لا عقلانية التحالف مع «الإخوان»

عبدالله بن بجاد العتيبي

لا شيء أقرب للحقيقة من أن الأطروحات الوردية والأفكار التي تحركها الأماني لا العقل قد أثبتت فشلاً ذريعاً في قراءة المشهد السياسي والثقافي والديني في لحظة ما كان يعرف بالربيع العربي وما تلاها، وعلى الرغم من كل ما تجلى عنه المشهد من حقائق ووقائع فلا يزال البعض يكابر أو يحاول التناسي وفتح صفحةٍ جديدةٍ.

لم يزل عديدون من أنصار الإسلام السياسي وأشياع تيارات الفوضى والفاشلون في الرؤية والتقدير يهاجمون الدولة المصرية لأنها تحارب الإرهاب ويهاجمون الإمارات العربية المتحدة لوعيها المتقدم وسياساتها الحازمة تجاه الإسلام السياسي وتجاه الفوضى ولكن غالبيتهم عاجزون عن مهاجمة المملكة العربية السعودية ولذا فهم يأخذون طرقاً ملتويةً لا تعد ولا تحصى، ويراوحون بين القرب والبعد، بين الموافقة والمخالفة.

لا يُخدع عاقلٌ ولا يُجرّب حكيمٌ، ففي ظل الصراع الكبير الذي تديره إيران في المنطقة، وفي ظل عدم الوضوح الذي يكتنف طبيعة الرؤية السياسية التي تدير الولايات المتحدة الأميركية في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه إيران وخطرها وحصره لذلك الخطر في الملف النووي فحسب، فإن الصراعات في الشرق الأوسط ترتقي لأبعادٍ كبيرةٍ تحتاج للاستمرار في الحزم والتأكيد على الرؤية.

إن اختلاط المشكلات وتتابع الأزمات في الشرق الأوسط جعلت الخطابات الدينية السياسية والطائفية تتجه إلى قراءة المشهد بأبعادٍ دينيةٍ وطائفيةٍ مغرقةٍ في الأصولية وما هو أنكى من الأصولية، ومن ضمن المداخل التي يسعى منقذو الإخوان المسلمين لترسيخها هي تلك التي لا ترى حلاً يخدم سياسات السعودية ودول التحالف العربي إلا إعادة اللحمة للصف السُني في مقابل الصف الشيعي، ولا يراد من مثل هذا الطرح إلا شيء واحد هو محاولة فاشلة لإعادة جماعة الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسي من جديد، وكثيرٌ ممن يتذاكون بمثل هذا الطرح ربما لا يعون أنهم يطلبون من السعودية والدول العربية أن تقرّ بالهزيمة، وأن تختار هذه الصياغة لتحملها كل معاني التراجع الواضح والصريح في موقفها تجاه جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها جميعاً جماعةً إرهابيةً قبل فترةٍ وجيزةٍ والعاقل يعرف أن الدول لا تغير رؤاها واستراتيجياتها كما تغير ملابسها ولكن الانحياز للجماعة والرفض المبطن لمواقف هذه الدول هو الذي يجر لمثل هذه الطروحات.

يطرح هؤلاء أيضاً ضمن طرحهم غير العقلاني وغير الواقعي أنه يجب على السعودية أن تستثمر علاقاتها السابقة بجماعة الإخوان المسلمين بغرض الاستفادة من قوة الجماعة وانتشارها حسب ما يرون وذلك لضرب جهود إيران ومشاريعها السياسية في المنطقة، وهو طرحٌ يكسوه جهلان: الأول، جهل بعلاقة الجماعة بإيران، لأنهم أقل من أن تقوم الجماعة بتوعيتهم، وأجهل من أن يبحثوا بشكلٍ مستقل، وجهل ثان بعلاقة الجماعة بالدول العربية التي تشكل تحالفاً جديداً، وهي علاقةٌ لم تترك الجماعة سوءاً إلا ارتكبته في حقها.

