السفر إلى دبي حرام!

انتزاع حبّ الإمارات من قلوب الآخرين لا يأتي بمثل هذه الفتاوى الهزلية الباطلة التي تفضح مدى هشاشة خيوط الربط بين القناعات والشعارات في فكر التنظيم الإخواني المتأسلم.

بقلم: د. سالم حميد

عنوان مثير لفتوى مثيرة أطلقها أحد منسوبي روافد الاتجاه من المتاجرين بالدين، هذه الفتوى تفضح المعايير الازدواجية التي يفكر بها أحد الدعاة المزيفين ممن أطلق هذا الوسم على فضاء موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في هذا التوقيت بالذات، وهو يعلم تمام العلم أن المجتمع الإماراتي الذي كسب رهانه في تأكيد دولة القانون، يحبس أنفاسه في انتظار النطق بالحكم في قضية موقوفيه الذين انتهت جلسة محاكماتهم، وتقرر يوم الثاني من الشهر القادم موعداً للنطق بالحكم، ما جعل التنظيم الإخواني يحاول التسلل إلى الرأي العام لصرف نظره عن نتائج الحكم، أو على الأقل إضعاف التفاعل مع الأحكام القادمة، ومحاولات شق الصف الفكري التعاطفي، وهي خطوة ظنّ التنظيم أنها مدروسة.

لكن التنظيم وجد توقعاته قد خانته للمرة الثانية بعدما عجزت عن مناطحة درجة الوعي العالية عند المجتمع الإماراتي، ففي المرة الأولى التي استهدف فيها التنظيم الإخواني المتأسلم الدولة، وحاول التشويش على مفاهيمها المجتمعية والاجتماعية، هبّ المجتمع بكامله لصدّ الاستهداف والذود عن بلاده، فعمرت ساحات التواصل الاجتماعي، خاصة التويتر، بالملاحم الفكرية البطولية التي بيّنت مدى حبّ الإماراتي لبلاده، وتمسكه بخصوصيته، ومجتمعه وولاة أموره، وهاهو ذا التنظيم الإخواني المتأسلم الذي حاول كسر وحدة صف الرأي العام، يُواجه بعاصفة من الردود عبر التويتر، ليس من المواطنين والمقيمين في الدولة وحدهم، ولكن من محبي الإمارات من مختلف أرجاء الكرة الأرضية، وهو مقياس يجب أن يعيه أباطرة ومخططو التنظيم الإخواني المتأسلم، فانتزاع حبّ الإمارات من قلوب الآخرين لا يأتي بمثل هذه الفتاوى الهزلية الباطلة التي تفضح مدى هشاشة خيوط الربط بين القناعات والشعارات في فكر التنظيم الإخواني المتأسلم الذي أشعل الأرض حرائق باسم «الربيع العربي»، وشرّد الأسر الآمنة باسم الحريات، وأزهق مختلف الأرواح البريئة باسم الجهاد.

الإمارات لم تبن حبها في قلوب الناس بشعارات مزيّفة خادعة، ولكنها زرعت هذا الحب وحافظت على رعايته في مختلف المواقف التي وجدها فيها المنكوبون معهم في ظلمات الليل وسط الكهوف تقدّم لقمة لجائع، أو في برد قارس تقدم غطاءً لمعدم، أو بسمة غائبة أعادتها لمريض تحملت نفقات علاجه، وما إلى ذلك من غرس بدأه زايد ولم ينقطع حتى الآن، وسيتواصل ما دامت السماوات والأرض قائمة، بينما البديل الذي يبشرنا به التنظيم الإخواني المتأسلم هو أن نكون مع كل هؤلاء الناس، مع اختلاف ما نقدمه لهم، أو على الأقل لتوجيه ما نقدمه لهم كثمن لأغراض مريبة، ومدرسة زايد الواضحة الخطوط والأحكام والمتسمة بالشفافية التامة، والتي أخذت كل أحكامها من الدين الإسلامي الوسطي الصحيح المعافى المعتدل، لم تقرّ هذا الأسلوب، وجرّمته لدرجة التحريم.

