بعد حسم خلافات الجزيرة.. (الوطني).. المحاسبة في (ضرب) المتفلتين

الخرطوم: عبد الرؤوف طه
بعدما حسم رئيس الجمهورية، رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، خلافات الجزيرة بطريقة حاسمة، ها هو حزبه يفعِّل لائحة محاسبة العضوية، ونصب لجنة لتأدية ذات الغرض برئاسة د. الحاج آدم يوسف مع توجيهات صارمة لعضوية الحزب بالعاصمة والولايات بالتزام بنود اللائحة.
ولا تعد اللائحة المحاسبية داخل أروقة الوطني وليدة اللحظة بل تمت صياغتها وتكوينها إبان تولي البروفسير إبراهيم غندور الشوؤن التنظيمية بالحزب 2014م .
وفي أعقاب تسنم إبراهيم غندور مقاليد الشؤون التنظيمية بالوطني قام بتكوين لجان لمحاسبة عضوية الحزب، وشملت بنود اللائحة ضوابط صارمة حيث تشمل المحاسبة أعضاء الحزب في الجهازين التنفيذي والتشريعي. وتم إسناد رئاسة اللجنة وقتذاك لبروفيسور أحمد إبراهيم الطاهر، وجاءت اللائحة في ذلك الوقت بعد موجة من التفلتات ضربت حزب المؤتمر الوطني أدت لفصل مجموعة مقدرة من قيادات الحزب العليا على رأسهم د. غازي صلاح الدين العتباني، وحسن رزق وآخرون.
غير أن عمل اللائحة لم ير النور منذ ذاك الحين وفشلت في تقديم متلفتين للمحاسبة ثم تقزم دورها وصارت حبيسة الأضابير الحزبية.
تفعيل
عقب اشتداد الصراع بين عضوية الوطني في ولاية الجزيرة وولايات أخرى صار الحديث أكثر علانية بأن الحزب فشل في ضبط عضويته، الأمر الذي حدا برئيس القطاع السياسي جمال محمود لأن يقول إن حزبه قادر على ضبط التفلتات التنظيمية في الولايات. وقال في تصريحات صحفية سابقة إن الحديث لديه آليات لضبط مظاهر أي تفلت تنظيمي في الولايات.
لم تمر أيام قليلة على حديث جمال محمود حتى أخرج الوطني لائحة المحاسبة التنظيمية من أدراج المكاتب وتوجيه عضويته للالتزام بها وتكوين لجنة محاسبة الأعضاء، وتم إسناد أمر اللجنة للحاج آدم يوسف والنذير عبد الجليل الكاروري نائباً له، وبلال عثمان بلال وعضوية ثلاثة آخرين من المكتب القيادي.
من جانبه يقول نائب رئيس قطاع الاتصال التنظيمي، د. بلال عثمان بلال، إن اللائحة قديمة وليست بالجديدة بل تم تفعيل مكتب المحاسبة بعد اعتذار بعض الأعضاء السابقين عن العمل في اللجنة. مشيراً في حديثه لـ (الصيحة) إلى أن ذات اللائحة طُبّقت على أعضاء بالوطني في آخر انتخابات 2015م وستُطبق على من يخالف لوائح الحزب في المرحلة القادمة.
أهم البنود
أبرز البنود الواردة في اللائحة هي مراقبة مدى التزام الأعضاء بالواجبات التنظيمية والتحقيق مع أي عضو بالحزب إذا توفرت ضده بينة مبدئية بارتكاب أي أفعال مثل الخروج على أهداف ومبادئ الحزب ومخالفة الأوامر التنظيمية أو إساءة استخدام السلطة والنفوذ أو الثراء الحرام والاعتداء على المال العام، بالإضافة لمحاسبة كل من يسيء أو يسب الأعضاء أثناء أداء الواجبات التنظيمية عطفاً على محاسبة كل من يكشف أسرار الحزب دون إذن ومحاسبة كل من يقيم علاقات مريبة أو ارتكاب سلوك مشين ومحاسبة كل من يثبت عدم التزامه بالواجبات التنظيمية ومحاسبة العضو الذي تمت إدانته من محكمة مختصة بجريمة تخل بالشرف والأمانة ومحاسبة كل من يقوم بفتح بلاغات كيدية ضد أعضاء الحزب.
