خفايا واسرار استبعاد الجنرالات كباشي والعطا وجابر من رئاسة هيئة الاركان؟!!

بكري الصائغ
مقدمة:- من اصعب الامور – او كما نقول في بعض الاحيان “من رابع المستحيلات”-، علي اي كاتب او صحفي “مدني” في اي مكان بالدنيا، ان يكتب بدقة شديدة عن ما يدور في داخل اروقة القوات المسلحة داخل بلده، وان الصحفي والكاتب والمراسل الاجنبي الذي يود ان يكتب او ينشر مقال عن حدث عسكري كبير وقع في بلده، لن تنجح مساعيه في تحقيق مقال كامل شامل عن الحدث العسكري ما لم يستعين بمسؤول عسكري من اصحاب الرتب العالية ، وعنده المام تام من كل جوانب الحدث.
هذه المقدمة اعلاه، تمهيد لكتابة مقال عن الحدث العسكري الكبير الذي وقع في يوم الاثنين ١٨/ اغسطس الحالي، ونشر في صحيفة “الراكوبة” تحت عنوان “البرهان يعيد تشكيل رئاسة هيئة الاركان.”، وافاد ان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان اصدر قرارات تم بموجبها تشكيل رئاسة هيئة أركان جديدة على النحو التالي:- ١/- الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن رئيساً لهيئة الأركان.٢/- الفريق الركن مجدي إبراهيم عثمان خليل نائباً لرئيس هيئة الأركان للإمداد.٣/- لفريق مهندس د. ركن خالد عابدين محمد أحمد الشامي، نائباً لرئيس هيئة الأركان للتدريب.٤/- الفريق الركن عبدالخير عبدالله ناصر درجام ، نائباً لرئيس هيئة الأركان للإدارة. ٥/- الفريق الركن محمد علي أحمد صبير، رئيس هيئة الإستخبارات العسكرية. ٦/- الفريق الركن مالك الطيب خوجلي النيل، نائباً لرئيس هيئة الأركان للعمليات.-انتهي-
بما انني جاهل غير ملم بالنظم العسكرية وكيف تدار الامور داخل القوات المسلحة، ولا اعرف دروبها وشعابها، كان لابد لكي ابدا كتابة المقال، ان استعين بضابط ملم بخفايا واسرار قرارات برهان العسكرية، واستفسر منه عن مصير الجنرالات الثلاثة الكبار كباشي والعطا وجابر بعد تشكيل رئاسة هيئة أركان جديدة، وماذا يكون مصيرهم ان قام البرهان بحل محل السيادة وشكل مجلس جديد بدونهم؟!!، كان من الصعوبة بمكان ان استعين بضابط في القوات المسلحة بالسودان لاستفسر منه ما اود ان اعرفه عن مصير الجنرالات الثلاثة بعد تشكيل رئاسة هيئة ألاركان، لانه -وبحسب علمي المتواضع-، ان غالبية الضباط في القوات المسلحة بدء من رتبة ملازم الي فريق هم ابعد الناس بمعرفة القرارات العسكرية قبل صدورها من الجهات العليا ، وانهم بحكم القوانين العسكرية ممنوعين منعا باتا من الافصاح عن ما يعرفونه من اسرار او معلومات تتعلق بالعسكرية، … لهذا لم امامي من حل اخر الا ان استعين ببعض الضباط القدامي الذين احيلوا للمعاش او للصالح العام داخل السودان وخارجه.
هناك مقالات كثيرة نشرت في مرات كثيرة من قبل بالصحف السودانية والاجنبية وخاصة الصحف العربية في دول الخليج عن الضباط والجنود الذين تم فصلهم من القوات المسلحة السودانية في سنوات حكم عمر البشير ، وان هؤلاء المفصولين وجدوا فرص عمل في بعض دول الخليج، وتم استيعابهم علي الفور في القوات المسلحة بهذه الدول نسبة لما يتمتعون بها من خبرات عسكرية نادرة وتخصصات عالية حصلوا عليها من ارقي الاكاديميات العسكرية في اوروبا، بل والاغرب من كل هذا – وبحسب ما نشر بالصحف -، ان تعييناتهم في جيوش هذه الدول الخليجية تمت بنفس الرتب العسكرية السابقة التي كانوا عليها سابقا في السودان.
