مقالات وآراء سياسية

هذه هي قصة انقلاب الجبهة الاسلامية من البداية حتى البيان العسكري رقم واحد

بكري الصائغ

مقدمة : في يوم الاثنين القادم ٣٠/ يونيو الحالي ٢٠٢٥م، تجي الذكري السادسة والثلاثين علي انقلاب الجبهة الاسلامية الذي وقع في يوم الجمعة ٣٠/ يونيو ١٩٨٩م، وأهدي هذا المقال -بصورة خاصة- الى أبناء وبنات الجيل الجديد الذين لم يعاصروا وقتها أحداث هذا الانقلاب المشؤوم ، وشاء حظهم العاثرأن يولدوا في زمن الفقر، والجوع، والامراض، والتصفيات الجسدية، التي جاءت بعد هذا الانقلاب الإسلامي، ويعتبر هذا الانقلاب الاسلامي هو الثالث في سلسلة الانقلابات الناجحة التي وقعت خلال الفترة من عام ١٩٥٨م وحتي اكتوبر ٢٠٢١م.

 

المدخل الاول/- الصادق المهدي كان علي علم مسبق بالانقلاب:- نشرت صحيفة “الراكوبة” في يوم ٧/ فبراير ٢٠١٤ مقتطفات من كتاب الأستاذ/ فتحي الضو (السودان سقوط الأقنعة) الذي وثق لفترة من تاريخ الحكم في السودان، وكانت تشبه تماماً تلك الفترة التي عاشتها بغداد قبل سقوطها على يد التتار، فالخليفة العباسي عندما طالبه هولاكو بالاستسلام رفض محذرا المغول بأنهم سيواجهون الغضب الرباني إن هم هاجموا الخلافة الإسلامية، بينما السيد الصادق عندما أخبرة ضابط من جهاز الأمن بأن هنالك «هناك ترتيباتٌ تَجرِي لتنفيذ انقلابٍ عسكري لتَغيير السلطة الديمقراطيَّة»!!، تساءل باستنكار: “«تفتكر مُمكن ضابط يغامر ويهِدد الشرعيَّة الدُستورِيَّة؟!»” ، ولم يتحرك الخليفة العباسي لحماية بغداد، وكذلك لم يتحرك الصادق المهدي لحماية النظام الديمقراطي الذي ائتمنه عليه شعب السودان.

 

المدخل الثاني (أ)/- تجي في يوم الاثنين ٣٠/ يونيو الحالي ذكري هذا الانقلاب الذي قام بها العميد/ عمر البشير -(أحد كوادر الجبهة الإسلامية القومية المنشقة عن جماعة الاخوان المسلمين في القوات المسلحة)، واطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة التي كان يترأس مجلس وزراءها الصادق المهدي، ويترأس مجلس رأس الدولة وقتها السيد/ أحمد الميرغني، ورأيت بهذه المناسبة الانقلابية في ذكراها السادسة والثلاثين، ان انقل الى القراء الكرام اعترافات خطيرة ادلي بها العقيد اركان حرب/ فيصل ابو صالح حول قصة وقائع الانقلاب، وكيف وقعت؟!! ومن كانوا خلفها؟!!

 

(ب)/- العقيد اركان حرب فيصل ابو صالح كان عضوآ في (المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ)، كان ايضآ واحد من الضباط الذين شاركوا مشاركة كبيرة وفعالة في انجاح الانقلاب، شغل العقيد/ فيصل ابوصالح منصب وزير الداخلية مباشرة بعد نجاح الانقلاب.

 

(ج)/- بعد ان شغل العقيد اركان حرب/ فيصل مهام وزارة الداخلية تعرض لمضايقات كثيرة وتدخلات من بعض زملاءه اعضاء (المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ) في شؤون وزارته بصور سافرة، واتخذوا قرارات كبيرة تمس صلاحياته دون اذنه، فقام بتقديم استقالته للعميد عمر البشير، الا ان البشير رفض قبول الاستقالة وارجاءها فترة من الزمن ثم اصدر بعدها قرار بعزله، وكان هدف البشير ان تاتي الاقالة من عنده لا استقالة من العقيد فيصل!!، وهو نفس الاسلوب الذي كان يتبعه دائمآ الرئيس الراحل نميري الذي يقول : (ماعندي زول بقدم استقالة … انا بس بطرد)!!