المحك الحقيقي
ثمة من يقول إن من العسير جداً تطبيق بنود لائحة الحزب التنظيمية التي فُعِّلت مؤخراً خاصة في ظل انفتاح الحزب على كل فئات المجتمع.
يقول المحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد إن اللوائح التنظيمية موجودة في تاريخ الحركة الإسلامية، ولكنها لم تكن في حاجة للتفعيل لأنها لوائح قيمية راسخة لكل الأعضاء.
مردفاً أن المحاسبة أمر ضروري في ظل التداخل بين الجهازين التنظيمي والتنفيذي، وبالتالي التحدي الأكبر يتمثل في تطبيق قيم اللائحة، التي قال إنه في حالة تطبيقها يتوقع فصل عدد من أعضاء الحزب بصورة يومية.
وأضاف عبد الماجد في حديثه لـ (الصيحة) أن المهم تعزيز قيم الولاء التنظيمي أكثر من تقنين لوائح المحاسبة، لأن المؤتمر الوطني حزب رسالي (حد قوله).
في الصدد يرى المختص في شؤون المؤتمر الوطني أسامة عبد الماجد أن تطبيق اللائحة أمر وارد لعدة أسباب أبرزها الشخصية السياسية القوية التي يتمتع بها الحاج آدم يوسف، عطفاً على إمكانية حدوث تنسيق مشترك بينه ورئيس قطاع التنظيم بالوطني، أزهري التجاني للحد من ظاهرة التلفت ومحاسبة المخالفين للوائح، إضافة لتشديد الرئيس البشير على أهمية محاسبة المتفلتين بصورة حاسمة، كما حدث في انتخابات 2010م بعد فصل كل الأعضاء المتفلتين.
منبهاً لإمكانية التزام أعضاء الوطني باللائحة وعدم الانزلاق لمخالفة التنظيم خاصة أن كل الذين خالفوا اللوائح التنظيمية كان مصيرهم الخسارة، مستشهدًا بخسارة باكاش طلحة لمنصب والي النيل الأزرق في انتخابات 2010م بعد انسلاخه من الوطني والترشح بصورة مستقلة.
ما وراء اللائحة
خروج لائحة المحاسبة التنظيمية بالمؤتمر الوطني في الوقت الحالي وضعت أكثر من علامة استفهام حول سر التوقيت وما وراء التشدّد في أمر المحاسبة.
وطبقاً لمصدر مأذون بالمؤتمر الوطني – طالب بحجب اسمه- فإن السبب في إخراج اللائحة والتشدد في تطبيقها هو أن صراعاً حاداً يدور في السر بين قيادات الحزب. والقول بأن الحزب لا يستطيع محاسبة عضويته بعد التفلتات الكبيرة التي ضربت صفوفه بالولايات في الفترة الماضية. موضحاً أن تلك الصراعات أدت لإخراج لائحة المحاسبة والتشدّد في تطبيقها.
في المقابل، وجه نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية إبراهيم محمود، وعبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وجه عضوية حزبه بالالتزام باللائحة.
وفي السياق، يقول الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد إن تفعيل لائحة المحاسبة أمر روتيني وعادي داخل أروقة حزب المؤتمر الوطني. مضيفاً: حسناً فعل القطاع التنظيمي بإسناد أمر اللجنة للحاج آدم يوسف لجهة أنه شخصية قوية وسياسي من الطراز الفريد. واستبعد أسامة أن يكون لأحداث الجزيرة الأخيرة دور في تحريك عمل لجنة المحاسبة قائلاً إن التغييرات التي تشهدها أضابير المؤتمر الوطني في القطاعات والأمانات الحزبية المختلفة ساهمت في تفعيل اللجنة في الوقت الراهن.
مضيفاً أن الوطني يضع نصب عينيه انتخابات 2020م ويتخوف من حدوث تفلتات داخل عضويته في الانتخابات المقبلة على غرار ما حدث في الانتخابات السابقة، لذلك يسعى لضبط عضويته قبل الماراثون الانتخابي.
الصيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..