أنابيب غاز بالتقسيط..استغلال الأزمة

بسم الله الرحمن الرحيم
لأكثر من مرة أشير إلى ان النقابات والاتحادات المهنية ..تحولت في نظام الإنقاذ إلى خدمية أكثر من كونها مطلبية ..وهو ما خطط له النظام منذ البداية بانشاء نقابة المنشأة
التي تجمع أشتاتاً تختلف قضاياها ..لذلك يصعب عليها التحرك..فقط اضرب مثالاً واحداً قريباً بالأجر الإضافي للعمال في ولاية كسلا..الذي مضى عليه عامان أو نحوه دون صرف استحقاقات هؤلاء البسطاء..ولو كانت هناك نقابة للعمال فقط بالشكل المتعارف عليه ..لتمكنوا من أخذ حقوقهم بأي من الوسائل المشروعة ..ولكن تتكاثر على النقابة جملة الهموم ..من متاخرات ترقيات وقضايا أخرى متشابكة .. ويظل الانتماء السياسي كابحاً من أي تحرك جدي في قضايا العضوية ..وتظل الحقوق منحاً يمتن بها النظام على قطاعات من المهن حسب الضرورة.
في ظل هذا الواقع تنشغل النقابات والاتحادات بقضايا خدمية ..وإن كانت هذه من مهامها ..إلا أن الاقتصار عليها يجعلها شريكة في جرائم النظام..فعند توفير الأضاحي أو كرتونة الصائم ..لا تسأل النقابة السؤال الجوهري..لماذا يحتاج العامل إلى اللجوء لشراء السلع الاستهلاكية بالتقسيط ؟ فيمكن فهم ايجاد ثلاجات أو سيارات أو أجهزة كهربية غالية الثمن بالأقساط..أما ان يشمل ذلك السكر والزيت وحاجيات رمضان ..فهو التدني بعينه..
أكتب هذا وفي نير أزمة غاز الطبخ المستفحلة..تشارك النقابات في أسوأ تجارة من نوعها تنتظم الدولة..وهي تسجل القوائم لتوفير اسطوانات غاز جديدة بالتقسيط ..والذي يضطر إليها ويتلهف العاملون للحصول عليها لكونها معبأة عبوتها الأولى..فواقع هذا الأمر يجعل العامل مشترياً للغاز وليس الأسطوانة بمبلغ ستمائة جنيهاً..في حين أن اسطوانة واحدة يمكن أن تكفي الأسرة في حال توفر الغاز.. فشخصياً ظللت لسنوات باسطوانة واحدة مع بديل مؤقت بسخان يغطي الوقت اليسير لاستبدالها..ولكن منذ ظهور أزمة غاز الطبخ ..بدأت الممارسات النتنة..فذات يوم عادت زوجتي سعيدة بأنها اشترت أنبوبة لشركة قادرة وإن مشكلتنا ستنتهي بوجود الأنبوبتين ..عبثاً حاولت إقناعها بأنها اشترت الغاز وسيكون مصير الأسطوانة يوماً ما مصير أختها الخرساء بفعل أزمة الغاز ..ودخلت النقابة أو الإتحاد على الخط بتسجيل قوائم بالراغبين في الحصول على انابيب قادرة بالتقسيط..ولأنها تتبع للأمن كما تعارف ..ظن الناس الناس أنها ستكون متوفرة ..وجاء في الأنباء أن الشركة قد حلت بقرار من رئيس النظام.. وستوضع اسطواناتها في المخازن حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا..ولكن تجارة الأزمة لن ولم تتوقف..فسريعاً وفي هذه الأيام ..بدأ نفس السيناريو مع اسطوانات لشركة النيل للغاز ..وعندما سئل عن قادرة ..كان الرد ببساطة..أنسوها !!! وأنا أكتب هذا المقال ..اتصلت بي زوجتي تعلمني أنها سجلت ودفعت القسط الأول لأنابيب النيل عند النقابة أو الإتحاد المهني لا أدري..فالتوم كله ريحته واحدة..ٍ قلت لها ..ما تبتي من قادرة ؟ أجابت ..أنا امرأة عاملة ولا أستطيع أن أكون بلا غاز طبخ في البيت..وهكذا سيصبح في بيوتنا موقف لأنابيب الغاز ..لكل الشركات ..وتظل الأزمة تراوح مكانها..والأجسام الممثلة للعاملين بمختلف مسمياتها ..ستكون المأذون غير الشرعي لهذا الزواج الباطل..ولا حول ولا قوة إلا بالله.
معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]