تفاقم أسعار السلع و الضحية المواطن المطحون

د.عبد القادر الرفاعي
تعوَّدَ السودانيون خلال سنوات حكم الإنقاذ على فرجة الحكومة على الارتفاع المضطرد في أسعار السلع التموينية و الضرورية، والتي ارتفعت نظراً لإستغلال التجار و المنتجين لظروف التدهور في الاقتصاد، وإتساع رقعة الحرب الأهلية غرب البلاد بعد جنوبه، الذي أودى بوحدة البلاد إلى جحيم الإنفصال، تحرير الإقتصاد و فوضى الأسواق و سيطرة تجار السوق الأسود والجشع سيد الموقف، والضحية المواطن المطحون. قبل إنقلاب الإنقاذ لم يجرؤ أي مسؤول على زيادة أي سعر، وهو مطمئن لأن مثل هذا القرار يمكن أن يؤدي بسبب ضخامة الرفض الشعبي، ورفضه إلى إسقاط المسؤول، إن لم يكن الحكومة بأجمعها, ولنا في تداعيات زيادة أسعار السكر نهاية عام 1988 تذكرة لمن لا يتذكر. أما في عهد الإنقاذ فإن هبَّة سبتمبر2013 ما تزال تداعياتها بجرحاها و شهدائها تدق جرس الإنذار، و ترفع خطوطها الحمراء، أن شعبنا لا غالب له. إن من يمس قوت الشعب ليس من الشعب، و ليس صالح لحكم الشعب. اليوم فإن قدرة الناس في الحصول على القوت الضروري، يبتلعها طوفان الاسعار المشتعلة يوماً بعد يوم، والمواطن في حالة ذهول وسط مسلسل إنهيار الجنيه السوداني، إزاء الدولار الذي تجاوز تسعه جنيهات في السوق السوداء، وترتب على هذا ارتفاع غير مسبوقٍ في الأسعار كمحصلة للسياسات والقرارات الخاطئة، التي تنحاز للأغنياء وتنسى الفقراء وسط غياب الرقابة واستفحال ممارسات مافيا الأسواق، التي تتزايد يوما بعد يوم و تكشر أنيابها أمام الجميع.
إن الحكومة تقف عاجزة أمام ارتفاع الأسعار بإصدار قرارات من باب المسكنات, بإعلان الزيادات طفيفة في المرتبات والأجور, لكن تلك الزيادات إن لم تتبعها زيادة في الإنتاجية، فإن هذا لا يمكن ترجمته إلا في إتجاه التضخم، لقد أشار العديد من الاقتصاديين إلى أن العلاج الناجع بهذه القضية يحتاج إلى ضبط السوق و زيادة المنافسة, وإلا فإن التدهور في الأسعار لن يكون ضحيته سوى السوق و المواطن و للقوانين التي تشرع في صالح رجال الأعمال ومصالحهم. وعموماً فلا شك أن التطورت المتزايدة في مضمار السوق ستحمل إلى المستهلك السوداني ارتفاعاً جديدا في أسعار السلع ? السلع الأساسية ? إزاء عجز الدولة في أن تضع حداً لجشع المستغلين في الوقت الذي تقف فيه النقابات عاجزةً عن الدفاع عن حقوق اعضائها.
الميدان