أخبار السودان

وجاهة مآرب شخصية

أسماء محمد جمعة

الفرق بين الحكومات المنتخبة والانقلابية يكمن في أن المنتخبة تأتي عبر برنامج أقنعت به الشعب، وبمجرد وصولها إلى كرسى السلطة تعمل بجد لتكسب ثقته لينتخبها مرات أخرى، فهي دائماً تنظر إلى مستقبلها السياسي عبر إرادة الشعب الذي سيحكم عليها من خلال أدائها، فتكون حريصة على اتخاذ سياسات اقتصادية واجتماعية تمكنها من النجاح في تحسين مستوى المعيشة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والرفاهية كأهم شرط لتسمو في نظر الشعب، وعندما تفشل يسحب منها البرلمان الثقة، ولأنه يمثل الشعب حقيقة فهي تغادر بسهولة ويسر كالتزام أخلاقي، وتنقل السلطة إلى حكومة أخرى بصورة سهلة لا تصاحبها أي هزة اجتماعية.

أما الحكومات الانقلابية فهى لا تفعل ذلك، بل تظل تركز على شيء واحد هو البقاء في السلطة عبر الحِيَل والألاعيب لا تهمها ثقة الشعب ولا مستقبلها السياسي والبرلمان فيها لا يمثل الشعب، بل يمثلها ولا تذهب إلا (بسلة الروح) وبعد أن تدمر نفسها والدولة معاً مثلما حدث ويحدث الآن في الدول التي حكمتها أو تحكمها حكومات انقلابية.

حكومة الإنقاذ جاءت بانقلاب وعليه فهي تتبع إستراتيجية الحكومات الانقلابية، الآن يمضي عليها 27 سنة، ولا تريد أن تذهب لا عبر برلمان ولا غيره، رغم أنها أوصلت البلاد إلى قمة الفوضى والفقر والضنك بسبب سياساتها، ورغم أنها تواجه النقد والضغوط من كل ناحية، إلا أنها لا تفعل شيء فقط تتحدث عن الإصلاح ولا تنصلح.

البرلمان السوداني يتكون من مجموعة ممن يعتبرون أنفسهم ساسة جاءت بهم الحكومة، أما بسبب الولاء الأعمى أو من أجل الترضية السياسية وكلهم قبلوا بعضويته، أما للوجاهة أو كمصدر لـ(لقمة) العيش أو لمآرب شخصية، وبناءً عليه فهو ظل عاجزاً طيلة الـ27 سنة لا يفعل شيء غير أن يؤمن على كل ما تقوله حتى وأن كان ضد مصلحة المواطن، صحيح هناك بعض الأصوات التي تنتقد الحكومة بشدة، ولكنها أيضاً لا يمكنها أن تفعل شيء، بل تعتبرها مجرد أصوات نشاذ لن تؤثر عليها، بل وتحتفظ بها عمداً لشيء في نفسها.

في كل مرة هناك بعض من البرلمانيين يشنون هجوماً مستمراً على الحكومة ويصفونها بالفشل ويتهمون وزاراتها بالعجز والعطالة وعدم المسؤولية ومرات عديدة طالبوا بسحب الثقة عن بعض الوزراء، بل ومن الحكومة نفسها، ولكن لم يحدث أن توحد البرلمانيون أمام أي قضية مع أنهم جميعاً يشهدون على الفشل المريع لكل الوزراء وانهيار كل مؤسسات الدولة تقريباً، بل هناك بعض يرى أن تلك الأصوات تهين البرلمان.

لن يستطيع البرلمان الحالي في السودان أن يكون فاعلاً ويقوم بدوره لا لسبب سوى لأنه برلمان حكومة انقلابية اختارته ليمنحها الثقة وليس أن يسحبها منها، كما أنه يمثل أحد أهم أسباب فسادها، أما البرلمانيون (المشاترون) الذين يهددون بسحب الثقة من الحكومة، فالأفضل لهم أن يقدموا استقالاتهم ويذهبوا، فالبرلمان الذي يتمسك أعضاءه بعضويته من أجل الوجاهة أو الحصول على لقمة عيش أو لمآرب شخصية لن يستطيعوا تمثيل المواطن، وبرلمان لا يستمد قوته من الشعب لا يمكنه أن يسحب الثقة من الحكومة، والحكومة التي لا تملك برلمان منتخب من الشعب لا يمكنها أن تنصلح.

التيار

تعليق واحد

  1. هذا “البرطمان” يا أستاذة أسماء هو برطمان معفن ووسخ ووضيع وعديم إحساس. فوض نفسه ولم يفوضه الشعب، يقول للجهاز التنفيذي “سمعنا وأطعنا” بينما واجبه الأساسي في كل بقاع الدنيا هو مراقبة ومحاسبة الجهاز التنفيذي.

  2. هذا “البرطمان” يا أستاذة أسماء هو برطمان معفن ووسخ ووضيع وعديم إحساس. فوض نفسه ولم يفوضه الشعب، يقول للجهاز التنفيذي “سمعنا وأطعنا” بينما واجبه الأساسي في كل بقاع الدنيا هو مراقبة ومحاسبة الجهاز التنفيذي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..