 

(د)/- بعد ان خرج العقيد/ فيصل من (المجلس العسكري العالي)، وايضآ من وزارة الداخلية واصبح مواطن عادي، فكر في كتابة مقال طويل يشرح فيها بالتفاصيل الدقيقة خفايا واسرار انقلاب يونيو ١٩٨٩م منذ لحظة ان كانت مجرد فكرة الي تنسيق وتدبير مع الضباط الاخرين، الي مراحل التجهيزات والاستعدادات، ثم القيام بالانقلاب واستلام السلطات بالكامل، وانتهاءآ باذاعة (البيان العسكري رقم واحد)، قرر فيصل ان يكتب عن هم اصلآ الذين قاموا بالانقلاب؟!!.. وماهوايتهم?!!…وكيف التقوا واتفقوا?!! …وكيف اتفقوا علي ان يكون عمر البشير رئيسآ لهم?!!

 

(هـ)/- بعد ان قام العقيد/ فيصل بكتابة موضوعه وانتهي من اخر اوراقها، قام باخراجها سرآ من السودان لتصل الي جريدة (العالم اليوم) المصرية، التي قامت بنشر المقالة- بتاريخ (السبت 25 محرم 1413 هجرية- الموافق يوم 25 يوليو 1992- العدد رقم 312). وكتبت الجريدة في بداية نشرها للمقال، ان العقيد اركانحرب/ فيصل ابوصالح قد بذل جهدآ لاخراج هذه الاوراق من السودان، واعلن انه يتحمل كافة تبعات كل ماجاء فيها من معلومات، وانه لم ينس ان يوجه شكره لكل من ساعده في اخراجها، اما هو(فيصل) فقد فضل البقاء داخل السودان ليواجه الظلم. ونشرت الجريدة ايضآ “ونظرآ لأهمية المعلومات التي تتمنها هذه الأوراق ننشر نص اعترافات العقيد اركانحرب فيصل علي ابوصالح”.

 

(و)/- العناوين التي جاءت في الصفحة الخاصة بنشر اعترافات كانت علي النحو التالي:اعترافات وزير الداخلية السابق/ هذه هـي القصـة الحقيقية لانقلاب البشيـر/ اختلفت مع مجلس قيادة الثورة … وتلك هي الاسباب/ خطة بديلة للاستيلاء علي السلطة بقيادة سوار الدهـب.

 

ملحوظة : ساقوم بنقل ما نشرته الجريدة تمامآ كما ورد فيها بدون اي اضافات او حذف او شطب او تعديل من عندي.

 

الـمدخل الثالـث/(أ)- يقول العقيد فيصل ” كنا نحن الضباط المنضوين تحت (لواء التنظيم الاسلامي) اربعة اشخاص فقط في محافظة الاستوائية وهم: كمال علي مختار، وانا، وعبدالقيوم محمد احمد الحاج، ويونس محمود. وكان هناك عدد اخر من الضباط القريبين من التنظيم ممن نطلق عليهم (المؤلفة قلوبهم)، وهم التيجاني ادم الطاهر، وفيصل مدني، وصلاح عبدالله عظيمة”.

 

(ب)/- قال فيصل “بناء علي توجيه منا، زار علي عثمان المنطقة العسكرية الاستوائية بصفته زعيم المعارضة بالجمعية، وكانت هذه الزيارة اولى خطوط الاعداد، وانفرد بنا علي عثمان وابلغنا بضرورة وجودنا بالخرطوم وان التنظيم سيرتب ذلك، وبالفعل في اقل من شهر نقلت انا الى اللواء (20) مشاة، ونقل عبدالقيوم بالكلية الحربية، ويونس للتوجية المعنوي بالخرطوم، وبقي كما محسوب وكان على اتصال بنا مستخدمآ جهاز لاسلكي شركة نقل جوي ملكها احد الاسلاميين وهو نفس الجهاز الذي استغل اكثر من مرة لمحادثة عمر البشير في ملكال وميوم.”

