السودان وبراءة المجتمع الدولي

د. الشفيع خضر سعيد

نحن نعيش في عالم لا يقبل العزلة والإنعزال. عالم تحكمه قوانين العولمة التي لا فكاك منها، والتي توفر تربة خصبة لتجلي ظاهرة موضوعية وحتمية، هي ما نشهده من تفاعلات وتداخلات بين مكونات هذا العالم.
وهذه الظاهرة الموضوعية الحتمية، دائما ما تأتي تحت عنوان تحقيق السلام والإستقرار في العالم. ومن هنا قناعتنا بحتمية دور المجتمع الدولي ومساهمته في المشهد السياسي في بلدان العالم الثالث، مستوطن الأزمات والكوارث السياسية والإجتماعية. وأعتقد لن يختلف إثنان في أن عاملين رئيسيين يتربعان على قمة العوامل الدافعة لتدخل المجتمع الدولي في هذا المشهد، أولهما: عجز القوى السياسية الوطنية وفشلها في معالجة الأزمات التي تعصف بالوطن حد تفجر الحروب ونسف الإستقرار، داخل الوطن وخارجه. أما العامل الثاني فيتعلق بضمان وحماية مصالح العالم الأول، المحرك والقائد لتفاعلات المجتمع الدولي. نحن، نتفهم كل هذا، ونعترف بأن المجتمع الدولي قدم خدمات جليلة لإطفاء نيران الحروب وإخماد بؤر التوتر في العديد من مناطق العالم، وحقق أهدافا لصالح أمن وسلام وتقدم البشرية. لكن، كل تفهمنا وإعترافنا هذا، لن يعمينا من رؤية الجانب السلبي لمساهمة المجتمع الدولي في المشهد السياسي في بلدان العالم الثالث.
من حيث المحتوى، نقول أن الوصفات العلاجية التي يقدمها المجتمع الدولي لعلاج الأزمات المتفجرة في دول العالم الثالث، تظل دائما حلولا جزئية ومؤقتة وهشة، تخاطب الظاهر لا الجوهر، بحيث أن تشظيات الأزمة في هذه البلدان تظل كما هي، محدثة إنفجارات داوية من حين لآخر.
وما يحدث الآن في بلادنا، والتي صارت أزماتها مطروحة على بساط البحث والعلاج في دهاليز المجتمع الدولي، منذ تسعينات القرن الماضي، وهو لا يزال يصدر وصفاته العلاجية كأنها الوصفة السحرية الأولى، يؤكد ما ذهبنا إليه. الشعب السوداني ظل يستقبل، بفرح يشوبه القلق، فكرة التدخل الدولي في البلاد، خاصة وأن «الروح بلغت الحلقوم».
وكان يعتقد بوجود «بركة في كل حركة» من تحركات أطياف المفكرين والمنظرين وعلماء السياسة وفض النزاعات الدوليين، الحائمة في منتجعات وبراري مشاكوس ونيفاشا وأديس أبابا، وجميعها يرتبط بخط أحمر ساخن ومباشر مع واشنطن ونيويورك، ظنا منه بأنها ربما توقف الحرب وتحقق التحول الديمقراطي والوفاق الوطني، وتصون وحدة البلاد?، فماذا كانت النتيجة؟ لا الحرب توقفت، ولا التحول الديمقراطي تحقق، ولا وحدة البلاد صينت!! هل سيكون تجنيا، أو نكرانا للمعروف، إذا قلنا أن محتوى الحلول التي ظل المجتمع الدولي يطرحها لعلاج أزمتنا الوطنية، في ظل إستمرار عجزنا عن القيام بدورنا، وفي ظل فشلنا في تطويع هذه الحلول لصالح واقعنا، جاءت بتعقيدات جديدة في واقعنا السياسي، بحيث أن دور المجتمع الدولي في المشهد السياسي السوداني أصبح من ضمن مكونات «الحلقة الشريرة» في البلاد؟! وإضافة إلى النتيجة الملموسة والماثلة أمامنا، فإن قولنا هذا يستند إلى جملة من السمات المصاحبة لأطروحات المجتمع الدولي، ومنها:
أولا: إنتقائية الحل، وإنطلاقه من أفكار مسبقة يغلب عليها الطابع الأكاديمي وقوة المصلحة. وحتى عندما يقترب الحل المطروح من الشمول ومخاطبة كل التفاصيل، تهزمه آليات التنفيذ القاصرة، والتي مرة أخرى يسيطر عليها المنهج الجزئي والإنتقائي، فتحصر الحل في طرفين فقط، كما حدث في إتفاقية السلام الشامل.
