فرق “الراب” في لبنان تستخدم الموسيقى كوسيلة تحريضية بهدف التغيير

تستخدم فرق “الراب ” اللبنانية ، الموسيقى ، كوسيلة للتعبير عن الواقع السياسي والاجتماعي وما يعتريه من مشاكل ، متوسلين بذلك تغيير هذا الواقع .

وبالرغم من انشغال عدد كبير من الشباب في لبنان بالأحداث السياسية والأمنية ، التي تتسابق لاحتلال الصدارة في بلاد الأرز ، وانخراط البعض منهم بها ، إلا أن فئة شبابية مهمة ، تسعى منذ تسعينيات القرن الماضي للتعبير عن رأيها ، بطريقة لم تكن مألوفة ، عبر استخدام موسيقى “الراب “.

ويرى البعض أن “الراب” هو طريقة في التعبير ، تتمتع بالقدرة على التأثير في الرأي العام ، وما حصل في انتفاضة الشعوب العربية دليل على ذلك .

وقال الأخوان محمد وعمر قباني ، ثنائي فريق الراب اللبناني “أشكمان ” لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) ” منذ 12 عاما أسسنا فرقة الراب ، أما الهدف منها فكان إيصال رسالة عبر الميكروفون ، الذي يعتبر سلاحاً تغييرياً أقوى من “الكلاشينكوف “.

وأضاف الثنائي قباني “ما نقدمه عبر أغاني “الراب “هو انتقاد بنّاء لما يحصل في البلاد على كافة الصعد بطريقة غير محبطة ، وبأسلوب ساخر ، حتى يغدو العمل شبيهاً بنشرة أخبار ، خالية من الكذب والنفاق ، تصور الأوضاع بصدق ، وتنتقد الخلل القائم ، وتدعو إلى التغيير “.

“نحن نكتب الكلام” ، تابع قباني ،”لذىنوائمهمع موسيقى خاصة ، يكتبها مؤلفون موسيقيون مختصون ، ونتطرق في أغنياتنا للوضع الاجتماعي والسياسي ، وهجرة الشباب ، والتحفيز على العمل والإنتاج وغيرها من المواضيع التي يتألم منها اللبنانيون دون أن يتمكنوا من الصراخ “.

وأشار قباني” إلى الدور الإيجابي الذي لعبه “الراب” في انتفاضة الشعوب العربية أو ما يسمى “الربيع العربي” ، كمحفز وما يمكن أن يلعبه من دور في المستقبل “.

ورأى أن “الراب” اللبناني هو استكمال “للراب” العربي ، “لأن المشكلات التي يعملان على إظهارها متشابهة إلي حدّ بعيد “.

ويعالج فنانو “الراب” اللبنانيون مشاكل مجتمعهم ، بأسلوب ساخر ، وكذلك يفعل الفنانون العرب ، فيتحدثون عن آلام الناس وهمومهم وينتقدون الواقع .

وعادةً ما يتحدّث المؤدون في هذا النوع من الغناء عن أنفسهم ، ويستخدمون الموسيقى للكشف عن استيائهم وغضبهم من صعوبات الحياة ، لتطرح صرخاتهم الموسيقية المغناة ، على شكل كلام مقطع ، مآسي المجتمع ، وتكون متنفساً للحالمين بالتغيير.

ومن ميزات “الراب” ، عدم تركيزه على صوت المغني أو المغنية، كما في أنواع الموسيقى الأخرى، إذ يكون التركيز منصباً على الإيقاع الموسيقي نفسه، وكذلك كلمات الأغنية .

وقالت غريس كساب المختصة في الإعلان ، لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) ” “الراب” هو نوع من أنواع الفنون ، استخدم للتعبير عن الرأي ، قد يحبه البعض ويكرهه البعض الأخر ، ولكنه موجود وله أتباع ومريدين “.

” والراب ” اللبناني والعربي هو شكل من أشكال التعبير السلمي عن الرأي ، في زمن التوترات التي تعيشها المنطقة “، تابعت كساب ، “وأنا أشجع كلّ أشكال التعابير السلمية عن الرأي “.

وترافق أغنيات الراب ، قضيةً سياسية أو اجتماعية شائكة ، في سعي لإيجاد حلّ لهذه القضايا ، حتى ولو كان بعيد المنال .

وقال عازف القانون السوري عبدالله شحادة لوكالة الأنباء الألمانية “إن الراب هو أحد أنواع الفنون الموسيقية التي تتضمن الأصوات الموسيقية والإيقاعية ، هو عمل فني يعتمد على الكلمة والجملة المكتوبة ، لإظهار رسالة تكون مرتبطة بحالة إنسانية معينة أو بالواقع الحالي الذي يعيشه الفنان “.

” يمكن أن يكون “الراب” من أهم الظواهر التي تمكّن الشباب العربي من التعبير عن آرائهم بطريقة حضارية” ، تابع شحادة “فهو يمكنهم من رفع أصواتهم ، وخاصةً في هذه المرحلة “.

وأضاف ” إن ظاهرة الراب أثبتت نجاحها في الغرب ، أما في مجتمعاتنا العربية ، فيمكن القول أنها في طور التشكل ، وهي لا تزال بحاجة إلى الوقت لتصبح فاعلة “.
وقال “إن هذا الصوت الذي يطلقه الشباب العربي عبر أغاني “الراب” ، يمكن أن يكون مسموعاً من قبل فئة معينة من الناس ، هي غالباً فئة الشباب ، التي يمكن أن تتأثر بهذا النوع من الفنون “.

وبدأت فرق “الراب” في بيروت في أواخر التسعينيات ، وانتشرت بعدها في مختلف المناطق اللبنانية ، وهي فرق قامت بهدف التعبير عن الرأي بطرق جديدة غير مألوفة في مجتمع شهد حرباً أهلية في العام 1975 ، استمرت حتى العام 1990 .

وتركّز أغنيات “الراب” اللبناني على قضايا متشعبة تبدأ بالفقر والفساد وغلاء المعيشة، ولا تنتهي بالطائفية وهجرة الشباب ، وصمت المسؤولين تجاه مشاكلهم، وأزمة النظام السياسي والاقتصادي التي تطال حياتهم اليومية.

وهم في مواقفهم المعلنة والمغناة يطمحون إلى التحريض على التغيير التدريجي في نظرة المجتمع وموقفه من طروحاتهم.

وقال الطالب الجامعي عمر ملاعب لوكالة الأنباء الألمانية “أستمع لأغاني “الراب” العربية ، باعتبارها تعبر عن طموحات الشباب العرب واللبنانيين ، وتصور المشاكل التي نعاني منها في واقعنا العربي ، بصدق ، وتنتقد الأنظمة السياسية “.

وأضاف إن “مستمعي “الراب” العربي يزدادون يوماً بعد يوم ، وربما يأتي يوم يحدثون فيه تغيير حقيقي في مجتمعاتهم” مشيراً إلى أن هذا النوع من الفن ،” لا يحظى باهتمام وسائل الإعلام ، في لبنان على الأقل”.

وإذا كان “الراب” اللبناني والعربي ، يجسدان أحد أشكال الاحتجاج ضد مظاهر التهميش والإقصاء ، فإن الكثير من المحتجين اللبنانيين والعرب يألمون بتغيير فعلي لواقعهم ، وتحقيق أحلام الشراكة ، والمساواة ، والعدالة الاجتماعية.

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..