مقالات متنوعة

النظام الفاسد: شرعية كذوب وعضوية سراب

د. سليمان علي

كشفت الانتفاضة الشعبية العفوية للجماهير السودانية الوهم الكبير الذي يعيش فيه قادة النظام وتمت تعرية الشرعية الكاذبة التي يتشدق بها هذا النظام من خلال الانتخابات المزورة التي ظل يجدد بها حكمه لسنوات امتدت لثلاث عقود من البؤس والفشل والفساد الممنهج والتحشيد القائم علي الترغيب والترهيب دون قناعة تذكر من الجماهير الا باعتبارها حكومة الامر الواقع، فقد ظل هؤلاء الشرذمة المعزولة المحدودة يمارسون اسوأ انواع الاستغلال لحاجة الناس وفقرهم من خلال المساومة بالولاء والانتماء، ومن خلال التهديد بمنع التنمية عن المناطق التي تستعصي عليهم وترفض الخضوع لهم.

عاش النظام 30 عاماً وهو يخدع نفسه ان الشعب قد انتظم في صفوفه وان الاحزاب تآكلت عضويتها واغراهم كل ذلك الي اطلاق عبارات خالية من المحتوي تظهر خواء رؤوسهم وافتقار مشروعهم لأي جاذب مثل عبارات (لحس الكوع / نافع علي نافع) (الزارعنا يجي يقلعنا/ البشير) عبارات تهديد اجوف كان يرددها المراهقون والشباب المتحمس في القرن الماضي ولا نجد لها حسا في العقد الاخير حيث ارتفع الوعي درجات وظل هؤلاء يمارسون الهرج السياسي واستعراض القوة الكذوب بالاضافة الي الكذبة الشهيره ان عضويتهم تبلغ 5 ملايين عضو مسجل وهي الكذبة المضحكة حيث لم يشهد التاريخ السياسي للبشرية مثل هذا الرقم المهول لعضوية حزب سياسي ربما فقط في الصين ذات المليار و300 مليون نسمة!.

انتفض الشعب بشروط الثورة الاجتماعية/السياسية التي لا تحتاج لترتيب ولا تخطيط النظام الذي اذاق الشعب المرار والحنظل في سبل عيشه وفي الرواتب الضعيفة التي لا تكفي حتي لنصف شهر بالاضافة الي الازمات التي تطاولت منذ العام 2011 في الغاز والخبز والوقود وقد ثار الشعب في سبتمبر 2013 وكانت ايضا هبة شعبية شبابية اسقطت النظام فعليا وعجزت آلته القمعية عن ايقاف تلك الثورة الا باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين العزل الا من ارادتهم القوية لاسقاط نظام البؤس الجاثم علي صدورهم وقد سقط اكثر من 250 شهيدا – حسب تقديرات منظمات حقوقية –  برصاص قوات الامن وما يسمي الدعم السريع وهي المليشيات التي ارتكبت انتهاكات واسعة في دارفور.

ان انتفاضة الشعب السوداني في ديسمبر /2018م تختلف عن سابقتها سبتمبر في كثير من الاشياء اهمها: تحديد الاهداف التي تعتبر رمزا لنظام البؤس وفساده المؤسسي حيث كانت مقار المؤتمر الوطني هدفا رئيسا للحرق والتدمير بالاضافة الي ديوان الزكاة الذي يعتبر احد اوكار الفساد الانقاذية الذي ظل يصرف اموال الزكاة لغير مستحقيها الذين يقفون لايام في صفوف امام دوره ثم لا يجدون شيئا وربما فتات من ذرة او مبلغ زهيد وظل هذا الديوان يصرف علي الاعمال الحزبية وتمكين الموالين مالياً وتحوم حوله الكثير من الشبهات.

ايضاً استهدف المحتجين المحليات ويعلم الجميع ما تضعه علي كاهل المواطنين الكادحين من رسوم وجبايات تشابه تلك التي فرضها الاستعمار التركي ولا تعود عليهم خدمات وظلت هذه المحليات تجبي اموالا طائلة يعتقد الكثيرين ان مصيرها جيوب المعتمد وحاشيته من مدير تنفيذي ومنسقين ومسؤولين في الحزب الحاكم.

ان هذه الغضبة الشعبية ازالت الغطاء السياسي عن المؤتمر الوطني وكشفت انه حزب سلطة مستبدة لها قيادة بلا قاعدة تسند النظام جماهيرياً والدليل عدم خروج اي مسيرة عفوية موالية للنظام كما راينا في كل من (مصر وليبيا واليمن ) ابان ثورات الربيع العربي حيث كانت جماهير النظام تتحرك في مسيرات لردع الثورة وتحاول اظهار شرعية النظام وقاعدته الجماهيرية وهو مالم تسجله هذه الاحداث ما عدا الحشد المصنوع في الساحة الخضراء وهو المجهز بامكانيات الدولة ولا يوازي باي حال نبض الشارع الذي صنعه ثوار 19 ديسمبر، ويمكن القول ان عضوية المؤتمر الوطني المدعاة منذ سنوات هي في الاصل سراب يحسبه البشير ماء حتي اذا احتاج اليه لم يجده ووجد الشعب السوداني في شوارع جميع المدن الثائرة فيقتص منه ظلمه وتشريده وقتله للشعب السوداني في مناطق الحروب بالته الحربية وفي شوارع المدن بقناصته ورباطته المنتشرين علي اسطح البنايات في القضارف وعطبره وغيرها.

ان القتل الذي يمارسه امن البشير لن يرهب الشعب الذي كسر حاجز الرهبه والشعوب دوما تجدد نفسها بالدماء الزكية التي تسيل من الاحرار الذين رفضوا الظلم وثاروا وسيصمد الشعب امام كل محاولات كسره واخضاعه وانها لثورة ظافره باذن الله وسيكتب الشعب دستوره بعرقه ودمه ويده ولن يكون السودان بعد هذا الحراك كما كان سابقا مرتعا للانتهازيين الفاسدين والشموليين واصحاب الاجندات الخبيثه التي تفرق بين السودانيين وسيعبر به الشباب الحر الي المستقبل.

اللهم ارحم شهداء الانتفاضة الشعبية

واشفي الجرحي والمصابين

واحمي الشعب السوداني من بطش الطغاة

#النصرللانتفاضةالشعبية

#مدنالسودانتنتفض

#الثورةخيارالشعب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..