مقالات وآراء

عن خطأ “التوزير” في السودان الآن، اقول

معتصم بخاري

 

هناك تقارب لفظي بين كلمة توزير وكلمة تزوير، الكلمتان صحيحتان لغويآ ولكن هناك فرق شاسع بينهما في المعني إلا إذا كنت في السودان ، فالتزوير يؤدي إلي التوزير بينما التوزير يقود إلي التزوير ” حتما ” !.

 

الحال الآن في السودان أكثر من كارثي، ولا يوجد مخزون لغوي أو خيال ليصف حال البلاد التي بالكاد توجد علي وجه البسيطة كدولة. أينما ترسل بصرك نحو تلك البقعة، يرتد إليك حزبنآ، كئيبآ ومنكسرآ. وإذا ارخيت سمعك فلن تسمع إلا أنين الجوعي وآهات المرضي ونياح الباكين وصياح اليائسين التائهين الخائفين، الممولئين خوفآ ورعبآ.

 

يقود البلاد للأسف الشديد مجلس عسكري، إنقلابي، دموي وفاشل .. أحال البلاد مع صنو روحه وإبن رحمه الدعم السريع إلي فتات دولة أو ما دون ذلك قليلآ .. فلا توجد الآن ما يمكن أن تطلق عليه دولة .. سكان البلاد جلهم بين لاجئ ونازح، المرافق “كلها” دون فرز أو تسمية دمرت .. البيوت أفرغت، سرقت أو أحرقت .. لا سلطة لشرطة أو جهة إنفاذ قانون، والقانون الوحيد المتاح هو قانون الغاب !.

 

الحرب لم تحسم في أي بقعة والخطر ما زال قائمآ حتي في المناطق التي إجبرت عصابات الجنجويد علي إخلائها .. دارفور مشتعلة نارآ و أرضها أصبحت يبابآ ورماد. معسكرات اللجوء تئن واللاجئون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ولا يرجون إلا رحمة من رب السماء.

 

في ظل هذا المشهد الغارق في العبثية، الموغل في عدم المسؤولية، يخرج علينا العسكر بفرية تعيين رئيس وزراء

“مدني” في محاولة يائسة لكسب بعض الرضا الدولي .. وجاءوا أباهم عشاء يبكون ومعهم قميص به دم كذب وقالوا للشعب هذا رئيس وزرائكم المدني وما أنت بمؤمن لنا وإن كنا صادقين !.

 

جاء المدني المعين بسلطة الإنقلاب ليبدأ عهده الميمون بتوزيع “الورود” في الطائر الذي أقله إلي بورتسودان .. ثم سجد ليقبل الأرض “غاندي العائد أو مانديلا الخارج ” . ثم يلقي خطاب التكليف بأربع لغات !! . ثم جال أسواق ومقاهي العاصمة البديلة ثم إختفي.!!.

 

إلي هذه اللحظة تم رسميآ تعيين وزير للدفاع وآخر للداخلية بواسطة المجلس العسكري الإنقلابي !!.. ثم دار لغط كثيف حول وزارة المالية والمعادن التي يتمسك بها بصورة “مرضية” ومشبوهة متمردوا الأمس، خلان المجلس الإنقلابي وهناك ما يشير إلي أنهم سيحتفظون بها حيث هددوا علنآ بالحرب إن هي أخذت منهم!!.

 

و آخر حلقة في هذا المسلسل العبثي الهابط، ما رشح عن تعيين ثلاث “بروفسيرات” لثلاث حقائب وزارية .. كان الحدث الأبرز ترشيح الأخ الدكتور معز عمر بخيت، الذي أثار عاصفة إستوائية هوجاء إجتاحت كل السوسيال ميديا لأسباب مختلفة.

 

دكتور معز أخ عزيز وصديق وهو شاعر مجيد يمتلك أدوات شعرية مبهرة وقد جلد ظهر العسكر ومن فوقهم من الفلول وجماعة الإنقاذ المجرمة بفم من لهب وسياط من نار. لذلك إستغرب الناس قبوله العمل مع نفس المجلس العسكري القاتل الذي دمر السودان. وهو يعلم علم اليقين ما هي مرجعية المجلس العسكري العليا .. ولآخرين أسباب أخري للهجوم عليه.

 

أقول،

 

إن التوزير ينبغي أن يتكئ علي سلطة شرعية بموجب مفهوم المسؤولية الجماعية في العمل السياسي، فمن يعمل مع البرهان ورهطه فهو بالضرورة يتحمل وزر كل موبقات هذا المجلس وجرائمه الفائقة السوء التي إقترفها في،حق الوطن والمواطنين.

 

إن النوايا الطيبة لا محل لها في العمل العام، وتخيل أن من يأتي معينآ من سلطة غير شرعية سيكون شرعيآ لقصور في الرؤية. ومن ظن انه في ظل هذا الوضع القائم في السودان الآن يستطيع أن يخدم بلده وأهله وزملائه عليه مراجعة التاريخ أو قراءة اي صفحة في أي كتاب للمنطق..

 

كمال إدريس الطيب سيفشل لا محالة، وكذلك كل طاقمه الوزاري مهما كان تأهيلهم الأكاديمي ونواياهم الوطنية فالمشكلة في رأس الحية وهي ما زالت تنشب أنيابها في جسد الوطن.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. (((جاء المدني المعين بسلطة الإنقلاب ليبدأ عهده الميمون بتوزيع “الورود” في الطائر الذي أقله إلي بورتسودان .. ثم سجد ليقبل الأرض “غاندي العائد أو مانديلا الخارج ” . ثم يلقي خطاب التكليف بأربع لغات !! . ثم جال أسواق ومقاهي العاصمة البديلة ثم إختفي.!!.)))
    ياخ الراجل فرحان ما صدق . ويبدوا انه ساذج شخصية سبهللية. يفترض ان يعرف قدرة لان الناس تعرفه. ياخ بعد حمدوك تقبل .

  2. هل تترك البلد هملا ؟ كان على رأسها حمدوككم ماذا قدم ؟ شرعية المؤسسة العسكرية افضل من شرعية حمدوك وهياج الصبيان الذي قاد لهذه الكوارث بالسماح لمجرمي الدعم الصريع بالتمدد على حساب الجيش . برهان الى ذهاب قائد الجيش وظيفة عامة يمكن ان تكون لاي سوداني
    لن تترك البلد همل في انتظار شرعية من هم بالمنافي . من اراد تقديم شيء لوطنه عليه ان يقدم لوطنه ولا يستعصم بالمنافي ويدعي البطولات الفارغة . وضع السودان الحالي ليس فيه عز لقائد او مسؤول .السودان الان يحتاج لرجال ليصبروا على هذا الحطام الماثل يا اهل قجط من كان منكم يريد ان يشارك في اعمار السودان الباب مفتوح ولن يترك السودان هملا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..