ومهما بلغت مظاهر وصور الاستهداف من سوء فإن إماراتنا الآمنة التي أوجدت أرقى أسلوب للتعايش الاثني والديني والعرقي والجهوي في العالم، رفضت أن يعيش فيها هذا الفكر الذي حاول التسلل كسرطان يريد القضاء على هذه العافية التعايشية الاستثنائية في العالم، ومن حق الدولة درء المرض عنها، وجاء هذا الوباء الإخواني المتأسلم رافعاً شعار التغيير، فالتغيير غير المعالجة، وهو تعبير يعني التحوّل للنقيض، ولذلك رفضنا بكل قناعة تحويل ما نحس به من أمن للنقيض، أو تغيير ما نعيشه من تقدم وازدهار ورفاهية للنقيض، في ظل نظام حكم يخاف علينا أكثر من خوفنا على أنفسنا، ويبحث عن مصالحنا ويحققها لنا قبل أن نطلبها. التغيير الذي تنادي به هذه الجماعة شهدناه في إعدام الطفل السوري محمد قطاع (15 عاماً)، والذي اضطر لترك مقاعد الدراسة والعمل كبائع للشاي في منطقة سد الوز بحي الشعار لإعالة أسرته، على أيدي مجموعة مسلحة من «جبهة النصرة» الإرهابية في بلاد الشام، في حي الشعار بحلب (شمال سوريا)، بدعوى الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقد اقتادته كتيبة أفرادها، يتحدثون اللغة العربية الفصحى في تمام الساعة العاشرة ليلاً، وذلك بعد أن تجادل مع شخص آخر وقال له: «إذا بينزل النبي ما راح أدّين»، فاتهموه بالكفر، وأخذوه معهم وعادوا به بعد ذلك إلى مكان عمله، وقميصه إلى وجهه، وعلى جسده آثار الجلد الواضح، وتجمع الناس حوله، فقال أحد عناصر الكتيبة الإرهابية باللغة العربية الفصحى: “يا أهالي حلب الكرام، الكفر بالله شرك وسب النبي شرك، ومن سب مرة سيعاقب مثل هذا»، وأطلق النار عليه من سلاح آلي أمام أمه والحضور، طلقة بالرأس وطلقة بالعنق، وركبوا السيارة وغادروا المكان. وهو الطفل الثالث الذي تتم تصفيته بتهمة الإساءة للإسلام في حلب.

فكيف نقبل بهكذا تغيير، والطفل في بلادنا الآن يمشي آمناً في أي وقت من نهار أو ليل دون أن يتعرض له أحد؟! وكيف نقبل بالتغيير وها هم يقولون في فتواهم إن السفر إلى بلادنا حرام؟ وهي بلاد تضم عدداً لا يحصى من المساجد والمصلين والمؤسسات الإنسانية والخيرية والخدمية، وتقيم جوائز دورية دولية للقرآن الكريم، وتشجّع العلماء والأئمة، وتطبع المصحف الشريف، وينطق سكانها الشهادتين، ويعتمرون ويحجون سنوياً، ويصلون الخمس، ويصومون ويزكون ويتصدقون ولا يكذبون، وكيف يصبح السفر إلينا حراماً؟! وهجرة الفتيات القاصرات للجهاد بأجسادهن في إمتاع المقاتلين الجهاديين المتأسلمين في مناطق النزاع الإخواني حلال؟!

وأخيراً، كيف يكون سفر الإخوان المتأسلمين الدائم إلى البلاد غير الإسلامية حلال، والسفر إلى دبي حرام؟ عفواً، وبعد السلام عليكم، أنا من أهالي المدينة الحرام!

د. سالم حميد

كاتب من الإمارات

ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. عزيزي : الدكتور سالم حميد
    لك و لاهل الامارات كل الحب و التقدير – بالرجوع الي المقال فانك كفيت و و فيت – و نحن في حيرة من امرنا لا ندري من اين اتوا هؤلاء الذين يردون زرع الفرقة و الشتات بين العالمين الذين يتاجرون باسم الدين و القيم فالاسلام منهم برئ – فنحن السودانيين المقيمين في هذه البلد الطيبة بطيبة اهلها و عدالة حكامها و شيوخها – بلد يحترم فيها القانون.
    لا يمثلنا مثل هذه الاقوال الغير سليمة و نرفضها كل الرفض و لا تعنينا من اي جهة كانت او صدرت . فدولة الامارات كالجبل الثابت لا تهتم لرياح هؤلاء المارقين – كل يوم و دولة الامارات بالف خير -كل سنة و دولة الامارات تتميز – كل لحظة ودولة الامارات تسطر مزيدا من الاذدهار و الرقي — تحياتي

  2. السلام عليكم أخي الكريم . كنت ممن منحني الحظ وأقول ذلك وكل يقين بزيارة إلى الامارات العربية المتحدة والله العظيم أحسست في هذا البلد مالم أحس به في غيره من أحترام لللأخر وتقدير لضيوف هذا البلد وتشرفت بحضور مراسم العيد الوطني ورأيت بأم عيني كيف يحتفل الوافد أو الزائر بهذا العيد حتي قبل المواطن دافعة حب هذا البلد واحترامه لشعبه وقيادته . حفظ الله هذا البلد أمننا مسترقا وأقولها أن من لم يعرف الظلم وينتصر للمظلوم حتي قبل نفسه لن يصيبه سوء وستظل الامارات قبلة الزوار وبلد الخير ولن يمسها طيف مما يقول به هولاء الحاقدون .