ثانيا: سيطرة فكرة أولوية الإستقرار على الحرية والديمقراطية، في تجاهل متعمد للعلاقة الجدلية بين الإثنين، وفي فرض معيار خاص لدول العالم الثالث يخفض من سقف طموحات شعوبها المتطلعة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك إنطلاقا من فرضية أن هذه الدول غير مهيأة لإستقبال الديمقراطية الكاملة..!.
ثالثا: من واقع سيناريوهات المجتمع الدولي لعلاج الأزمة العامة في بلادنا، تولد لدينا شعور قوي بأن المجتمع الدولي لم يعد معنيا بمفاهيم وتصورات الوحدة في إطار التنوع، وهو يغض الطرف عن القوة الكامنة التي تفرزها هذه المفاهيم والتصورات في خلق نظم ومؤسسات تستوعب الجميع وتحد من طغيان الصراع الإثني والديني. وبالمقابل، تزداد شكوكنا حول أن المجتمع الدولي أصبح يدعم المشاريع المتطلعة إلى فكفكة الروابط التي تشدنا إلى البقاء تحت راية الوطن الواحد، حتى أن الذهن يجد صعوبة في إستبعاد وجود رؤية/مؤامرة محكمة تهدف إلى إعادة تشكيل السودان إلى دويلات على أساس المكون الإثني.
أما من حيث الأهداف، فلقد بات واضحا أن تيارا قويا وسط النخبة السياسية الأمريكية يتبنى ما يعرف بمشروع «الشرق الأوسط الجديد»، والذي يهدف إلى تفتيت المنطقة إلى دويلات دينية ومذهبية وإثنية، ضعيفة ومتصارعة في ما بينها، مما يسهّل السيطرة على ثرواتها، القديمة والمكتشفة حديثاً، وعلى طرق نقل مصادر الطاقة إلى العالم.
بل أن جزءاً من هذه النخب، ومن وحي الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، يسعى لدفع منطقة الشرق الأوسط للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد، يمكن أن تعطي دفعة لازدهار الصناعة العسكرية، وإزدهار نشاط الشركات التي تعيد بناء ما ستدمره الحرب، وفي الحالتين التكاليف مدفوعة من ثروات المنطقة.
بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، استبدل الغرب خطاب «نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان» الذي عنون به سياساته في المنطقة خلال الفترة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي، بخطاب «تعزيز الاستقرار» و»تجفيف منابع الإرهاب». وعلى هذا الأساس متنت الولايات المتحدة الأمريكية، تحالفاتها الإستخبارية والعسكرية مع الأنظمة الاستبدادية في المنطقة التي أصبحت تلعب دور المقاول الثانوي في «الحرب على الإرهاب». لكن، كان واضحا للغرب أن هذه الأنظمة قد شاخت وآيلة للسقوط، ولا بد من توفير البديل المناسب الذي يساهم وبقوة في تعزيز الخطاب الجديد، ويضمن المصالح الأمريكية في المنطقة.
وفي هذا السياق ننظر إلى محاولات إختزال سيناريو «الهبوط الناعم»، في صفقة تسمح ببقاء نظام الإنقاذ بنسبة أكبر في أي تغيير قادم، خاصة وأن الإنقاذ، كما صرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول، تعاونت مع أجهزة الإستخبارات الغربية بأكثر مما كان متوقعا، وفي عهدها شكل إنفصال الجنوب ملمحا لخرطة المنطقة الجديدة، إضافة إلى تبنيها لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وسائر تفاصيل السياسات النيوليبرالية.
وأخيرا، نحن، لا ننادي بإخفاء المحافير عن من يود مساعدتنا على الحفر، ولا يمكن أن نرفض مساهمات المجتمع الدولي لحل أزماتنا، ولكن كل ما نود قوله هو أن السياسي الذي يظل فاغرا فاهه منتظرا هذه المساهمات دون أن تكون لمساهماته هو القدح المعلى، أو دون أن يأخذ حذره من هذه المساهمات حتى لا تأتي على حساب مصالح شعبنا، هو سياسي غير جدير بالاحترام.

