عروس الاستثمار بين ترويج الخاطبات وإعلام الأزمات

أحد أهم العوامل التي تضعف حماس المستثمرين الأجانب وتتسبب في عدم نجاح الكثير من المشروعات الاستثمارية هي تلك الصورة الخرافية التي يرسمها إعلام الترويج للاستثمار في السودان، والتي غالباً ما تتسبب في جذب مستثمرين يعتقدون أنهم أول الفاتحين لأرض السودان، وأول المستثمرين في دولة الخيرات المنسية والمهملة.
الإعلام الرسمي للاستثمار والذي يطرح المشروعات ويروج للامتيازات، لا يحرص على تغيير تلك الانطباعات الراسخة في أذهان الكثير من المستثمرين العرب بأنهم سيحصلون على الكنز بضربة معلم، لذلك كثيراً ما يأتي إلينا من لديهم طمع في تنفيذ غزوة للسودان يضاعفون بها ثرواتهم، وليست مجرد مشروعات استثمارية رابحة.
نوع الإعلام الترويجي للاستثمار يحدد نوعية من يرغبون في الاستثمار.. وبالمقابل فإن الصورة التي يرسمها إعلام الأزمات حول الواقع العام في السودان والظروف الاقتصادية الطاحنة واعتماد الدولة على الرسوم والجبايات والحديث عن الحروب والأزمات الأمنية يؤثر كذلك في نوعية المستثمرين الذين يأتون برغم هذه الظروف ويجعل الدولة تضطر لتقديم إغراءات أكبر من اللازم لإقناع وجذب الاستثمار والمستثمرين بعد عملية تطمين مكلفة جداً مع عدم الحرص على تغيير أي انطباع خرافي حول ما يمكن أن يخرج به المستثمر من فوائد تجعله يعتبر نفسه سيخوض مغامرة ولا يقبل بأقل مما يتخيلها من عوائد تغطي حجم التكلفة النفسية والمخاطرة التي يخوضها برأس ماله حسب تصوره.
مستثمر عربي أو أجنبي يعتقد أن السودان به كنوز ضخمة تحيط بها ظروف خطيرة وأن عليه أن يتحدى الخوف ويخوض المغامرة حتى يحصل على هذه الكنوز.. وبعد وصوله إلى السودان يفهم أن الأوضاع الأمنية طبيعية في معظم مناطق الاستثمار المطروحة أمامه وغالباً لا تواجهه أية مشاكل أمنية.. لكن عوائد استثماره سيجدها هي أيضاً طبيعية وليست بذلك الحجم الخيالي وأن عليه أن يصبر على مشروعاته حتى تدور دورتها الإنتاجية وتعود له بالأرباح الطبيعية، فيصاب بنوع من الإحباط حيث يختلف الواقع عن تصوراته ثم يشرع في الانسحاب.
نحتاج أن نصحح الصورة التي نرسمها أو يرسمها الإعلام حول الاستثمار في السودان حتى نكسب مستثمرين جادين في إقامة مشروعات استثمارية بتوقعات علمية وعوائد طبيعية ومعقولة وامتيازات غير مبالغ فيها.
لأن زيادة حجم الامتيازات يرسخ الصورة الرائجة عن أن هناك عيبا في المناخ العام وفي هذه العروس التي تستجدي خطابها.
ضعف الوضع الاقتصادي ليس عيباً بنظر مستثمر جاد لأن استثماراته تلك ستكون جزءاً من خطوات إصلاح الاقتصاد..
لا تقدموا عروسكم لمن يطلبها إلا بوجهها الحقيقي فلا هي بكل ذلك القبح الذي يرسمه إعلام الأزمات ولا هي بكل هذا الجمال الذي يروجه إعلام الخاطبات.. قدموها بحقيقتها واتركوه يدفع هو ثمن مكياجها الزائد في يوم العرس.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
اليوم التالي