
مقدمة
أربعة معلومات عسكرة لها علاقة بالمقال:
المعلومة الاولي/ بعد انتصار القوات البريطانية علي جيش الامام عبدالله التعايشي في معركة كرري التي وقعت في يوم الجمعة ٢/ سبتمبر عام ١٨٩٨، سارع علي الفور الجنرال هربرت كتشنر بحصر عدد القتلي والجرحي من الجانبين، وقام بارسال برقية الي ملكة بريطانيا يبشرها بانتصار القوات البريطانية، وان عدد القتلي البريطانيين كانوا (٤٧) قتيل و(٣٨٢) جريح، وبلغ عدد القتلي في جيش التعايشي (١٢) الف قتيل و(١٣) الف جريح، الي جانب(٥) الف اسير،-(المصدر “ويكبيديا”.)-، وقامت وزارة الدفاع البريطانية علي الفور مد الصحف اللندنية بكل ما يتعلق بالمعركة وبالتفاصيل الدقيقة، فقد درجت الحكومات البريطانية منذ قديم الزمان حتي اليوم بعدم اخفاء الحقائق عن الشعب.
المعلومة الثانية/ في يوم الجمعة ٢٤/ نوفمبر ١٨٩٩، وقعت معركة ضارية بين الجيش البريطاني وجيش عبدالله التعايشي في منطقة “ام دبيكرات”، وكانت الغلبة للقوات البريطانية بقيادة الجنرال/ ريجنالد ونجت المدججة باسلحة نارية ومدافع، وبعد الانتهاء من المعركة ومصرع الامام/ التعايشي، تم جرد حصيلة القتلي والجرحي من الجانبين، ونشر موقع” “ويكبيديا””، ان خسائر البريطانيين كانت فقط ثلاثة قتلي!!، وعدد الجرحي (٢٣) جندي!!، اما الخسائر في جيش التعايشي (١٠٠٠) قتيل و(٣) الف جريح واسير، سارع الحاكم العام البريطاني في الخرطوم، باخطار ملكة بريطانيا، ان هذا الانتصار يعني نهاية المهدية ونهاية الجهادية وحكم التعايشي، وانها اخر معارك السودان، ابلغ الحاكم العام الملكة، انه قام برفع العلم البريطاني من علي سارية سراية الخرطوم ايذانا واخطار العالم ان السودان قد اصبح واحدة من الدول التابعة لبريطانيا التي لا تغرب الشمس عنها.
المعلومة الثالثة/ عند ما خسرت امريكا حربها في فيتنام وانسحت منها القوات الامريكية بمهانة شديد، لم تخجل الحكومة الامريكية وقتها في اطلاع الشعب الامريكي وبقية شعوب العالم علي خسائرها المريعة في عدد القتلي والجرحي، وقالت الحكومة بكل صراحة ووضوح، ان عدد القتلي قد وصل الي (٥٨٢٢٠) جنديًا أمريكيًا، في عام ١٩٩٥، أصدرت الحكومة الفيتنامية تقديراتها بشأن عدد ضحايا الحرب على مدار الفترة ١٩٥٥-١٩٧٥. قُدر عدد وفيات الجبهة الوطنية وجيش الشعب الفيتنامي معًا بنحو (١،١) مليون حالة وفاة، وعدد الضحايا المدنيين من كلا الطرفين بنحو (٢) مليون ضحية. تشمل تلك التقديرات عدد الضحايا من المجنديين الفيتناميين في لاوس وكمبوديا، ولكنها لا تشمل عدد الضحايا في جنوب فيتنام وعدد وفيات قوات الحلفاء التي قد تصل إلى (٣٠٠،٠٠٠) حالة وفاة، ما يعني أن العدد الكلي لضحايا الحرب في تلك الفترة قد يصل إلى (٣،٤) مليون ضحية من الجنود والمدنيين.
-المصدر “ويكبيديا”-
المعلومة الرابعة/ بعد حرب النكسة في عام ١٩٦٧، لم تخفي الحكومة الحقائق عن حرب الهزيمة، وصارحت الشعب بكل خفايا واسرار المعركة، وان مصر فقدت ما بين (١٠- ١٥) الف قتيل، وبلغ عدد الاسري المصريين (٤،٣٣٨)، وحتي اليوم كلما جاءت ذكري يوم النكسة تبث المحطات الفضائية المصرية افلام وثائقية قديمة عن الحرب وتلحقها بافلام وثائقية اخري عن حرب اكتوبر ١٩٧٣.