القدس العربي

تعليق واحد

  1. دكتور الشفيع أنت من يوم فصلك من الحزب الشيوعي وبقي عندك نزعة نرجسية وعايش في أحلامك براك.. هسه في المقال ده كررت كلمة نحن نحن نحن كذا مرة وأنا ما قادر أفهم قصدك منو بنحن دي.. أنت بقيت فرد يا صاح والافضل ليك تتكلم بلسانك وتقول أنا مش نحن.. تفخيم لا معني له يدل علي عقلية فارغة.. ثم ثانياً أنا قرأت ليك الحوار الطويل من جزئين مع صحيفة التيار وأنصدمت صدمة العمر.. أنت صبيت في الحوار بتاعك ده جام غضبك علي الشيوعية والماركسية وأتهمتها بأنها لا تقدر حلول ولا أفكار.. مش كده وبس.. بل أنت تغزلت في الإسلام السياسية والرأسمالية وإعترفت بأنها صنعت جماهير في مصر والسودان.. أنا شخصياً لا شيوعي ولا إسلامي ولا عندي أي أنتماء سياسي لكن نفسي أفهم عقولكم دي.. وسؤالي هو: لماذا قلت كلامك الخطير هذا بعد فصلك من الحزب الشيوعي يا دكتور؟؟ هل أنت شيوعي فعلاً أم مصلحجي؟ 50 سنة وأنت كقيادي في الحزب الشيوعي السوداني وفي النهاية تجي تقول للناس أن الشيوعية والماركسية كلام فاضي؟ ولنفترض أنها كلام فاضي فلماذا كنت تدعم الكلام الفاضي طوال عمرك؟؟ أنت كده أثبت أن كل الساسة السودانيين ناس مصالح فقط بدليل أن أي واحد يتم فصله من حزبه يقلب له ظهر المحن والمجن ويقعد يشتم فيه وفي أفكاره مع أنه كان داعم لهذه الأفكار طوال عمره.. والأمثلة كتيرة وأنت آخر مثال.. كده عيب.. ده دليل عدم عافية.. ده دليل علي وجود مصيبة كبيرة في السودان ده.. الواحد يمثل أنه شيوعي وهو ما شيوعي.. والواحد يمثل أنه إسلامي وهو ما إسلامي.. ده واقع تعيس ومريض ومتخلف جداً.. ويبدوا أن العقول السودانية كلها خربانة والجينات تعبانة.

    ردك شنو..؟

  2. شنو يا دكتور
    انت عندما كنت فى الواجهه و امام الكاميرات
    وعدسات العالم كنت صامتا
    لم ينشر لك مقال واحد
    الان مقالين فى يومين وبهما جهد واضح

  3. Excellent overall view that captures the Brad picture but leaves much to be detailed.Could a good outline for a book or a series of articles that could later be collected in a book. ..ah

  4. لا يمكن أن نعزو كل شئ إلى نظرية المؤامرة؟

    كُل دولة ملزمة بحماية مصالح شعبها، وليس مصالح الشعوب الأخرى؟؟

    العلة فينا، وفي ضيق رؤيتنا وعدم قُدرتنا على إقناع الجماهير بما نقول، لتناقض القول مع الممارسة، وأنت سيد العارفين؟؟

    المسألة معقدة جداً وذات جذور تاريخية ضاربة، تتعلق بالنشأة وعملية الولادة القيصرية التي ولدت لنا أجنة مشوهة.

    قادة إستقلالنا، هُم من رفضوا تحريم تجارة الرقيق، ودونك مذكرة كرام المواطنين؟؟

    الحديث ذو شجون وأتمنى أن أراك في بريتوريا.