 

“وصلت مساء يوم 2 /1 /1988م الى مقر اللواء العشرين بمنطقة اركويت جنوبي الخرطوم ، وعلمت من احد مصادرنا في شئون الضباط بالقيادة العامة، ان هناك كشف احالة للمعاش تجري هيئة القيادة اعداده الأن ومن ضمن الاسماء المرشحة العميد عمر البشير، ويبدو ان الظهور الاعلامي لعمر البشير في التلفزيون عقب عملية معسكر ميوم لم يجد القبول الحسن لدي هيئة القيادة، وربما شـكت هيئة القيادة ان وراءه حزبآ سياسيآ معين لذا قررت احالته للمعاش، ويبدو ان هذا الاستنتاج كان صحيحآ، وطلبت من احد الضباط ابلاغ عمر البشير حتي لا يفاجأ بذلك، فقال ان اول مايفكر فيه الآن هو حذف اسم عمر من ذلك الكشف، واضاف على كل ان عمر سيكون في الخرطوم الاسبوع القادم يوم الثلاثاء على الاكثر في مهمة روتينية”.

 

قال فيصل “وبالفعل وصل عمر البشير في اليوم المحدد وكنت اخر مرة التقيت به في الخرطوم عام 1984م خلال احدي الدورات بالمركز الافريقي الاسلامي، ولكن كانت اخبارنا متواصلة لكلانا، وبعد التحايا وجدت انه يعلم بالامر وقال ان لديه محاولة اخيرة اذا لم تنجح فإنه سيفوض امره لله وهو يثق في بقية الاخوان سيقومون باللازم. وبالفعل نجحت مساعيه اذ اجري ترتيبآ خاصآ مستغلآ علاقته باللواء عبدالرحمن سعد شقيق الوزير بالقصر احمد سعد عمر، فاجرى هذا الاخير اتصالات كللت بالنجاح ولم يحل عمر بالمعاش”.

 

“كان الجو العام داخل الجيش ينذر بشيئ ما خصوصآ وان كل اخبار مناطق العمليات محبطة، فمدينة واو تحت الحصار التام، وقوات البشاري اخلت مدينة كيسويتا واستولى المتمردون على توريت، وهناك مناوشات على الكرمك وقيسان والقيادة السياسية بقيت عاجزة تمامآ وهيئة القيادة العامة تتخبط يمينآ وشمالآ والروح المعنوية تحت الصفر. وكان لابد من عمل شيئ، كان هذا هو الشعور العام لدي ضباط التنظيم حتى تلقينا الضوء الاخضر من مجلس الشوري، بعد سقوط مشروع القانون الجنائي، وبدأ الاعداد الحقيقي للتغيير، ومن ثم اخطار كافة الضباط من رتبة مقدم فما فوق للتحرك في الوقت المناسب، ولم يكن عمر البشير وقتها في الخرطوم فقد عاد الي ملكال وتم استعراض عدد من الاسماء لقيادة التحرك، وتم استبعاد هذه الاسماء بسبب الحساسيات، ولم يبق من العمداء غير عمر البشير، وكان لابد من حضوره للخرطوم اولآ لان افراد سلاح الطيران يعرفونه تمامآ، وثانيآ انه يمكن ان ينسق بيننا وبين بعض الافرع التي لاوجود لنا بينها او وجودنا قليل وغير مؤثر”.

 

“واكتملت عناصر الخطة عدا وصول عمر البشير فلم نترك شيئآ للظروف فقد اقنعنا العميد محمد عثمان محمد سعيد انه في حالة عدم وصول العميد عمر عليه ان يأخذ القيادة فوافق علي مضـض”.

 

المدخل الرابع/- قال فيصل “كانت الخطة بسيطة جـدآ”:-

١/- هي تحرك من المدرعات يقوده الرائد ابراهيم شمس الدين وله علاقة مع مدرعات مطار الخرطوم حيث يقودها احد الضباط من دفعته يدعي جعفر ابوالقاسم.

٢/- تؤمن القيادة العامة بواسطة ضابط عظيم هو محمد الامين خليفة.

٣/- ويؤمن مبني جهاز الأمن بضابط عظيم هو عبدالعظيم محمد بكري.

٤/- والتحرك الاساسي من سلاح المظلات يقوده اما عمر البشير او محمد عثمان.

٥/- وكان علي (العقيد اركان حرب فيصل) تامين الخرطوم من الجنوب اليمنطقة سوبا.

٦/- ومنطقة امدرمان والوادي تحت اشراف عبدالرحيم محمد حسين وعبدالقيوم محمد احمد.

