العداد فى الليمون

فى كثير من الاحيان يخيل لى ان الحكومة فى اعلى مستوياتها و هى تصدر قراراتها و احكامها فى حق مناصريها و فى حق المواطن الغلبان او فى شأن الوطن لا تكون مهمومة باى شيئ سوى اتخاذ هذا القرار او ذلك حتى تتخلص منه و من سؤال الناس عن اجابته . لا حكمة و لا عقل و لا مرجعية و لا مسئولية ولا وطنية و لا اى شيئ سوى اتخاذه و حسب دون السؤال عن نتائجه حتى و لو جاء منافيا او مناقضا او معارضا لكل ذوق او عهد او وثيقة او وطنية . وحين تطالع مدونات الحكومة الرسمية و ما يشرع عن مؤسساتها التشريعية و تستمع للاجهزة الاعلامية تجد انها تطفح كلها بما انجزته الحكومة فى مجال تأسيس نظام الحكم على قواعد الدستور و القوانين المراعية و الحافظة لسيادة الدولة و حقوق الانسان و تحديد المسئوليات و العقوبات و الجزاءات لكل خارج عنها او محاولا انتهاكها على اية صورة او شكل او فعل او حتى كلاما مرسلا , و تفجعك الممارسة للسلطة حين تتلفت لكل هذه الوثائق و المدونات و الدساتير و القوانين فلا تجد لها ريحا . بل تجد ( على بالطلاق ) و( احلام زلوط ) و( لحس الكوع ) وغيرها من المفردات و الكلامات و النصوص الدالة على حرمان الناس من ممارسة حيواتهم السياسية و الاجتماعية و الثقافية و غيرها مما يندرج فى حقوق الانسان . بل لا تجد للدستورو القوانين اثرا او دورا كأنما كتبت لتكون جزءا من ديكور الحكومة تتجمل به فى المحافل الاعلامية و تخدع به المنظمات الدولية فقط . لهذا يحق للمواطن السودانى المعروف فى العالم كله بالصدق والطيبة ان يستغرب كيف يكون لواحد منهم كل هذه الدرجة من المراوغة و مخادعة نفسه و الالتفاف على الحقائق الماثلة بل و على ما الزم نفسه بها من مواثيق و قوانين صاغها على هواه . ولماذا لا يشعر الحاكم او المسئول بالخجل من افعاله و سلوكه و ما يتركه من انطباع سيء لدى الناس العاديين؟ وهو يصدر قراره المعارض لرغبة المواطنين ولا تخدم الصالح العام و فى كثير منها الخارق للدستور عيانا بيانا و الامثلة على ذلك لا تحتاج لتوضيح بداية من عزل الدستوريين المنتخبين او نقلهم من ولاية لاخرى كما حدث فى حالة والى النيل الازرق و والى جنوب كردفان سابقا وما يحدث اليوم فى العديد من ولايات البلاد يدل بكل جلية على عدم الالتزام بالمؤسسية و ان دولاب الدولة يسير بدفع رياح الواقع المتولد عن السنوات الطوال من التخبط وعدم المنهجية و تضارب و تعارض المصالح الشخصية ، و يبدو ان هذا الوضع القائم على كل هذه المتناقضات اصبح المنهج اللاصق الذى لا فكاك منه الا بتفكيك كامل المنظومة القائمة على سياسة رزق اليوم باليوم . و ان كل افادة او قرارطائش او منكر يفجع السودانيين و يذهلهم اصبح لا يدفع الدم فى وجه المسئولين كما كانوا فى اول عهدهم حين كانوا مثل السودانيين شكلا . واليوم اصبحت كل تلك الافعال و القرارات تكوّن طبقات من الجلد يندفن تحتها الخجل و يصبح المسئول كبرت درجته او صغرت خارج شبكة الوطن و المواطن منغلقا داخل شرنقته الذهنية السميكة و دافنا رأسه فى كيس ( العلوق ) الشخصى و الحزبى . لا يشعر بالمتحولات حوله و حول الوطن فى عمومه و العدد فى الليمون.

ابراهيم بخيت
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..