    مهدي

  5. الاخ دكتور الشفيع كما عهدناك دائما في خط الماجهة و تحليلاتك الصائبة و فعلا السياسي المحترم هو من يجعل مصلحة الوطن و الشعب نصب عينيه

  6. مقال تحليلي جميل يستحق ان يكون بداية لدراسة متأتية لجذور الازمة والحلول الايجابية لها في ظل التعقيدات المحلية والدولية

  7. التحية للكاتب القدير والمحلل السياسي القوي والذكي مش زي محللين الانغاذ (الانقاذ) خبراء وعلماء النكاح والتحلل اسود الله وجوهكم يوم القيامة علماء السلطان وحارقي البخور ونافخي الكير

  8. تحليل رائع وصحيح فى وصف رؤية المجتمع الدولى للمنطقة وحلوله وفق مصالحه الخاصة شكرا دكتور الشفيع فقد فقد الحزب الشيوعى احد اعظم مفكريه

  9. ولكن كل ما نود قوله هو أن السياسي الذي يظل فاغرا فاهه منتظرا هذه المساهمات دون أن تكون لمساهماته هو القدح المعلى، أو دون أن يأخذ حذره من هذه المساهمات حتى لا تأتي على حساب مصالح شعبنا، هو سياسي غير جدير بالاحترام.

    موضوع رائع جدا يجب التمعن فيه جيدا وخاتمة جميلة للذي لا يريد قراءة الموضوع كله

  10. دكتور الشفيع أنت من يوم فصلك من الحزب الشيوعي وبقي عندك نزعة نرجسية وعايش في أحلامك براك.. هسه في المقال ده كررت كلمة نحن نحن نحن كذا مرة وأنا ما قادر أفهم قصدك منو بنحن دي.. أنت بقيت فرد يا صاح والافضل ليك تتكلم بلسانك وتقول أنا مش نحن.. تفخيم لا معني له يدل علي عقلية فارغة.. ثم ثانياً أنا قرأت ليك الحوار الطويل من جزئين مع صحيفة التيار وأنصدمت صدمة العمر.. أنت صبيت في الحوار بتاعك ده جام غضبك علي الشيوعية والماركسية وأتهمتها بأنها لا تقدر حلول ولا أفكار.. مش كده وبس.. بل أنت تغزلت في الإسلام السياسية والرأسمالية وإعترفت بأنها صنعت جماهير في مصر والسودان.. أنا شخصياً لا شيوعي ولا إسلامي ولا عندي أي أنتماء سياسي لكن نفسي أفهم عقولكم دي.. وسؤالي هو: لماذا قلت كلامك الخطير هذا بعد فصلك من الحزب الشيوعي يا دكتور؟؟ هل أنت شيوعي فعلاً أم مصلحجي؟ 50 سنة وأنت كقيادي في الحزب الشيوعي السوداني وفي النهاية تجي تقول للناس أن الشيوعية والماركسية كلام فاضي؟ ولنفترض أنها كلام فاضي فلماذا كنت تدعم الكلام الفاضي طوال عمرك؟؟ أنت كده أثبت أن كل الساسة السودانيين ناس مصالح فقط بدليل أن أي واحد يتم فصله من حزبه يقلب له ظهر المحن والمجن ويقعد يشتم فيه وفي أفكاره مع أنه كان داعم لهذه الأفكار طوال عمره.. والأمثلة كتيرة وأنت آخر مثال.. كده عيب.. ده دليل عدم عافية.. ده دليل علي وجود مصيبة كبيرة في السودان ده.. الواحد يمثل أنه شيوعي وهو ما شيوعي.. والواحد يمثل أنه إسلامي وهو ما إسلامي.. ده واقع تعيس ومريض ومتخلف جداً.. ويبدوا أن العقول السودانية كلها خربانة والجينات تعبانة.

    ردك شنو..؟

  11. شنو يا دكتور
    انت عندما كنت فى الواجهه و امام الكاميرات
    وعدسات العالم كنت صامتا
    لم ينشر لك مقال واحد
    الان مقالين فى يومين وبهما جهد واضح

  12. Excellent overall view that captures the Brad picture but leaves much to be detailed.Could a good outline for a book or a series of articles that could later be collected in a book. ..ah

  13. لا يمكن أن نعزو كل شئ إلى نظرية المؤامرة؟

    كُل دولة ملزمة بحماية مصالح شعبها، وليس مصالح الشعوب الأخرى؟؟

    العلة فينا، وفي ضيق رؤيتنا وعدم قُدرتنا على إقناع الجماهير بما نقول، لتناقض القول مع الممارسة، وأنت سيد العارفين؟؟

    المسألة معقدة جداً وذات جذور تاريخية ضاربة، تتعلق بالنشأة وعملية الولادة القيصرية التي ولدت لنا أجنة مشوهة.