اجريت اتصال مع احد الضباط القدامي من الذين احيلوا للصالح العام في زمن الرئيس المخلوع، وسافر الي دولة خليجية ويعمل بالتجارة بعد ان رفض كل العروض التي قدمت له للعمل كضابط بالقوات المسلحة في هذه الخليجية، لذلك لم يكن الحديث بيننا يدخل في قائمة الممنوعات، وسالته عن سبب ابعاد الجنرالات الثلاثة كباشي وياسر وجابر من الدخول في تشكيل رئاسة هيئة أركان، فاجاب ان الجنرالات الثلاثة يشغلون مناصب عليا في الدولة، فلا يعقل ان يشغلوا مناصب عسكرية جديدة الي جانب المناصب التي هم عليها الان، ولكن في حال قيام البرهان بحل مجلس السيادة واعفي كل الاعضاء من مناصبهم، عندها يكون البرهان هو من يحدد مستقبلهم وان كانوا يستمرون بالقوات المسلحة ام يتم تعيينهم – كما جرت العادة – سفراء في سفارات السودان بالخارج، ولكن اعتقد انه في حال حل مجلس السيادة، عندها يحالون للمعاش.
في اتصال اخر مع ضابط احيل للصالح العام في سنوات التسعينات وحاليا بالمعاش ويقيم في احدي الدول الاوروبية، اجاب علي سؤالي عن مصير الجنرالات الثلاثة كباشي وياسر وجابر، ان النظم العسكرية كانت داخل القوات المسلحة السودانية في السابق عالية الدقة والانضباط، ولكن مع بداية تسلم البرهان مقاليد الحكم “انفلت العقد وتشتت الحبات” وبدات الفوضي مع بداية تكوين المجلس العسكري الانتقالي في ابريل ٢٠١٩، وكانت اولي اخطاء البرهان القيام بتعيين الاعضاء ياسر العطا و”حميدتي ” في المجلس العسكري، وقتها لم يستطع البرهان ان يوقف المهاترات التي وقعت في مرات كثيرة بين كباشي و”حميدتي” بسبب عدم اعتراف كباشي برتبة زميله “حميدتي” العسكرية، واتهامه ل”حميدتي” بان حصل علي رتبة فريق وبعدها فريق اول بالواسطة، وتعمد “حميدتي” استفزاز كباشي بانه رئيسه في المجلس شاء ام ابي.
اما قريبي الضابط الحلفاوي بالمعاش قد افاد “:- الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، عقد النية القوية علي بناء نظام جديد في السودان، وبدأ اول ما بدا قبل اسابيع قليلة في تشكيل حكومة مدنية، وبعدها قام بحل كل المنظمات والحركات المسلحة ومنها تنظيم “البراء بن مالك” واجبر كل هذه المنظمات علي العمل تحت مظلة القوات المسلحة، قام البرهان بتوجيه صارم للجنرال جابر الاسراع بتعمير جديد للخرطوم بشكل مغاير للقديم، البرهان تعمد ابعاد كباشي وياسر من اي مسؤوليات تتعلق بالعاصمة المثلثة منعا للتضارب مع جابر الذي هو اقل رتبة منهما، سافر البرهان للقاهرة وانهي النزاع القديم مع مصر حول منطقة حلايب وشلاتين، وسافر ايضا لزيورخ للقاء مع مندوب الرئيس الامريكي لوقف حرب السودان، قام بعمل عقد مع باكستان واشتري اسلحة جديدة، قد تكون الخطوة القادمة للبرهان هي حل مجلس السيادة واعفاء كل الاعضاء فيه، بما فيهم شمس الدين كباشي وياسر العطا وجابر، وبالطبع سيقوم بتشكيل مجلس سيادة جديد باعضاء جدد لن يكون بينهم كباشي وياسر وجابر، البرهان يسابق الزمن قبل ان ينتبه الرئيس الامريكي ترامب بجدية لمشكلة ما يحدث في السودان، ويتخذ قرارات بشانها تكون ليست في صالحه.
احد الضباط القدامي اختصر كلامه وقال:- “الله وحده يعلم ما يدور في المؤسسة العسكرية وخاصة في داخل القوات المسلحة، فقد اختلط الحابل بالنابل، وضربت الفوضي العارمة كل ارجاء القوات المسلحة بفروعها المختلفة بسبب الحرب التي قلبت كل شيء راسا علي عقب، واعفاءات الضباط الكثيرة التي ما كان لها ان تتم والبلاد في حالة حرب.”.
ضحك احد الضباط القدامي علي سؤالي عن مصير الجنرالات الثلاثة كباشي وياسر وجابر، وسال “لماذا كل هذا الاهتمام بمصير هؤلاء الضباط الثلاثة وليس عن مصير البرهان نفسه الذي اصبح وضعه محليا وعالميا في كف عفريت بعد ان كثرت الادانات الدولية عليه بسبب المجازر التي قامت بها القوات المسلحة طوال فترة الستة اعوام من حكمه.
