الحق الحرية القانون..

هناك نظريات عدة لفلسفة الحق كنظرية المكنة ونظرية المركز القانوني ، وكطبيعيين علينا أن نخرج قليلا من ضيق الوضعانية لسعة التفلسف في التمييز بين الحق والحرية للخلط الكبير الذي يسود عندما يتم الحديث عن الحقوق والحريات ، كما أن علينا أن نقفز مباشرة خلف التحليل العناصري للحرية وفق الجدل الذي دار بين رؤى هيجل وكانط .
هذا التمييز لا يساعد في قضايا فلسفية كثيرة ناقشتها فلسفة القانون كمصدر القانون وتعريف القاعدة ولا أزعم ذلك ، جل ما يمكننا أن نصل اليه هو تمييز معياري بين ما هو الحق وماهي الحرية .
ولننطلق أولا من مقاربة خيالية يمكننا أن نطلق عليها قصة الجزيرة الخالية. فلنتخيل فردا ما وجد نفسه في جزيرة معزولة .. انه يملك إرادة الفعل ، يمكنه السير عاريا ، يمكنه الغناء بأعلى صوته …الخ . إنه هنا يملك الحرية . وفي المقابل إذا جاء شخص ثان إليه فإن حريته ستتقيد فلو أراد الغناء وكان الثاني يريد النوم فسنكون أمام رغبتين متعارضتين ، هنا يجب أن يتفق كلاهما على حل يرضي الطرفين ؛ كما لو أنهما أتفقا على أن ينام الثاني في مواعيد معينة يتوقف فيها الغناء وهكذا ويكون بعدها للأول الحق في الغناء. إننا إذن أمام حرية مقيدة . إذا الحق هو عبارة عن حرية مقيدة . ويكون الاتفاق على حدود هذا الحق هو القاعدة . ولكنها لا يشترط أن تكون من قواعد القانون فقط بل من قواعد الأخلاق أو المجاملات .
إذن فمنطلق القانون هو الحرية ويجب ألا يتجاوز القانون نطاق وظيفته في اجتزاء جزء من حرية الفرد ليستمتع الفرد بالجزء الباقي -وهو الأكبر من الحرية – إن من أسوأ القوانين تلك التي تصادر على الحرية بأكملها
أو يكون همها الأكبر هو التأسيس لدكتاتورية تقمع الحرية . أو أن يحدث تضخم تشريعي في النظام القانوني بحيث يتدخل القانون -بشكل مفرط- في حريات الآخرين أو ليتحول القانون إلى آيدولوجيا فئوية.
ومع ذلك فيمكن توجيه نقد على أساس أن هذه الرؤية ليست سوى آيدولوجيا ليبرالية وأنها لا تملك أكثر ممتا تملكه النظريات الأخرى في القانون . وهذا النقد صحيح ولا يمكن الرد عليه جدليا وإنما تأسيسا على أن الحرية هي أثمن ما نملكه وهي التي يمكن أن نسند إليها -جميعنا- القدرة على تبني مواقفنا الذاتية في الحياة. سواء كانت علمانية أم لا.
أمل الكردفاني
11مارس2015

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..