قناديل منكسة.. من النادر أن تلتفت الأنظار في القضارف للعمال الزراعيين بـ?التي شيرت? والهواتف الذكية

حسن محمد علي
لا أوراق نقدية لامعة وجديدة تبعثرت من أحدهم في سوق القضارف، فجدة أوراق (البنكنوت) هي سِمة ما تؤكد على غزارة الإنتاج ونفعه بإغراق ملايين الجوالات من مختلف المحاصيل من قبل المزارعين الذين يقبضون عوائدها بأمل قضاء احتياجاتهم المعيشية، مأكولات كانت أو ملبوسات، لكن أكبر المختفين أيضاً من روزنامة الإنتاج، شراء العمال الزراعيين لأجهزة الراديو ومسجلات الكاسيت، وحديثاً باتت الهواتف النقالة، فمن النادر أن يلفت أنظار المارة (جوغة) من العمال الزراعيين وقد تزيَّوا بلباس موحد من (التي شيرتات) وبناطلين الجينز وهم يختبرون هواتفهم بعد فضها من صناديق كرتونية كغاية ما حققوه في موسم منتج ومربح بالنسبة لهم.
والحال، لم تجتهد ناظمات الأغاني الشعبية بولاية القضارف هذا الموسم في ترميم القوافي الغنائية مثلما هو في كل عام، فلقد تضاءلت أحلامهن في رؤية أثر القناديل في جيوبهن، وما عاد رهق العمال مجدياً مع حفنة الأجر الزهيد، لقد خرج الموسم الزراعي في ولايتهم الأكثر إنتاجاً بمحض شقاء وعنت وسراب.
تبددت أحلام المزارعين في الإقبال على أسواق السيارات الجديدة الفارهة ذات الأشرطة الجذابة، فمن غير الممكن شراء سيارة من مكاسب مالية لعملية زراعية راهنة في القضارف، طبقاً لما اتفقوا عليه بأنه موسم إنتاج في مناطق وضعف إنتاجية في أخرى، وبجانب ذلك فهو الأكثر وطأة في معادلتي الربح والخسارة، فالأسعار (منهارة)، ولا يتعدى الجوال (210) جنيهات، مقابل كلفة إنتاج تضاهي ضعف سعره، إنه أشبه بالكابوس مثلما يرددون.
(2)
ورغم ذلك فإن مؤسسات الحكومة تروج لنجاح الموسم الزراعي بلا مبالاة أو مراعاة لأحوال المزارعين، وقد تكون صوامع الغلال امتلأت فعلياً من الحبوب، لكنها كاسدة بحيث لا تسمح حتى للحمالين بممارسة عملهم اليومي في شحن عشرات الشاحنات المنطلقة إلى ولايات البلاد أو للتصدير، لذا فإن المزارعين يرون في محصول السداد الأول لغماً يستحق الحذر، حتى إنه لا أحد يجد أحداً ليغني له ?سمسم القضارف والزول صغير ما عارف?.
اليوم التالي