«الحبوبة» لا تستحق هذا .. إنهم يقذفون بها في غياهب النسيان

الخرطوم: عوض نميري : «الحبوبة».. ذلك المعنى الكبير الذي له في نفوس المجتمع السوداني مكانة خاصة.. وخصوصاً عندما يقترن هذا الاسم بجمال المفردة الحنونة الرنانة «يُمة» فهى لا سيما تحمل في طياتها مضامين اصيلة وقيمة مؤصلة تحكي عن ملامح وسمات ترابط هذا البلد الطيب المعطاء، في صور شتى كانت الاولى من نوعها، ضاربة بذلك التفرد النبيل أسمى خصال الحب والوفاء لمن ذادوا عنا ولأجلنا ضحوا بما لا تستطيع اقلامنا حصر ولو جزء من عطائهم الثر الجميل.
كل المجتمع بلا شك يدرك أهمية وجود «الحبوبة» في حياته اليومية ودعواتها الصادقة.. «ربنا يعليك وينجحك ويوفقك» بجانب كثير من الآمال العريضة الوارفة التي ترفرف بنا في فضاءات السعادة التي يمكننا أن نراها مكتوبة في جبينها الناصع، وكانت عيونها خير مترجم لفيض ذلك الحلم الكبير، تحمل بين ذراعيها حضناً دافئاً يذيب مخاوفنا إن جار علينا الزمان بمسميات جوره المختلفة، تملك قلباً طيباً، وعقلية عنوانها الحكمة، لسانها ينطق عبراً، كيف لا وهى التي «مضغت» ولاكت الحياة وعايشت مرها قبل حلوها، وطبيعي ان يكون لسان التجربة الصدق.
هذا بجانب أنها دائماً تمثل الحلقة التي تربط جيلاً بآخر، من نقلها لثقافات وتقاليد وعادات من شأنها أن تبلور لنا حضارات عميقة المعاني والمعالم بقصصها البسيطة التي تكسوها حلاوة السرد وبساطة الكلمات وقوة المعاني، ومضمونها يترك في الآخرين رسم صورة لمن سبقوهم من جيل ورعيل، إلا أن ذلك الإرث العظيم «حبوبة» يحفظ لهذا المجتمع حضارات وثقافات من الطمس والضياع من خلال الهجرات والنسيان بصورة تحدث تدريجياً وببطء شديد، فشيئاً ثم رويداً يشعر الافراد بأن لهم مبادئ قد غيبها النسيان ودفنت مع الايام وسكنت الثرى مع من سكنوه!!
كل هذه الاهمية واكثر لحضرة الموقرة «الحبوبة»، إلا أن الناظر لها هذه الايام فإنه يرى ثمة غرفة على اطراف المنزل ــ البيت الكبير ــ خيم عليها الظلام إلا من خيوط استرسلت عبر نافذة متهالكة النوافذ، معظم اثاثاتها قد أكل عليها الدهر واطفأ ظمأه منه!!
تربيزة صغيرة يتوسطها إناء طعام وكوب ماء وتحتها إبريق امام «سرير» به شبح إنسان جاثم عليه شاخص ببصره نحو حركة العكنبوت على سقف الغرفة وهى تسعى لبناء بيتها!!
صمت، وحدة، حسرة، حزن ومرض كان هذا عنواناً لمعاملتنا للحبوبة في زمن صعب بدل في دواخلنا القيم الجميلة التي كان الآخرون يضربون المثل بنا فيها لتميزنا بها من بين أمثال كثير من الشعوب، إلا أننا إلا من رحم ربي نسيء معاملة كبارنا في امثل صور من القسوة عنونت شخصيتنا ضيقة الخلق وعديمة الوفاء لمن منحونا عطاءهم مدراراً ومازالوا يمنحونا حبهم وودهم وكل غالٍ ونفيس عندهم!! كل هذا يقابله هجران وتذمر وحكم بالموت البطيء وتركهم وحيدين يجابهون شبح الشيخوخة المرير!! وذكرياتهم الطويلة التي كانت الحيطان لها خير سامع إلا انها لا تجيب ولكنها لم تكن اشد قسوة ممن يعامل والديه هكذا!!
٭ لماذا نفصل طعام «الحبوبة» لوحدها؟! ولماذا تترك وحيدة لتقابل آلامها وأحزانها!!
