
–
لم يكتفى البرهان وزمرته بتعطيل التحول المدنى الديمقراطى فحسب بل عمدوا الى التلاعب بالوثيقة الدستورية فعينوا أعضاء جدد في مجلس السيادة وابقوا على اخرين. وعلى الرغم من الرفض الدولى لانقلابه, مضى البرهان في إجراءات حكم الفرد غير عابئ من مألات ما اقدم عليه. ولكى لا تتشت جهودنا كمعارضين يقترح هذا المقال ثلاثة محاور يرتجى العمل عليها لكى نسرع عملية اسقاط النظام. والمحاور هي تحديد الخيارات وتوحيد الأدوات وترتيب الأولويات.
يقول الشاعر
ما حك جلدك مثل ظفرك فتول انت زمام امرك
لقد كثرت المبادرات من الدول والمنظمات من اجل إيجاد مخرج للازمة التي سببها الانقلاب المشؤوم. وقد كثرت المبادرات من الدول الصديقة والهيئات والمنظمات. ولعل كثرة الخيارات هى الامر الذى ساهم في تشجيع العسكر وفتحت امامهم ابواب المناورة على مصراعيها, ولا غرو فكلما يكثر عدد الوظائف تكثر المعاينات, فيسيل لعاب المرشح الى وظيفة أخرى. وعلى الجانب الاخر فان الشعب قد صمم وحسم امره على خيار واحد وهو اسقاط حكومة العسكر والزام الجميع بالقبول بالتحول المدنى الديمقراطى. هذا يعنى اسقاط اى خيارات أخرى بما فيها الانتخابات المبكرة. والذين يدعون الى انتخابات مبكرة يتجاهلون عمدا مطلوبات تلك الانتخابات مثل اكتمال مهام الفترة الانتقالية ومن ضمنها قيام المؤتمر القومى الدستورى ووضع مسودة الدستور و كتابة قانون الانتخابات والتشريعات المصاحبة واجراء الإحصاء وتحديد الدوائر وغيرها.
ان السلمية هي النهج الوحيد الذى أجمعت عليه قوى الثورة منذ انطلاق شرارتها الاولى ومع ذلك فان هنالك بعض المندسين الذى يحاولون جهدهم كله الى جر الثوار الى العنف ولكن هيهات. وسلاح هؤلاء هو الكذب المفضوح والتضليل واطلاق الشائعات وتضخيم الوقائع, كل هذا من اجل ايهام الناس بعدم جدوى العمل السلمى. هؤلاء هم كوادر النظام السابق الذين يعملون في السر والعلن من اجل افشال النضال السلمى وجر البلد الى مستنقع العنف الاسن. وان سيماهم هى الكذب المفضوح على الوجوه رغم محاولات تجملهم امام الأجانب. ان القيام باى عمل غير سلمى هو عبارة عن تسديد هدف في مرمى الشعب الثائر. ان هادينا في عملنا يتمثل في ثلاثة معايير هي الالتزام بخيار محدد من العمل السلمى وبالجداول الزمنية وبمبدأ تفادى الخسائر. وقد نجح من قبل التعاون بين تجمع المهنيين ولجان المقاومة لهذا فمن المنطقى ان يستمر هذا التعاون من اجل إنجاح الثورة.
بالنظر الى الدمار الذى خلفه حكم الطاغية المخلوع البشير فان مطالب الثورة كثيرة جدا. ولان المرحلة تتطلب انجاز مهام هي في غاية الضرورة فان علينا ان نحدد بدقة هذ المهام ومن ثم نقوم بترتيبها حسب الأولويات. ان المهمة الأولى هي اسقاط الحكم العسكرى الذى اسسه البرهان وقيام حكومة مدنية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك. وخلال العامين الذين قاد فيهما الرجل الحكومة استطاع ان ينجز الكثير وان يضع قطار الإصلاح والتنمية في مساره الصحيح, فتمت على يديه إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب, وشطبت بعض الديون وهرع أصدقاء السودان الى تقديم المساعدات لبلادنا. وعلى الصعيد الداخلى فقد اعيد تاهيل عدد من المشاريع وتم استراد الكثير من الأموال والاراضى والشركات التي تم نهبها في عهد المخلوع البشير. نجح الرجل ولم تثنه الضغوط ولا الاغراءات. نجح ولا غرو فهو صاحب رؤية ثاقبة وتخطيط جيد وعلاقات دولية واسعة.
ان دعوة الانقلابيين لانتخابات مبكرة لم تاتى من فراغ فهم قد بنوا على سياسة المخلوع الفاسد البشير الذى قتل وشرد الملايين من قراهم ومدنهم وفرض سياسة الامر الواقع عبر انتخابات مزورة. وما لم تحل مشاكل النزوح والتهجير القسرى وانعدام الامن في المعسكرات فان اى حديث عن قيام انتخابات نزيهة في تلك المناطق هو ضرب من الخيال. يضاف الى هذا عدم اكتمال عملية السلام التي تنتظر استئناف التفاوض مع الحركات التي لم توقع على اتفاقيات سلام.
عساكر السيادة لايهمهم الوطن هم يخافون من العداله التى سوف تقودهم حتما للمشانق عاجلا ام اجلاا . الخوف على رقابهم هى شيمة الضعفاء والجبناء.