يا نجوم الغد .. كل شئ له حد ..!

لا أريد أن ( أشطح) واتطرف في الحكم على برنامج نجوم الغد فالاستاذ بابكر صديق ( برضو نيتو طيبة) و هو بالطبع لا يتخيل أن يخرج أحد ويقول له يا أخي ( كفاية) وبطيبته تلك لا يتخيل أن يتعرض لاتهام صريح بأن ماتفعله يابابكر صديق (فات حدو و انقلب لي ضدو) ..
وتقديري أن حالة برنامج نجوم الغد المرضية التي يعيشها هذا الجيل المغيب عن الوعي هي تعبير عملي عن ملامح الطمس الكبير في صورة المستقبل الذي ينتظر بلادنا ..
مليون فنان في بلد كل مشروعاته الإنتاجية متعطلة عن العمل .. ولو احسنا الظن في فكرة نجوم الغد نقول أن منتجه كان يقصد والله أعلم أن لا ينسى الناس في زحمة همومهم إكتشاف المواهب الإبداعية وأن لا نظلم تلك المواهب في زحام التحديات الكبيرة التي تواجه بلادنا لبناء مستقبلها ، نحن نحسن الظن ونقول إنك حاولت أن ترسم إبتسامة لكسر جمود الحياة لكنها يا استاذ تحولت من إبتسامة حميدة ألى قهقهات مزعجة وصخب مرضي .. فعلا والله مثلما قال عاطف خيري:
بلاد كلما ابتسمت
حط على شفتيها الذباب
بلادنا في هذا الحال من التعطل والتراجع في كل المجالات الإنتاجية والضياع ..بلاد تعيش حالة غيبوبة وتغييب حقيقي لنفسها عن الوعي .. صحيح أن المجتمع السوداني ولأسباب كثيرة لم يعد يعاقر أهله الخمر لكنهم ومع الأسف يستبدلونها الان بما يعطي نفس المفعول مفعول الغياب عن الوعي بكل شئ والإحباط الذي يجعل (عجلة الإنتاج) يتم تعديلها في ورشة بابكر صديق ومن معه ليتغير سير إنتاج المصنع التقليدي القديم إلى من مهمته الحقيقية إلى مهمة جديدة يصير بعدها مصنعا إنتاج المغنواتية فقط ..
حزني والله صادر أنفاسي في لحظة من اللحظات حين استمعت لهذا الرجل يبشرنا بعدد 2000 فنان في العام القادم ليضاف هذا الرقم إلى الاف أخرى انتجها مصنعه وغيره من المصانع الأخرى تحقق لبلادنا الإكتفاء الذاتي من الضياع والإحباط بعد أن أصبحت مهنة (المغنواتي) هي أهم منتجات بلادنا والحزن يتضاعف لو تذكرنا أن فائض إنتاجنا من (مغنواتية) السودان بعد مصاعفة الانتاج هذا الفائض ومع الأسف لا يصلح حتى للتصدير حتى نعزي أنفسنا ونقول ( أهو الشباب شاغالين حاجة مفيدة) وسينتجون سلعة ثقافية تفيد جسد وطننا النحيل والفاقد للسوائل والمعاقر لأنغام ( السليسيون ) الفني الجديد و غير الناضج أصلا وحتى لو كان ناضجا فلا أفهم أن تنتج بلادنا الالف الفنانين ولا تنتج شيئا لعشاء هؤلاء الفنانون أنفسهم على الأقل ..!
ولمن بدأ الان يلعن كاتب السطور على هذا المقال أنبهه بانني لست ظلاميا حسب المصطلح ( الشتائمي) الجديد ..! ولا أكره الغناء وليس عندي مشكلة من هذا النوع بل لا يكاد يمضي وقت لا أستمع فيه للحن أو أغنية لعقد الجلاد أو مصطفى سيداحمد أو محمود عبد العزيز وكل الكبار وحتى بعض الفنانين الجدد أنفسهم في الحد المعقول والزمن الذي يسمح بذلك وليس حديثنا بمعنى الإعتراض مبدءا على الغناء أو عدم القناعة بضرورة إكتشاف ورعاية المواهب ولكن فقط بعد الإجابة عن السؤال هل انتاج فنانين جدد هو الموضوع الأهم في السودان والتحدي الاكبر وهل يريدنا أحمد سليمان وبابكر صديق وغيرهم أن نتصالح مع هذا الإنتاج الشاذ في حجمه والكم الخطير من المغنواتية الذي يعني بالضرورة إفقار قطاعات ومجالات أخرى مهمة وتعطيلها حتى نهاية هذا الحفل غير النهائي وغير المحدد له أي حد مع بابكر صديق وحسن فضل المولى والمغنواتية الكرام ..

[email][email protected][/email]