  3. الإمارات دولة مؤسسات، لا يختلف أثنان على ماحققته من إنجازات في مختلف المجالات في أقل من نصف قرن من الزمان. فمن العلاج بالكي وصبر الصقطري (أنظر تحقيقات مجلة العربي في الستينات) إلى أحدث المستشفيات ومن العيش في الخيام إلى شقق السكاي اسكريبرز ومن الناقة والجمل إلى السيارة الأوبل، ومن ….إلى……. كل الإيجابيات المناقضة تماماً لما كان بالأمس مائة وثمانين درجة. الإمارات فتحت أبوابها لكافة العرب، وساعدت أخوانها في محنتهم عربيا وأفريقياً وإقليمياً ودوليا ولم تبخل على أي أحد مد يده سائلاً أو تعفف فعرفته من سيماه فحضنته وآوته….. الإمارات ما (قصرت).

    يجب أن لاتخاف دولة المؤسسات من فقهاء (اللوياجرقا) وقادة المليشيات. الإمارات دولة حديثة ومن يريدون بها شراً أقزام يعيشون في العصر الحجري. لا تخف أخي ويجب أن لا يخاف أحبابنا في الإمارات من حملة السيوف والخناجر.

  4. أشهد الله أنّ شعب الإمارات أرقى شعب عربي …. تهذيب ، دماثة ، تحضّر ، تواضع ، و كل الشيم و الأخلاق الرفيعة . و البلد من أقصاها إلى أقصاها ترى فيها اللمسات الجمالية و الذوق الرفيع مثمثلة في حدائقها و شواطئها و مبانيها و طرقها، تأسرك بسحرها و نظافتها. كما يلفت نظرك احترامهم لقواعد و آداب القيادة و حفاظهم على نظافة الطريق.

    شعب محترم بجد.

    أنا – للعلم – لست مقيماً في الإمارات ، بل أزورها من وقتٍ لآخر.

  5. لك التحيه يادكتور سالم وعلك سالم
    ياابن مدينه دبي دار الحي
    المدينه التجاريه المدينه الرياضيه
    الشاعريه مدينه كل اﻻطياف وكل .
    الﻻديان السماويه .كلن يلطقت رزقه في ادب واحترام
    اﻻمارات دوله القانون دوله اﻻحترام.
    دوله الحريه التي تعيش فيها اكثر من 180 جنسيه
    دوله العدل التي توحاكم المواطن قبل المقيم.
    من اجل العداله.واحترام اﻻخرين
    وهاذا بفضل القياده الحكيمه القياده الرشيده
    وربنا يحفظ اﻻمارات وشعب اﻻما رات .
    وشيوخ اﻻمارات.وربنا يكفيهم شر الحسد.
    امين يارب العالمين.
    والتحيه الي ابن دبي البار.
    الدكتور سالم حميد

  6. والله انك كل ما قلته حقيقة لا نعرف المجاملة ولكن هكذا دوما الامارات.. الاحساس بالامان … دولة تحترم كل القوانين والتشريعات .. لا فرق فيه بين عربى ولا افرنجى… نموزج فريد للتعايش السلمى بين مختلف شعوب الارض…لا تظلم فيها… حفظها الله من اخوة الشياطين المفسدين.. تجار الدين الذى به ينهبون ويقتلون ويخونون..

  7. في دبي مراكز كثيرة لتحفيظ القرآن الكريم يقوم المركز بترحيل الدارس من وإلى منزله، يعطى الدارس وجبة، يقوم المركز بتصنيف الدارسين حسب أعمارهم ، توجد جوائز بعد إكمل بضعة إجزاء، و…. أما المساجد فوالله لو كنت من المتهاونيين بالصلاة ودخلت مسجدا في دبي لجعلك تنتظر الصلاة بعد الصلاة لجمال بنائه وفرشه وتكييفه ، والدورات العلمية في الحديث، والتفسير، والفقه، والعقيدة، ومسابقات حفظ الحديث النبوي، كل ذاك رأيته عندما زرت إمارة دبي عام ٢٠٠٨. أما الشباب اللهي فلا يعجبه هذا كله …

  8. يا دكتور والله فتوى زي دي اجمل فتوى. …عارف ليه عشان دانة الدنيا تعدم هولاء المتاسلمين اعداء الجمال…..ودبي هي فخر كل انسان ومسلم وعربي بهذا الجمال وهذا التطور والرقي….. والحساد لو افتى بحرمة زيارة تلكل البلاد العامره بلمساجد والمسلمين المتحضرين يكون عدو للجمال وهو عدو نفسه وبذلك الامارات ليسة في حاجه لزيارة من هكذا بشر ملاء بلحقد…وعشاة دار زايد في حفظ الله ورعايته

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..