٧/- ضباط السلاح الشعبي دورهم اعتقالات السياسيين وشاغلي الوظائف.

وكانت هناك خطة اخري اسميناها الخطة (ب)، وتنفذ في الثالثة مساءآ من نفس اليوم المحدد عندما يتم التاكد ان الحركت فشلت، وسيقوم بتنفيذ هذه الخطة جماعة (النافع)، وتتضمن تصفية بعض السياسيين وخلق جو من الفوضي يعقبه تدخل من شخصيات عسكرية بارزة مثل المشير سوار الدهب، تاج الدين عبدالله فضلآ للاستيلاء علي السلطة”.

 

قال فيصل “وصل عمر البشير الخرطوم في السابع والعشرين من يونيو 1989م بعد ان دبرت له قيادة التنظيم بعثة دراسية للقاهرة، وكانت في القطار الذي وصل به الى الخرطوم، وتحدد يوم 30 يونيو الساعة 1،30 صباحآ ساعة الصفر. وبقية القصة معروفة، ولم يشارك كمال علي مختار في التحرك الاخير”.

(انتهي الجزء الاول من اعترافات العقيد اركانحرب/ فيصل علي ابو صالح، والتي نشرت في جريدة (العالم اليوم) المصرية”.

 

المدخل الخامس/- حتى لا ننسى، وللأجيال الجديدة نعرفهم بالبيان العسكري رقم واحد الذي أذاعه (العميد) عمر البشير في صبيحة الجمعة ٣٠/ يونيو ١٩٨٩م:-

أيها الشعب السوداني الكريم-

إن قواتكم المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها ظلت تقدم النفس والنفيس حماية للتراب السوداني وصونا للعرض والكرامة . وترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى أوجه الحياة ، وقد كان من ابرز صوره فشل الأحزاب السياسية في قيادة الأمة لتحقيق ادني تطلعاتها في صون الأرض والعيش الكريم والاستقرار السياسي ، حيث عبرت علي البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيزة ما يكاد وزراء الحكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها وهكذا تعرضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار وضيعوا هيبة الحكم والقانون والنظام .

 

إيها المواطنون الكرام، لقد عشنا في الفترة السابقة ديمقراطية مزيفة ومؤسسات حكم رسمية ودستورية فاشلة ، وإرادة المواطنين قد تم تزيفها بشعارات براقة مضللة وبشراء الذمم والتهريج السياسي ، ومؤسسات الحكم الرسمية لم تكن إلا مسرحا لإخراج قرارات السادة ، ومشهد ا للصراعات والفوضى اما رئيس الوزراء فقد أضاع وقت البلاد وبدد طاقاتها في كثرة الكلام والتردد في المواقف حتى فقد مصداقيته.

 

أيها المواطنون الشرفاء، إن الشعب بانحياز قوات المسلحة قد أسس الديمقراطية في نضال ثورته في سبيل الوحدة والحرية ولكن العبث السياسي قد افشل الحرية والديمقراطية وأضاع الوحدة الوطنية بإثارته النعرات العنصرية والقبلية في حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد إخوانهم في دارفور وجنوب كرد فان علاوة على ما يجري في الجنوب في مأساة وطنية وسياسية .

 

مواطني الأوفياء، إن عداوات القائمين على الأمر في البلاد في الفترة المنصرمة جعلتهم يهملون عن قصد إعدادها لكي تقوم بواجبها في حماية البلاد ولقد ظلت قواتكم المسلحة تقدم ارتالا من الشهداء كل يوم دون أن تجد من هؤلاء المسئولين ادني اهتمام من الاحتياجات أو حتى في الدعم المعنوي لتضحياتها مما أدي إلى فقدان العديد من المواقع والأرواح حتى أصبحت البلاد عرضة للاختراقات والاستلاب من إطرافها العزيزة في هذا الوقت التي نشهد فيه اهتماما ملحوظا بالمليشيات الحزبية .

 

أيها المواطن، لقد فشلت حكومات والأحزاب السياسية في تجهيز القوات المسلحة في مواجهة التمرد وفشلت أيضا في تحقيق السلام الذي عرضته الأحزاب للكيد والكسب الحزبي الرخيص حتى اختلط حابل المختص بنابل المنافقين والخونة وكل ذلك يؤثر على قواتكم المسلحة في مواقع القتال وهى تقوم بالإشراف المعارك ضد المتمردين ولا تجد من الحكومة عونا على الحرب أو السلام هذا قد لعبت الحكومة بشعارات التعبئة العامة دون جهد أو فعالية.

