الترجمة خيانة عاشقة عند اللعبي

عبد اللطيف اللعبي يؤكد أن اختياره الكتابة باللغة الفرنسية٬ لم يكن منفصلا عن ثقافته المغربية ولغته العربية٬ والأسئلة التي تشغلهما.
لندن تحتفي باللعبي
لندن – قال الأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي٬ انه يمكن وصف ترجمة الأعمال الأدبية٬ بأنها خيانة عاشقة ومشروعة للعمل الإبداعي.
وشدد اللعبي٬ خلال حفل تقديم ترجمة ديوانه الشعري “عهد البربرية” وروايته “قاع الخابية” إلى اللغة الانكليزية في العاصمة البريطانية لندن٬ على أهمية الترجمة باعتبارها جسرا للتواصل والتثاقف وتفتح الباب على مصراعيه لحوار الحضارات.
واعتبر أن المترجم٬ يتحول حين مقاربته للعمل الإبداعي٬ إلى “مبدع حقيقي”٬ حيث تتحول عملية الترجمة إلى “عمل إبداعي مستقل” مثل نظم الشعر أو كتابة الرواية٬ و”فن وشغف” يتملك المترجم٬ ملحا في هذا السياق على ضرورة تمتع المترجم بحس إبداعي رفيع.
وبخصوص صعوبات نقل “إبداعية” العمل الفني إلى لغة أخرى٬ قال عبد اللطيف اللعبي “أنا أيضا مترجم٬ وأتفهم صعوبة الترجمة وضروراتها”، مشيرا في هذا السياق إلى ترجمته للكثير من الأعمال الأدبية لمحمود درويش٬ وسميح القاسم٬ وعبد الله ازريقة٬ ومحمد الماغوط٬ وعبدالوهاب البياتي٬ وغسان كنفاني إلى اللغة الفرنسية.
واعتبر الأديب المغربي٬ خلال هذا اللقاء الذي شكل نموذجا حيا لتلاقح الثقافات والحضارات من خلال اعتماد اللغات العربية والفرنسية والاسبانية والانكليزية في النقاش الذي تخلله٬ أن تجربته الإبداعية والإنسانية تنطلق من مبدأ “التعدد” مشيرا في هذا الصدد إلى تعدد ألوانه الأدبية بين الشعر والرواية والترجمة والنقد الأدبي٬ واعتماده ثلاث لغات حية في القراءة والكتابة٬ إلى جانب تنقله المستمر بين فضاءات مغربية وفرنسية واسبانية.
وأكد على أن مبدأ التعدد هو ما يعكس قيمة وأهمية الكائن الانساني.
وشدد عبد اللطيف اللعبي على أن اختياره الكتابة باللغة الفرنسية٬ وتشييده عوالمه الإبداعية بواسطتها٬ لم يكن منفصلا عن ثقافته المغربية ولغته العربية٬ والأسئلة والقضايا التي تشغلهما.
وتميز هذا اللقاء الإبداعي والفكري بقراءات لعبد اللطيف اللعبي لشذرات من ديوانه “عهد البربرية”٬ وكذا للمترجم أندري نفيس ساحلي من رواية “قاع الخابية”.
وقد نوه اللعبي في هذا السياق بنجاح أندري نفيس ساحلي٬ في نقل عوالمه الأدبية ٬ في العملين٬ إلى اللغة الانجليزية.
وخلال مسيرته الإبداعية الطويلة٬ أصدر خلالها العديد من الدواوين الشعرية والأعمال الروائية٬ إلى جانب ترجمات إلى اللغة الفرنسية لكبار أعمدة الأدب العربي المعاصر٬ ودراسات نقدية متنوعة٬ حاز عبداللطيف اللعبي على عدد من الجوائز الهامة من بينها على الخصوص غونكور الفرنسية في صنف الشعر (2009) عن مجموع أعماله٬ وكذا الجائزة الكبرى للفرنكوفونية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية (2011).
كما شارك عبداللطيف اللعبي٬ الذي ذاق تجربة الاعتقال (من 1972 حتى 1980)٬ سنة 1966 في تأسيس مجلة “أنفاس” إلى جانب عدد من رواد الحركة الأدبية والشعرية المغربية٬ والتي شكلت حينئذ بؤرة جديدة لميلاد تيارات حديثة في الإبداع المغربي.
وسبق وأن أعتبر اللعبي أن تحقيق الإقلاع الديمقراطي في المغرب “رهين بوجود مشروع ديمقراطي جدير بهذا الاسم٬ كفيل بإرساء دولة القانون وتجاوز الاختلالات الاجتماعية٬ وبناء أجيال المستقبل”.
وقال اللعبي٬ في حديث لصحيفة “أوجوردوي لوماروك”٬ نشرته على هامش مشاركته في ندوة بأصيلة حول موضوع “الثقافة المغربية: المعيقات والرهانات”٬ ان الثقافة تظل بمثابة “معركة”٬ مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تتطور هذه الثقافة في غياب مكتبات عمومية ومراكز ودور ثقافة ومتاحف ومعاهد موسيقية.
وأعرب عن أسفه “لأننا لا نملك هذه السلسلة من البنيات الأساسية٬ حيث يمكن لمبدع أن يلتقي بجمهوره”٬ مضيفا أن أي مبدع ” لا يمكن أن يكون حضوره ملموسا لدى مواطنيه٬ إذا لم تكن أفكاره وإبداعاته تدرس أو مدرجة ضمن البرامج المدرسية٬ من روض الأطفال حتى الجامعة”.
وأوضح أنه على الرغم من وجود أوجه قصور وصعوبات٬ فإن الثقافة تبقى حية في المغرب بفضل مبادرات غالبا ما تكون فردية لمبدعين شباب٬ يحاولون جهد إمكانهم حسب الوسائل المتوفرة تطوير الوضع.
وبعد أن ذكر بوجود مبادرات شخصية لخلق مؤسسات للحفاظ على الذاكرة الثقافية٬ شدد اللعبي على ضرورة إنشاء مؤسسة وطنية لهذا الغرض. وفي هذا السياق ذكر باقتراحه المتعلق بإطلاق ميثاق وطني للثقافة من أجل إخراجها “من وضعية الخمول حيث هي”.
ميدل ايست أونلاين