لماذا تغير بنا الحال وسمحنا لانفسنا أن تقسو على من حملونا ليلاً ونهاراً ونحن ما بين الحياة والموت صغاراً لحماً لا يتعدى وزننا بضع كيلوات!! وفعلنا بهم ما فعلناه!! ورغم ذلك لم نجد منهم سوى البسمة الصادقة.. والحب الحقيقي! والحضن الذي يذيب آلامنا ويكافح مرضنا ويطرد كل هاجس يتوجسنا في ذلك الوقت الاول من الايام التي تعقب الميلاد!! وبعد كل هذا أيحق لنا أن نبتعد منهم لمجرد أنهم صاروا في مرحلة يحتاجون فيها لباكورة انتاجهم ان تقف الى جوارهم في محن الحياة الاخيرة التي يمرون بمنعطفها!! ونتركهم في غرف منعزلة تؤانسهم فيها الفئران التي تخشى هيمنة القطط!!
هذا يعد تقصيراً كبيراً في حق «الحبوبة»، وظاهرة من الظواهر الخطيرة التي ألمت بالمجتمع السوداني الاصيل ذي القيم الراسخة المتينة منذ زمن ليس بالقصير.
لا بد من وقفة عاجلة مع النفس لمراجعة ومحاسبة الانفس وتلمس الضمير لتصحيح تلك الشوائب التي دخلت مجتمعنا خفية!! إلا أنها أتت عن طريق الباب الذي تركناه نحن أنفسنا مفتوحاً!! علينا ان نكرم كبارنا حتى نكرم، وفي هذا أصل انساني نادت به جميع ديانات السماء.
كما يجب علينا ألا تغرنا الدنيا بنعيمها الزائل عما هو أهم وأرحم وثوابه في الدارين يصيب، فالاهتمام بالوالدين والصبر عليهما أجره عظيم، ومن كان له كبير من والديه ولم يدخل به الجنة فوا اسفاً عليه، فقد أضاع من بين يديه فرصة لا تعوض!
ومازال المجتمع السوداني بخير طالما فيه نقاء السريرة وطيب المعشر وبساطة النفس، إلا أنه مطالب بالاهتمام والانتباه جيداً لما يُحاك له من مغريات، فإن تبعها ضاعت ملامح المجتمع السوداني الأصيل
الصحافة
لك التحية
لقد اعجبنى الموضوع والذى كنت قد اثرته من قبل من خلال احدى مشاركاتى الاجتماعية فلك كل التحية والتقدير على هذة اللفتة البارعة كما ارجو ان تسمح لى بهذة المداخلة المتواضعة علها تقرب الصورة لدى القارئى ولك كل شكرى
————–
فاطمة السمحة
عبد الباقي الطيب محمد الحسن
كغيري من صنوف البشر لازلت اجري واتعب وأكد وأكافح لكي أعيش أو لكي يعيش أبنائي وتسعد زوجتي وتشكرني إنها الحياة ودوامة الفرض المفروض فرضا على الجميع .
أعود إلى البيت في خواتيم ساعاته وتعود معي الآم ما اقترفته قدماي وما أصاب جسمي من اللحاق بركب من ساروا أمامي بغرض الوصول إلى درجة العيش الكريم وعند دخولي إلى البيت أجده ممتثلا بجسده الصغير وضحكته البريئة الجميلة.
فتسرى الروح في بدني وترتفع الدماء الشابة في شراييني فتخرج الابتسامة رغم انفها من بين تجاعيد وجهي المجهد مجبرة أمام هذا الكائن الجميل أمام طفلي وطفلك أمام ملائكة الرحمة الذين أجبرتنا لوازم الدهر وفروض الحياة عن البعد عنهم وحرمنا من العيش تحت أجمل سقف أوجده الله لنا وهى دنيا الطفولة .
أنا وغيري ومن عاشوا في ذاك الزمن الجميل حيث كان الوقت مسخرا أمام أمي وأبى يطوعون الوقت كيفما ما يشاءون فنحظى نحن بنصيب الأسد من تحنانهم وحنانهم وتواصلهم الجميل .
كنا نسمع منهم الكثير ونقراء في ضحكتهم وتبسهم لنا عن الكثير . وهذا ما أثبته وترجمه المجتمع السوداني العظيم على مر العصور والأزمان من خلال حفاظه على أرشفة خيال الطفولة الجميل عبر ارتياد الجميع لمدرسة حبوبه الخاصة والتي تمثل إحدى كنوز مجتمعنا السوداني المتفرد بالألفة والنسيج الاجتماعي القوى والمتمثل في منهجها القويم و تمرحله من خلال سرد روايات الأطفال من جيل إلى جيل ومن زمن إلى آخر .
