الرئيس وقناة امدرمان..والرسوب في اختبار عرمان

بسم الله الرحمن الرحيم

لم أخطط لمشاهدة لقاء البشير في قناة امدرمان وصاحبها حسين خوجلي ..لكن جولة الأزرار .وضعتني أمام اللقاء..قبل أن أعرف اسم البرنامج ..احسست بأنه برنامج ترويجي لمخرجات حوار الوثبة ..حيث لم يكن حواراً تقتضي المهنية أن يتغير صعوداً وهبوطاً مع حرارة الموضوع المطروح على ضيف بمستوى رئيس.. في فترة كهذه..بل كانت الأسئلة في صياغتها الطويلة كعادة حسين خوجلي..مجرد تمهيد لإقرار ما في ذهن الطرفين..وقد تأكد لي ذلك عند الفاصل ..فلم يعنون بأي صيغ اللقاءات أو الحوارات ..بل سمي ب( بشريات المستقبل) بذلك حول حسين خوجلي الحوار إلى مجرد دعاية رخيصة للرئيس ومخرجات حوار الوثبة..وجير الشعب السوداني لصالح الحوار والرئيس .. وهو ما لا يمكن توقعة من إعلامي يمتلك ثلاثة وسائل منها..فمقارنة بسيطة مع موقف عثمان ميرغني من المخرجات ..رغم أن تياره السياسي الذي رضع من ثديه هو نفس تياره ..إلا أن تقييمة كان على النقيض من حسين خوجلي..وأقرب إلى تقييم معظم السودانيين بأنه لاجديد يستحق كل هذا الوقت والاحتفاء.
وسأعرض هنا نموذجاً واحداً للأسئلة.. فللتأكيد على عزلة قيادات الحركات المسلحة من قبائلها من جهة ..وقبليتها من جانب آخر في تناقض غريب..سأل : هل اختطف جبريل ومناوي قبيلة الزغاوة وعبد الواحد قبيلة الفور والحلو قبائل النوبة..؟ ويواصل بعد فشله في وصف عرمان بالقبلية ..وماذا عن عرمان ؟
التناقض بين وصف شخص بأنه قبلي اختطف قبيلته ..والإيحاء بأنه لا يمثل القبيلة ..جعل الرئيس يكمل فقط الصورة التي بدأ رسمها مقدم البرنامج..بأنهم لا يستهدفون أي قبيلة لتمرد بعض أفرادها..لكن الاختبار الصعب ..كان عن ياسر عرمان.. فمقدم البرنامج ما استطاع أن يضعه في نفس السياق ..وزاد الرئيس بأن له صلة قربى به..
هنا نجد أنفسنا أمام مغالطة بينة..خاصة إذا علمنا أن هؤلاء ومعهم عقار ..يكونون الجبهة الثورية بأهداف مشتركة..فما الذي يجعل هؤلاء قبليين ..ويعزل عرمان منهم ؟ فالمنطق يقتضي بأنهم في الجبهة الثورية ..إما قبليين أو أي شئ آخر كلهم ..أما هذا الفرز فليس قصور النظرة فقط ..بل اعتساف الحكم اعتسافاً ..وقد أكملت إجابة الرئيس عن عرمان الصورة ..إذ قال عنه..إنه يتطلع أن يكون مثل قرنق..يأتي به السلاح إلى القصر عبر برنامج السودان الجديد ..وهذا غير ممكن.
هذه الإجابة تضعك أمام مغالطتين ..أولاها أن عرمان ليس في نفس الموقع الذي كان عليه قرنق..فالأخير كان رئيس الحركة وقائد عام جيشها..وعرمان هو الأمين العام فقط وليس قائد الجيش ..فما الذي يجعل برنامج السودان الجديد ..يأتي به إلى القصر دون رئيس الحركة؟ أو قائد الجيش..؟ألأنه من الوسط ؟ أليست هذه العقلية هي التي يحتج عليها البقية؟أما المغاطة الأخرى ..ففي استحالة ذلك ..وأرجو أن لا تكون الإجابة عن الوضع العسكري ..فقرنق ..كان يدعو للسودان الجديد..وعبره دخل القصر..فما الذي يحرم ذلك على حامل نفس البرنامج ؟
السؤال والإجابة ..ينصبان في تأكيد رؤية الحكومة بعنصرية الحركات ..بجعل برنامج السودان الجديد..حصراً على ياسر عرمان دون بقية رفاقه.. ووهو ما يقول به أهل الحركة الشعبية جناح الوثبة ..بأن عرمان لا يمثل النوبة فلا يحق له الحديث باسمهم.وهذا رسوب في توصيف حالة عرمان بفصله عن حركته..وكل هذا النموذج ..يجعل في المقابل حقاً..صاحب قناة أمدرمان ..مهما حاول ترسيخ صورة المبتعد عن الموقف الحكومي ..مجرد بوق إضافي للنظام وصاحب دور مرسوم .. لا أكثر.
[email][email protected][/email]