    قادة إستقلالنا، هُم من رفضوا تحريم تجارة الرقيق، ودونك مذكرة كرام المواطنين؟؟

    الحديث ذو شجون وأتمنى أن أراك في بريتوريا.

    مهدي

  14. الاخ دكتور الشفيع كما عهدناك دائما في خط الماجهة و تحليلاتك الصائبة و فعلا السياسي المحترم هو من يجعل مصلحة الوطن و الشعب نصب عينيه

  15. مقال تحليلي جميل يستحق ان يكون بداية لدراسة متأتية لجذور الازمة والحلول الايجابية لها في ظل التعقيدات المحلية والدولية

  16. التحية للكاتب القدير والمحلل السياسي القوي والذكي مش زي محللين الانغاذ (الانقاذ) خبراء وعلماء النكاح والتحلل اسود الله وجوهكم يوم القيامة علماء السلطان وحارقي البخور ونافخي الكير

  17. تحليل رائع وصحيح فى وصف رؤية المجتمع الدولى للمنطقة وحلوله وفق مصالحه الخاصة شكرا دكتور الشفيع فقد فقد الحزب الشيوعى احد اعظم مفكريه

  18. ولكن كل ما نود قوله هو أن السياسي الذي يظل فاغرا فاهه منتظرا هذه المساهمات دون أن تكون لمساهماته هو القدح المعلى، أو دون أن يأخذ حذره من هذه المساهمات حتى لا تأتي على حساب مصالح شعبنا، هو سياسي غير جدير بالاحترام.

    موضوع رائع جدا يجب التمعن فيه جيدا وخاتمة جميلة للذي لا يريد قراءة الموضوع كله

  19. يا دكتور لك التحية انت انسان حر و كلامك منطقي و عندك فكر واضح جدا انك عاقل و وذهنك شغال في زمن عز فيه التفكير وشلك يدل انك حا تكون غاندي الامة السودانية و مصلها الاجتماعي طريقتك مختلفة وشلك مشغول بقضايا الامة السودانية
    انصحك اعمل حزب سياسي جديد بفكر جديد فانت قمر السودان القادم
    الساحة فاضية في انتظار امثالك