 

أيها المواطنون الشرفاء، لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال علي المواطن الحصول علي ضرورياتهم إما لانعدامها أو ارتفاع اسعارها مما جعل الكثير من ابناء الوطن يعيشون علي حافة المجاعة وقد أدي التدهور الاقتصادي إلي خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا امة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسئولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الأسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوم بعد يوم بسبب فساد المسئولين وتهاونهم في ضباط الحياة والنظم.

 

أيها المواطنون الشرفاء، لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلي الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدي إلي انهيار الخدمة المدنية ولقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سببا في تقديم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وافسدوا العمل الإداري ضاعت بين يديهم هيبة الحكم و سلطان الدولة ومصالح القطاع العام.

 

أيها المواطنون-

إن إهمال الحكومات المتعاقبة علي الأقاليم أدي إلي عزلها من العاصمة القومية وعن بعضها في ظل انهيار المواصلات وغياب السياسات القومية وانفراط عقد الأمن حتى افتقد المواطنون ما يحميهم ولجئوا إلي تكوين المليشيات كما انعدمت المواد التموينية في الأقاليم إلا في السوق الأسود وبأسعار خرافية . لقد كان السودان دائما محل احترام وتأييد من كل الشعب والدول الصديقة كما انه أصبح اليوم في عزلة تامة والعلاقات مع الدول العربية أصبحت مجالا للصراع الحزبي وكادت البلاد تفقد كل صداقاتها علي الساحة الإفريقية ولقد فرطت الحكومات في بلاد الجوار الإفريقي حتى تضررت العلاقات مع اغلبها وتركت لحركة التمرد تتحرك فيها بحرية مكنتها من إيجاد وضع متميز أتاح لها عمقا استراتيجيا تنطلق منه لضرب الأمن والاستقرار في البلاد حتى أصبحت تتطلع إلي احتلال موقع السودان في المنظمات الإقليمية والعالمية وهكذا أنتهت علاقة السودان مع عزلة مع الغرب وتوتر في إفريقيا والدول الاخري.

 

أيها المواطنين الشرفاء، إن قواتكم المسلحة ظلت تراقب كل هذه التطورات بصبر وانضباط وكان شرفها الوطني دفعها لموقف ايجابي من التدهور الشديد الذي يهدد الوطن واجتمعت كلمتها خلف مذكرتها الشهيرة التي رفعتها منبهة بشدة من المخاطر ومطالبة بتقديم الحكم وتجهيز المقاتلين للقيام بواجبهم ولكن هيئة السيادة السابقة فشلت في حمل الحكومة علي توفير الحد الادني لتجهيز المقاتلين واليوم يخاطبكم أبناؤكم في القوات المسلحة وهم الذين أدوا قسم الجندية الشرفية أن لا يفرطوا في شبر من ارض الوطن وان يصونوا عزتهم وكرامتهم وان يحافظوا علي البلاد سكانها واستقلالها المجيد وقد تحركت قواتكم المسلحة اليوم لإنقاذ بلادنا العزيزة من أيدي الخونة والمفسدين لا طمعا في مكاسب السلطة بل تلبية لنداء الواجب الوطني الأكبر في إيقاف التدهور المدمر ولصون الوحدة الوطنية في الفتنة والسياسة وتامين الوطن وانهيار كيانه وتمزق أرضه ومن اجل إبعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع والشقاء والمرض . قواتكم المسلحة تدعوكم أيها المواطنين الشرفاء للالتفاف حول رايتها القومية ونبذ الخلافات الحزبية والإقليمية الضيقة وتدعوكم الثورة معها ضد الفوضى والفساد واليأس من اجل إنقاذ الوطن ومن اجل استمراره وطنا موحدا كريما. عاشت القوات المسلحة حامية كرامة البلاد.. عاشت ثورة الإنقاذ الوطني عاش السودان حرا مسـتقلآ. الله اكبر والعزة للشعب السوداني الأبي.- عميد أ.ح عمر حسن احمد البشير- رئيس مجلس قيادة الثورة.

