السودان القصعة المستباحة..!ا

السودان القصعة المستباحة!!
تيسير حسن إدريس
[email protected]
كنت أتمنى مثل الكثيرين أن يكون قد آن أوان رحيل القوات الدولية من (يونامس ويوناميد) وخلافها وحانت ساعة جلائها عن تراب الوطن فوجودها قد جلب عدة مشاكل وصلت لحد ظهور أجيال من الأطفال مجهولي النسب بسمات وسحن آسيوية تشهد على ذلك دور الرعاية الاجتماعية كما ظل تواجدها غصة في حلق كل وطني غيور لما يمثله هذا الوجود الدولي من عار وطني يجعل من دولتنا دولة فاشلة فاقدة للرشد والإرادة لا تستطيع حل مشاكلها الداخلية إلا في وجود الغريب مدججا بترسانة من الأسلحة التأديبية، غير أن واقع الحال وسياسات النظام الحكم منذ عقدين تقطع ألسن المنادين برحيلها وتشرعن لوجودها الدائم ولأجل غير مسمى وتضع دعاة رحيلها الآن ودون أن تخمد نار الصراعات الدائرة في صف واحد مع من ارتكبوا الجرائم والفظائع في حق مواطني هذا البلد المنكوب.
وفي هذا المقام نستغرب تناقض منطق نظام الإنقاذ وحكومته الداعي لإنهاء وجود القوات الدولية في حين يقدم في كل يوم للعالم مزيدا من المبررات والمسوغات لبقائها فالأوضاع التي انفجرت في آبيي وما عاناه أهالي تلك المنطقة من ويلات ثم الدخول في مغامرة تزوير الانتخابات التكميلية لولاية جنوب كرد فان وتأزم الوضع مع شريك السلام الحركة الشعبية وانفجاره عسكريا وحشر إنسان المنطقة في آتون محرقة جديدة وملف دار فوار الذي ما زال يروح مكانه دون حل والتململ الظاهر للعيان في ولاية النيل الأزرق خوفا من انفجار الأوضاع كلها مبررات ومسوغات تجعل من أمر بقاء هذه القوات الدولية ضرورة تفرضها وتحتمها القوانين الدولية والأخلاقية.
فإصرار الحكومة السودانية على خروج القوات الدولية في الوقت الحالي وقبل أن يستتب الأمن ويعود النازحين إلى ديارهم وقراهم قد يرتد سهمه عليها ويقود إلي عودة تلك القوات الأممية مرة أخرى بإرادة مجلس الأمن الدولي وتحت البند السابع في ظل الأوضاع الحالية المرجح تدهورها ، فالمجتمع الدولي لن يترك أهل تلك المناطق فريسة سهلة للمحرقة الإنقاذية التي التهمت من قبل عشرات الألف ثم أن أبناء هذه المناطق قد وعو الدرس وانتشروا في أرجاء الدول الأوربية مشكلين مع جماعات السلام ومنظمات حقوق الإنسان عامل ضغط قوي على الحكومات لن يسمح لها بالتقاعس أو غض الطرف عن الجرائم والممارسات اللا إنسانية التي ترتكب في حق أهل تلك المناطق المنكوبة فالأقمار الاصطناعية موجهة وترصد كل شاردة وواردة وتوثق بالصور كافة الانتهاكات وتمد بها الرأي العام العالمي والمحاكم الدولية.
فالمنطقي والأجدى للنظام الحاكم ترك تلك القوات الدولية -والتي سوف يبلغ تعدادها زهاء الأربعين ألفًا بدخول القوات الإثيوبية لمنطقة آبيي!!- في مناطق تواجدها علها تستطيع بث الطمأنينة في القلوب الهلعة التي فقدت الثقة في القوات الوطنية ويتفرغ لمعالجة الأسباب الحقيقة التي أدت لاندلاع تلك الصراعات وقادت لتواجد هذا العدد المهول من القوات الدولية مما جعل الوطن (قصعة مستباحة) لكل من هب ودب.
فالبكاء والعويل على السيادة الوطنية وإطلاق التصريحات النارية و(الدراب الكبار) والشعارات لا يمكن أن تغيير نظرة المجتمع الدولي وتكون مؤثرة وذات مصداقية إلا حينما تصدر عن نظام يحترم مواطنيه ويساوي بينهم في الحقوق والوجبات وأمام القانون أما ذاك الذي يعادي شعبه ويرتكب في حقه أبشع جرائم القتل والترويع ويرغم مواطنيه على النزوح والتشرد والموت جوعا وعطشا ومرضا في العراء فلا يحق له التشدق بمثل هذه الشعارات فدعاوي الاستقلالية والسيادة الوطنية ليست كلمات جوفاء تطلق في الهواء بل هي سياسات ومنهج حكم وحقوق طبيعية تتمتع بها الدول الراشدة المتصالحة وجدانيا مع شعوبها أم تلك المختلة فيجب فرض الحجر والوصاية عليها ووضعها تحت رقابة الضمير الدولي حماية لمواطنيها من نزقها وطيشها.
لقد أثبت نظام الإنقاذ طوال فترة حكمه أنه لا يمكن تصنيفه ضمن النظم الراشدة فمحصلة حكمه الذي فاق العقدين تؤكد هذه الحقيقة وإن تعامت الجماعة وسدرت في غيها ، ففي عشرون عاما مثل التي أضاعوها هباء نهضت دولة ماليزيا شحيحة الموارد من العدم تحت قيادة رجل مسلم يدعى (مهاتير محمد) دون أن يتاجر بالدين أو يدعي أنه ظل الله على الأرض ودون أن يصم آذان شعبه بالهتاف (هي لله هي لله) وحين أنجز ما وعد وصارت دولته من النمور الأسيوية أنسحب في هدوء وعاد أدراجه لمواصلة مهنته القديمة محاضر في أحدى الجامعات والعجيب أن ماليزيا التي نالت استقلالها بعد عام من استقلال السودان غدت مزار قيادات دولتنا الفاشلة يؤمها للاستجمام والدراسة ولهم فيها مآرب أخر دون أن يشعروا لضعف الحس الوطني وتبلده بالخجل أو يبقروا!!.