  20. أولا، “العولمه” (Globalization) امر واقع!، و نتاج طبيعى لتطور الفكر الإنسانى، الساعى للإرتقاء بحياةالبشريه كافه، لمن أراد من “الشعوب” الإستفاده من الفرص المتاحه تحت “نظام العولمه”!.
    ثانيا، إن مفهوم العولمه يستند على قيم و مواثيق و اعراف و معاهدات و إتفاقيات دوليه، تعنى بالشئون الإقتصاديه و السياسيه و الإجتماعيه..و يجزم الداعمون لها إمكانية تطبيق العولمه على أوسع نطاق على مستوى دول العالم، إستنادا على التطور التقنى الهائل و وسائل الإتصال، ليصبح العالم قريه صغيره!..و هذا حدث بالفعل!..و إستفادت العديد من الدول الناميه الجاده فى تطوير إقتصاداتها و مجتمعاتها منها: الصين الهند البرازيل المكسيك جنوب أفريقيا اثيوبيا كينيا جميع دول أسيا جميع دول الخليج..إلخ!!
    ثالثا، يعنينى هنا البعد الخاص ب”الهويه الثقافيه” للعولمه!..فالعولمه تهدف إلى خلق “وحده و منظومه متكامله”، فى حين أن “الهويه” ترنكز و تدافع عن “التعدديه و التنوع”!..أى ان العولمه تسعى لضحض الحدود و إزالتها، فى حين أن الهويه تسعى إلى إثبات “الإختلافات” فى العالم!..و بمعنى أدق، العولمه تبحث عن الشموليه و العام، أما الهويه فتسعى للإنتقال من العام للخاص، و من الشموليه للمحدوديه!
    رابعا، و لعله من بوابة “الشموليه و العام” تحديدا، يمكننا المقاربه، و “تفسير العلاقه” القائمه بين العولمه (و تمثلها أمريكا و الاتحاد الاوربى) من جهه، و بين “الإسلام السياسى” و تمثله العصابه المجرمه التى تحكم السودان بإسم “الدين” من جهة أخرى، كالآتى:
    أ. العولمه تتمسك بالشموليه و العام، و كذلك الإسلام السياسى الذى لا يؤمن بهويه و لا تنوع و لا حدود و لا “وطن”، و يسعى “لأستاذية العالم” و “سيادته” و نشر دعوته على أوسع نطاق، “بحد السيف”!..و من هنا كان توافق الطرفين حول مبدأ “الشموليه و العام”، مع الإختلاف فى “المضمون و الجوهر”!
    ب. “العولمه” لا تعرف شيئا إسمه “التأصيل”!..و لا تعرف نشر مفاهيمها بإحتلال الدول أو إرهابها، لأن مفهوم العولمه يستند على المواثيق و الإتفاقيات و المعاهدات المتفق حولها تماما و سلما!..فى حين أن “الإسلام السياسى”، و تمثله “العصابه المجرمه”، كانت ترفع شعار “التاصيل”، خداعا لمجتمعاتها المسلمه بالفطره!!..لكن الغرب و امريكا كانوا يدركون ضعف قدرات هؤلاء، و يعلمون الخواء الفكرى ل”الاسلام السياسى”، و ملمين بحقيقة “التاصيل” و نشر الدعوه و الإرهاب!..فتحسبوا لكل ذلك!
    ج. و نسبة لعجز “العصابه” و خواء أو ضبابية رؤيتها و تواضع قدراتها منسوبيها و ضعف إقتصادها، فقد عمدت الى:
    i. تخلت نهائيا عن مبادئها الخاصه ب”أستاذية العالم” و “التأصيل” و “نشر الدعوه”،
    ii. طبقت جميع مبادئ و أهداف العولمه بأكثر مما فعلت جميع الدول المنضويه تحت لواء العولمه،
    iii. أزالة عمليا “حدود البلاد”!.. فدخلها “الارهابيون و الدواعش”، و الحبش و السوريون و كل أجناس أفريقيا “المتأسلمين” منهم!..بل تخلت العصابه عن “الجنوب” و العديد من الاراضى السودانيه! فراجت تجارة التهريب و المخدرات غسيل الأموال و التفسخ..إلخ!
    iv. نفذت العصابه جميع سياسات البنك و صندوق النقد الدوليين، المتصله بتحرير الإفتصاد(إلآ الأجور)، فتم “تحرير الأسعار” و “رفع الدعم” عن السلع نهائيا، و تدمير “المؤسسات التعاونيه”، و خصخصة العديد من المؤسسات القوميه و بيعها او تدميرها!..و كل هذا بالطبع يخدم مصالح الطفيليه الإسلامويه الربويه الساعيه للسلطه و المال!..فإنهار الإقتصاد، و تفشى الفساد و إنهارت العمله الوطنيه و إرتفعت معدلات التضخم و البطاله و الفقر، بنسب غير مسبوقه!
