والله ..أيام….يا ثوراتنا..

والله ..أيام….يا ثوراتنا..
محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]
دخان الثورات هذه الأيام لا يمر بالعيون فقط وانما يتسرب مباشرة عبر ذاكرة الانوف الي ممرات الصدور فيعبيء القلوب المفعمة بالغبن ويزيد من وجيبها شوقا وعشقا لهدير الجموع التي تكتب التاريخ .. وترسم الأبعاد الجديدة لجغرافيا الكرامة الآنسانية التي تتمدد في الاوطان وتسري خضرة في تفاؤل العقول بغد جديد ..ولكن..؟
ففي السودان صنعنا المعجزات بالأكف الخشنة المجهدة .. فاختطفتها الأيادي الناعمة المرطبة.. وأضاعتها غير مرة.. ..فسقط من عمر زماننا ما لن يعوض الا بعد زمان.. فالأوطان حينما تكبر أعمار استقلالها يشمخ بنائها العمراني ويتصاعد بين الأمم معناها الكياني..
الا نحن شخنا في سنوات الدولة المستقلة .. فصغرت احلامنا في التمتع بخيراتنا .. والسبب ببساطة لان دولتنا بكل ما فيها باتت …….( مستغلة ) فزاد ورم المأساة في جسد الوطن .. والعلاج في كل الحالات مؤلم .. الجراحة القاسية ..أو الكيء اللاهب ..
أما القدرة علي تحمل المعالجات.. ففي الارادة والاصرار وعدم التسليم لسلاح التثبيط ..وكسر النفوس بعدم جدوي الحركة فذلك دون شك ان خضعنا له فسيوقع بنا في مصيدة النظامالحاكم الذي يفتعل حربا نفسية .. يتدرج فيها من مستوي السخرية بمقدراتنا علي التغيير مرورا بالحديث عن شعبيته الشرعية المزعومة و..وقوفا عن محطة التهديد بالقوة وليس انتهاء باسلوب.. ( الورل ) وهرشة التخويف والتصدي..
لكنهم ..فليعلموا جيدا.. ان حركة الشارع هي كرة ثلج تكبر مع الدحرجة وان كانت بطيئة كخطو السحاب ..
فلنبدأها اليوم ..بصرخة تفتح فجوة في أذن المدي..لتتراقص انغامها مع موجات الصدي
ولنصبر ..كما صبرت الشوارع الآخري من حوالينا لايام طوال ..ولابد ان في ذاكرتهم شيء مما تعلموه منا في ايام ثوراتنا التي سبقت الثورات..
أهل اليمن يملاؤون الساحات دون ان يملاء نفوسهم اليأس .
وهاهو نظامهم يترنح تحت زفرات الغضب..
.وشعب ليبيا الذي صمت دهرا ونطق ايمانا بالتغيير ..لم تثنيه مطاردات النظام الموتور في كل بيت وكل زنقة ..بل زاده هدير الطائرات اصرارا علي..( ان يطيّر جن القذافي ..أو رقبته ..ولا يهم الخسائر )..
ونقاط أخري من المياه الراكدة في أكثر من مكان بدأت دوائرها تتسع بعد ان اسقطت عليها الشعوب حجرا كان يثقل القلوب بالخوف..
فان تحركت الاحزاب اليوم .. ومعكم غدا يا شباب بلادنا فلا بأس من قبولها ( كتمامة جرتق ) لان عريس المرحلة هو انتم..وحينما ينتهي الرقص علي جثة النظام .. يحق لكم ان تقولوا لكل سارقي الثورات .. سعيكم مشكور ..ولكم منا أجر المناولة ….والمساعدة في التوصيل. انتم الماضي الذي نجله ..فانجلوا.. ونحن أولاد المستقبل. وبناته وسنبنيه شامخا كشموخ
يا برقاوى والله من وراء القصد …
فليسقط كل المفسدين وليبقى سوداننا شامخا ولنبنيه
يارب انصرنا على من ظلمنا ويتربص بنا … انت الله الذى تعلم حالنا..
شيخنا برقاوى .. تحضرنى قصه ذات مغزى عميق من إرث شيخنا الكتيابى عليه رحمة الله فيحكى مرة وهو ذاهب من خلوته بقلب أم درمان إلى مسجدها العتيق لإمامة الناس فى صلاة العصر وجد بناء قد تطاول حيطه ولما سأل عنه قيل له إنه بار لبيع الخمور لأحد الخواجات ، بعد الإنتهاء من الصلاة خاطب المصلين قائلا لهم الإنجليز يريدون بناء دكان لبيع الخمور جوار مسجدكم هذا ، لنذهب الآن جميعا لنهدم هذا البنيان الذى بدأوه ولما خرج ونظر خلفه ليرى من معه لم يجد أحدا ، فقد تفرق جمعهم خوفا من الخواجه .. كرر طلبه لهم فى صلاة المغرب وفى صلاة العشاء ولا حياة لمن ينادى فيهم وفى صلاة صبح اليوم التالى تقلص عدد المصلين إلى عدد أصابع اليد .. وفى ضحى نفس اليوم ذهب إلى الأنادى ولما رآه مرتادى هذه الأماكن بدأوا فى التوارى فهذا شيخ أم درمان الكبير ولا يريدون أن يراهم على ذلك الحال ، طمنهم وقال لهم تعالوا ، أتوه خطب فيهم وقال لهم الخواجات يريدون عمل دكان خمر فى قلب مدينتكم ، خمر الخواجات حرام ومريستكم البتشربو فيها دى مكروهه ..وأنا دايركم تمشو معاى نكسر دكان الخمر بتاع الخواجه .. هبوا جميعا خلفه وهدمو البنيان وجعلوه أثرا بعد عين ..
أخى برقاوى .. وأنتم تناضلون بوعيكم وأقلامكم لا ترجون أن يتحقق الحلم بفئة المثقفين الذين تخاطبونهم بهذا الإسلوب العصى الفهم علينا نحن العامه ، وجهو أقلامكم إلى العامه واكتبوا لهم بما يفهمون، ضعوا حكمة الشيخ الكتيابى وفتوى الضروره التى وضعها لكم نصب أعينكم، إلتفتوا عن طبقة المثقفين والمساجد وتوجهوا لطبقة الشيخ الكتيابى .. أكتبوا لهم بما يفهمون ..حتما سيهدون بنيان الظلم