اخيرا، بعد ان هدأت المعارك تقريبا في كل الجبهات القتالية الي حد كبير، وسكتت اصوات الرصاص والمسيرات، قرر البرهان في قرارة نفسه انه سيواصل اصدار القرارات العسكرية والسياسة الفردية واحدة وراء الاخري دون استشارة من احد في مجلس السيادة او في حكومة كامل ادريس.
هو الان يشعر بارتياح شديد بعد تشكيل رئاسة هيئة الاركان من جنرالات قدموا له فروض الطاعة والولاء، ورغم كل هذه العوامل التي جاءت لصالحه، اصبح اكثر اندفاعا في تصرفاته الخالية من التركيز والتأني، وهذا ما لمسناه من خلال اصداره قرارات عديدة سياسية وعسكرية، هدفها اولا وقبل كل شيء ان يتاكد من خلو كل المعوقات التي تعيق حكم دائم له دون منافس، البرهان يسبح بقوة ضد التيار الشعبي في تحدي صارخ للجميع بلا استثناء… البرهان ليته يتذكر كيف كانت النهايات الماساوية التي لحقت الرؤساء السابقين عبود والنميري والبشير، والذين سلكوا من قبل نفس الطريق الذي يسير هو الان عليه.
سؤال مطروح بقوة، هل “سيتغذي” احد من الجنرالات الثلاثة بالبرهان، قبل ان “يتعشي” بهم؟!!، وهل فكرة القيام بانقلاب واردة في اذهانهم؟!!، ام انهم يتخوفون من جنرالات رئاسة هيئة الاركان الجدد، فعدلوا عن فكرة الانقلاب؟!!
*** قال الشاعر طرفة بن العبد:
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً
ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ
تقولون ان هذه القرارات املاءات من امريكا لتهيئة المسرح لوقف الحرب والقضاء على الكيزان ؟ ثم
تقولون ان هذه القرارات هي تصفية خصومة بين العسكريين ؟ ثم
تقولون ان هذه القرارات لتهيئة المسرح لعودة شلة حمدوك وجماعة قحت صمود ؟ ثم
تقولون ان هذه القرارات من البرهان الداهية لصالح البرهان ديكتاتور السودان القادم ( 30 سنه جديدة ) ؟ ثم
تقولون ان هذه القرارات لعبة من الجارة العزيزة مصر ليستمر هذا النزيف المفيد لاقتصادها ؟ ثم
تقولون ان هذه القرارات لعبة كيزان للتغطية على هذه الحرب للعودة بثوب جديد بقيادة شابة موجودة داخل الجيش ؟ ثم
بعضهم يقولون ان هذه القرارات هي ضرورة عسكرية مهنية اقتضتها هذه الحرب حتى لا تتكرر الغفلة السابقة ؟ ثم
لعمري ايهم صادق ؟
جلهم ساسه كذبه وانتهازيين لا عزاء للمواطن ولا بواكي على الوطن كل الفاعلين ينظر للمسرح من ناحية مصلحته البحتة
متى نفيق وننظر للمواطن المسحوق والوطن الذي تمزق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وصلتني اربعة رسائل من قراء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:
١/- الرسالة الاولي:- يا بكري، كتبت في المقال “بما انني جاهل غير ملم بالنظم العسكرية وكيف تدار الامور داخل القوات المسلحة.”.، اقول “لست وحدك من المدنيين الذي لا يعرف كيف تدار الامور داخل القوات المسلحة، بل حتي الكثيرين من الضباط والقادة العسكرين في القوات المسلحة تنقصهم كثير من المعلومات الضرورية عن الجيش وهذا ما لمسناه خلال شهور الحرب، وما شاهدناه سابقا في كثيرة من محاولات الانقلابات الفاشلة وكانت اخرها بالامس القريب، مع الاسف الشديد شهرة جيش السودان تكمن في عدم الضبط والربط فيه، وان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول/ عبدالفتاح البرهان يعمل بمعزل عن مستشاريه وضباط وسمعة الجيش تدهورت شديد بعد الاتهامات التي وجهت له باستخدام اسلحة كيميائية، ونشرت الصحف اخبار عن تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية تجمعت لديها أدلة مروعة على الاستخدام المتكرر لما يعتقد أنها أسلحة كيمائية ضد المدنيين، الا ان دفاع الحكومة الانتقالية كان ضعيف للغاية.
