الزيجات الجديدة.. تعدد وتزوير في أوراق رسمية.. أدوار مجتمعية

الخرطوم – زهرة عكاشة
المرأة في كل مكان وزمان هي الوعاء الحامي والواقي للمجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة المنوط بها بناء المجتمع، وقيل عنها في منازل الشعر منذ القدم (مدرسة) إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، بقوامها تستقيم الأمة، لكن مع ما يحدث من تحولات اقتصادية هزمت القاعدة المجتمعية باتت المرأة السودانية في المحك، إما أن تقف أمام الطوفان صامدة شامخة وإما تنجرف وأينما يقف تقف. وهذا ما بدأ يطفو فقد بلغ السيل الزبى، وفاق الأمر حد الاحتمالات.
تناولت وسائل الإعلام في حادثة لا يمكن أن نصفها بالعادية لكنها موجودة، “شرعت إدارة التحقيق العام التحري في بلاغ تقدم به الشاكي ضد زوجة شقيقه، متهماً إياها بأنها قامت بتزوير قسيمة طلاق من شقيقه وتزوجت بآخر وسافرت معه لقضاء شهر العسل بالرغم من أنها في عصمة زوجها الأول، ودونت الشرطة بلاغاً في مواجهة الزوجة تحت المادة (123) من القانون الجنائي والمتعلقة بالتزوير”، ما هي الدوافع والمسببات؟
تردي الحالة النفسية
اعتبر بروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية أن ما تم نتيجة طبيعية ومنطقية لتردي الحالة النفسية للمواطنين وانهيار جدار العقل الباطن لدى كثير من السيدات. وقال: “التجارب العاطفية وغياب الزوج ومشاكل تأخر الزواج والخلافات الأسرية بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تنمي الشعور بالاحتياج والإشباع العاطفي والجسدي والمالي مترابطات تؤدي إلى زيادة في معدلات الشعور بالرغبة في التخلص من الواقع والهروب من براثن الاحتياج والاكتئاب، وكذلك كتعبير عن عدم الإيمان في عالم المثل وعدم الانصياع للمعايير الاجتماعية من السائد وتسامي روح الرغبة في الخروج عن الأنظمة الطاغية اجتماعياً ومعطيات التعبير عنها بحسب الشخصية المختلفة”.
وحذر بلدو من ارتفاع نسبة هذه الظواهر السالبة داخل المجتمع وقال: “إن هذه الممارسات تقود إلى زيادة وتيرة العنف والغضب، وربما تؤدي إلى الانتقام والتشفي سواء من جهة الزوج أو الزوجة، وأكد أنها مهدد اجتماعي خطير”. وأضاف: “في ذات الوقت وفي ظل المعطيات الحالية يمكننا أن نجزم أن هناك حالات كثيرة جداً لم يتم الكشف عنها أو ملاحقتها قضائياً، وتوقع بلدو زيادة وتكرار مثل هكذا حالات، في ظل وصول نفسية المرأة السودانية الدرجة الصفرية.
عدم استقرار
من جهته، أشار الخبير الاجتماعي د. عبدالرحيم بلال في مبتدأ حديثه إلى شكل الزواج في السودان، وقال: “إن الزواج غير المؤسس ينعكس على المجتمع ويعمق من أزمات الطلاق في المجتمع، سيما تلك الزيجات غير المعلوم نتائجها، وهناك كثير من النساء يدخلنّ في زيجات غير مؤمنة العواقب من كافة النواحي وتكون نتيجيها الطلاق في أفضل الفروض”. وأضاف: “باتت الحياة غير مستقرة، في ظل الضغوط الاقتصادية التي أفرزت الاحتيال وزادت من نسب الهروب من المسؤولية التي تقع على عاتق الزوج”.
وأرجع شيوع التزوير في مثل أوراق رسمية كهذه إلى عدم الاستقرار الحياة الروحية، وأكد أن مثل هذا التصرف لم يكن ليحدث في المجتمع السوداني، وعزا الأمر إلى طريقة الزواج التي كانت متبعة وسطه. وقال: “كان الزواج سابقاً يتم بطريقة مغلقة أي داخل الأسرة أو المعارف المقربين، أما اليوم شرع الباب على مصرعية في تلك المسألة وبات يتم على نطاق واسع دون معرفة الأسر المتصاهرة وهذه التحولات أفرزتها الهجرات والنزوح التي تمت مؤخراً، بالإضافة إلى إجراءات المحاكم الطويلة التي جعلت الكثيرين ينحون منحى الاحتيال والتزوير داخل المجتمع وشجعتهم على الهرب بدلاً من مواجهة المشكلات”. وأكد د. بلال أن المعالجة يجب أن تكون كلية، وذلك بمعالجة كافة الأسباب، وقال: “يجب أن يكون هناك استقرار اقتصادي واجتماعي، بجانب وقف الهجرات غير المرشدة والعطالة”.
حد الشرع والقانون
أما الشرع فحده واضح في هذه المسائل ولا غبار عليها، قال محمد علي المحامي: “إذا عقد المرأة على زوج آخر، فهذا الزواج الثاني باطل ويجب فسخه، ومن أقدم على هذا الزواج أو أعان عليه مع علمه بأنها لا تزال في عصمة زوجها، فهو آثم إثماً عظيما”. وأضاف: “كما تشير المادة (123) من القانون الجنائي السوداني لسنة (1991)م أن من يرتكب جريمة التزوير في المستندات أو يستخدم أو يسلم غيره مستنداً مزوراً بقصد استخدامه، مع علمه بتزوير المسـتند يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة فإذا وقع ذلك من موظف عام في سياق وظيفته يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..