هتاف الصامتين ..!ا

هتاف الصامتين ..!

منى أبو زيد
[email protected]

ماذا يفعل المواطن عندما تصعِّر حكومته خدها لمعاناته الاقتصادية وهي تمشي في الأرض مرحاً غير عابئة بردود أفعاله، فقط لأنها تراهن على خوفه منها، أو على يأسه من وجود بديل سياسي يعده بقطاف الصبر ؟! .. ماذا يفعل عندما يحاصره الشعور باللا جدوى من كل جانب، فلا تجدي حملات مقاطعة السلع، ولا تنجح خطب أئمة المساجد التي تندد باستحكام الغلاء في أن تجعل إثماً يحيك في صدر حكومة لا تملك نفساً لوَّامة ؟! .. هو في الحقيقة لن يفعل شيئاً مع أنه سوف يفعل كل شيء ..!

ليست منصات المنابر، أو صفحات الجرائد، أو حتى منشورات المعارضة المستترة المكتوبة بحبر المقاومة السري، فتلك وسائل احتجاج الساسة الطامعين، أو السادة المترفين، أما شكوى الغلابة وهتافات المطحونين فستجدها مكتوبة باختزال بلاغي وتكثيف لغوي شديد البراعة على خلفية لوري سفري يقول (بس تشيل فوقي وتودي)، أو جدار مركبة عامة تصيح (في الشوارع شوفي كيف الناس تصارع) ، أو مؤخرة ركشة تصرخ (نفسي أقطع الكوبري) ..!

رحم الله الدكتور سيد عويس عميد أساتذة علم الاجتماع العرب الذي أبدع وتجلى في تحليل العادات السلوكية والظواهر الاجتماعية في المجتمعات العربية من خلال أضعف أيمانها “سلوكها العفوي”، والذي كان أول من تناول بالبحث والتحليل العلمي تلك العبارات المكتوبة على مؤخرات المركبات العامة، في كتاب عظيم أسماه (هتاف الصامتين) ..!

كان ذلك في سبعينيات القرن الماضي، أما اليوم فنحن بحاجة إلى سيد عويس جديد يتناول المتغيرات الفظيعة التي طرأت على هتاف أحفاد أولئك الصامتين، ويا له من هتاف .. على الأقل هذا هو أقل المفروض على حكومة خصصت وزارة بأكملها لتنمية موارد شعبها البشرية، فلماذا إذن لا يناقش خبراؤها ومستشاريها بالبحث والتحليل مهددات تلك الموارد ؟! .. ذلك المورد الذي يواجه اليوم تغييراً سلوكياً رهيباً، بعد أن تكالبت عليه المحن الاقتصادية وأمسك بخناقه غول الغلاء ..!

حتى استحقت سلوكياته أن تكون موضوع دراسة ترصد خضوعه لثقافة الانفتاح وأخلاقيات الفقر والقهر، وتقيس انخفاض معدلات احترام الآخر وتقدير الذات في دمائه، وتأتي لنا بخبر تلك اللامبالاة غير الأخلاقية التي باتت تكلل سلوكه العام ..!

إن كانت هذه الحكومة تؤمن بأن الحاجة هي أم الثورات، وخالة الانفلات الأمني فلترحمنا من مصفاة الجيلي التي لم تتأثر بانفصال الجنوب ، ومن أهازيج الشمال وأغنيات الوسط التي لن تنبس لها كلمة، أو يطرف لها لحن بسبب انفصال الجنوب، ، ولتلتفت إلى – مصدر الزلزال القادم – هتافات الفقر وأصوات القهر العابرة للطبقات ..!

الأحداث

تعليق واحد

  1. مر زمن طويل لم نقرا مقالاتك بالموقع …لعل المانع خير…
    يظهر علاقتك مع المؤتمر الوطنى لم تعد سمن على عسل…..

