
التعمق قليلا في خطابات حميدتي كفيل بكشف الطبيعة المتحيزة للمشروع السياسي للدعم السريع والجذور الاسلاموية في فكر ووعي النخبة المتحكمة علي كابينة قيادة المليشيا.
بامكان أي مطلع علي الخطاب ان يفهم بأنه موجه فقط “للشماليين ” و ” المسلمين” . يمكن التأكيد علي انه تكتيك ممنهج لتطمين الشمال بأنه ليس هنالك ثمة خطر وجودي يتهددهم وتطمين المسلمين من جانب اخر ان الدعم السريع لا يحمل اي أجندة علمانية او غربية كخطاب موازي ومفند للرواية الكيزانية.
ادي هذا الي غياب خطاب سوداني حقيقي يعكس التنوع ومضمنا لأجندة ملايين الأفارقة وغير المسلمين داخل مشروع الدعم السريع الذي حاول منظريه تطعيمه بقيم ومباديء السودان الجديد.
هل كان ذلك نتاج التربية الفكرية والايدلوجية الكيزانية التي اتسم بها قادة الدعم السريع الذين يمكن اعتبارهم كمنتجات للمؤسسة الاسلاموعروبية والبيئة البدوية الجنجويدية المشبعة بالحمولات العنصرية التي لا تري في الأفارقة وغير المسلمين الا ك ” امبايات ” و ” غلف ” يجب تطهيرهم من دنس الوثنية والشرك كأحد الاعباء العظيمة التي ألقاها الرب علي العرب؟ .
ام هو نتاج اللحظة والشرط التاريخي الذي فرض علي منظري الدعم السريع اختطاف الرواية الاسلاموعروبية والكيزانية كآلية لمحاصرتهم وهزيمة مشروعهم الأمر الذي إعاد إنتاج كل الذبالة القديمة وتعبئة خمر الاسلاموعروبية الرديئة في قناة جديدة ؟
في هذا السياق يجب التأكيد علي ان خطاب الدعم السريع هو التعبير الأمثل عن وعي الذهنية البدوية الجنجويدية الكيزانية المتحكمة علي كابينة القيادة ، وهي ذات الذهنية حاملة الجيم ثري والمدنسة لتراب الأرض الدارفورية المقدسة بدماء الأطفال والنساء الأبرياء مهما اختبأت خلف شعارات الديمقراطية والمساواة.
بالنسبة لحامل هذا الوعي فإنه ليس هنالك ثمة اي آخر . ولا هي مستعدة لتشارك هذا الفضاء مع أي كيانات اخري او مستعدة للإيمان بقيم التعدد والتنوع.
وعلي هذا الأساس جاء الخطاب السياسي للدعم السريع هاضما للحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية للملايين من الأفارقة وغير المسلمين مكرسا بذلك لقيم الاستعلاء والتفوق العرقي والاثني التي عبرت عن نفسها في ابادات المساليت في الجنينة والتمثيل بجثة الوالي خميس أبكر والنهب والحرق وتوسيع رقعة الحروب علي اساس اثني وعرقي في مشاهد تكشف عن حقيقة الذهنية الجنجويدية.
لو ان الدعم السريع كشف عن كل هذا الكم من الوعي الاسلاموعروبي والكيزاني – فقط خلال انتصاره المؤقت علي الكيزان ، فكيف نتوقع ان يكون لو نجح في السيطرة علي السلطة؟
من المؤكد انه سيعيد إنتاج سردية الجنجويد البشعة التي ما زالت عالقة في اذهان الأرامل والايتام ، وسوف يعمل علي توسيع رقعة المستوطنات المحتلة وإذلال السكان الأصليين واستبعادهم .
تحليل جميل ومنطقي
تحليل منطقى يستحق تدريسه كخطاب اكاديمى. كلام مختصر فى مظهره ولكن مضمره ينتج معرفه غير محدوده ويخلق حاله استناره راقيه
شكرا احمد داوود على هذا الامتاع و الاستناره