أخبار السودان

عزوتنا في ثروتنا

هنادي الصديق

عاد لأرض الوطن سالماً رئيس مجلس الوزراء والوفد المرافق له بعد زيارته التاريخية للولايات المتحدة الامريكية والتي عاد منها بالعديد من المكاسب التي غابت طويلاً عن السودان ولأكثر من 23 عاماً أو تزيد، وبعودته نتوقع المزيد من القرارات التي تعود على المواطن خيراً ولو يسيراً.

نعم من المهم جداً بناء علاقاتنا الخارجية بما يمنحنا المساحة لبناء وطن مُهاب يجد الإحترام من المجتمع الدولي، ولكن يجب ألا يتم ذلك بالإعتماد الكامل على برامج وتصاديق ومنح صندوق النقد الدولي والمنظمات المانحة وغيرها من جهات بقدرما تمنح باليمين بقدرما تسحب باليسار، فقط ينبغي أن تعلم حكومتنا الموقرة أن ما يحتاجه السودان حقاً موجود تحت أرجل وأيدي شعبه لا غير.

فالسودان الخصب بموارده المتمثلة في ثرواته الحيوانية والزراعية والسمكية والمعدنية وقبل ذلك غني جداً بموارده البشرية التي يمثل فيها عنصر الشباب ممن هم في سن العمل والإنتاج أكثر من 40% من تعداد السودان الذي يتجاوز ال 35 مليون نسمة تقريباً، قادر على معالجة أزماته بالقليل من الثقة والقليل جداً من الدعم الخارجي والكثير جداً من الدعم المحلي المتمثل في خطط موضوعة بعناية في المجالات المذكورة أعلاه، وتعبئة الشعب ليكون اداة البناء الاولى التي يعتمد عليها الوطن للخروج من الشرنقة التي وضعتنا فيها حكومة المخلوع، لنتحول من مجتمع مستهلك لمجتمع منتج، فأزمتنا الحالية أزمة إنتاج وأزمة مجتمع مستهلك أكثر من كونه منتج.

فالسودان بحسب إحصائيات يملك نحو 200 مليون فدان صالحة للزراعة تمثل نحو 45% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية بجميع الدول العربية، وجميعنا يعلم ما يتوفر له من مياه جوفية وأمطار إضافة للنيل الذي يمر بعظمة عبر مساحات واسعة من البلاد. كل ذلك يدعمه وبقوة وجود اكثر من 150 مليون رأس من الماشية، تعتبر ثروة مهولة إذا ما تم التعامل معها وفقا لخطط حازمة وجادة من قطاع التجارة والصناعة، فثروتنا الحيوانية يميزها عن غيرها أنها تعتمد على المراعي الطبيعية، لم يخالط غذائها محسنات كيميائية، لذا تكون مشتقات منتجاتها عالية الجودة، فقط تحتاج لتسويقها إقليمياً على الأقل في المرحلة الأولى ثم الإتجاه للسوق العالمي لاحقاً، وفتح باب الإستثمار بما يتوافق مع قوانين الإستثمار التي تعود بالفائدة الأكبر على السودان ومعالجة الإختلالات في تطبيق قانون الإستثمار والتي أضاعت على السودان الكثير جداً من الفوائد التي كان من الممكن ان تضعه في مقدمة الدول المصدرة لمنتجات الماشية والمنتجات الزراعية وقس على ذلك بقية المنتجات التي تقول دراسات ايضاً السودان يتميز بثروة سمكية تصل لخمسين مليون رأس من الدواجن ونحو 100 ألف طن من الأسماك من المصائد المختلفة، اضافة لامتلاك السودان قاعدة صناعية مهمة وثروة معدنية من الذهب والنفط يجري العمل على تطويرها حالياً.

