كم هم مُتَعبون..! على النار الهادئة تنضج رئاتهم

ريفي بورتسودان ?
حتى تصل درجة الغليان، فإن “الحلّة” المعدة في مطعم شعبي بريف مدينة بورتسودان تكون قد استغرقت وقتا ثمينا من الإعداد، وكميات وافرة من الوقود تكملها الغازات المنبثعة منها بالطبع. وللرجل الخمسيني صاحب المواجهة الحامية مع “حلله” بعض من آثار تلك العملية المرهقة، فشعره بدا بلون داكن، وأطراف أصابعه محترقة من أثر التقليب المستمر للطعام والتعرض للأبخرة. وللسعال نصيب أيضا من رئة صاحب المطعم في بلدة “درهيب”؛ فمع تصاعد ألسنة الدخان تداهمه “الكحة”، خاصة وأن الوقود في غالبه من شجيرات “المسكيت” المنتشرة في معظم الريف “شرقي” البلاد، وهي من أنواع الأشجار الطفيلية.
(1)
على تلك الحالة يداوم المئات من أصحاب المطاعم الريفية خدمة العابرين في المحطات السفرية في مناطق الريف بولاية البحر الأحمر، وتنتشر بين كل (حِلّة) صغيرة أو بلدة، ذات الصيغة الواحدة في إعداد الأكل ويتكرر حجم المعاناة فيها، حيث أن استخدامات الغاز تصبح مستحيلة في تلك المناطق، وحيث لا تتوفر أي صيغة لحماية أصحاب تلك المطاعم، فإنهم مستمرون في الأداء الحاتمي لمهنتهم مع زوارهم، وقد صبغت الأواني المستخدمة طبقات من السكن “ثاني أكسيد الكربون”.. وبالتالي لرئاتهم أيضا منها نصيب.. تختفي آثار العناية الصحية في تلك الأرياف خاصة، ومعلوم أن مناطق شرق السودان تعاني من انتشار مرض السل كحقيقة معروفة منذ عشرات السنين.
(2)
تفرض البيئة القاسية سطوتها على هذا الضرب من إعداد الأكل والأطعمة، ولا خيار آخر بخلاف الاستزادة منها خاصة للركاب أو من ينقطع بهم الطريق بسبب عطب سيارة، أو معظم العاملين في مهن مثل الرعي والزراعة، ويبدي (عمر دريب) وهو أحد أصحاب المطاعم استعدادا لتحديث مطعمه لكن دخله اليومي لا يتجاوز الصرف على مهنته، ويقول إن زوار مطعمه – المكون من راكوبة حطب وقش – قليلو العدد ومعروفون له ولا مجال لتوسيع حجم الوجبات خوفا من الكساد.
(3)
يندر أن تجد هناك أي قوائم للإرشادات الصحية في المكان كما هو معمول به في كثير من المطاعم السياحية، كما أن الحكومة لا تنتبه لتحصيل رسوم من أصحاب المطاعم في الريف البعيد ولا تكلف عربات الجباية نفسها ركوب المخاطر من أجل “حلة” دمعة

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. التحية وألف سلام تعظيم لأدروب الصامد يكافح الشدائد وألأمراض وقساوة الطبيعةوهو بعيدا منسيا منفيا فى أرضه وأرض أجداده التى يتاجر بها أعداء الوطن والدين وألإنسان والحيوان والشجر والجبل,فأصبر قليلا يا أدروب ولا بد للقيد أن ينكسر ولا بد لليل أن ينجلى.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..