مقالات وآراء

مبادرة من اجل المفقودين في ثلاجات المشارح

محمد البشير احمد

اذا قدر لك ان تذهب الي احدي المشارح في هذه الايام سوف تري العجب العجاب ، كان ذلك قبل شهرمن الزمان في مشرحة مستشفي بشائر بمايو في انتظار جثمان فقيد ضمن مجموعات اخري تجمهرت ام بوابة صالة المشرحة وقد حضر الطبيب المسؤول للقيام بعمله لكن انقطع التيار الكهربائي وامتد لعدة ساعات وبعد عودته وعند دخول الطبيب ليباشر عمله مع فتح باب الصالة امتدت الروائح مسافة طويلة يصعب معها التنفس ناهيك عن اي نشاط آدمي اخر. وبسؤال الطبيب عن ذلك قال ان هناك جثث مجهولة منذ فض اعتصام القيادة العامة مؤكدا ان الامر يزداد سؤا والجثث تحللا مع عدم استقرار التيار الكهربائي ، فيشرد الزهن ربما رايت احد هؤلاء المجهولين ربما كان بجانبك وهو يهتف او سقاك ماءا في عز الهجير، كيف حال اسرته من الاسي وهو مفقود في نظرهم  كل تلك المدة. لماذا لم يصدرتحقيقا عن ذلك.؟ الي اعلنت رسميا هيئة الطب العدلي عن وجود ما يفوق الثمنمائة (800) جثة مجهولة منذ فض الاعتصام.

             حيث قالت هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم علي لسان مديرها  د.هاشم محمد صالح وعضو لجنة التحقيق حول جريمة فض الاعتصام، ان انقطاع التيارالكهربائي المستمر يؤثر على الجثث الموجود بثلاجات المشارح ،لافتاً ضرورة إنشاء مركز لمجهولي الهوية ومن خلاله يمكن تحديد الحمض النووي لكل جثة. فاصبحت المصيبة مصيبتان والجريمة مركبة واكثر تعقيدا ان يكون لك شهيد ولا تدري اين اختفي قسريا  وكيف قتل لتجده بعدم اكثر من عام  وقد تحللت جثته وان تتمكن من دفنه بما يليق وتنهي حالة العذاب من مفقود سوف يعود غدا او بعد غد.

           وتنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري المعتمدة من الامم المتحدة عام 2006 م  في المادة (2)  علي انه يقصد ب‍ ”الاختفاء القسري“ الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون. لذلك الاحتفاء القسري في حد ذاته جريمة كبري لمفقودين منذ الثالث من يونيو عشية فض الاعتصام هذا ان كانو احياء فما بالك ان وجدناهم جثث متحللة ، كذلك الصمت تجاه هذا عار جبين حكومة الثورة ان تفشل او تتأخر في تحقيق العدالة لثوار فدوها بدماءهم النقية وقلوبهم  الصادقة ، او قل علي اقل تقدير الكشف عن وضع هؤلاء المختفين او التعرف عليهم بتقنية كشف الحمض النووي للتاكد كل اسرة مفقود ان كان عزيزهم من ضمن هؤلاء وتتحصل علي جثمانه من بين تلك الاجساد المكدسة في ثلاجات المشارح التي تركت حد التعفن .

                     لم يتبق الا المجهود الشعبي ويجب ان تقوم مبادرة عاجلة لعمل مسح معملي للحمض النوي لمقارنتها مع ذوي المفقودين وتوفير الاحتياجات المادية واللوجستية لذلك بدون تاخير وبتنسيق مع قانونيين واطباء لانجاز ذلك العمل انها مسؤوليتنا جميعا كل من وقف مع الثورة ودعمها انهم اجسادنا الضائعة وارواحنا المسخنة بالوجع ، ولتكن تلك خطوة الاولي ثم الضغط لجلب العدالة الناجزة ، العدالة التي تعرف ان الدم قصاد وليس احد مجبور علي الدية ، فالعدالة الانتقالية الحقيقة لا تعني تنازلا عن القانون او الحقوق تحت اي مسمي كما  ان نموذج  المصالحات الشعبية كالراكوبة والقلد وغيرها التي ذكرها كمال الجزولي نماذج محلية جرائمها ليست بهذا الحجم  والخطورة والانتهاكات الفظيعة حتي تحل بالتنازلات  والتسويات ، وهي تعالج قضايا سرقة بقرة او حمار..

محمد البشير احمد
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..