لم تفلح جماعات الإسلام السياسي يوماً في إدارة السياسة وتجاربهم الفاشلة في السودان وغزة لم تؤد سوى لتقسيم الدول وشق الصف. أما تجربة طالبان فلم تؤد لانهيار النظام فحسب بل لانهيار الدولة معه بشكلٍ شبه كاملٍ، أما الجماعة التي فشلت قبل عامين على الرغم من كلّ الإمكانات المتاحة لها فهي لا تحسن سوى الفشل.

فكرة مواجهة الخطر الأصولي الطائفي القادم من إيران بالخطر الأصولي القادم من جماعة الإخوان المسلمين تبدو فكرةً لامعةً ولكن في أذهان الأصوليين، وليس أكثر غرابةً إلا فكرة أن مواجهة إرهاب جماعات إيران الإرهابية كحزب الله اللبناني والكتائب العراقية المتعددة وجماعة الحوثي لا يتمّ إلا عن طريق جماعات الإرهاب السنية كتنظيم داعش في العراق وجبهة النصرة في سوريا وتنظيم القاعدة في اليمن.

إن الموقف من الأصولية والإرهاب يجب أن يكون قاطعاً وإلى الأبد، إنه موقفٌ إنسانيٌ ووطنيٌ بل ودينيٌ، فالطائفية فتنةٌ عمياءٌ تحرق الأخضر واليابس وهي أشبه ما تكون بالوحل القاتل الذي كلّما غصت فيه أكثر كلما حاصرك وأغرقك، وهذا شأن الطائفية حتى مع من يظن أنه المنتصر فيها أو أنه سيستخدمها لفترةٍ ثم يبتعد عنها، إنها الفتنة التي لا تبقي ولا تذر.

باختصار، فإنه ووصولاً للربيع العربي فقد أرادت الجماعة أن ترمي مصر بدولتها وحضارتها وشعبها في الجيب الصغير للأصولية الشيعية في إيران، فعن أي صفٍ وعن أي تحالفٍ يتحدث طارحو هذه الأفكار؟

الاتحاد

تعليق واحد

  1. نعم الاخوان شر مستطير

    لم افهم ما علاقة هذا المقال بشئون السودان
    البهم انزل لعنة علي الكيزان وعملاء المخابرات المصرية
    اميييييين

  2. استاذي انا اتفق معك لكن سؤال للطرح ما هو الإسلام أليس هو تلك التعاليم القرآنية التي نزلت على محمد ( ص )وسنة محمد ( ص ) وإذا لم يكن الإخوان المسلمون ، ولا جماعة داعش ، ولا السلفيين ولا الشيعة إذن فمن هم المسلمون …

  3. طيب ماتلحقونا احنا السودانيين من الغرق في الوحل زي مالحقتو المصريين منتظرين شنو خلاص الوحل وصل التراقي
    ح تتفرجو علينا واحنا بنغرق لمتين الاخوان انتهو من السودان خلاص

  4. جهل وجهلاء .. وهلم جرا !!
    لكن لم تقل لنا ماهو البديل أيها المتعلم الذكي ؟

    عرفنا ـ قبل أن تعرف ـ أن المتاجرة بالدين تحت أي شعار ( الإخوان ـ داعش ـ السلفية السعودية ) هي محاولة خبيثة للعب بعقول الناس وحكمهم وسلب حقوقهم المالية والإنسانية ..
    ولكن هل سيكون البديل الرضا بحالة من الاستبداد ؟
    أم أن الأمور عال العال ولا تحتاج لأي إصلاح ؟

    نفهم أنك تغمز من قناة المثقفين والمشايخ المعارضين للإخوان المسلمين .. ولكن ما أنتم قائلون لعموم الناس ؟؟
    هب أنكم خوفتموهم لعامين أو ثلاثة من مخاطر المتأسلمين .. فماذا بعد ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..