 

المدخل السادس/- جاء في موقع “ويكيبيديا ®”- ضربة البداية كانت في 30 يونيو 1989 يوم أعلن التلفزيون السوداني عن استيلاء بعض من الضباط التابعين للجيش السوداني على الحكم بقيادة العميد عمر حسن أحمد البشير . لم يكن واضحا، في بداية الأمر للمراقبين، هوية الانقلاب الجديد، مما ساعد الحكومة الجديدة على أن تنال تأييداً واسعاً- داخلياً وخارجياً- ومن دول كثيرة لا سيما مصر . وقامت الحكومة الجديدة بعدد من الاعتقالات الواسعة واعتقلت ضمن من اعتقلت الدكتور حسن الترابي نفسه الذي ظهر وفيما بعد أنه مهندس الانقلاب ورأسه المدبر. فيما بعد أظهرت الحكومة هويتها الإسلامية شيئا فشيئا وظهرت تصريحات من قادتها تؤكد تلك الهوية وانتمائها للجماعة الإسلامية في السودان .. وظهر الأمر أكثر بعد إطلاق سراح الترابي وتقلده لمناصب مهمة في الدولة كان آخرها رئيس المجلس الوطني. ومن التصريحات المهمة ما صرح به الرئيس البشير”ثورة الإنقاذ الوطني لا تعرف الفصل بين الدين والسياسة والموضوع غير قابل للنقاش.”.، كتب النيل أبو قرون (قيادي بارز بالحركة الإسلا مية آنذاك):«النظام الإسلامي هو الأمثل.. والأحزاب سبب كوارث السودان والحزبية شرك بالله».

 

مرفقات:- ا/- كيف وصل عمر البشير لحكم السودان؟! تفاصيل انقلاب السودان 1989.

 

٢/- البشير يعلن تحمله كامل المسؤولية عن انقلاب 30 يونيو 1989 ويبرئ المدنيين:- علن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير تحمله كامل المسؤولية عن انقلاب 30 يونيو 1989م والذي قاده للسلطة نحو 30 عاماً. جاء ذلك أثناء الإدلاء بأقواله، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة محاكمته مع مجموعات من كبار الضباط ومدنيين بتهمة تقويض النظام الدستوري والسيطرة على السلطة بالقوة عبر انقلاب عسكري قاده بدعم من حزب الجبهة الإسلامية في العام 1989. وأضاف البشير في أقواله أنه يدرك تماماً أن الاعتراف هو سيد الأدلة، وأنه تابع محاولات هيئة الاتهام اثبات الاتهام، مشيراً إلى أن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة الذي تشكل بعد الانقلاب لم يكن لهم أي دور في تخطيط وتنفيذ ما تم في الثلاثين من يونيو، كما نفى مشاركة المدنيين بالتخطيط والتنفيذ.

المصدر- “العربي الجديد”-20 ديسمبر 2022م-

 

٣/- اقرأ اعترافات منسوب حزب الامة القومي عن انقلاب الانقاذ المشئوم ودور الصادق المهدي فيه:

اقرأ اعترافات منسوب حزب الامة القومي عن انقلاب الانقاذ المشئوم ودور الصادق المهدي فيه

 

٤/- أرجع اللواء عبد الرحمن فرح؛ مسئول الأمن في الديمقراطية الثالثة، وأحد منسوبي حزب الأمة، نجاح الانقلاب إلى عدة أسباب، ولكن في أولها وأهمها:»عدم الاهتمام والتراخي من جانب رئيس الوزراء السيد الصادق إيماناً منه بديمقراطية زائفة، واعتقاداً منه أنه محبوب الشعب السوداني». ويقول اللواء عبد الرحمن فرح مسئول الأمن في حكومة الصادق المهدي؛ أنّه ظل يرفع تقارير بصورة مستمرة، وقبل عدة شهور من وقوع الانقلاب، وقد علم أنّ ما قدّمه من تقارير عن تحركات مريبة وسط القوات المسلحة لمجلس الوزراء في العاشر من أبريل 1989م قد أصبح واقعاً، ولكنه استبعد أن يكون الإسلاميون وراء انقلاب يونيو 1989م، وقال : إنّه كان يعلم بكل شيء؛ ولكنه لا يعلم بساعة الصفر، ولذلك فهو يُحمّل رئيس الوزراء السيد الصادق مسؤولية الانقلاب؛ وذلك في حوار صحفي سابق بتاريخ 27/6/2012م.