إن المجتمع الدولي يعلم كما تعلم حكومة الإنقاذ أن بور الصراع المشتعلة في عدة مناطق من السودان لم تجد إلى الآن المعالجات التي تمنع نزيف الدم وأن ما قامت به الحكومة لا يتعدى المسكنات فوثيقة الدوحة لحل مشكلة دار فور لن تكون نهاية المطاف في الصراع الدائر كما أن وضع السلاح وعودة الأمن لجنوب كرد فان في ظل وجود الوالي المفروض أحمد هارون يبدو بعيد المنال ولو دارت الحرب كما أعلنوا مائة عام ورغم الأخبار المفرحة الواردة من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عن الاتفاق الذي أنجز تبقى العبرة في التطبيق وتجارب النظام السابقة في نقض المواثيق والعهود تظل تورق ضمير الأمة وتقدح في صدق النوايا ويخشى كثير من المراقبين أن يلاقي الاتفاق مصير ما سبقه من اتفاقات وينفجر الوضع من جديد في آبيي بعد التاسع من يوليو القادم تاريخ قيام دولة جنوب السودان وبصورة أكثر اتساعا ودموية وكذلك الحال في النيل الأزرق إذا لم تصل الحكومة لحلول مرضية مع الحركة الشعبية وإنسان تلك المنطقة حول موضوع (المشورة الشعبية) والناظر بتجرد لهذه الصورة القاتمة يجد من المنطقي والأخلاقي ضرورة استمرار عمل القوات الدولية في الوقت الحالي حتى تتنزل هذه الاتفاقيات وتصبح واقعا معاش يشعر به إنسان تلك المناطق.
فإصرار الحكومة غير المبرر لجلاء القوات الدولية رغم استمرار الأسباب التي أوجدتها يضعها في دائرة الشك ويجعل الظنون والشبهات تحوم حول نواياها المضمرة تجاه بعض المجموعات السكانية خاصة وأنها قد أعلنت وعلى لسان أكثر من مسئول حكومي بأن انفصال الجنوب يلغي تماما ما كان متعارفا عليه بتعدد الأعراق والمعتقدات والثقافات ويجعل من السودان وطنا خالصا لعرق ومعتقد بعينه رغم أنف من يعتقد بغير ذلك!! وفي هذا الصدد أتاح النظام الحاكم وسمح لمنابر وصحف عديدة موالية له بأن تجاهر بعدائها ونظرتها العنصرية والشوفينية تجاه الآخر دون رادع مما يؤكد هذه الحقيقة ويخرجها من أطرها الظني ويدفع بها لمرافئ اليقين المطلق.
عموما لا أظن أن الوقت بات يسمح لنظام الإنقاذ لإحداث تغييرات جذرية ودراماتيكية في سياسته الراهنة فقد أهدر وقتا ثمينا في الهرطقة والمماحكة التي لا طائل منها في حين كان في إمكانه إن ينظر للأمور بعين العقل ووفق المصالح الوطنية العليا وليس وفق رغباته وأهوائه العنصرية والتنظيمية الضيقة فالعالم لن يصبر أكثر من ذلك ولن يسمح بتجربة (طالبا نية) جديدة تستمد نهجها السياسي من هرطقت وخزعبلات (منبر السلام العادل) وأفكاره العنصرية البغيضة التي سممت أجواء الوطن وما (الجهجهة) التي صاحبت مسار طائرة الرئيس في زيارته الحالية للصين إلا رأس جبل الجليد لموقف المجتمع الدولي الأكثر تشددا وحسما فيما بعد (التاسع من يوليو) القادم وإن كان ثمة فرصة أخيرة لهذا النظام فهي فقط في جمع أهل العقد والحل من شعب السودان في مؤتمر دستوري لوضع خارطة طريق وبرنامج إسعافي للخروج من هذا الوضع المخزي الذي غدا فيه الوطن قصعة مستباحة لكل من هب ودب.
تيسير حسن إدريس 28/06/2011م
ازيدكم من الشعر بيتين!الموظفين بتاعين الUNAMID الاجانب بيسوقو البنات من دارفور بمشو بيهن الخرطوم لمدة اسبوع وبجو راجعين !ايه رايكم.
طبعا في ناس ما مصدقين الكلام ده.لكن لو في اي نظامي عنده قدرة على المواجهة,انا بديه البيانات.
الاستاذ نسيت شيئا مهما:
الصين سوف تفكهم ايضا عكس الهوا عما قريب — لان الصين دولة مصالح ومادية حيث لا عواطف—
فللاسف السودان بعض انفصال الجنوب واعتماد حكومة الانقاذ بمجمل اقتصادها من النفط واهمال الزراعة — سيصبح كالشطر الميت للصينيين الذين يريدون المال فقط
وحينها سيشربوا ولن يرووا ابدا—
اليوم 30 يونيو ذكرى الإنقلاب الذي جعل شعب السودان شعبآ يحميه الأجانب من حكامه.
لن نتحدث عن ما هو معلوم بالضرورة :
القتل
التعذيب
الفساد و الإفساد
إستباحة الوطن و إباحته للأجنبي
التقسيم : ما تم و ما سيتم حسب مخطط الجبهة القومية الإسلامية = المؤتمر الوطني.