فمن منا لايعرف فاطمة السمحة والشاطر حسن ومن منا لايعرف خاصية الشجاعة والكرم واحترام الكبير والعطف على الصغير.
لقد ظلت الحبوبة وما زالت تلكم المدرسة الخاصة بمنهجيتها المميزة قوامها الحنان والعطف تدرسنا مواد بعيدة عن عالم الفلاسفة والمرتجلون ,تزرع في أرضية قلوبنا أعظم معاني الصدق والحياء فمنها تعلمنا وتعرفنا على أركان المحبة والتواصل وحدها تعطى وتجود بمنها السخي فترحل بنا عبر خيالها الذاخر إلى دنيا الصدق والإباء فتسقينا من دنه احلي كؤوس المعرفة وحلاوة الالفة والاطمئنان والجميع يزاحم الصفوف للقرب منها والدنو من محرابها وإطلاق نفوسنا الطاهرة والسفر معها
في عالم الخيال فتنتقل أرواحنا من جنة إلى أخرى .هذه هي الحبوبة وهذه ها أولى بوابات الرحمة والمؤدية إلى التدرج بالنفس الدامية إلى درجة السلامة والعفة ومن ثم تبلورها في دنيا المجتمع الكبير.
عندما تهدأ النفوس ويأتينا الليل يتزحزح بجسمه الصغير ويتقرب منى فيسالني في تودد ورجاء أريد أن اسمع قصة فاطمة السمحة أو قصة الثعلب أو قصة التمساح أو غيرها من الراويات الملهمة لعقلية الأطفال .
انظر في كل جنبات البيت ابحث عنها ابحث عن حبوبه ابحث عن تلكم الملهمة فانا تلميذ في مدرستها وصدقوني مهما اجتهدت في محاولتي إرضائه فلن اقدر فهو مبرمج وبالفطرة على سماع ذاك الصوت المتقطع والدافئ فالنفس تأبى أن تصون عوالم الغير وإلا لكانت عناصر العولمة أجدر من حبوبه.
أقول ذلك وقد أحضرت كل الأسلحة العصرية لمحاربة الكبت عند اطفالى الكمبيوتر, الاتارى, قنوات الكرتون ,ألألعاب , الخ, ولكنني لم ولن اقدر على إحضار حبوبه .
اخواتى الأمهات ومن تعيشون بعيدا عن هذه المدرسة العظيمة اعذروني فلقد قمتم بالدور وأكثر عبرتم عنبر الولادة المتوشح بالآلام والمعاناة فتألمتم وأفرحتم الجميع بالمولود فلكم الشكر والشكر موصول لكم أيها الآباء الأعزاء فلقد جاهدتم ولا زال كفاحكم مستمر من اجل توفير كذا وكذا وكذا وأنا أكثر المدركين لذلك ولكن أن نحل أو ندنوا من مقارعة ذاك الرقم الكبير أو مقارعته في العطاء فهذا ابعد المستحيلات لأنني أنا نفسي احتاجها قبل حمودى ولكن عزائي الوحيد فهو لم يدرك بعد من هي حبوبه وإلا لسخرت عيناه وآذانه منى لأننا نعيش في زمن يبحث فيه الجميع عن حبوبه …. ولكم الراى
الله يرحم حبوبتى (لامى )فقدكانت ملاك بيننا وياما حجتنا ونصحتنا واتذكر دعواتها لينا بعدكل صلاه الله يرحمها رحمه واسعه ويخلى لينا الوالده
ان شاء الله تتعلى ماتتدلى وربى يعلى مراتبك والكثير من الدعوات التى لاحصر لها تنطق بها انسانة كلها حكمة ونضم موزووووووووون وحنكة وحنية حبوبهاافتقدناها افتقدنا الحنية الحكمة افتقدنا كل ماهو جمييل الى الان كل مازاغ بصرى لسيدة كبيرة فى السن يعنى حبوبة ياخذنى فضولى للحديث معها والسلام عليها اللهم ارحم حبوباتى وربنا يخلى االقاعدين ويديهم الصحة والعافية فهم اناس لن يتكررو فى زمن تبدلت فيه المفاهيم