  2. حليل الرجال أو زي ما بتقول الوالدة (حليل أبوي الرقد ما قام) كدى جربي أطلعي الشارع وأهتفي (الشعب يريد إسقاط النظام) حتلقي كتار مندسين وراكي يقولوا (ونحنا كمان)
    الرجال ماتوا في كرري .. وأشباه الرجال ماتوا بالجوع.(جوع الشوت رحطا).

  3. ليس هُناك هتاف صامتين فالحكومة قصدت تجويع الناس حتى لا يتسنى لهم الصراخ والشخص الجائع لا يستطيع حتى أن يتكلم – كنت في إجازة للسودان وأنا إبن الجزيره (الكاملين) كنت عائداً من الجروف الحواشات فرأيت كلباً يريد أن يهوهو كما نقول أي يريد أن ينبح فغلبه النباح – لم يتمكن من الهوهوه وسبحان الله حتى الكلام غلبها النباح فما بال الإنسان الذي لا يجد قوت يومه كيف به أن يخرج إلى الشوارع ويهتف (يسقط النظام) فكان هذا من ذكاء الحكومة تجويع الناس 0

  4. في عيونا بنشيل الصبر كل العمر بنشيلوا ريد ونشيلوا عز ونت بتجينا بلا ميعاد تحرق فؤاد عاشقا بعز وتسيبوا لليل الشجن واصلوا طبك يازمن لا راضي انت تغيرو ولا نحن راضيين بالمحن
    فمصايب الدهر لا تأتي وانما تتأتى عليه نحن نؤمن بما اصاب البلد مصيبة من مصائب االدهربغض النظر عن الفاعل فما علينا الا ان نستعين عليها بالدعاء 0 فهيا نرفع ايدنا تضرعا حتىيتلاشى السواد الذي غطا عيون قيادينا عن الحق بشرط نرفع ايدينا بصدق واخلاص مش نحن رافعين ايدينا والنصف الاخر كرعيهو شعب دراويش فتلك هي المعضلة التي تجلب البلاء والبلاء اذا نزل حتما يعم 0

  5. مقال فى منتهى الروعة يا استاذة ..
    حقيقى فهم عال .. و ادراك منقطع النظير منك لحال بلدك وحال الغلابا .. و شفع العرب الفتارى .. ال بفنوا الشايلا ايديهم و يجروا ساكين القطارى .. يعطيك العافية .. و دمتى ..

  6. المصيبة الكبيرة وما قادر افهما انو كتار جدا من الشعب السوداني الفضل تلقاهو ماقادر ياكل وحالو يصعب على الكافر ورغم كدا تلقاهو يدافع عن الحكومة ومايرضى كلمة في البشكير.
    الناس ديل يكونوا عاملين لينا عمل؟؟؟؟
    والله لو ما موقع الراكوبة الرائع دا وتعليقات روادوا الرائعين كان اتيقنت اني الوحيد التعبان في البلد دي.
    لما نشوف الدول الحولنا القامت ضد حكاما بنلقاهم كلهم وضعهم احسن من وضعنا ملايين المرات وبرضو طلعوا لانهم شايفين انهم بستحقو الافضل
    ونحن الحكومة شغالة تزعمط فينا وأئمة الجوامع يدعوا والشعب الفضل يأمن
    والله فعلاً بدينا نيأس من احتمال التغيير
    غايتو الا الله يرحمنا وياخدهم كلهم مرة واحد
    مع انو ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
    يعني حتى رحمة ربنا نحنا ما بنستحقها

  7. ههههههههههههه انتي وحزبك من جعل للصامتين هتاف وصراخ وعويل , انتي يامن تعلمتي الصحافة علي يد هؤلاء الكيزان , انت من تدربتي وعملتي حتي قريب في صحيفة الراي العام , قالت هتاف .

  8. الشعب والحكومة وجهان لعملة واحدة والشايفو إنو الشعب السوداني لو كان فيهو خير كان انتفض قبل تونس ,والله الحلب طلعو أرجل مننا وبعد دا ليهم حق يقولو لينا بالفم المليان امشوا ياعبيد….
    هههههههههههههههههههههههههههههههههههه……

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..