أسماء تدليل و دلع

لي صديق « عينة » ولا شك انكم لديكم أيضاً أصدقاء من عينته، ممن يصدق فيهم قول أبو الطيب المتنبئ «ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً له ما من صداقته بد»، يقول ما يشاء وقت ما يشاء وبمناسبة ومن غير مناسبة وبداعٍ وبلا داعٍ، وما عليك إلا أن تذعن وتصمت وتسمع وتهز رأسك بالموافقة، وإياك أن تعترض فستدفع الثمن غالياً بفساد باقي يومك وإضاعته كله في الاستماع للحكي والرغي والبري «عمّال على بطال»? صديقي هذا زارني أيام اجازة قانون قوات الدعم السريع التي بزغ فيها نجم قائد هذه القوات اللواء محمد حمدان دقلو الشهير ب « حميدتي » على ما لهذا الاسم من بزوغ وصيت .. بعد السلام و«حق الله بق الله» وبالمناسبة ماذا تعني «بق الله»، فاجأني بسؤال عجيب لم أملك معه إلا أن أقول له «الله يجازي محنك يا فلان» ثم أطلق ضحكة مجلجلة..صديقي العجيب هذا ترك جانبا كل ما ثار من جدل برلماني وشعبي حول قانون الدعم السريع ، ليثير في وجهي سؤالا عجيبا مؤداه « ياخي الزول دا اسمو الرسمي المثبت في الوثائق الرسمية محمد حمدان دقلو .. حميدتي دي شنو اللي طغت على اسمو الرسمي لدرجة لو الواحد قال محمد حمدان دقلو بس ربما لا يعرفه الكثيرون ولكن يكفي أن تقول حميدتي فيعرفه الكل» ،كان لابد لي أن اجيب ولهذا استدعيت كل ثقافتي المحلية التي تشربتها من أهلنا في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى ،فقلت ان أهلنا في تلك الديار درجوا على تدليل تقرأ « تدليع » أطفالهم الذين يحملون اسم محمد أو احمد ب « حميدتي » وربما « حمي بضم الحاء وكسر الميم » ،ومثل هذا يفعله الأهل في اواسط السودان وشماله ولكن باسم دلع مختلف هو حمادة ..
ذات هذا الصديق كان قد القى علي قبل مدة سؤالا عجيبا محيرا من شاكلة سؤاله اعلاه ، كان ذلك عندما فاجأني ذات يوم سائلا بلا مقدمات من هو هاشم هذا ، قلت من تعني هل تعني هاشم عوض سكرتير تحرير هذه الصحيفة ، قال « صحيفة بتاع فنيلتك » أعني هاشم ابن مولانا الميرغني الذي ظل الاتحاديون والختمية يهتفون باسمه كل هذه السنين «عاش أبو هاشم، عاش أبو هاشم ونظرة يا أبوهاشم » ، قلت مولانا ليس له ابن اسمه هاشم ، وأصدقكم القول أن هذا السؤال فاجأني وحيرني بقدر ما أضحكني، وأظن أنني مثل كثيرين، كنت أمر على هذا الهتاف مرور الكرام دون أن أتوقف للحظة لمعرفة من أين جاءت كنية «أبو هاشم» هذه التي التصقت بمولانا محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وراعي الختمية، فطفقت أتحرى سبب هذه الكنية، خمنت أولاً أنها ربما جاءت على طريقة السودانيين في «تكنية» الرجل على اسم ولده أو بنته البكر، ولكن خاب تخميني إذ لم أجد بين أبناء مولانا الستة من يحمل اسم هاشم وهم على التوالي «علي، محمد الحسن، عبد الله المحجوب، جعفر الصادق، محمد، وأخيراً أحمد آخر العنقود»، ثم افترضت أنها ربما كانت كنية ورثها مولانا محمد عثمان من والده السيد علي الميرغني من بين ما ورث، وأيضاً لم أجد ما يعزز هذا الافتراض، حيث لم يكن لمولانا السيد علي غير ابنين هما مولانا محمد عثمان والسيد أحمد «رحمه الله» وبنت وحيدة هي السيدة نفيسة، إذن لم يبق غير ما تعارفت عليه العرب في إطلاق الكنيات التي لا علاقة لها بالأولاد، مثل تكنية الأسد بــ«أبو الحارث»، والضبع بــ«أم عامر» إلخ، ولكن حتى لو صح هذا، يظل السؤال قائماً عن سبب هذه الكنية، فهل من مجيب؟ ..

الصحافة