الطلاق المتأخر جداً ..!

حكى لنا عالمٌ وقور من حملة الشهادات الأزهرية العالية وقد إنتقل الي رحمة مولاه..أنهم وعقب قيام الثورة الإيرانية بشهور قليلة كانوا متوجهين الى باكستان عبر العاصمة الإيرانية طهران ، حيث إقتضت ظروف الرحلة مكوثهم هناك لعدة ساعات..فقامت السلطات المعنية بتنظيم جولة طافت بهم حافلتها في معالم المدينة الهامة ..وقد تصادف ذلك مع مناسبة دينية شيعية ، قال في أحد الميادين الكبيرة وجدنا حشوداً من الناس ينقسمون الى مجموعتين ، الأولى تقوم بضرب جحش صغير مسكين بكل ما حملت اياديهم من أحذية وقاذورات وطوب ..بينما تقوم المجموعة الآخرى بذات الفعل مع معزة تسلّخ جلدها مما تعاني !
سألوا مرافقهم عن الأمر ..فقال والعياذ بالله .. الجحش هو أبوبكر والمعزة هي عائشة !
قال قفلنا راجعين الى حافلتنا وقد إحتقنت العبرات في الحلوق و أمتلأت أعيننا بالدموع من فظاعة المشهد وبجاحة المخبر !
ومن يومها قال أدركت أن مآلات ما سُميّ بثورة الخُميني الإسلامية ستكون لعنة و ستحرق مابقي من أخضر هذه الأمة ويابسها بشرارة الإسلام السياسي التي ستفتح شهيته النهمة للحكم في كل أطراف المنطقة ومن ثم تجعله أداة لصراعات مذهبية ماحقة بغرض إعادة ذلك التاريخ المضطرب بعد الفتنة الكبرى وتأجيج نزوة الإنتقام من أهل السنة بتفتيتهم زمراً ليسود المذهب الشيعي ولو بتحقيق مبدأ عليّ وعلى أعدائي !
في كل إجازاتي التي اقضيها في السودان وأنا أرتاد خلالها معظم منتديات العاصمة الثقافية وحفلاتها الفنية ، لاحظت الوجود الدائم للملحق الثقافي الإيراني بعمامته البيضاء وعباءته الشفافة وهو يتقدم الصفوف ..لا فرق عنده وهو المفترض انه المُلا المتدين بين حفل غنائي راقص ولو كان لعروس بالجدلة والقرمصيص وبين ندوة حول فن الحقيبة ،وهو دأب يريد ان يشير فيه من طرف خفي الى انهم دولة مع التحرر والتنوع الثقافي والفكري والإنفتاح الديني غير المتزمت حيال ضروب الحياة الثقافية والفنية والأدبية كمدخل لجر رجل فئة الشباب الى مآرب أخرى هم يخططون لها بسياسة النفس الطويل !
بل وكانوا يلعبون على مختلف التناقضات على الساحة السودانية وبجرأة وفرتها لهم سلطة الإنقاذ من منطلق تحالف ايدلوجي ضحى بالحرص على سلامة المجتمع السوداني المسلم السني الذي قد يستل فيه الرجل سكيناً يشق بها بطن من يسب شيخ طريقته الصوفية الذي يؤمن بولايته لله ، فما بالك حينما يشتم صحابة الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام و أمهات المؤمنين رضوان الله عليهمن !
في أحد الأيام وقد كنت أكتب من الداخل إبان فترة المفاصلة الحادة بين حواريه الإنقاذيين والدكتور حسن الترابي وقد خرج وقتها من المعتقل بعد فترة طويلة ،فقادتني مهمة صحفية الى منزل الأخير الذي إحتشد حوله وداخله مئات من أنصاره ..فكان الملحق الثقافي الإيراني منتحياً جانباً بالترابي في ركن قصي يتهامسان وكأنما ذلك الرجل أحد أعضاء المؤتمر الشعبي المقربين لزعيمه المغبون وقتها !
وهي خطوة لو خطاها دبلوماسيٌ أجنبي غير الملحق الإيراني لقامت الدنيا ولم تقعد وفسرتها الحكومة على أنها تدخل سافر في الشان الداخلي والإتصال بمعارض منبوذ بل وأعتبرتها أجهزة أمن النظام حلقة من حلقات التأمر على السودان كله وليس على سلطتها التي كانت تغض الطرف عن تلك الشرارة الشيعية التي إنتشر لهيبها آفقياً في هشيم الفتنة بين المجموعات الدينية والصوفية المختلفة. وهي تبعات لابد أن خبث سلطة الإنقاذ يقف من ورائها لإلهاء الناس بأى شيء يصرف تأليب الشارع المحتقن منها وعليها !
الان بدأت مراسم الطلاق المتأخر جداً بعد زواج متعة مشبوه الصحة في اركانه بين شيعة طهران الناظرين الى ابعد من مواضع اقدامهم و كيزان الخرطوم الحاكمين بغير حكمة والذين لا يرون حُفر خطلهم التي حفروها تحت أقدام الوطن ونهجهم المعوّج الذي سيقودهم الى النهايات غير مأمونة العواقب ليس لهم وحدهم فهم يستحقون ذلك ولكن سيكون الضحية هو الشعب الذي خدروه بأفيون نفاقهم وكذبهم ، وهم سادرون في غيهم و يتخذون القرارات لا من منطلق الغيرة الدينية أو المصلحة الوطنية وإنما بحثاً عن المخارج من أزماتهم الممرحلة المتكالبة ولو بذبح العجل و كسر الجرة معاً كحل البصيرة أم حمد !
وربما كان التعرّض لشخص الرئيس السوداني ولعنه في شريط مسجل بثته أحدى القنوات المصرية عبر اليوتيوب وهو يُظهر أحد دعاة الشيعة المنفيين من الكويت ويدعي ياسر.. متجاوزاً في ذات الموضع حدود اللياقة والتأدب حيال الخليفة العادل الذي حمل إسمه عمر البشيرهو واحد من أدوات التأليب ضد خطورة إنحراف الفكر الشيعي التي عجلّت بطرد الملحقيين الثقافيين الإيرانيين مع تضافر الضغوط المحلية من قبل الجماعات الدينية وهيئات العلماء والنقمة العامة الى جانب العوامل الإقتصادية الداخلية و السياسية الخارجية الاخرى .