بقي ان نعلم ان كل ذلك لن يتحقق بالصورة المطلوبة مالم يتم القضاء بشكل نهائي على جميع أشكال الصراعات القبلية والحروبات التي أقعدت بالاقتصاد بعد ان ذهبت كبرى الميزانيات لشراء السلاح، لذا فإحلال السلام إحدى مطلوبات نهضة الإقتصاد، بجانب محاربة الفساد بكافة اشكاله من محسوبية وجهوية ومحاربة الإقصاء للكفاءات في مختلف المجالات، وتمتع الحكومة بكافة مؤسساتها بالشفافية العالية وإخضاعها لنظام محاسبي ومالي صارم، وتفعيل المحاسبة لأقل الاخطاء وقبل ذلك بقاء المواطنين ليكونوا العين الساهرة لحماية ثورتهم ورصد كافة الاخطاء والتجاوزات للعاملين بالدولة والمطالبة بعقد محاكمات علنية لكل من يثبت تهاونه او تورطه في قضايا المال العام.

 

هنادي الصديق

الجريدة

تعليق واحد

  1. هذه جرعات أمل وإشراقات صباحية تبشر بسودان جديد يُبنى بسواعد أبنائه على أنقاض الإنقاذ التي أوردت البلاد الردى والمهالك.
    كانت هذه الثروات خلال سني الإنقاذ العجاف المُمحلة – ربما لم تزل-ملكاً مشاعاً للأجانب حكومات وأفراداً.
    (1) قطاع الثروة الحيوانية: بعد الحصار انكشف ظهرنا بالخارج وانكتمت انفسانا ولم يكن بوسعنا تصدير هذه الثروة الضخمة إلا إلى دول الجوار فقط (السعودية، مصر)، والأخيرة استفادت من هذا الحصار بل هي تتمنى امتداده إلى ما لا نهاية….. مصر تستورد العجول الحية، عبر الحدود البرية، ثم تقوم بتسمين هذه العجول ومنحها قسطاً من الراحة لفترة 1-3 شهور ثم تعيد تصديرها مذبوحة إلى دول الاتحاد الأوربي، لدرجة أن اللحوم المصرية أصبحت معروفة ومشهورة هناك باسم (اللحوم المصرية العضوية) ……
    (2) الثروة السمكية: لم نستفد منها كثير رغم غنى وثراء البحر الأحمر بثروة سمكية هائلة إلا أننا لا نملك أي أساطيل صيد حديثة، كما أن سفن الصيد (المصرية) تتسلل خلسة للاصطياد خلسة في الحيود البحرية السودانية، وهذه ليست فرية مني فقد تم القبض على هؤلاء القراصنة مرات عديدة… قرصنة صيد السمك المصرية عملية ممنهجة وتتم عن عمد وبرعاية ومباركة الحكومة المصرية…
    (3) الثروة الزراعية: معظم منتجاتنا الزراعية تُهرب إلى الخارج عبر حدودنا المكشوفة …. فها هي أثيوبيا تصدر صمغنا العربي وأصحبت أكبر مصدر له في العالم!!!!! وها هي مصر تصدر السمسم السوداني وأصبحت أكبر مصدر له في العالم!!!!! يجب علينا إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP Public Private Partnerships) في كافة المشاريع الزراعية التي أطفأ القوم شعلتها وأوقفوا هدير ماكيناتها. دعونا نجرب الشراكة الذكية بين القطاعين العام والخاص في مشاريع صغيرة مثل مشروع السوكي، ومشروع البُساطة (بضم الباء) ثم نعمم ذلك على أقسام مشروع الجزيرة المختلفة، وإقامة مشاريع للألبان، والدواجن، ومصانع للحوم المعلبة في تلك المشاريع المعطلة.
    (4) الثروة المعدنية: لابد لي من العودة مرة أخرى إلى (انكشاف الظهر) الذي نعاني منه، وضعف القوانين والتشريعات التي تحمي حقوقنا، هناك الكثير من الأجانب ممن يعملون في هذا القطاع بدون أي ترخيص وهو قطاع سيادي يجب لا يسمح لأحد بالاستثمار فيه إلا عبر القنوات الرسمية………. أيضاً معظم الذهب المستخرج من هذا القطاع يُهرب إلى الخارج بمعرفة ومباركة جهات رسمية في حكومة الإنقاذ، لذا فقد السودان رافداً كبيراً من روافده المالية……..
    صحيح عزنا في ثروتنا وثورتنا، فكلاهما حارس وضامن للآخر. انهضوا نحو سودان جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..