المصدر- صحيفة “الراكوبة”- 29 يونيو، 2020م-

 

ماذا نشرت الصحف السودانية والاجنبية عن انقلاب ٣٠/ يونيو ١٩٨٩؟!!

١/- نافع وعلي الحاج ويونس محمود ينكرون التخطيط لانقلاب 30 يونيو 1989.

https://sudantribune.net/article267889/

 

٢/- بين 30 يونيو 1989 و30 يونيو 2023: «الإخوان» يدمرون السودان:

تحفظ ذاكرة السودانيين ما حدث في الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، وما جاء في البيان الأول لرئيس الانقلاب، العميد وقتها، عمر البشير، واستيلاء الإسلاميين المدنيين بقيادة الراحل حسن الترابي على السلطة، وتنفيذ العسكريين الموالين لهم «ثورة الإنقاذ الوطني».

وبعد مرور نحو أربعة وثلاثين سنة على ذلك الحدث، ثبت أن نتاج ذلك الانقلاب الذي ادعى الإصلاح، كان خراباً مطرداً في كل نواحي البلاد، بلغ ذروته بانفصال جنوب السودان، وانتشار الميليشيات المسلحة الموالية للإسلاميين، والمناوئة لهم، ودخول البلاد في عزلة دولية وحصار اقتصادي، وغيرها من المشكلات التي يرى كثير من المراقبين أنها مهدت الأرض للحرب الحالية بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي قام الانقلاب بصناعتها لمواجهة حركات التمرد.

المصدر- صحيفة “الشرق الاوسط”-30 يونيو 2023-

 

٣/- حرب دارفور 2003:- ولم توقف الحكومة الإسلامية حروبها، فبمجرد توقيع اتفاق السلام الشامل ، أشعلت الحرب في إقليم دارفور (المسلم) في عام 2003، وقتلت قرابة نصف مليون نسمة من السكان، وشردت أكثر من 2.5 مليون بين لاجئ ونازح، بيد أنها فشلت في القضاء على التمرد. وللقضاء عليه، أنشأت ما عرف بـ«ميليشيا الجنجويد»، لتكون سنداً للجيش في حربه ضد الحركات الدارفورية المسلحة. ومارست ميليشيا «الجنجويد» انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان تحت إشراف الحكومة المركزية، التي وظفت التناقضات بين المجموعات السكانية في الإقليم (عرب وزرقة)، ونتج عن ذلك أن اتخذت الأمم المتحدة قرارات تحت البند السابع، قضت بتكوين واحدة من أكبر بعثات حفظ السلام في تاريخ المنظمة الدولية، هي بعثة «يوناميد» المكونة من عشرات الآلاف من الجنود الدوليين، لحماية المدنيين من القوات الحكومية والميليشيا المساندة لها «الجنجويد».

المصدر- صحيفة “الشرق الاوسط”-30 يونيو 2023-

 

٤/- تسببت «شهوة الإخوان للسلطة» والعودة إليها في إشعال الحرب الحالية، وخلالها أعلنوا صراحة وقوفهم إلى جانب الجيش ضد «الدعم السريع»، تحت ذرائع قديمة متجددة اعتادوا عليها. فبعد أن كانوا يعتبرون الحرب في الجنوب «جهاداً» يُكفَّر من يقف ضده، ها هم يصفون الحرب الحالية بأنها حرب «الكرامة»، ومن يقف ضدها فهو خائن وعميل، وظلوا، وفقاً للتقارير، يقفون ضد أي محاولة لوقف الحرب عبر التفاوض.وانتهت الأوضاع في البلاد، من خلال حكم الإسلاميين لثلاثين سنة مباشرة، وأربع سنوات مستترة عبر لجنتهم الأمنية التي عطلت عمل الحكومة المدنية، إلى الحرب الحالية التي تهدد السودان بالتشظي والحرب الأهلية. وبعد أن كانوا قد أعلنوا أنهم جاؤوا إلى الحكم لـ«إنقاذ البلاد»، فإن محصلة سياساتهم أنهم ورطوها في «أتون حرب» لن تنساها ذاكرة السودانيين، وقد تنهي وجود وطن اسمه «السودان».

المصدر- صحيفة “الشرق الاوسط”-30 يونيو 2023-

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..