٢/- الرسالة الثانية:- بخصوص عدم تعيين الفريق اول شمس الدين كباشي، والفريق اول ياسر العطا، والفريق جابر ابراهيم في رئاسة هيئة الاركان، هو شآن عسكري بحت يخص القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبدالفتاح البرهان الذي من حقه ان يقوم وبمعاونة مستشاريه العسكريين في اختيار الكفاءات العسكرية لتشكيل رئاسة هيئة الاركان، وهو اجراء ليس جديد في القوات المسلحة، اما عن كباشي وياسر وجابر فهم في وظائف عسكرية اعلي من زملاءهم الضباط في رئاسة هيئة الاركان ما عدا البرهان بالطبع.).
٣/- الرسالة الثالثة:- ياعمي الصائغ، ما دام قلت ما عندك المام بالحاصل في داخل اروقة القوات المسلحة، مالك تكتب في ما انت جاهل فيه ولا عندك ذرة معلومات وحقائق عن الجيش؟!!
٤/- الرسالة الرابعة:- لو تمعنت في اجابات الضباط القدامي الذين استشرتهم للاجابة علي سؤالك عن:- “سبب استبعاد الجنرالات كباشي والعطا وجابر من رئاسة هيئة الاركان؟!!”، تجد انهم وضحوا كل شيء بوضوح تام بحسب خبراتهم السابقة في القوات المسلحة. خاصة في ما يتعلق بالضباد كباشي وياسر وجابر.
ليست هناك خفايا وأسرار فى المؤسسة العسكرية السودانية فهى لم تعد بالمؤسسة المهنية انما صارت فيلقا ضمن كيان حزبى ايديلوجى اسمه الحركة الاسلاموية ولعل المؤسسة العسكرية فى أفضل حالاتها تقتدى برصيفتها المؤسسة العسكرية المصرية التى تتمحور الحياة فى مصر بالكامل حولها .. والمؤسسة المصرية لانها بنية عسكرية قتالية وتعرضت من قبل لهزيمة قاسية فى حرب حزيران 1967م فقد استوعبت الدرس تماما فصارت تنتج جل احتياجاتها من عدة وعتاد بل تخطت ذلك ودخلت فى مجالات ليست ذات علاقة مباشرة بالعمل العسكرى.. وبالمقابل ان الجيش السودانى لم يحدث له أن خاض حربا ضد اى عدو خارجى بل هو من انتج الميليشيات التى يحاربها اليوم وعاجز عن تماما عن حسمها وهو أيضا منهمك فى ممارسة العمل السياسى ويصر على لعب دور فى الحياة السياسية بفرض انظمة عسكرية فاشلة عبر انقلابات مباشرة ونيابة عن احزاب سياسية ولكنه وللأسف الشديد أعاق بذلك التطور السياسى السلس للبلاد وادخلها فى دوامة من عدم الاستقرار والاحتراب الداخلى والنتيجة بائنة امامنا اليوم.. البرهان يراوده على الدوام تحقيق نبوءة جده الدرويش الحفيان بحكم السودان وهو عضو فى تنظيم الحركة الاسلاموية ولا يستطيع انكار ذلك باى حال رغم أنه يعمل قدر جهده على أثبات عكس ذلك وبالتالى فان هذه الاجراءات لا تخرج عن كونها اثارة للغبار لاخفاء جوهر انتمائه الحركى التنظيمى ..أما العطا والكباشى فكلاهما لا يخرجان عن حقيقة انتسابهما للتنظيم نفسه وربما يُراد منهما لعب دور محدد فى ذلك الاطار,,, المهم ان هناك أعينا تراقب عن كثب ما يجرى فى اروقة المؤسسة العسكرية السودانية بينما تضيق مساحة اللعب والمناورة كل يوم فالازمات ممسكة بخناق السودان والانقسام المجتمعى صار حادا والاستقطاب الاقليمى والدولى صار على اوجه والبرهان ومن حوله ليسوا قادرين او يفتقرون حقيقة الى القدرات والخبرات التى تمكنهم بالعبور بالبلاد الى الاستقرار والعودة الى الحياة العادية… وعلينا الا ننسى ان ( تأسيس) أيضا تراقب وتنتظر السانحة للانقضاض ولا أظن أن جيشا يعيش فى دوامة التشكيل واعادة التشكيل سيكون قادرا على مواجهة اى عدو مهما كان… وكطبيعة الأشياء فان انفجارا داخليا سيكون احتماله قويا وفى محاولة يائسة لانقاذ ما يمكن انقاذه وأعوذ بالله من كلمة ( الانقاذ)