    خامسا، و فى ظل “الحصار” المضروب حول العصابه، و إنهيار الإقتصاد القومى نتيجة الفساد المستشرى و غياب “السياسات” و غياب “القانون” و إفلاس الدوله، سعت العصابه “للتعاون” بشكل واسع و مفضوح و حقير، مع المخابرات الامريكيه و مخابرات الإتحادالأوربى و مخابرات العديد من الدول العربيه، فى سعيهم لمكافحة “الإرهاب” و “الهجره غير الشرعيه”، بل و “دفن النفايات السامه”، و بالمقابل المادى طبعا!..و هذا الإرتزاق و العماله مدفوعة الثمن، هما ما يوحى للمراقب (أو المواطن)، أن أمريكا و الغرب يتآمران على السودان!..لكن الحقيقه أن هذه الدول تسعى جاهده لخدمة مصالحها أو حماية مجتمعاتها من الإرهاب و الهجره غير الشرعيه أو كلاهما، و هذا فى تقديرى حق مشروع!
    سادسا، و للإستدلال على الدور المحورى “للشعوب” فى تحديد خياراتها و نظام الحكم فيها، أذكر القارئ بموقف امريكا و الإتحاد الأوربى تجاه مصر “القريبه”!..و هو موقف كان يبدو متناقضا فى البدء، لكنه فى الوقع لم يكن كذلك:
    أ. كانت امريكا و الإتحاد الأوربى، يدعمان ماليا و سياسيا بقوه “نظام مرسى و الأخوان المسلمين” فى مصر!..لأن نظام مرسى “العميل”، كان أيضا يتوافق و أهداف “الإسلام السياسى” الهلاميه، و بالتالى يلبى طلبات و مصالح امريكا و رغبات إسرائيل!..
    ب. إستمر دعم الغرب للأخوان المسلمين فى مصر، حتى بعد أن أزال الشعب المصرى “نظام مرسى”، و تم الزج بجميع أفراد “النظام” و جماعات “التنظيم” و “مكتب المرشد العام” فى السجون!..كانت أمريكا و الغرب يناديان بضرورة عودة مرسى “للحكم”، إلتزاما بقواعد “الشرعيه الدستوريه”، بل هددت أمريكا بوقف المعونات لمصر، إن لم تعاد “الشرعيه”، هذا فى الظاهر طبعا!..لكن الحقيقه هى أن نظام مرسى كان يخدم مصالح الغرب و أمريكا و إسرائيل، بالضبط مثلما تفعل الآن العصابه المجرمه فى السودان!
    ج. لقد رفض الشعب المصرى المساعدات و المعونات الأمريكيه، إذا كان ثمنها عودة “مرسى و إخوانه”!..و بالنهايه رضخت امريكا للامر الواقع!..و تنازلت عن ” عودة مرسى” و دعم تنظيم الأخوان المسلمين!
    سابعا، قصدت من كل هذا السرد، أن أوضح الدور المحورى ل”الشعوب” فى تحديد مساراتها، سواءا فيما يتصل ب”نظام الحكم” أو خيارات “العولمه” او الإنضمام للتكتلات السياسيه و الإقتصاديه المختلفه، كشريك و ليس عميل!..وطوعا لخدمة مصالحها!..و الديمقراطيه التى ينادى بها العالم ليست شعارا هلاميا، مثل “الإسلام السياسى”!..لكنها تعنى “المشاركه الشعبيه” فى كل مراحل التأسيس للحكم، من خلال التوافق حول “دستور البلاد”، و صياغة القوانين و متابعة تطبيقها..إلخ!
    ثامنا، إذا ما تحرك الشعب السودانى لإسقاط عصابات الجريمه المنظمه، ثم القصاص من المجرمين ، و رد الظلامات لأصحابها، و إسترجاع الأموال التى نهبتها العصابات المجرمه..ثم السعى لإرساء قواعد الديمقراطيه و العداله و حكم القانون..إلخ، إذا سعينا لذلك بعزيمه و إصرار، فلن تستطيع قوة فى الأرض الصمود أمام طموحات الشعب السودانى، مهما كانت قوتها!
    لكننى و بصراحه تامه، لا ألوم أمريكا و لا الغرب، و لا أطالبهما، و لا أطالب اى جهه خارجيه، أن تقوم بتنفيذ “المهمه الوطنيه”، المعنى و المناط بها الشعب السودانى أولا و أخيرا!..ذاك شئ لا أتوقعه و لا أتمناه!!
    و عليك أخى الشفيع أن تعمل وسط الجماهير لإسقاط عصابات الجريمه المنظمه، و هذا هو الهدف الوطنى الأول..و لا ينفع معه نقدك لأفكار الحزب الشيوعى أو جموده فى هذه المرحله..فكلنا فى الهم شرق، لا فرق!..خاصه و أنت صاحب خبره ثريه فى التعبئه الجماهيريه، دامت حوالى 50 سنه!..و آن أوان توظيفها لمصلحى الوطن، لا نقد بعضنا البعض، فى لا شئ!
    و لك تقديرى،،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..