كل دول العالم لا تخجل من كشف كل الحقائق المحبطة عن تاريخ قواتها المسلحة، علي اعتبار انه من حق كل مواطن ان يعرف تاريخ ما جري من احداث عسكرية، ولكن الوضع العسكري في السودان يختلف اختلاف كبير عن ما يجري في بقية دول العالم، فالقوات المسلحة تعتبر ان كل ما جري سابقا من احداث عسكرية وحروب وحركات تمرد وانقلابات هي اشياء تخص الجيش وحده، ولا احد يملك الحق في معرفة اي معلومة عن اي حدث عسكري وقع في البلاد، وان الصحف ووسائل الاعلام المختلفة غير مسموح لها بنشر اي شيء يتعلق بالعسكرية الا بعد اذن كتابي.. هذا الوضع الغريب موجود منذ نشآة “قوة دفاع السودان” عام ١٩٢٥ حتي اليوم !!
وقمة المهزلة تكمن انه غير مسموح لاي ضابط الادلاء باء تصريحات لها علاقة بالعسكرية!!، بل حتي الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة لا يستطيع ان يدلي بتصريح رسمي الا بعد موافقة من (الناس الفوق!!).
الفريق اول/ ياسر العطا كثيرا ما تجرأ وصرح بتصريحات كثيرة ومثيرة، ولكنه ولا مرة من المرات تطرق الي عدد الضحايا والقتلي من زملاء رفقاء السلاح!!، ياسر تكلم كثيرأ وشتم وسب وما ترك صغيرة او كبيرة في السياسة والعسكرية الا وتناولها بالنقد، ولكنه كغيره من بقية القيادات العسكرية وجنرالات مجلس السيادة محرم عليه ان يطلع الشعب بحقائق ما يجري في ساحات المعارك، انه يعرف الكثير المثير الخطر عن اسباب فشل الجيش حسم المعركة لصالحه، وهو ياسر الذي قال من قبل في شهر ابريل عام ٢٠٢٣، ان”الحرب ستنتهي بعد ساعتين”!!
جاءت الاخبار قبل ايام قليلة مضت، ان الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد/ نبيل عبدالله قد تم اعفاءه من منصبه ويشغل حاليا منصب الملحق العسكري في القاهرة، وجاءت الاخبار في يوم ٢٨/ سبتمبر ٢٠٢٥، ان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان اصدر رارا بتعيين العميد الركن عاصم عوض عبد الوهاب محمد ناطقا رسميا باسم القوات المسلحة السودانية… فهل يا تري سيكون امينا في منصبه ويقوم بواجبه كناطق رسمي ويكشف كل الحقائق للشعب بلا دس او تعتيم؟!!.. ام سيكون صورة طبق الاصل من سابقه نبيل؟!!
الي الناطق الرسمي الجديد للقوات المسلحة العميد الركن/ عاصم عوض عبد الوهاب، لماذا لم يعلق الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة العقيد/ نبيل عبدالله علي ما نشر كثيرا في الصحف السودانية والاجنبية ان الضباط الاسلاميين التابعين لتنظيم الاخوان المسلمين والحركة الاسلامية بقيادة علي كرتي، هم من يديرون دفة الامور داخل المؤسسة العسكرية، وان القائد العام للقوات المسلحة البرهان قد سمح بتغلغلهم داخل الجيش، وانه قد قام عمدا وبتوجيهات من الاسلاميين الاطاحة بمئات الضباط اصحاب المؤهلات العالية في المجال العسكري تحسبا لاي اعتراض منهم علي سيطرة الاسلاميين علي القوات المسلحة؟!!
واسال، لماذا لم تتم محاكمة اللواء/ بكراوي واحمد هارون بعد ان احبطت الأجهزة الأمنية السودانية في يوم ٢٠/ اغسطس الماضي خطط انقلاب كان في مراحله الأخيرة، تقوده مجموعة من الضباط المتقاعدين إلى جانب أحد الأجنحة المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني المحلول ومن بينهم اللواء/ عبد الباقي بكراوي، الذي تم توقيفه، وتم ايضا اعتقال أحمد هارون، رئيس المؤتمر الوطني المفوض، على خلفية اتهامات تتعلق بالمشاركة في المخطط؟!!
الي الناطق العسكري الجديد للقوات المسلحة:
لماذا لم يقوم البرهان بتهنئة الشعب بمناسبة الذكري الواحدة والستين علي ثورة اكتوبر المجيدة، وهو الذي قام عشرات بتهنئة ملوك ورؤساء عرب واجانب بمناسبات قومية ودينية؟!!
يا سعادة العميد الركن/ عاصم عوض عبد الوهاب، كان الواجب عليك ان تذكر البرهان المغبي بضرورة التهنئة والايتجاهل هذا الحدث الفريد!!