض الجيش السوداني المشاركة ، متمسكًا بشروطه الخاصة ، وفي هذا الصراع الدائر ، يقف الشعب السوداني بين مطرقة العنف وسندان المفاوضات ، فمن جهة ، يتوق إلى السلام والاستقرار ، ومن جهة أخرى ، يشكك في جدية الأطراف الدولية في إيجاد حل عادل ودائم ، سؤال يطرح نفسه بقوة : هل ستنجح الدبلوماسية في وقف هذا النزاع المدمّر؟ أم أن الأمر يتطلب تدخلاً عسكريًا من قبل الأمم المتحدة؟ فغياب الجيش السوداني عن طاولة المفاوضات يثير تساؤلات حول جدية نواياه في تحقيق السلام ، إن السودان اليوم يعيش مأساة إنسانية لا مثيل لها، فالأطفال يشهدون الموت والدمار ، والنساء تهجرن من ديارهن ، والمجتمع بأكمله يعاني من آثار الحرب المدمرة ، فهل ستبقى المجتمع الدولي مكتوف الأيدي أمام هذا الواقع المرير؟ إن التاريخ يعلمنا أن الحروب لا تولد إلا المزيد من الحروب ، وأن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا بالحوار والتفاهم فليكن صوت العقل هو السائد ، وليتغلب منطق السلام على منطق الحرب ، حتى يعود إلى السودان أمنه واستقراره ، ختامًا ، يبقى السؤال مطروحًا : هل ستكون جنيف بداية لنهاية الصراع في السودان ، أم أنها ستكون مجرد فصل جديد في هذه المأساة الإنسانية؟ Will the Geneva negotiations be the beginning of the end of the conflict in Sudan, or will they be just a new chapter in this human tragedy?
وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج:- “أجيال ضائعة في سودان النزاع !!” ففي خضمّ عاصفة من الدماء والدمار التي اجتاحت السودان ، حيث تتناحر الأطماع وتتلاشى الآمال ، وقفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) شاهدة عاجزة على مأساة إنسانية لا مثيل لها ، ففي تقريرٍ موجعٍ أصدره ممثل المنظمة الجديد في السودان ، شيلدون ييت ، كشف النقاب عن حقيقة مروعة : أكثر من ثمانية عشر مليون طفل سوداني باتوا خارج أسوار المدارس ، لقد حوّل النزاع الدامي الذي اندلع في الخامس عشر من أبريل عام ألفين وثلاثة وعشرين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة ، البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة ، حيث تتطاير الشرارات وتنهار البنية التحتية ، وتنزح الأسر عن ديارها بحثًا عن ملاذ آمن ، وفي ظل هذا الظلام الدامس ، غرقت أحلام الطفولة السودانية في بحر من اليأس ، وحُرم أجيال كاملة من حقها في التعليم، إن الحرب لم تدمر المبانى والمؤسسات فحسب ، بل دمرت أيضًا آمال المستقبل وأحلام الأجيال القادمة فكيف يمكن لأطفال يعيشون في خوف ورعب أن يركزوا على دراستهم؟ وكيف يمكن للمعلمين أن يؤدوا دورهم في ظل هذه الظروف الصعبة؟ إن التعليم هو مفتاح التنمية والتقدم ، وهو الاستثمار الأهم في أي مجتمع ، ولكن الحرب السودانية قد سرقت هذا الحق من ملايين الأطفال الأبرياء ، إن جهود اليونيسف ومؤسسات الإغاثة الأخرى جديرة بالثناء ، ولكنها تبقى قطرة في بحر من المعاناة ، فالأزمة الإنسانية في السودان تتطلب تضافر الجهود الدولية لتقديم المساعدات العاجلة والعمل على تحقيق السلام الدائم ، إن إنقاذ أجيال السودان من الضياع يتطلب توفير بيئة آمنة مستقرة لتعليمهم ، وتمكينهم من بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولبلادهم ، فليكن هذا الجيل هو جيل البناء والإعمار ، وليس جيل الدمار والخراب..
#أوقفوا – الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..