لسنا بالطبع مع تقييد حرية العبادات لكل اهل الديانات السماوية أوالوضعية طالما أنها لا تتجاوز حدود الآخرين ولا تجرح في قدسية قناعاتهم أو تهين رموزهم ، ولكن ما ترمي اليه مخططات أهل الشيعة مع إحترامنا لمن يسلك غير ما يرمي الى بذر الفتنة منهم..فإنه مرفوض قبل ان تتخذ سلطات الحكومة هذه الخطوة التي جاءت كسلانة تتثاءب بعد فوات الآوان وقد خّلف ذلك الزواج المارق آلافاً ممن أغوتهم الملحقية الإيرانية بالمال وآمال البعثات والحياة الرغدة إستغلالاً لظروفٍ هيأتها الإنقاذ بكل سوءات غفلتها وأنانيتها..!
بل وستتولد عاصفات شحناء من سرة هذه الريح التي نفختها الإنقاذ لتشتعل بينها وبين الإيرانيين حرائق لن تبقي ولن تذرإلأ بذهاب الإنقاذ نفسها التي تظن بغباء وسذاجة أنها باعت الرخيص من أجل كسب الغالي من الحلفاء الذين هم ليسوا بالبساطة التي تجعلهم يصفقون لما أقدمت عليه بعد خراب سوبا ويمدون اياديهم الى جيوبهم لإنعاش خزينتها الخاوية مثل عقول أهلها الخربة !
ولعل ما دفعت به ايران من الحصى في افواه الجبهات والساحات اليمنية بين حكومة صنعاء أثناء وبعد سقوط نظام على عبد الله صالح والذي تصطك به اسنان الرئيس الحالي عبد ربه منصور المحاصر بجماعات الحوثي التي لم تكن لتصبح بهذه القوة وهي المقربة من أهل الشيعة لتصل بها الجرأة لخنق السلطة بكلتا يديها عند زاية المساومة القاسية !
وهو مشهد لابد قد إنعكس في موقف السعودية بصفة خاصة نحو الضغط على نظام الخرطوم لفك إرتباطه بطهران حتى لا تأتيها طعنة من ظهرها المستند الى ساحل البحر الأحمر غرباً ..بعد أن عانت من غرس خنجر اليمن في خاصرتها الجنوبية!
حقاً إنه الطلاق المتأخر بغير إحسان بعد إمساك بغير معروف .. الذي لا يضع لمشاكل الزوجين حداً فاصلا ولو خطه القاضي بقلم الشرع ، لانه خلف من البلاوي ما خلّف ..وهكذا دائماً خاتمة عدم الحكمة في إدارة دفة الحكم الذي لا يفرق بينما هو تكتتيكي لسد ( الفرقات ) المؤقتة بالسقالات الهشة عند المخاضات الضحلة وما هو إستراتيجي كجسر قوي وثابت يعبر الى الضفاف الآخرى فوق المياة العميقة !
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الآن بعد ان تسرب اللبن الى الارض فيجب ان نتدارك ما يمكن تداركه … فالخطوة الاولى ترشيد العلاقات مع كافةالدول على اساس الندية والمصالح المشتركة بعيدا عن المساومة بعقيدتنا الاسلاميه السمحاء والخطوة الثانية تربية الجيل القادم بغرس محبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وآل بيته الاطهار وصحابته الابرار رضى الله عنهم جميعا فى نفوس الجيل القادم من خلال المناهج الدراسية الاسلامية السليمة حتى لا تنزلق وتتسرب الافكار الخبيثة الى عقول ابناء المستقبل و كما نعلم ان العلم فى الصغر كالنقش فى الحجر والخطوة الثالثة ملاحقة مراكز الحسينيات واغلاق منافذها وسحب الجنسية السودانية من القائمين عليها وطردهم من البلاد ليتحقوا باسيادهم فى ايران وبئس المصير

