مقالات سياسية

زيارة قوش المثيرة ومغادرته: مناورة ام وساطة

حافظ حمودة

تأتي زيارة صلاح قوش ، مدير المخابرات السودانية الأسبق ، إلى بورتسودان في توقيت بالغ الحساسية، حيث يخضع السودان لعقوبات أمريكية جديدة بسبب مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية ، وتتصاعد الضغوط الدولية لإجبار الجيش السوداني على التفاوض مع قوات الدعم السريع . قوش ، الذي يُعتبر أحد أبرز مهندسي المشهد الأمني السوداني لعقود ، يحمل سجلاً معقداً من التحالفات والصراعات ، بدءاً من كونه الرجل الأقوى في نظام البشير، وصولاً إلى دوره في الإطاحة به عام 2019 . ولا يُغفل عن بالنا أن واشنطن نفسها كانت قد فرضت عقوبات على قوش عام 2019 بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان ، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد على زيارته الحالية .

يبدو أن توقيت هذه الزيارة مقصود في حد ذاته ، إذ تأتي مع اقتراب سريان مفعول العقوبات الأمريكية في يونيو 2025 ، والتي تهدد بزيادة عزلة السودان اقتصادياً وسياسياً . كما تتزامن مع تصاعد الخطاب الدولي المنحاز لقوات الدعم السريع ، رغم اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة ضدهم . في هذا السياق ، تبرز عدة تفسيرات محتملة لحركة قوش : فقد يكون قد جاء كوسيط غير رسمي بطلب من البرهان لاستغلال شبكة علاقاته الدولية المتناقضة ، التي تمتد من دوائر المخابرات الغربية إلى تحالفات إقليمية معقدة . أو ربما يكون وجوده جزءاً من استراتيجية الضغط السودانية ، لإرسال رسالة إلى واشنطن بأن السودان لديه خيارات بديلة قد تتجه نحو محور موسكو-طهران إذا استمرت العقوبات .

المشهد الذي تتحرك فيه شخصية مثل قوش اليوم يختلف جذرياً عن الساحة التي كان يهيمن عليها سابقاً . فالسودان يعيش أزمة متعددة الأبعاد ، حيث تتداخل الصراعات الداخلية مع التنافسات الإقليمية والدولية . عودة رجل الظل السوداني في هذه اللحظة بالذات قد تشير إلى أن القيادة الحالية تبحث عن حلول خارج الصندوق ، مستفيدة من خبرات الماضي في مواجهة تحديات الحاضر . لكنها أيضاً تطرح تساؤلات عن مدى استعداد الأطراف الدولية والإقليمية للتعامل مع شخصيات من هذا النوع في ظل المتغيرات الحالية .

إن زيارة قوش وظهوره في المشهد السوداني المضطرب ، هي مؤشر على تحولات أعمق في استراتيجيات القوى المحلية والإقليمية . سواءً كانت هذه الزيارة مقدمة لعملية تفاوضية خلف الكواليس ، أو مجرد مناورة تكتيكية لشراء الوقت ، خاصة أن السودان لا يزال ساحة معقدة للصراعات بالوكالة ، حيث تختلط الأوراق بين الأصدقاء والأعداء ، في لعبة لا يعرف أحد نهايتها بعد .

[email protected]

تعليق واحد

  1. جاء في المقال ( فقد يكون قد جاء كوسيط غير رسمي بطلب من البرهان لاستغلال شبكة علاقاته الدولية المتناقضة ، التي تمتد من دوائر المخابرات الغربية إلى تحالفات إقليمية معقدة )

    تعليق : هذه الطريقة من التفكير هي سبب من أسباب فشل الادارات السودانية المتعاقبة . هذه الصورة الوهمية لشخص مثل صلاح قوش لا توجد الا في مخيلة القطيع المغشوش في السودان .
    بمجرد مغادرة اي مسؤول لمنصبه يتعامل معه العالم الرسمي على اساس أنه مثله مثل غيره و أنه مجرد مسؤول سابق و يمكن الاستفادة منه فقط للحصول منه على اسرار أو اتخاذه كشاهد في قضية يحتاجون فيها الى شهود أو كمعلق في مجاله في أحد البرامج او المنديات لا غير .
    و اذا كان قد جمع الكثير من المال (الحرام) فانه يكون محل اهتمام المؤسسات المالية

    بالمناسبة ماذا يفعل صلاح قوش في مصر منذ 2019 أوع يكون سرب كل الأسرار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..