  2. لعلك لم تقرأ تصريحات الممعوط البشير بإستمرار تحالفه مع إيران ولعلك لم تسمع الترابي عندما قال إنه يعمل علي إزالة سؤ الفهم بين الشيعة والسنة
    يا برقاوي لماذا تستشهد بأقوال شيخ قد مات وليس عندك دليل علي ما قال فقط إفتح الكمبيوتر وستري بأم عينيك أكثر بكثير مما ذكرت فقط إبتعد عن الكمبيوتر وإربط يداك وقدماك لكي لا تكسر كمبيوترك وتحرمنا من كتاباتك الرائعة

  3. اباحة زواج المتعة
    اباحة اللواط
    سب الصحابة رضضوان الله عليهم
    تعظيم ابولؤلؤة غلام الغيرة قاتل الصحابى الجليل الخليفة الراشدعمر بن الخطاب وله مزار قبلة للشيعة ويمكن قوقلته بسهولة
    ليس مافعله هؤلاء الاوغاد اخوان الشيطان الذين نشروا التشيع والفتنة بالكافى بل نطالب باغلاق السفارة الايرانية وطرد السفير ولاخير فيهم وفى من اتى بهم

  4. يا أهلي جماعة الراكوبة..
    لكم التحيات ولا أريد التدخل في سياستكم التحريرية رغم خبرتي التي بلغت الأربعين عاماً.. إحتراما لمواهبكم ومقدراتكم .. ولكن مقال بسعة مقال ( طلاق متأخر ) وبذلت فيه جهداً أرهق اناملي و عيوني ..الا يستحق أن يكون في صفحة المقدمة وقد بعثت معه صورة تلميحا بهذا الهدف من قبيل فهمي لذكائكم وثقة فيه ..دون أن أطلب تحديد مكان المقال هناك بدلا من مساحة العمود اليومي .. أم لابد أن أكتب عليه إسم شمائل النور أو سيف الدولة أو فتحي الضو .. أو شبونة .. مع إحترامي للجميع.. يا هداكم الله ..

  5. دهـ الكلام ولا بلاش وما يفعله النظام في السودان دي ما إدارة بلد ومستقبل شعب وتنميتهم وإزدهارهم دا هيجان ثور في مستودع خزف في أقل تقدير

  6. محمد عبدالله برقاوي واخوته الاشاوس،مولانا حمدناالله وشبونة وكرار وشريفة وبنت الجنيد وبقية الشرفاء نور الله بصائركم ان طالما كشفتم لنا الزيف وعريتم الباطل ليقف جميع المخدوعين من ابناء هذا الشعب المغلوب على ما خفي عليهم من حقائق ولكي يحاولوا تلمس الطريق المفضي الى الخلاص في غيهب هذا الليل الحالك… نصركم الله ونصرنا بكم.

  7. اخي محمد ووفيت وكفيت ويجب ان يكون من المقالات الكبيرة والبنت العريض بالالوان فقد ابكيتني انه مقال دسم حد الثماله شكرا متعك الله بالصحة والعافية واعاد الوطن لاهله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..